رثائيّة معين حاطوم
أبا شادي عَزَمْتَ النَّومَ عَزمًا
وَنِمْتَ بِلَحدِكَ اليقظانِ نَومًا
وَبِتَّ مُطَيَّبًا في المِسكِ تَشْذُو
كما لو كُنتَ لِلآراجِ كَرْمًا
أَمَا عَجَّلْتَ نَزْحًا نحوَ خُلدٍ
ترومُ اللهَ أنْ تَلقاهُ خَتْمًا
كَأنَّكَ راكبٌ وَلَّى حَثيثًا
تُباري الناجياتِ يَطِرْنَ هَجْمًا
كأنَّكَ قدْ رِكبتَ ذُرى صَبوحٍ
تُعاجِلُ أنْ تُضيعَ الظَّعنَ زَحْمًا
تُسارِعُ للجِنانِ فَدَتْكَ نَفْسِي
تُصيبُ بِقابلِ الأزمانِ نُعْمى
ألَا أبْلِغْ مُعينًا كلَّ نَثرٍ
وَكُلَّ قصائدِ الدِّيوانِ نَظْمًا
إِمامٌ في القريضِ تَسيلُ فِكْرًا
حَكيمٌ عارفٌ مَا قُلْتَ رَجْمًا
ذَكيٌّ جِهْبِذٌ لِلصِدقِ تَهدي
حَصيفٌ مُشْرِقُ الأنوارِ نَجْمًا
أَثابَ بُحورَ شِعرٍ تائِهاتٍ
فَخَمَّسَ مُهْمَلًا فَازدادَ رَقْمًا
وَأَحيا مُعْجَمًا قدْ كانَ مَيْتًا
بِإيقاعٍ وَشَى الألفاظَ نَغمًا
كَسمفونيَّةٍ يَعلو صَداها
كَساها أَنفسَ الأَصواتِ جِسْمًا
أَحبَّ العِلمَ ثُمَّ ازدادَ فَضْلًا
وَفاضَ تَواضُعًا فَامتازَ حِلْمًا
تَخَلَّقَ بِالجَميلِ منَ المَزايا
فَسُبحانَ الذي سَوَّاكَ شَهمًا
مَضَيتَ مُؤَزَّرًا بِالحَمدِ تَبقى
كَريمًا ما عَرَفتَ اللُؤمَ حَتْمًا
أَبَعْدَ الموتِ لا أرجوكَ حَيًّا
وَأنتَ المُبدعُ المأثورُ وَسْمًا
أَمثْلي يا مُعينُ يبثُّ حُزنًا
على رجلٍ أصابَ الحقَّ سَهْمًا
وَلكنْ يا صَديقي لا أُبالي
ألومُ الحادثاتِ أَبَيْنَ لَومًا
فلا واللهِ ما أنساكَ إنِّي
ولا واللهِ ما أَجفوكَ يَومًا