

صمود...
البيت يتماسك في حذر، و يوصي الجدران بألا تكف عن مد الأيدي...طول المدة يضني و يفل الساعد... لكن...
ريح تعوي تعرف وجهتها، تأتي من كل الأنحاء، وتجمع شمل اللبنات، همهمة منها
و الرغبة في ضم الأخرى تتوالد في عمق الذرات...
يشاكسه السقف ذاك البيت، يود السقف لو استعلى بعض الشيء، يستطلع تباشير
الهجمة حتما آتية، و يخاف عليه هو من طلائع غدر...
والريح أبدا تعوي تنذر بنذير السوء، و أنين بيوت انبقرت منها الأحشاء، و ما
انحشرت منها الأجزاء في قبر يؤويها، فاغرة فاها وفيها حتى بعض الأشلاء، أيدي
سوداء متعفنة...أمعاء...وحتى عيون تختزن القهر، و خلايا أدمغة ما هنأت براحة
موت تنسيها عبء حياة ولت...
و صلاح الدين مر قرب البيت يحمل سيفا... عزاه...
ـ قال و جنود الثأر امتشقوا سيوف الغضبة فيه:
أما من جند؟؟؟
ـ فقال البيت و دمعة انسلت من نافذة فقدت جفنيها:
فرسان هنالك في رباط البذخ...
و رهبان اعتكفوا في محاريب اللذة يتلون تعاويذ من أجل الوطن الغالي...