سعر المرأة: حوالي 10 آلاف شيكل
سيارة ترانزيت محملة بالنساء تصل كل عدة ايام الى الحدود الاسرائيلية المصرية بارشاد من المهربين لادخالهن الى اسرائيل بصورة غير قانونية.
الكولونيل في الشرطة، آفي دافيدوفيتش، المسؤول عن الطاقم المشترك بين الوزارات لمكافحة ظاهرة الاتجار بالنساء، قال بأن الامر عبارة عن قطع عدة أمتار وليس اجتياز كيلومترات طويلة في الصحراء كما يدعون. فالنساء المهربات يدخلن الحدود مشيا على الأقدام حيث تكون سيارة اخرى بانتظارهن من الناحية الاخرى. وهكذا تضاف مجموعة اخرى من النساء اللواتي يبدأن العمل في البغاء في اسرائيل.
الشرطة تقدر ان عدد هؤلاء النساء يتراوح بين ألف الى ثلاثة آلاف امرأة مستوردة للبلاد للعمل في البغاء. المستشار القضائي للحكومة اليكيم روبنشتاين يطلق على هذه الظاهرة "عبودية العصر الحديث". واسرائيل موجودة اليوم في موقع مرتفع من القائمة السوداء العالمية للدول التي تتعامل مع ظاهرة المتاجرة بالنساء، اغلبية اعضاء هذا النادي المريب هم من دول العالم الثالث. البروفيسور مناحيم امير الخبير في علم الاجرام يقول ان اسرائيل موجودة في المرتبة الثالثة في العالم من حيث حجم تجارة النساء.
الاغلبية تأتي من مولدافيا
اعضاء الطاقم الذي يقوده الكولونيل آفي دافيدوفيتش هم من وزراء الامن الداخلي والخارجية والعمل والرفاه الاجتماعي والداخلية. وبالامس قدم الطاقم للمستشار القضائي للحكومة تقريرا صعبا حول ظاهرة المتاجرة بالنساء في اسرائيل من اجل البغاء. الظاهرة بدأت مع انفراط عقد الاتحاد السوفييتي في التسعينيات حيث بدأت بحالات متفردة هنا وهناك وتحولت اليوم الى اجرام منظم، كل امرأة تصل الى اسرائيل تباع بخمسة الى عشرة آلاف شيكل.
واغلبية النساء يأتين من مولدافيا بعد ان كانت اوكرانيا لسنوات طويلة تتصدر الدول الموردة لتنتقل للمرتبة الثانية، أما روسيا ففي المرتبة الثالثة. اغلبية النساء يعرفن الهدف من العرض الذي ينشر في الصحف عادة والأقلية البسيطة منهن يجبرن على ممارسة البغاء بعد وصولهن الى اسرائيل. المسار يبدأ من البلد الأصلي حيث ينتقلن الى القاهرة ومنها الى احدى المدن الحدودية المصرية ومن هناك يتم جمعهن في مجموعات من 5 - 15 امرأة ليتم تهريبهن عبر الحدود المصرية الاسرائيلية بواسطة المهربين. البيع يتم بطرق مختلفة فأحيانا يأتي أصحاب دور البغاء ويشترون النساء بصورة علنية ومهنية جدا، وبعضهن يتعرضن لهجمات جنسية تصل حتى الاغتصاب حيث يرغب المشتري صاحب دار البغاء بفحص "البضاعة" التي يشتريها.
الطاقم المشترك بين الوزارات يوصي بانشاء ملاجىء للمتضررات من تجارة النساء حيث تقدم لهن هناك كل المساعدات الممكنة طبيا وقانونيا ونفسيا وتحميهن من القوادين. كما يوصي الطاقم بتقديم مساعدة قانونية مجانية وبسن قوانين صارمة ضد المتاجرين بما في ذلك مصادرة الأملاك.
والى جانب الطاقم المذكور الذي قدم توصياته بالامس يعمل طاقم آخر برئاسة المدعية العامة عدنه اربيل ومدير عام وزارة العدل اهارون ابراموفيتش. وهؤلاء انتهوا من اعداد خطة انقلابية ستنطلق في طريقها في فصل الشتاء، وفي اطارها سيتم انشاء ملجأ لضحايا تجارة النساء اللواتي عملن في البغاء. والمشروع سيمول بواسطة مساعدة مالية امريكية.
عقوبة مخففة جدا؟
قضية بيع النساء في اسرائيل لم تحظى تقريبا باهتمام الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون طوال سنوات كثيرة. فلا يوجد في الشرطة حتى اليوم جهاز أو هيئة مركزية لمعالجة هذه الظاهرة الصعبة والعلاج يتم بصورة غير مركزية في كل منطقة على حدة. والشرطة تظهر معطيات تدل على ان سياسة ملاحقة الظاهرة في تنامي، الا ان وجود ألف الى ثلاثة آلاف امرأة يدل في نفس الوقت على ان هناك مكانا لتحسين الوضع ايضا. احدى الظواهر الصعبة جدا في اسرائيل هي عدم وجود ملاجىء للنساء اللواتي يقررن الادلاء بشهادتهن ضد التجار.
ومع ذلك أقنعت الشرطة 62 امرأة بتقديم شهادتهن ضد أرباب العمل في عام 2001. وفي هذه السنة بلغت الشهادات 117. وفي عام 2001 اعتقل 183 شخصا متهمين في مخالفات تتعلق بتجارة النساء و35 منهم يرتبطون مباشرة بالتجارة. وفي هذه السنة اعتقل 206 متهما، 46 منهم متهمون في التجارة بالنساء بصورة مباشرة.
أشد العقوبات على هذه المخالفة اليوم هي السجن اربع سنوات ونصف، الا ان العقوبة القصوى هي 16 سنة سجن. المدعية العامة قررت مكافحة الظاهرة من خلال تشديد العقوبات المقدمة للمحاكم والاستئناف على القرارات الخفيفة ضد المخالفين. وخلال ذلك نجحت النيابة العامة في وضع عدة اجراءات هامة في هذه القضية. احدى القاضيات اعتبرت في قرارها ان تجارة النساء تشبه الاتجار بالمخدرات اذ تتحول الى مهنة بالنسبة للمتهم وتشكل خطرا على الآخرين. قاضي آخر قرر ان قضية موافقة المرأة على العمل في البغاء أولا ليست مهمة هنا، فالمخالفة قائمة في كل الاحوال حتى لو كانت هناك موافقة.
وزراء العدل الاسرائيليين يقومون في السنوات الاخيرة بزيارة المؤسسات النظيرة في واشنطن للبرهنة على ان بلادهم تسعى الى مكافحة تجارة النساء. كولين باول صرح قبل عدة اشهر ان اسرائيل قد انتقلت من موقع سيء جدا في قائمة الولايات المتحدة السوداء الى مكان سيء.
والتقرير الذي قرأه باول في مؤتمر صحفي يذكر ان اسرائيل تبذل جهودا ملموسة للوصول الى المعايير المطلوبة من اجل القضاء على الظاهرة.
"وعدوني بأن أكسب 3 آلاف دولار شهريا"
مارينا، 24 سنة، هربت لاسرائيل قبل سنة ونصف من مولدافيا. عملت كمومس في دار بغاء وهي الآن بانتظار الابعاد من اسرائيل. "قبل ان آتي لاسرائيل عملت في كيشنيوف كبائعة بطاقات. وكنت أكسب 80 دولار شهريا وهو مبلغ قليل. وفي ذات يوم قال لي أحد الاصدقاء انه يجمع مجموعة من الراقصات للعمل في اسرائيل. صديقي هذا قال لي ان المسألة ليست رقصا فقط وانها تتضمن ممارسة الجنس بين الحين والآخر، ووعدني بأن أكسب منها 3 آلاف دولار شهريا. المبلغ كان ضخما جدا اذ انني اعتقدت انني سأكسب خلال شهر ما كنت أكسبه من عملي لعامين كاملين".
مارينا سافرت الى موسكو ومنها الى قبرص ومن ثم الى القاهرة. ومن هناك الى اسرائيل. الرحلة استغرقت ثلاثة ايام. في مصر أخذوهن للصحراء، وهناك علقت لشهرين ونصف الى ان سنحت فرصة التهريب. بعد ذلك تم تهريبها مع عشر نساء أخريات لاسرائيل حيث تم بيعها في تل ابيب لدور البغاء بعدة آلاف من الشواقل. المشتري صادر جواز السفر منها وقال لها انه دفع النقود ثمنا لها ولذلك عليه ان يمنعها من الهرب، وهددوا بابلاغ عائلتها في مولدافيا بأنها تعمل في البغاء".
– كيف كانت ظروف عملك؟
– الظروف كانت مخالفة لما وعدوني به، أجبروني على العمل لشهر بصورة مجانية، بعد ذلك دفعوا لي عشرة شواقل عن كل زبون وبعد عدة اشهر أصبحت أتقاضى 20 شيكل. وفي النهاية حصلت على ألف دولار في الشهر وأصبح بمقدوري ان احتفظ بالبقشيش. القواد أراد ان يكون لدينا دافعية تشجعنا على العمل أكثر، وكنت استقبل عشرة زبائن يوميا في الحد الأدنى، واذا استقبلت ثمانية كانوا يجبرونني في اليوم التالي على استقبال 12 زبونا. في نهاية الاسبوع يصل العدد الى 25. الزبائن كانوا من العمال الاجانب ومن العرب احيانا. أما البنات المومسات فهن على الاغلب من دول رابطة الشعوب.
– يزمعون على طردك من البلاد الآن، فما العمل؟
– هناك بنات كثيرات يرجعن مع بطاقات مزيفة للمرة الثالثة والرابعة.
– ماذا ستقولين لعائلتك؟
– سأقول انني ربحت المال من العمل في عرض الأزياء.
بقلم: طوفه تسيموكي وعمير بن دافيد
يديعوت - 26/11/2002