السبت ٩ نيسان (أبريل) ٢٠٠٥
بقلم سليمان نزال

سأشرب القهوة فى خان الخليلى!

تهدَّجَ صوتُى, وأنا أقترب من قبر الزعيم الخالد جمال عبد الناصر برفقة الدكتور فاروق مواسى والأستاذ جورج قندلفت, أحسستُ أننى واقف أمام تاريخ العز والرجولة وجهاً إلى وجه، لم أستطع أن أتمالك أشواقى.. فاختلطت الكلمات التى كتبتها فى دفتر التشريفات مع دمعة فرضها جلال الموقف.

كان الدكتور فاروق متماسكاً.. واثقاً من ذاكرته التى أسعفته فإستعادَ على ورق التشريفات كتابة قصيدة جميلة كان قد كتبها عام ١٩٧٠، فى رثاء هرم الشموخ والعنفوان العربى, الرئيس عبد الناصر.

صديقي جورج عبر عن حزنه فى سطر بليغ, فتفوق بلاغة على إرتباكى, حسب رأى "أبو السيد".

أتذكرُ الآن, منذ الساعات الأولى, حين وصلَ القلبُ الزائرُ قاهرةَ المعز.. سؤال الأصدقاء المصريين عن أول شيء أحب أن أشاهده فى أرض الكنانة, فأجبت دون تردد: ضريح الزعيم الخالد, جمال عبد الناصر.

وكانت رغبتى الثانية واضحة.. فاصطحبني الكاتب الأخ إسلام شمس الدين إلى خان الخليلى, تجولنا في أسواقه الشهيرة, مررنا بشوارعه المزدحمة والضيقة, سياحٌ من مختلف البلدان يتنفسون أريج الحضور المنبعث من خليط هذا البهاء فى مصر الفاطمية والأيوبية والمملوكية..

وتكررت زيارتى لخان الخليلى و الأزهر و الحسين مع الكاتب الكبير محمد على طه والدكتور فاروق والشاعر عبد الناصر صالح.. و تكررت أيضا مع الصديق الكاتب والشاعر عادل سالم والصديق الصحفى أشرف شهاب والأخ جورج والشاعر والناشر محمد الحسينى.. أنا الذى لا أدخن "الشيشة" وجدتني أداوم على طلب "المعسل" من مقهى "الفيشاوى" أو مقهى "نجيب محفوظ".

كان بعض الاصدقاء المصريين, يستهجنون معرفتى لبعض معالم القاهرة, كأسماء بعض الشوارع والأحياء.. فينسون فضل الأفلام والمسلسلات والأغانى والروايات والمسرحيات والأشعار العربية المصرية علينا!

خان الخليلى, بكل أماكنه المقدسة والتاريخية والشعبية كان الأحب إلى نفسى.. وأعترفُ بأننى "هربت" من أصدقاء, إلى هناك غير مرة, كى إستفردَ بحلمى وأراوده عن خاطرة أو قصيدة..

تركتُ مصر و بقيتْ فى قلبى أيامها وذكرياتى وأصدقاء معرض الكتاب من المبدعين العرب و قد تشرفت بالتعرف على شوامخ و نجوم هناك.. تركتُ الأصدقاء على وعد بعودة قريبة كى أنشرَ مجموعة شعرية..

الآن يصدمنى الخبر الحزين, المؤلم.. عن تفجير فى خان الخليلى إستهدفَ بعض السياح, وقتل وجرح أمريكيين وفرنسيين ومصريين مسلمين عرب.. وأفترض أن هذا الإنفجار الشيطانى المُدان قد حدث أثناء جلوسى والأصدقاء لإحتساء قهوة فى خان الخليلى!

أشعرُ أن إنفجاراً حدثَ داخل أحلامى.. فأسخطُ على الفاعلين الجناة.. الذين ينبغى أن تتوجه عملياتهم ضد غزاة العراق وفلسطين.. لا ضد المناطق السياحية فى مصر, كى تجنى إسرائيل الإرهابية, العنصرية, الأرباح والمنافع.

وعدى للإصدقاء الأعزاء هو وعدى.. وعدى للدكتور صلاح السروى ولأشرف والحسيني ونجلاء وجمال وبقية الأصدقاء.. أن أعودَ إلى القاهرة.. لأزورَ قبر الزعيم الخالد عبد الناصر مرة ثانية, ثم أقصد خان الخليلى, أشرب قهوة دون خوف من إرهاب و زمر وحشية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى