الخميس ٢٢ أيار (مايو) ٢٠٠٨

رواية الحب في زمن العولمة لصبحي فحماوي

بقلم: د. عالية صالح

مع نهاية الحرب الباردة تسارع نمو الشركات، وأصبحت دولة السياسة هي دولة الشركات، ورغم عدم اعتراف الحكومات بهذه السيطرة، فإنها تجازف بتحطيم العقد الضمني بين الدولة والمواطن الذي هو أساس المجتمع الديمقراطي. وقد امتدت هذه السيطرة عبر الولايات المتحدة إلى دول أوربا الغربية، وشملت دول أمريكا اللاتينية والشرق الأقصى حيث غدا الناس أقل ثقة بالمؤسسات الحكومية الآن مما كانوا عليه قبل عشر سنوات، ويتجلى هذا في تراجع نسب المقترعين في الانتخابات العامة.

استخدمت الشركات الحكومات وضغطت عليها بطرق شرعية وغير شرعية، بعدما أخذت الشركات الكبرى تضطلع بدور بديل عن الدولة في توفير ضروب التكنولوجيا للمدارس، إلى توفير الرعاية الصحية والاجتماعية للمجتمع، وما يستتبعه من سيطرة تمارسها الشركات على الجهات المستفيدة من الخدمات.

رصدت رواية (صبحي فحماوي) (الحب في زمن العولمة) الواقعة 265 صفحة، من منشورات مؤسسة دار الهلال المصرية، العدد 690، 2006م. التغيرات التي طرأت على النسيج العربي من خلال مدينة عربية غير محددة سماها المؤلف "مدينة العولمة"، ومدينة العولمة هذه ليست في مصر أو سوريا، أو الأردن أو فلسطين أو العراق أو المغرب العربي، أو بلاد الجزيرة العربية، ولا حتى في الصومال أو جيبوتي، بل هي واقعة داخل الحدود المشتركة لهذه الدول، في مساحة مستباحة... وكان الشريكان سايكس وبيكو قد نسياها من التثبيت على أرض الواقع... ص17". وبما أن العالم قرية صغيرة وأن هناك شيئاً اسمه العولمة، اختاروا مدينتنا المحايدة لتكون نموذجاً للعولمة، فاقترحوا علينا استبدال اسم مدينة البطين بمدينة العولمة" ص 94.

يصور من خلالها هجمة تيار الحداثة، وكيف غيّر الحياة الاجتماعية والعلاقات الإنسانية بين الأفراد، عولمة كثر الحديث عنها وتزايد، وقد دخلت عالمنا الذي يأخذ منها ما يستهويه في تصرف شبه طفولي، عالمنا الذي يجمع القديم إلى جانب الحديث المادي، عالم يستغرب الأحداث بدرجة كبيرة ويستمر من ناحية أخرى يجتر المقيم إقامة شبه أبدية من سحيق أيامه.

تتناول الرواية بسخرية مرة مضحكة مبكية كثيراً من وجوه حياتنا الفكرية والاجتماعية والاقتصادية في جديدها وقديمها شبه الثابت "ويبدو حيناً- على الرغم من تركيزه على اليومي والمحسوس- كأنه يتجاوز ذلك ليرسم ما يشبه نسيجاً فكرياً نفسياً فيه كثير من الهجنة وكأنه يتعمد إظهار هذا النسيج الهجين، والسخرية والتركيز على مظاهر وتفاصيل وأنماط السلوك والتفكير في الحياة العربية، واستعمال هذا كله لرسم إطار أكبر ربما بدا أقرب إلى صورة من صور هذه الحياة.(د. جورج جحا)

تتحرك شخصيات الرواية بين المدينة العربية التقليدية والمدينة العصرية الجديدة باتجاه رسم مكان التغيير الهائل وزمانه وأدواته وآلياته ومجالاته ومظاهره وتأثيراته ونتائجه، وينتقل من المحسوس إلى اللامحسوس، ومن الواقعي إلى الافتراضي، ومن العقلي إلى الممكن، بفهم لحركة الإنسان والمجتمع والاقتصاد والسياسية والتجارة والإدارة والعلم والتقنية والإعلام والمعلومات جميعاً. تقوم الرواية على عقد مقارنات لأنماط الحياة والعلاقات والاتجاهات والشخوص والأماكن والمواقف والمصالح والخيارات.
تصدت الرواية للعولمة، واختارت مواجهتها، وطرحت أسئلتها، وحاورت واقعها الجديد.

ناهضت الرواية العولمة، ببنائها القائم على المعرفة والإطلاع الدقيق على المرجعيات الأدبية والاقتصادية والفكرية المصاحبة للعولمة، أو المدافعة عنها، وهو فهم سمح للكاتب أن يتحرك بمهارة من موقع إلى آخر دون أن تعوزه المعرفة، أو المعلومات.

أما بناؤها السردي فاعتمدت السرد المتشظي، فالأحداث لم تأخذ خطاً متسلسلاً، جاءت الأحداث بناء على العناوين التي قسم الرواية وفقها والتي تزيد على 53 عنواناً منوعاً، بين عنوان اشتمل على اسم شخصية من شخصيات الرواية وبين موضوع من موضوعاتها.

وشكلت شخصية سائد الشواوي محوراً تدور حوله القصة، وتحركت في الزمان وعلى المكان، وشكلت بعلاقاتها وتناقضاتها لب الرواية وعنصر التشويق والعقدة. فجاءت شخصية متعددة المستويات، ذات هوية وخصائص مختلفة، وهي مدار القصة ومادتها، اتسمت بالنزعة الفردية، والشخصيات الفردية هي مكونات لكل أكبر، إن الشخصية علامة على الإنسان وتشير إليه، ولكنه ليس الإنسان في الوجود تماماً، إنه علامة سيميائية في النص تتحرك وفق عالم يقترب من عالم الواقع ولا يساويه تماماً. والشخصية قد لا تشير إلى فرد بعينه، وإنما قد تحيل إلى كل، بمعنى مجتمع أو طبقة ما.

إن الشخصية " القوة المولدة للأحداث تؤثر فيها وتتأثر بها" لا نبالغ إن اعتبرنا الشخصية أهم عنصر في البنية الروائية، لأنها شبكة تمتد عبر الفضاء الروائي لتربط الأشياء ببعضها البعض".

أبدع الروائي شخصية سائد الشواوي، الاسم متناسب ومنسجم يحقق مقروئية، ويدل على الدور الذي تقلده صاحبه، سائد من السيادة التي سعى إليها صاحبها، وشواوي من الشيء، وقد تذكر بالآية الكريمة "نزاعة للشوى" وهذه العولمة التي تشوي الفقراء فهو في سيادته يشوي الآخرين بأفعاله، لم يكتف الكاتب بالاسم فحتى يتوطد مركزه الاجتماعي يجب أن يكون أب لذكر، وهذا ما حصل، صار بعد أن تزوج أبا سفيان.

نشأ في رعاية والد عجوز يبيع بعض عقاره لينفق على متطلباته ومصالحه وهو رجل شاذ جنسياً، استطاع والده بعد أن أنهى السادس الابتدائي أن يعينه مراسلاً في البلدية، وبعد ذلك واصل تعليمه إلى أن حصل على شهادة الدراسة الثانوية بعد ثلاث محاولات، مما أهله لأن يصبح مساحاً في البلدية معتمداً، بدأ نشاطه المحموم في هذا المجال حيث كان يقوم بشراء الأراضي المتنازع عليها بأقل ثمن ممكن، وكان يرافق هذا العمل تجارة لحسابه الخاص موادها من الهدايا التي تقدم له من الزبائن الذين يقوم بمسح أرضهم، إضافة إلى ذلك معاملات إقراض الناس وتسجيل الديون في دفتر، كان عندما يتقاضاها من الناس أضعافاً مضاعفة، وإذا لم يكن لديهم أموال يقوم بالاستيلاء على محاصيلهم الزراعية.

بقي مساحاً في البلدية إلى أن تغير رئيس البلدية، مما أدى إلى كشف فساده، وإبعاده عن المكان دون فضائح.

ظل يمارس نشاطاته الاقتصادية في مجالات مختلفة، واستطاع أن يحصل على شهادة جامعية بالمراسلة تخصص إدارة أعمال.

وعندما بلغ الخامسة والثلاثين وكان قد كون ثروة يعتد بها، تطوعت السيدة تغريد مديرة فرع بنك التجارة العالمي لمساعدته في الارتباط بابنة حمد الله الكفري، رئيس مجلس إدارة البنك، فجمع كفاءات تجارية غلى صلاحيات بنكية.

رزق منها بسفيان وثريا، وأصبح أبا سفيان، سار بعيداً وممتدا في تجارته وعين مستشاراً مالياً له اسمه سامارو، هندي، كان يدير محفظة بنكية في نيودلهي، تعاقد معه على أن يحصل سامارو على نسبة من الأرباح المالية، ووضع تحت تصرفه رصيداً محدوداً من المال، فاستطاع أن يكون مؤثراً في سوق الأسهم المحلية. حاول استقطاب مستشار ماليزي، ليقوم بتطوير تجارته، لكنه لا يتناسب مع النظام العولمي الذي ينتمي إليه.

من نيويورك من مركز التجارة العالمي تعاقد مع رالف وود مستشاراً مالياً ضاعف أرباح الشركة.
صار سائد الشواوي عضواً إدارياً في البنك المركزي، برأس المال ودعم النسب (عمه حمد الله الكفري)، وعلاقة زوجته أسمهان مع رفيقتها سميرة زوجة المدير العام للبنك المركزي، فعمل على تشريع حرية تحويل العملات المحلية والأجنبية، من وإلى الولاية دون قيود، وهذه ضرورة من ضرورات خروج رؤوس الأموال هرباًَ من الضرائب العالية، وقدوم رؤوس الاموال غير القانونية والتي تحتاج لعملية غسيل أموال في مشاريع استثمارية محلية، وقام باستقطاب مجموعة من المديرين أسس شركة لتمويل المشاريع الزراعية التجارية، وشركة العمارة العولمية، وشركة اللحوم المعولمة. وشركة استراتيجية عابرة للقارات تتاجر بالعقارات والمشاريع السياحية ومركزها جزيرة ثابتة في البحر الكاريبي مهمتها الاستثمار في دول عولمية عديدة. وشركة وهمية سمّاها مدينة (دزني لرفاهية شعوب الشرق الأوسط والعالم) بالاستعانة برتشارد نيكلسون. وشركة الخدمات العامة المعولمة، وشركة الصناعات البتروكيماوية التي انضمت إلى شركة تكرير النفط العولمية.

أما عن الحاجات الجسدية الأخرى، فهناك من يقوم بترتيب إشباعها، وبمواصفات حديثة عولمية، وبغطاء قديم هو غطاء وجود الزوجة والأسرة، مما قد يكون سبباً في إصابة هذه الشخصية بالإيدز، الذي أدخل الشخصية في حالة من الآلام المبرحة والهذيانات، التي في أثنائها تم بوح الشخصية عن ماضيها، وكان البوح الهذياني أحياناً يرافقه حوار من شخص يكون جالساً قرب الشخصية التي يبوح وتهذي وأخص هنا شخصية الوالدة التي تعرف ماضي الشخصية. شخصية صاعدة اقتصادياً في زمن العولمة، تتوسل كافة السبل لزيادة ثروتها، الواسطة والغش، والخداع والتضليل، واستئجار العقول باسم مستشارين من جميع الجنسيات، والحركة في الزمان وعلى المكان، وفي كل اتجاه وإلى الاعلى، وفحص كل ما يمكن أن يزيد من ثروة الشخص.

ثروة هائلة جمعها هذا الرجل لتجعله في مصاف المليارديرات المعدودين في هذا العالم، ولكن هذه الثروة العظيمة لم تبعد المرض والمعاناة عن هذا الإنسان. إنه الإنسان في رحلة شقائه منذ جلجامش إلى اليوم، إنسان مهما علا وحقق مصيره الموت والفناء.

هذا المصير البائس الذي آلت إليه الشخصية، تجعل الشخصيات التي تسير في طريقه وعلى دربه تفكر في منظومة أخلاقية تتبناها لخدمة الإنسانية، لتترك أثراً بعدها.

في زمن العولمة قد تكون المرأة أوفر حظاً، أكثر من شخصية امرأة ظهرت في الرواية، شخصية الزوجة، المرأة المتعلمة التي استخدمت أداة وصل لزيادة ثروة الرجل. ابنة حمد الله الكفري رئيس مجلس إدارة بنك العولمة تسهيلات بنيكة، بعلاقاتها استطاع أن يحصل على عضو مجلس إدارة في البنك المركزي، مما جعله يستطيع أن يمرر القرارات التي تناسب عمله، أنجبت له الأبناء، لتعزز سيادته. وقدمت له الوضع الاجتماعي اللائق بإدارتها لأمور بينه وبينها، وبوالدها، فهي سلم من سلالم الارتقاء.

ظلت هذه المرأة بين الأب والزوج، ولم يكن لها دور مختلف عن النمط التقليدي للمرأة، لم يكن لها قرارات تؤثر في محيطها الأسري، عندما كانت تعمل جاء من أوقفها عن العمل ولف حولها الشرائط الحريرية، الزوج والإنجاب والتربية، هذا يعني أن الدور ظل مستمراً، ولم تؤثر فيه العولمة أو غير العولمة.

من أبرز الشخصيات النسائية التي ظهرت فاعلة في الرواية شخصية رهام، التي تقوم بأدوار فاعلة، ومساعدة، ومساندة للرجال العولميين دخلت في شراكة مع الرجال لكنها لم تصل إلى مستوى الرجل الأول، فظلت تتأرجح بين أن تكون ظلاً لرجل، أو مشاركاً في عمل تجاري.

الذي ساعدها على القيام بهذه الأدوار أنها عملت سكرتيرة في مؤسسة رعاية "أموال الأيتام" وكانت سر رئيسها وكاتمة أسراره، مما استدعى أحد المهنيين بعد أن تركت وظيفتها إلى ترشيحها لأن تكون سكرتيرة تنفيذية في مشروع عقاري استثماري سياحي اقتصادي، شركة استراتيجية عابرة للقارات تتاجر بالعقارات والمشاريع السياحية ومركزها جزيرة نائية في البحر الكاريبي. يقوم بإدارته ريتشارد نيكلسون.

قامت رهام بعملها خير قيام جهزت فريقاً من الشباب، ليسوقوا المشروع بعمولة ودون راتب واشترطت عليهم أن ينتشروا في كل مكان.

تم بيع المشروع كاملاً في مدة ستة أشهر، بعد ذلك احتسبت النفقات وضبطت الأرباح (بين ريتشارد نيكلسون، وسائد الشواوي)، وتقاضى نيكلسون حقه ثم استدعى السكرتيرة ووقعها على أوراق لم تعرف محتواها وقدم لها شيكاً مدهشاً لم تحلم به في يوم من الأيام. وفي مدة ثلاثة أيام أغلق المكتب التجاري، وانتهت علاقته بالسوق وكل شيء يتعلق بالموضوع.

الليلة الأخيرة لنيكلسون قضاها مع ريهام في أحد الفنادق. استطاعت رهام أن تشتري بيتاً في حي الوطواط، وتستقدم خادمة، وتعين سائقا. أن تقفز طبقياً.

بعد فترة زمنية اتصلت بصديقها نيكلسون فرحب بها ودعاها لزيارة في الكاريبي، قضت معه أسبوعاً ممتعاً، وعرفها على ديفيد فريدمان، فريدمان عاش معها أياماً من المتعة، وكان يتوقع أن يتشاركا في عمل تجاري سريع ومربح، وحدث هذا فعلاً، بعد أن سجل فريدمان شركة عابرة للقارات، تحت اسم (المركز العولمي للهجرة وتشغيل الشباب الحر).

وتم استئجار شقة تجارية، لاستقبال الباحثين عن الهجرة وفرص العمل وبثت الإعلانات بالصحف ووسائل الإعلام المختلفة التي تسوق العمل. كان المكتب يتقاضى 250 دولار عن كل عقد من نسخة واحدة تبقى في المكتب عمولة للمكتب، تم بيع خمسة عشر ألف طلب عمل وهجرة في مدة شهرين، وكان صافي الأرباح ثلاثة ملايين دولار تقريباً.

لم يكتفيا بما حققا، فممدوا المدة، مما جعل الناس الذين قدموا سابقاً يراجعون المكتب ويتذمرون، إلى أن اكتتشف أحد المراجعين أن هذه السكرتيرة هي السكرتيرة نفسها التي قامت بالنصب على والده. فأثار بلبلة بين الناس وأدى بهم إلى تقديم شكوى إلى مكتب العمل. الذي ظل متراخياً.

فقام أحد المتضررين بإحراق المكتب بعد أن خلت العمارة من الناس وكان في المكتب ريهام ونيكلسون، مما أدى إلى تفحمهما. نهاية فاجعة لريهام التي تأقلمت مع متطلبات العولمة خلقاً وجسداً وإدارة ومهارة.
وتقوم مها بدور عرابة الهوى، تمتلك هي كذلك من المقومات الجسدية ما يؤهلها للقيام بذلك، إضافة إلى تمتعها بذكاء حاد، تتعامل مع الموضوع بمستوى رفيع من النظافة، ومع مجتمع راق، تتعامل مع كل أطياقه وتلبي احتياجاتهم، ترفض ممارسة العنف، كل شيء بالرضى بين الطرفين.

شراكة بينها وبين الشواوي، يعتمد عليها في تقديم النساء للمسؤولين الذين له خدمة عندهم، فتقوم النساء بإنجاز القرارات التي يريدها الشواوي وحل المشكلات العالقة، ويقدمن المتعة للرجال، وإرسال المرأة مقدمة لتقديم الرشوة للمسؤول.

والمهمة التي كانت تستعصي إنجازها، تتولى مها أمر إنجازها.

أما عن صورة المرأة الصديقة والمتمثلة في سميرة، زوجة لؤي الداري، المدير العام للبنك المركزي، فإن علاقتها بصاحبتها أسمهان زوجة سائد الشواوي تقوم على المنفعة، فعندما تقدم سميرة نصيحة لأسمهان لتغيير البيت تتقاضى عمولة من المالك للمشروع السكني، "صحيح أنها صديقتي، ولكن العملية، عملية بزنس، وأنا لست أقل من أسمهان وزوجها في عالم البيزنس". فالصداقة هي صداقة المصلحة وتسهيل العمل فقط.

وترسم الرواية لوحة لنساء ثريات، بعضهن له علاقة بشبكات السوق السوداء وغسيل الأموال والتهريب وألعاب الورق، يجلسن في مقهى فاخر ينتظرن أن يؤتى إليهن برجال ليمارسن معهم الحب، ولكن التناقض يتضح من تصرفاتهن حين يمارسن طقوسهن الحياتية المتخلفة "لا تسلم على رجل" "تجلس في المقعد الخلفي". وتذهب بعضهن إلى نادي الرجال الوسيمين، الذي يقدم خدمات متميزة في النظافة والرعاية الصحية، وفيه تستطيع المرأة أن تحصل على رجل أو أكثر.

وبالمقابل مكتب للمرافقات الجميلات، يقوم هذا المكتب بتقديم خدمات للرجال الباحثين عن مرافقات من النساء طيلة الأيام التي يقضونها في فرنسا، دون تحديد للخدمات التي تقدم، مقابل المال، ولكن على المرأة أن تتمتع بمواصفات جسدية وعقلية وعلمية.

إنه الحب في زمن العولمة، حب حداثي جديد، لا مكان فيه للعواطف السامية النبيلة، في زمن كرّس المادي والفردي والنفعي، وألغى العاطفي والمعنوي والاخلاقي.

أما عن لغة الرواية، فجاءت على طريقة المحكي اليومي المتثاقف، الذي يمزج كل المستويات الحياتية، ولا يتعفف عن جانب من جوانبها، السارد فضولي مطلع على دقائق الأمور وخباياها، لذلك يسرد من سعة معرفة، وهو ثرثار جداً، ويعتني بالتفاصيل وتفاصيل التفاصيل، مما أضفى على الرواية (في رأيي) ترهلاً لغوياً، بحذف استطرادات كثيرة تصبح الرواية أكثر قوة.

هذا الراوي يستطرد كثيراً (جاحظي حديث) مفردة من كلامه تستدعي ما يرتبط بالمفردة وتدخله في موضوع فرعي، يجعله يكسر الزمان السردي وينتقل من زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان، ومن شخص إلى آخر. هذه الرواية فيها متعة، تسلط الضوء على زمن العولمة وعلى أعمدته، ويحسب لها هذا التصدي لهذا الموضوع المعاصر الذي نحن نعيشه.

بقلم: د. عالية صالح

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى