السبت ١٨ أيار (مايو) ٢٠٢٤
بقلم رندة زريق صباغ

مسلسلات رمضان

خيبات أمل وإحباط درامي..

انحدار شديد بالنصوص والسيناريو،،

مزيج من التركي، الهندي والمكسيكي..

قتل وعنف غير مبرر…

لا منطقية واستهبال المشاهد..

أخطاء تقنية وثغرات غير مقبولة..

استسهال وغياب الرؤية لدى المنتجين..

كما في كل موسم ننتظر ونترقب اطلاق المسلسلات الجديدة كما ننتظر اطلاق صواريخ للقمر أو التصريح عن اختراع عربي لا نظير له، فللأسف لا انجازات عربية نفتخر بها عدا المسلسلات التي تنتظر هذا الشهر لتنفجر في وجوهنا صدمات درامية فنية. نطرح نفس السؤال كل عام لماذا هذه التخمة بالمسلسلات في شهر رمضان؟ لماذا لا تتوزع الأعمال على مدار السنة؟! الجواب بسيط وهو إرث قديم منذ الأعمال والمسلسلات الإذاعية حتى قبل اختراع التلفزيون، خلال هذا الشهر تتحول حياة الأفراد والأسر المسلمة لتكون مرتبة ومنظمة بشكل متشابه عند المعظم، الوصول للبيت قبل الافطار بساعة متلا، ثم تناول الوجبة مع العائلة والتفرغ بعد ذلك للاستماع ومشاهدة البرامج الفنية الترفيهية والاجتماعية ولا ننسى برامج المسابقات والجوائز، بالتالي يجلس الجميع حول الشاشة للمشاهدة كي لا يخسر متابعة الأحداث، رغم التطور التقني ورغم الانترنت والمنصات المتعددة التي تمكننا من المشاهدة بأوقاتنا المناسبة وليس فقط المفروضة، إلا أننا لا زلنا على نفس العادات ونفس النهج، بالتالي بقي هذا الشهر هو فترة المنافسة الدرامية والفنية لجذب المشاهدين وحصد أكبر عدد من المتابعين ودخول الترند.

تندرج معظم أعمال هذا الموسم تحت عنوان (الفرجة) ليس أكثر، فرجة بهدف التسلية، تقضية الوقت والمتعة بلا فائدة بل على العكس تماماً باتت المسلسلات مصدراً لزرع الحقد والعنف وحتى القتل ببساطة كما لو بتنا نعيش في غابة آدمية.

نفتقد المسلسلات الإجتماعية الأسرية التي تمنحنا الأمن والأمان كما الحنان، نفتقد أعمالاً تظهر الأب الكادح والأم الحنون، نفتقد الأجواء الأسرية العادية وعلاقة الأخوة الجميلة التي تتميز بمساعدة ومساندة كل منهم للآخر حد التضحية، في هذا الموسم لاحظنا التشديد على طمع الأخوة وخلافاتهم الشريرة بسبب الميراث والأموال كما المنصب الاجتماعي. معظم الآباء في مسلسلات هذا الموسم تجار ورجال أعمال نصابين يسعون لتدمير منافسيهم بكل ما ملكوا من قوة.

أما الأمهات في معظم المسلسلات نساء قويات وصارمات جداً حتى مع أولادهن، لا حنان ولا طيبة، كما أن بعضهن تاجرات مخدرات، آثار، دعارة وغيرها من مجالات العنف المأخوذة من المسلسلات التركية.

التي تشبهت بها بعض المسلسلات من حيث مواقع التصوير خارج الاستديو في أماكن سياحية لجذب المشاهدين لزيارة هذه الأماكن مما أضاف مشهدية جميلة ورونقاً محسوباً.

اختيار المشاهدة:-

مع هذا الكم الكبير من المسلسلات السورية، المصرية، الخليجية، العراقية واللبنانية يصعب على المتلقي اختيار ما يشاهده، أنا شخصياً اختار أولاً وأخيراً حسب اسم المخرج الذي أثق بتاريخ أعماله ورقي أفكاره وبالتالي أثق بانتقائه للنص والممثلين المناسبين، اضافة لما يسمى (براعة الاستهلال) الذي نجح به البعض وفشل البعض الآخر بشد المشاهدين منذ الحلقة الأولى وإلا سيترك المشاهد المتابعة كي لا يضيّع وقته فينتقل لاصطياد مسلسلات أخرى من هذا المحيط الهائل.

تدور معظم المسلسلات في نفس الدائرة وهي العنف الخطير، الحرب بين الخير والشر بأساليب مبتذلة، البلطجة وأولاد الشوارع بكل ما فيها من تصرفات سيئة وألفاظ بذيئة وطبعا الشللية كطواقم عمل، نفس الممثلين ونفس العاملين كل موسم بنفس الاتجاه مع تغييرات بسيطة.

الأطفال:-

منذ احتلال شاشاتنا من قبل الدراما التركية -معربة كانت أو مترجمة- التي تعطي الأطفال حيزاً كبيراً في المسلسلات بدأ الكتاب والمخرجون العرب بالانتباه لهذه النقطة واعطاء هذه الشريحة العمرية حيّزاً واسعاً . سعى بعض المخرجين لحشو المسلسل بقصص ومشاهد مع الأطفال لم تضف شيئا للعمل، في حين نجح البعض بتقديم مسلسلات تتمحور حول قصة هذا الطفل أو ذاك مما أعطانا دراما متينة وراقية ذات محتوى جيد يلامس الوجدان والفكر مثل (اغمض عينيك) الذي يستعرض وضع طفل يعاني طيف التوحد، رغم أن سيناريو العمل ركيك ويحتمل معالجة أفضل، لكنه من أفضل ما قدّم هذا الموسم.

أذكر أيضاً مسلسل (صلة رحم) بطولة إياد نصار ، قصة جريئة ومختلفة تطرح قضية مهمة جداً بشكل ذكي وهادىء، بطريقة مناسبة للمجتمع العربي، موسيقى تصويرية مواكبة لكل مشهد ولكل شخصية بشكل خاص، أما أغنية الشارة فهي مذهلة بكلمات معبرة وحكم حياة قوية.

لا بد من الاشارة أيضاً للمسلسل المصري (بدون سابق إنذار) كونه يندرج ضمن قائمة الدراما الراقية.

تترات المسلسلات:-

لا بد من التنويه لأحد أهم عناصر جذب المشاهدين للمسلسل قبل أن يبدأ وهو تتر/ أغنية الشارة التي تلخص قصة المسلسل أو تلخص الهدف من هذا العمل أو ذاك. أضف لذلك الموسيقى التصويرية التي لها أهم التأثير على المتلقي، إن كانت الموسيقى متعوب عليها وموظفة بشكل سليم ستنقل اللاقي والمتلقي لمنطقة مدهشة وهي أهم صفات الفن.

الإضاءة

قد لا يولي البعض هذا المجال انتباهاً، لا بد من إدراك أن الاضاءة والتصوير هو عالم واسع ذو أهمية كبرى لنجاح المسلسل واظهار سمات وقسمات الممثلين بما يتناسب مع المشهد والهدف المنشود.

اعتبر المسلسل عملاً متكاملاً اذا توافرت فيه كل العناصر: نص، سيناريو وحوار، تصوير، اضاءة، هندسة صوت، وطبعاً أداء حقيقي مع دراسة البعد النفسي، الاجتماعي والمادي للشخصية وهي أبعاد لن ينجح الممثل بدون دراستها ليتقمص الشخصية والدور، طبعاً كل ذلك تحت مظلة المخرج. للأسف افتقد هذا الموسم لمثل هذه الأعمال لأن ذلك بحاجة لرؤية اخراجية ونصية وبحاجة لسخاء إنتاجي يمنح لصالح العمل بميزانية مفتوحة تحت تصرف المخرج بدء من الأزياء انتهاء بمواقع التصوير الخارجية وبناء مواقع تصوير واستديوهات خاصة مناسبة للعمل.

الكوميديا

الكوميدية المصرية هذا الموسم كان لها نسبة غير قليلة أهمها (بابا جِه) 15 حلقة وهو الأفضل كونه يطرح أهمية الأب في حياة الأطفال بشكل خال من الوعظ والتنظير.

(أعمال شقّة) كوميدي لطيف متنوع يعتمد على كوميديا الموقف. عدد ليس بالقليل من الأطفال شارك في هذا المسلسل أدوا أدوارهم بشكل جيد جداً.

مسلسل (كامل العدد) لطيف وخفيف الظل 15 حلقة.

أما الجزء الثامن من (الكبير أوي) فقد فشل فشل ذريعاً.

المسلسلات السورية

للأسف رغم كل المحاولات لا زالت هذه المسلسلات تقبع تحت مظلة باب الحارة من حيث مشاهد العنف والكلام البذيء والاستعراضات الجسدية والكلامية، لسنا بحاجة أبداً لهذا الكم من هذا النمط السخيف والمؤذي بنفس الوقت،،، لسنا بحاجة لمشاهد قتل واضحة ومقززة.

(مال القبان) ( أولاد بديعة) متشابهان طبعا كونهما لنفس المؤلفين، واضح وجود حقد على المجتمع بالعموم، صراعات في سوق الخضار يقابلها صراعات في سوق الدباغة، بالحالتين نفس الأساليب وهي تخربب/ تدمير منتوجات المنافسين،،، غوغائية وصراخ، مؤامرات وعنف مزعج غير مبرر لسنا بحاجة له حتى وإن اعتبر البعض أن الدراما هي مرآة للواقع. لا ننسى العظيم بسام كوسا ونجاح سفكوني الذين أبدعا كالعادة في القبان.

أنا (أولاد بديعة) فقد بدأ قوياً مشوقاً لكن المخرجة ساقته لمناطق مبالغ بها بالأداء وبالموسيقى وطريقة الكلام والمشي وحتى اللباس،،،، مسلسل لا يستحق كل هذه الضجة.

لا بد من الاشارة الى أن معظم المسلسلات تشدد على موضوع الانتقام والكارثة أن القتل بات أسهل من شربة المي، هكذا يتم زرع هذه الأفكار الوسخة بعقول شبابنا وأطفالنا بالعموم.

ولا ننسى كثرة التنمر والسخرية من الآخر في معظم المسلسلات كما رأينا آباء يتعاملون مع أولادهم بأساليب عنيفة غير تربوية، إن مان هذا هو وضع عائلاتنا فلنترحم على مستقبلنا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى