الثلاثاء ١٩ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٧
بقلم
رفقاً يا روحُ برقراقِ العبرات
إلى أمّيماذا يا أمَّ عذابيماذا يا (أُمَّايْ)؟ماذا غيرُ فراقٍ تترقرقُ عبرتُهُ في الروحِوغيرُ غناءٍ يتقطّرُ من وجدانٍ مجروحٍوتنهّدِ أفئدة ٍتتنهنهُ بين شفاهِ النايْ؟تعتصرينَ دماءَ الصبر ِعلى طبقِ الغصّاتِوماءَ الصبّارِ المرِّ على طبقِ الحسراتِوتصغينَ بقلبٍ ملتاعٍلغناءٍ يتنزّلُ من جوعِ الليلعلى صحنِ بُكَايْ !ما عزّاكِذلُّ عزيزٍ في زنزانةِ هذا الليلِولا واساكِ حزنُ ذليلٍتحتَ زنوجةِ هذا الحزنِولا سالت عيناكِ الباكيتانِعلى كأسِ أساي!(إبْنَاكِ) سنبلتانِ من الحزنِتكبّانِ على قدحِ الدمعِوسنبلتانِ تعبّانِ الدمعةَمن قدحِ الغربةِ (إبنايْ)!...سنبلتانِ تعبّانِ السكرَ سواسيةًمن نبعةِ عينيَّ صغيرايْ!... وبكتْ روحُكِ بعد فراقِهِمَامترقرقةً بالعبراتِبكت روحي واغرورقتِ الأعينُ بالدمعاتِ..وآهٍ كم هوَ رقراقٌ في القلبِ الموجعِ دَمْعُهُمَافعلى أيّ مقامٍ يبكي في الغربةِطفلاكِ يا أمّايَ وطفلاي ْ؟وفقيرةُ هذي الغربةِ أنت يا أمّايْ!ستجرّينَ بنفسٍ مستسلمةٍ لمراراتِ الأيام ِصغارَ مراثيكِ...وأجرُّ بنفسٍ مستسلمةٍ للحسراتِصغيراتِ أساي ْ!ستجرّينَ على دربِ المغربِشيخوختكِ المهجورةَ كالنعشِ الباكيوأجرُّ على دربِ الهجرانِ المهجورِنعوشَ (حزانايْ)!وتصيحينَ بصوتٍ مهزومٍصيحاتِ أسىً في الناسِفمن سيبادلُ عينيكِ الدمعَعلى فقدانِ حبيبٍ غابْ؟وبمن يتعزّى في ساعاتِ الذلِّ حزينٌحين يعزُّ على العزلةِ أن ترأفَ بالأغرابْ؟وبأيّ مغارةِ ليلٍ يجلسُ كالمغلوبِويبكي في الليلِ مرارةَ هذي الغربةِمن كانَ بلا أترابْ؟فهناكَ على كلّ طريقٍولكلّ غريبٍينعبُ فوقَ خرائبِ هذا الكونِ غرابْ.رفقاً يا روحُ برقراقِ العبراتِعلى الغائبِرفقاً يا حزنُ بتقطير دماء القلبِعلى الغُيَّابْ!للأيّامِ مذاقُ الدمع ِوعبرَ الريحِ الميتةِ يعبرُ لحنُ الريحِ الموحشُفي الحاراتِ البردانةِويهزُّ على شجرِ البردِ العاريأعشاشَ بُكايْ.للأيامِ مذاقُ الدمعِوكأسُ مرارتها المترعُ لا يُسقاهُ سوايْ!فأنا لا أسمعُ إلا نغماتٍ موجعةتعزفها الأقدارُ السودُوأوجاع (مواويلٍ) مترعة بالحسراتِوعنّات نواعيرٍ راجعةتمتصُّ دلاءَ دموعي ودمايْ!فإذن ماذا يا أمَّ عذابيماذا ماذا يا أمّايْ؟ماذا غيرُ كآبةِ هذا الغيمِ الراحلِأكفاناً.. أكفاناً في دنيايْ؟ماذا غيرُ طواحِ قلوبٍمنحوبٍ تحت حطامِ الريحِولوعةِ روحٍ من حرقتها في الجمّارِتؤجّجُ روحَ النار ْ؟ماذا غيرُ قصائدَ مثخنةٍ بمراثي اليأسِوساعاتِ وداعٍتترخرخُ فوق وجوهِ الرُّحّلِرخرخةَ الأمطارْ؟أيكونُ مصيركِ كالصبّارةِ في الصحراءِوهل صارَ مصيريشجرةَ حورٍ عاريةً في باحةِ دارْ؟يا أمّايَوأيّةُ روحٍ جالبةٍ للآلامِوسوءِ الطالعِ هذي الروحُوأيّةُ نفسٍ منجبة للوحشةِنفسي المعجونة بالألمِ الجبّارْ؟كم دوّرنا بعد خريفِ العمررحى الأيامِلنطحنَ أحزانَ الريحِفلم نطحنْ غير نحيبِ الآهات المبحوحِعلى ما ضاعَ من الأعمارْ.مرَّ الناسُ وغابوامثلَ ظلالِ الغيمِ العابرِ فوق جدارْ.مرَّ الناسُ..وإيقاعُ البحرِ المقفرِيقفو إيقاعَ خطاكِ في الليلِوناعورُ العزلةِ يقفو بعنينِ كهولتهِ الضائعِإيقاعَ خطايْ!فإذن ماذا يا أمّ عذابيماذا يا أمّايْ؟الصيفُ يرخرخُ في الكثبانِ حرارتَهُ المحروقةَوالأملُ المهزومُ يطيرُ بعيداًبجناحيهِ المحترقينْ.يا أمّايَ أكلّ مغيبٍتبكي منكِ الروحُ ،أكلّ وداعٍ تدمعُ منّي العينْ؟تغرسكِ الغربةُ كالزيتونةِفي تربتها الثكلىوغرابُ المغربِ يطبقُ فوق لياليكِثقلَ جناحيه السوداوينْ!مَنْ غيرُ الريحِ سينشرُ فوقَ خريفِالعمرِ العابرِ أكفانَكِمن غيرُ الليلِسيسمعُ من شبّاكِ الشتويّةِ شكوايْ؟..يتذكّرُ قلبي النازحُ مجروحَ مراثيهِفيهتزُّ معَ الريحِوقلبكِ لا يتذكّرُ غيرَ عزاءٍيُذكي اللوعةَ في مبكايْ!يا أمّايَ أكلّ خريفٍتتساقطُ أزهارُ النعي على نعشِ العزلةِوتشيّعُ كلّ عزاءٍموسيقى الندمِ السوداءُ مواتَ مسائيوسكينةَ دنيايْ؟فالأيامُ كمنجاتٌ تتبادلُ ذبحَعصافيرِ القلبِ المتعبِوالآمالُ فؤوسٌ تتبادلُ تمزيقَقميصِ العمر الباليوسكاكينُ الأصواتِ السودِتصلصلُ في سوداءِ أسايْ!أنتِ نزفتِ دماءكِفي طرقِ الهجراتِ إلى المنفىوأنا أنزفُ في طرقاتِ الليلِ دمائيودموعي بحثاً عن منفايْ.وأنا أقفُ اليومَ وحيداًعندَ نهاياتِ الليلِوأصرخ ُصرخةَ رعبٍ يا ربّايْ !أصرخُ..ماذا بعدَئذٍ ماذاماذا يا أمّايْ؟