الجمعة ٢٠ حزيران (يونيو) ٢٠٠٨

رسالة من جندي مهزوم

بقلم: محمد صباغ
اسمح لي
وللمرة الأخيرة ياسيدي
أن أخاطبك بهذا الوقار
وللمرة الأخيرة
أن أنعتك بالسيد
فكلمة كبيرة كهذه
لا تليق بالصغار
ولا يهم إن سمحت
فان كتبت لي العودة لما أسميتموه لنا وطناً
فصدقني/وقليلا نحن ما نصدق/
أنا لن أبقى في خدمة حفنة من الأقذار
ثق أنني لا اكتب لك شوقاً أو احتضار
ولست بموقع من يسطر كلمات عزٍ وافتخار
اكتب لك علك تشعر بما نحن فيه من دمار
ما نحن فيه من احتقار
فما وصفته لنا بالنزهة يوم خاطبتنا
كان أول الطريق إلى النار
كان بوابة لجهنم
كان درب الانتحار
كل ما أخبرتنا به كان كذباً
وكل ما صورته كان وهم
وكل معلوماتك طارت كالغبار
في هذه الأرض الكل يقاتل
رجال نساء
ذكور إناث
كهول وصغار
كل صخرة تحتنا كانت لغم
وكل نسمة من هوائهم إعصار
على كل شجرة كان هناك مقاتل
وعلى كل غصن على كل ورقة كل عشبة
ولا أبالغ أن قلت على الثمار
لا سواد الليل سترنا
ولا حمتنا شمس النهار
ولا بيت آوانا لا ارض ولا جدار
وضعتنا يا عدو نفسك
في محرقة في مجزرة
في بئر ليس لها قرار
لم ينفعنا ما اثقلتمونا به
فلا سلاحنا صمد
ولا عتادنا صمد
ولا نفوسنا صمدت وخيم الانكسار
كنا نتساقط الواحد تلو الأخر
وآلياتنا دمرت كجرار الفخار
أليست من احدث الأنواع؟؟!!!
أليست من آمن الأنواع!!!!
أم تراك أسأت الاختيار؟؟
في بلادهم كل شيء كان يأنفنا
فلا غيمة تصد حر الشمس
ولا القمر لطريقنا أنار
الكل أراد قتلنا
جدول الماء قطيع الماعز
وصدقني أكثر ما أخافنا الأزهار
لما أوهمتمونا أنا مؤمنون
وهناك هناك عرفنا أننا كفار
كبير كياننا
كل ما رميت به من حمم
ومن قذائف
وكل ما خلفته من خراب ودمار
وكل ما قلته عن فقدهم للقدرة
وشعورهم بالانحسار
وكل ما رسمته من دروب زاهية
وكل ما أذعته من أخبار
وأنهم لقمة سائغة
وأنهم أبطال من ورق
وأننا جيش البطولة والملاحم
جيش بطش وانتصار
تبدد مع أول طلقة مدفع
ومع أول مواجهة ما كان منا إلا الفرار
يا أيها الساذج
المختبئ في مكتبك
ولا تجيد إلا التخبط في القرار
كل ما فعلته طائراتك
هو قتل أطفال ونساء وعزل
وتدمير بيوت ومشافٍ
ومعابد لله ياللعار
وما قاموا به هو دك حصوننا
وحرق بوارجنا واغتنام عتادنا
ودفعنا للاندحار
كنا هناك نعاكس التيار
لا النصر كان حليفنا
وخالفتنا مشيئة الأقدار
كانوا كما الأشباح يقاتلوننا
من خلفنا وأمامنا
خلف دروعنا وفي دباباتنا
عن اليمين وعن اليسار
لقد كنت غراً ياقائدي
وقدت سفينة وأنت لا تعلم الإبحار
هراء ما وصفته لنا عن ضعفهم
وهراء ما كسوتنا به من قوة
ووعدك لنا بأكاليل الغار
في هذه الرحلة يا قائد الجبناء
ما زدتنا إلا انكسار
علمتنا أن نقتل الأطفال
وكم قتلنا
علمتنا أن نهدم البيوت
وكم هدمنا
وزرع الخوف
ونشر الخراب وتعميم الدمار
وما زادهم هذا إلا انتصار واقتدار
وما زدتنا إلا احتقار واحتضار
أعدنا لحدودنا وكف ظلمك
أعدنا وقد علمنا أن الأرض هناك
تحت مرمى النار
وان نسائنا في الملاجئ
وحصوننا تترنح
وقلاعنا تنهار
وأنكم أصبحتم تعرفون الذل
وذقتم طعم الانكسار
أعدنا فمن نقاتلهم
عبدوا الهاً واحداً قهار
كان لهم رباً
وكان لهم نصار
أتشبه قدرتنا الضئيلة
بقوة الجبار......
محمد صباغ
بقلم: محمد صباغ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى