خصائص الأدب البویهی
– میسا دهداري (أستاذة فی جامعة آزاد الإسلامیة واحد ماهشهر- مرکز شادگان)
– عبد الأمیر جنامی (أستاذ فی جامعة آزاد الإسلامیة واحد ماهشهر)
المقدمة:
ما تخلفه أي أمة من نتاج أدبي، بإمكانهَ أن يكون أفضل دليلٍ للوصول إلي المستوي الثقافي والفكري والاجتماعي لتلك الأمة ومن خلاله يمكن لنا أن نتعرف على مراحل نشأتها وتطورها ومَدى اِهتمامها بالأمور اَلأدبية والفنيّة، كما يكون هذا النتاج الحجر الاساس والعمود الفقري والنواة الاساسية لما سوف تقدمة’ هذه الأمة حاضراً ومستقبلاً. لِأنًًَّ العلاقة بين الماضي والمستقبل دائماً هي علاقة تواصل ٍ وترابطٍ وتكامل واعتقد مخطئنَ من ظنَّ أن ما تقدمهُ الأمة من أدبٍ وفن لا يرتبط بالماضي ولا يستقي من مناهله ولا تمتد جزوره اليه لا سيما المفرطين في الأعجاب بالأدب الحديث ممن
يتصورونه وليد الساعة ويتخذون منه حربة لمهاجمتهم الأدب القديم، بدلاً من أن يرونه اساساً له’ وقاعدةً لانطلاقة، متجاهلين أن هذا النتاج الأدبي الضخم امتدّت جذورهُ إلى اَكثر من مائة وخمسين سنة قبل ظهور الاسلام وحتی یومِنا هذا يشكل سلسلة قوية مترابطة الحلقات، متماسِكة الاطراف وإن كانت حلاقاتها تختلف قوةً وضعفاً، ويكون «الأدب في عهد بني بويه» اَحَد هذه الحلقات، لهذا اخترت عنوان خصائص الأدب البويهي كموضوع لمقالي هذا وبينت فيه كل من الخصائص مع ذكر النماذج لكلًّ منها.
[1]
الأدب- البویهی- الخصائص- السلسلة
1-اتساع الثقافة في العهد البويهي:
من المميّزات الشاخصة في الأدب البويهي، اتساع الثقافة وإزدهار مذهب الصنعة والتصنع فيه، فأكثر أدبائه من غير العرب ولا سيما من الفرس المتحضرين تحضراً واسعاً اَقبلوا فيه علي ثقافة واسعة، نوَّعت أفكارهم وخواطرهم فانطلقوا يعبّرون بالشعر عما أصابوا من كنوز المعرفة ويصوِّرون ما تجول في نفوسهم من نزعات وأحاسيس.
اِضافة إلي الشعر والأدب، ظهرت علوم أخرى جديدة على البيئة العربية القديمة من هذه العلوم «الترجمة» و«المشاركة الفلسفیة»،ازدهرت الترجمة وخاصة عن اليونانية وتحول المترجمون من الترجمة- الحرفية التي كانوا عليها الى ترجمة المعني، وصارت الترجمة اكثر دقة.
وقد ظلت الترجمة حية نشطة وانصبَّ مجمل المترجمون علي تصحيح بعض الترجمات القديمة ومن أهمهم «يحيي بن عدي» النصراني اليعقوبي المتوفي سنة 364ه، له تلامذة حذقوا في الترجمة من أمثال: عيسي بن علي بن عيسي
[2]
2-علوم اللغة والنحو والبلاغة والنقد
اِزدهرت بغداد ومدن العراق الأخري وباتت ناشطة في المباحث اللغوية والبلاغية والنقدية وكان بين علماء هذه العلوم اندماج صعب الأنفصال وكان هذا الاندماج في الرأي وفي المباحث وفي كثير من الأحيان تجد العالم اللغوي يقوم بمباحث نحوية أو النحوي يقوم بمباحث بلاغية. يلقانا «ابن درستويه» المتوفي سنة 347ه وهو يعتني بشرح بعض الكتب اللغوية والنحوية وكذالك «فضيع اليسرافي» الحسن بن عبدالله اعتني بكتاب ابن السكيت اللغوي وهو اصلاح المنطق، تناوله السيرافي شارحا لشواهده.
[3]
ومن الكتب اللغوية المهمة كتاب «التنبيهات علي أغلاط الرواة» لعلي بن حمزة البصري، المتوفي سنة 375 ويشتهر بنزول المتنبي عليه بعد قدومه من الكوفة إلي بغداد، وهو في كتابه المذكور يصحّح الأغلاط التي وردت في طائفة من كتب لغوية مهمة منها «نوادر أبي زياد الأعرابي» و«نوادر أبي عمروالشيباني»، وكتاب «البنات لأبي حنيفه الدينوري» وكتب أخري ….
ولعل نشاط بغداد في النحو لهذا العصر، كان اَكبر من نشاطها في اللغة، فقد استحدث فيه المذهب النحوي البغدادي وهو مذهب كان اتباعه يأخذون آرائهم من المذهبين البصري والكوفي ويضيفون اليه آراء جديدة يصلون اليها.
[4]
واذا تركنا البلاغة ونشاطها في عهد بني بوية وتناولنا النشاط النقدي وجدناه في أتم صورة في هذا العصر، وأول ما نلتقي به من الكتب النقدية هو«كتاب الموازنة» بين أبي تمام والبحتري،للآمدي، الحسن بن بشر المتوفي سنة 371ه وقد استهل الكتاب بالبحث عن مذهبين متفاوتين في نقد الشعروفهمه وصنعه وعمله، وهما مذهب المجددين من أنصار أبي تمام، أصحاب المعاني والفلسفة والبديع، ومذهب المحافظين،ويصور الآمدي بشكل جيد الجدل السائد بين أصحاب المذهبين، في فن الشاعرين ومن أطرف ما احتجوا به أنَّ اباتمّام، صاحب مذهب جديد في الشعر وصناعة، ويناقشون مذهبه بإسهاب ودقة بالغة، ويشاهد القارئ لبحوثة التحيز الواضح للبحتري.
[5]
[6]
ونلتقي بناقد للمتنبي،وهوأبوعلي الحاتمي البغدادي، وقد تصّدي للشاعر العربي الكبير ونقده نقداً ظالما في كثير من ألأحوال وله فيه رسالة، عما وافق فيه المتنبي كلام ارسطو، حاول فيها أن يرّد كثيراً من حكمة المتنبي الي اقوال الفيلسوف، وبمجرد أن نطلع عليها.
یتحدث الحاتمي في الكتاب عن سرقات المتنبي وعيوبه ويوازن بين معانيه ومعاني أبي تمام والبحتري، لكنه مع ذلك أخذ عنه الكثير من الباحثين والمحققين ممن انشغلوا بنقد المتنبي وشعره.
3- المنتديات الأدبية:
لعلَّ أكبر شخصية متفلسفة كانت في بغداد،شخصية «أبي سليمان المنطقي السجستاني»
[7]
نشأ بسجستان واغترف فيها علوم الأوائل فرحل منها الي بغداد طالباً الزاد الأكبر، ولزم في بغداد «يحيي بن تحدي» وأخذ عنه كل ما عنده وسرعان ما عُرف فضله وتألق نجمة وكان ذميم الخلقة، لزم دارة وتحولت في ما بعد هذه الدار الي منتدي كبير يختلف اليه الفلاسفة والعلماء والمتفقون، ينهلون من منابع فكره ما يمتعون به عقولهم وكانوا من جنسيات وأديان مختلفة، يقول التوحيدي وكل واحد من هؤلاء امام في شأنه وفرد في صناعه، سوي طائفة دون هؤلاء في الرتبة،هذا المنتدي الكبير ظل عشرات السنين فيه مسائل مختلفة من الألهيّات والرياضيات والطبيعیّات والأخلاق والنفس والروح والجسم والعقل وعلم التنجیم والكاهنة واللغة والبلاغة والأدب ويطرح كل عالم رأيه، ثم يرجع الرأي النهائي الي ابن سليمان.
[8]
وهنالك منتدي ثان ببغداد ولم يكن عامّاً مثل المنتدي السابق وكان يختص بأحد وزراء الدولة البويهية وهو «ابن سعدان» الذي وَزِرَ لصمصام الدولة سنة 373ه والذي قتل بعد عامين- أي سنة 375ه وكانتا سنتين غنيّتين بالأدب والفكر والفلسفة، إذْ كان يختلف الي ندوتة، صفوة من الأدباء والمفكرين ومن جملتهم «مسكوية» صاحب تهذيب الأخلاق.
[9]
ولما فرغ من بنائه سنة 368 عين فيه أربع وعشرون طبيباً رتبهم فيه لمعالجة المرضي، منهم نظيف القس الرومي وأبوالحسن بن كشكرايا وأبوالخير الجرائجي، وأبويعقوب الأهوازي وابن مندوية.
[10]
4-الشعوبية:
نتتاول موضوع الشعوبية في بحثنا هذا لِأَنَّهُ موضوع ذات صلة بالأدب العربي بصورةّ أوأخری، فالشعوبية من الموضوعات البارزة التي يواجهها دارس التاريخ العربي ولا سيما تاريخ الأدب العربي، فهي ظاهره امتدت الي معظم جوانب الحياة الأجتماعية والفكرية والسياسية والأدبية. فمن الناحیة اللغوية وعلي الصعيد الصرفي، تبدوا هذه الصياغة خاطئة، لأن كلمة «الشعوبية » منسوبة الي الشعوب،بينما القاعدة لا تجيز النسبة الي الجمع أوالمثني، بل يجب ان نعود بالأسم المنسوب اليه الي مفرده، فعلا ذلك تكون النسبة الي «أخلاق» هي «خلقي» لا«أخلاقي» والي «خوارج» «خارجي» لا خوارجي فإِذن يجب أن تكون النسبة الي «شعوب» «شعبي» لا «شعوبي» و«شعبية» لا «شعوبية».
_ [11]
ولكن هنا يجب أن لا ننسي جانباً مهماً وهوالمّيزه المهمة والبارزة التي يتميز بها العرب والدولة الاسلامية عن المجتمعات والشعوب الأخري التي خرجت الي فرض إرادتها علي الأمم الأخري وتشكيل الإمبراطوريات، فالعرب خرجوا من شبه الجزيرة العربية الي العالم مبشرين بمعتقدٍ ديني لا عرقي ولا قومي، مبشرين بمرامٍ يحترم الفرد ويقيّمه لا علي أساس أصله ونسبه بل علي أساس عقيدته وايمانه. فالعرب لم یخرجوا الی العالم کما خرج الفرس والیونان والترك المعاصرة لها، بل خرج العرب كجماعة مبتدئه تري للفرد قيمتة لا من خلال قوميتة أو عنصريتة، بل من خلال معتقدة الايماني.
«إن اكرمكم عند الله اتقاكم»
[12]
ونود أن نذكر بأننا أوردنا هذه الظاهرة – الشعوبية – في بحثنا وهو «الأدب البويهي» لازدهار الشعوبية ومهاجرة أنصارها في هذه الحقبه أي في عهد بني بويه.
_ [13]
5- فئات الشعراء:
بإمكاننا أن نقسم الأدباء والشعراء في عهد بني بويه الي ثلاثة أقسام، القسم الأول هم: الأمراء والوزراء والأعيان ممن كان لهم ذوق أدبي واطلاع واسع عن الأدب والشعر والذين ورد ذكرهم في اليتيمة. أما القسم الثاني هم: الشعراء المحترفون الذين جعلوا من الشعر حرفة لهم وصار الشعر وسيلة عيشهم وامرار معاشهم ويقوم شعرهم علی المديح لاسيما مدح الملوك والأمراء والوزراء راجين بذلك الصلات والعطايا. ولا یسلم من سهام هجائهم من لا يصلهم أويرضيهم، بعطائه.
[14]
أما القسم الثالث أوالفئة الثالثة من الشعراء هم ممن كانت لديهم مهن وحرف ويعيشون عن طريق مهنهم، فلما يشيع أمرهم ویذيع صيتهم في الشعر يتركون المهنة التي كانت لديهم ويتخذون الشعر مهنه لهم ومن الواضح أن يكون معظم شعر هؤلاء يتكون من المديح واحياناً الهجاء، فهم يقولون الشعر من أجل التكُّسب وشعر التكسُّب هوالمديح، أمّا الهجاء فقد يلجئون اليه عند ما لم يغدق عليهم الممدوح ولم يصلهم بالصلة التي كانوا يرجونها. هنالك من أتخذوا أسلوباً أكثر ترفعاً في التكسبُّ فهم لا يذهبون بأنفسهم الي ممدوحهم ويقرأون عليه شعرهم بل يبعثون بشعرهم اليه مكتوباً.
[15]
وهنالك ايضاً ممن كان يقول الشعر حباً للشعر وتذوقاً للأدب، لا من أجل الأمور والجوائز، من هؤلاء أبوالقاسم الخبز أرزّي الذي كان ييع خبر الأرز.
6- الأدب البويهي وصلتة بالماضي:
إن أدب العصرالعباسي وبما فيه الأدب البويهي، أدب لا تنقطع فيه الصلة عن ماضي الشعر، ولو لاحظنا الأدب العربي وتاريخهُ لوجدنا انّ كل عصر من عصوره وبما فيه من تغييرات وتطوراتٍ، قريب الصلة بالأعصر الماضية، ولاسيما العصر الذي سبقة بصورة مباشرة، وتحدث التغييرات بشكل تدريجي وبطیئ ثم يكبر هذا التطور والتغيير مع مرَّ الزمان.
فالشاعر العباسي وضع نصب عينية الشعر القديم وحوَّل نماذجه الي نماذج جديدة بل حوّل كل ما يتضمنه النموذج القديم من معان وصور الي نموذج عصريًّ يحتوي علي معانٍ وصور جديدة عن النموذج القديم.
وتختلف صلة هذا النموذج بالنموذج القديم سعة وضيقا فهوفي المديح والشعر الرسمي يقترب من القديم كثيراً. لكنه في الغزل والخمريات يكون ضعيف الصلة بالماضي. وکذالك يستمر في مدائحه والحديث عن الأطلال، ووصف الصحراء وما يتصل به من رحلات وصيد حتي في الموضاعات الجديدة كالخمريات، مع ذالك ان الشعراء كانوا يجددون، لكن مع شي من التوازن، فهم لا ينسون الماضي أبداً بل يجعلون من الماضي قاعدة لِلأندفاع نحوالأحسن ويعكفون عليه وان يستفادوا من معاينة القديمة.
7- تطور الأغراض الشعريه:
من استطاع ان يدرس فنون الشعر فناً- فناً، سیراها جميعاً تتطور، وان كان ذلك التطور مختلف في الكثرة والقلة، فهوفي الشعر الرسمي والمديح محدود، إذْ تجد الشاعريحافظ غالبا علي الأساليب والتقاليد الفنيه القديمة مع اعطائها ألوان جديدة للمعاني القديمة منوط بمدي قدرات الشاعر ودائرة ثقافته وقدرته علي خلق المعاني الجديدة والغوص علي الأفكار والأحاسيس مثل قول بشار في عمر بن العلاء
[16]
دعاني الي عمر جوده | وقول العشيرة بحرخِضَمْْ |
ولولا الذي ذكروا لم أكن | لأمدح ريحانة قل شَمْ |
8- النزعة الشيعية في الأدب البويهي:
إن الأدب البويهي، ادب يكاد يكون شيعياً لكثرة معالجتة لقضايا الشيعية واهتمامة بزعمائها ولاسيما الأئمة منهم، اذاً نحن اذا قبلنا الأدب البويهي أدب شيعي علينا أن نقبل اذاً انه أدب سياسي لأن الشيعة أحد الأحزاب السياسية النشطة في ذلك العهد والقارئ المتفهم يدرك ذلك جيداً.
هنالك امرٌهام في الأدب البويهي يجب إن نلاحظه وهوأن الأدباء الشيعة في عهد بني بويه كان معظمهم من الفرس الذين أتهموا به الشعوبية العمياء من امثال مهيار الديلمي وغيره، من الذين لا جدوي لهم دون الدخول في هذا المذهب لما فيه من معارضة ومخالفة ضد الخلافة الذي يعتبر الخلفاء من بني امية وبني العباس، والخلفاء جميعا غاصبين للخلافة من المستحق بها وهوعلي بن ابي طالب.
[17]
9- الصنعة والتصنّع:
ان من يعتني بدراسة الشعر العربي بعد القرن الثالث يحُسُّ بظاهرة واضحة تمتد في هذا الشعر وتسيطر عليه وهي الصنعة. إن ظاهرة الصنعة والتصنّع من أهم خصائص العصرالعباسي وبما فيه العهد البويهي وقد استخدمت في هذا العصر الوان الصنعة المختلفة ولكن الانسان الذي يطالع النتاج الأدبي في هذة الفترة يحسُ كأنَّها لم تعد تعبّر عن اصباغها بصورة جميلة، بل كأنها أصبحت شيئا قديماً مألوفاً فليس هنالك تصنيع ولا بديع رائع، يقول «ابن رشيق» في كتاب «العمدة» في تعريف الأبداع:
«….. والأبداع اتيان الشاعر بالمعني المستطرف، والذي لم تجر العادة بمثله ثم لزمته هذه التسمية حتي قيل له بديع، وان كثر وتكرر».
[18]
نجد في الشعر العربي والحضارة العربية بعد القرن الثالث للهجرة، نري هذه الحضارة تقف عن صنع الجديد، وتهتم الشكليات والتعقيدات اكثر مما تهتم بالأبداع ونري ذلك في جميع شئون الحياة، فعندما تضعف الدولة وتعجز عن النموالسياسي، تكثر من القاب الملوك والأمراء وكبار أصحاب المناصب.
[19]
ما أردنا أن نبينه من أن الوان التصنیع کانت تستخدم في العهد البويهي ولكنها لم تسطيع ان تعبرعن أصباغها، فقد فقدت جمالها وحركتها وحيويتها واصبحت شيئا جامداً لا زينة فيه، وتحوّلت عن الوانها واصباغها الجذابة إلي الوان واصباغ باهته فليس هناك تصنيع ولابديع رائع، بل أن كلمة البديع ومعناها الحديث تفقد معناها في هذه العصور، فلا تعود تدل علي الطريف المبتكر، بل نراها تدل علي غير الطريف من المكرر.
10- جمود الشعر في عهد بني بويه:
أصیب الشعر العربي في القرن الرابع بشي من الجمود والركود وتعاونت علي جمودهِ عدة اسباب، فمن يتابع الشعر في القرن الرابع يجد أنَّ الشعر العربي جامد لا يتحول عن الموضوعات والمعاني القديمة بل حتي يفقد بعض الروعة وسبب ذالک ابتعاد العرب عن الفلسفة وعدم دخول الفلسفة في شعرهم فهم لم ينحوا في شعرهم نحوا فلسفيا أوعمليا ولعل من أسباب الجمود ايضاً أنهم لم يطلعوا علي شئ من الآداب والحضارات الأخري اطلاعاً كافياً فلم يسعوا الي التجديد،والمعاني التي عندهم باتت قديمة مكررة واستمروا يعيشون في شعرهم معيشة داخلية، فيها نوع من التصور، وقد ظنوا أنهم ليس بحاجة الي غيرهم ولا يحتاجون في حياتهم الأدبية الي مساعدة الآخرين ويكفيهم مافي شعرهم من روعة وجمال غافلين عن ما سيصيب هذا الجمال من جمودٍ بعد مرّ العصور وتتابع الأزمان. فقد ظل الشعراء طريقهم الي تنويع افكارهم، فلجئوا الي الوان غريبة معقدة وليست بجيدة واستعاروا بعض الألفاظ والأصطلاحات من الثقافات الأخري، أما ان ينوعوا في افكارهم وموضوعاتهم فذلك شئٌ قلّما دار في اذهانهم. یقول «الجاحظ»
«ان المعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجمي والعربي والبدوي والقروي إنما الشأن في اقامة الوزن، وتخير اللفظ وسهولة المخرج وكثرة الالمام وفي صحة الطبع وجودة السبك».
[20]
فالسرقه الشعرية قديمة في الشعر العربي، لكنها أصبحت شيئاً أساسياً في القرن الرابع، فقد اهتمَّ بها النقاد وفتحوا لها دراسات واسعة وأصدروا فيها آراء ونظريات متعددة وكشفوا مدي تأثيرها علي جمود الشعر في القرن الرابع، فقد ارتبط الشعراء بمجموعة من الافكار والمعاني والأخيلة وسجنوا أنفسهم وشعرهم فيها وبذلك إنحصروا في نطاق ضيق من التقليد والتلفيق.
فهرست المصادر:
- القرآن الكريم، قم مط: مؤسسة الهادي/ خط:عثمان ط، قطع وزيري.
- الاصفهانی، أبوالفرج: الأغاني، تحقيق: عبدعلي مهنا، بيروت، لبنان 1986م
- البغدادي، الخطيب: تاريخ بغداد، بيروت، لبنان، دار الكتب العربية.
- التوحیدي، أبوحيان: المقابسات، دارالكتب العربية.
- التنوخي، القاضي: نشوار المحاضرة، ج3، دار الكتب العربية (العراق- ايران، الناشر، دار المعارف 1919م)
- الثعابي: يتمية الدهر، ج3، دارالكتب العربية. بلاتا
- الديلمي، مهيار: الديوان، دار الكتب العربية.
- ضیف، شوقي: تاريخ الأدب العربي - عصرالدول والأمارات، الجزيرة العربية –العراق - ايران، النشر: دار المعارف1919م.
- القفطي: أخبار اَلحُكَماء. دارالكتب العربية.
- لواساني، احمد: نظرات جديدة في تاريخ الأدب العربي.
- میتز، آدم: اَلحضارة الأسلامية في القرن الرابع، بيروت، لبنان:دار الكتب العربية.
- ياقوت الحموي: معجم البلدان، بيروت دار احياء التراث العربي 1979م.
- ياقوت الحموي: معجم الأدباء، دار القمر للطباعة والنشر والتوزيع1980م.
- ابن خلكان، ابوالعباس شمس الدين: وفيات الأعيان وابناء الزمان، تحقيق: احسان عباس، قم، منشورات الرضي 1364ه. ش.
مشاركة منتدى
29 آب (أغسطس) 2014, 21:20, بقلم عبد الامیر جنامی
بسم الله الرحمن الرحیم
نود ان تلفت انتباه الزوار الکرام الا ان هذا المقال اخذ من رسالة ماجستیر بعنوان " الادب البویهی فی العصر العباسی " للطالب عبدالامیر جنامی جامعة آزاد فرع آبادان
العنوان البریدی :
azad_ja@yahoo.com
26 تشرين الأول (أكتوبر) 2018, 13:34, بقلم hind
السلام عليكم احتاج الرسالة كيف اقدر احصل عليها
10 كانون الأول (ديسمبر) 2023, 03:53, بقلم ahmed abd
هل تتوفر مصادر بهذا الموضوع