صور المغرب وفرنسا في المخيال الرحلي
نظمت الجمعية المغربية للبحث في الرحلة بتنسيق مع المكتبة الوطنية، ندوتها الوطنية الثانية في موضوع المغرب وفرنسا: رحلة الائتلاف والاختلاف، يوم الجمعة 11 دجنبر 2009 بالمكتبة الوطنية بالرباط. وقد توزعت اشغال هذه الندوة على ثلاث جلسات. وبمشاركة نخبة من الباحثين من عدة جامعات مغربية.
افتتحت اشغال الندوة بكلمة الأستاذ عبد الرحيم مؤدن رئيس الجمعية المغربية للبحث في الرحلة وكلمة الأستاذ إبراهيم إغلان باسم المكتبة الوطنية.
وقد ترأس الجلسة الأولى الأستاذ عبد المنعم بونو، وكان أول متدخل هو الأستاذ المهدي السعيدي (كلية الآداب أكادير) بورقة معنونة بـ "صفة فرنسا في الرحلة المنظومة لأحمد حميتي الوجاني"، مؤكدا أنها تدخل في إطار الأسفار السياحية وتقدم صورتين لفرنسا؛ الأولى مقبولة وتخص التقدم الحضاري والتقني، والثانية مرفوضة وتتمثل في الإباحية والإلحاد.
المتدخل الثاني كان هو الأستاذ الحسن الغشتول(باحث من تطوان) بورقة موسومة بـ "صورة فرنسا في الرحلة المغربية السفارية، بين الذات ومقامات الوعي المصادر"، من خلال نموذج رحلة الصفار إلى فرنسا، مبينا أن هذه الصور كانت مرتبطة بأنماط الرؤية وطرائق التعبير لدى الرحالين المغاربة الذين تراوحت رؤاهم باختلاف أهليتهم المعرفية والتواصلية ودرجات استعداداتهم الأسلوبية.
أما المتدخل الأخير فكان هو الأستاذ عز المغرب معنينو(المدرسة العليا للأساتذة الرباط) بورقة معنونة بـ "إطار قاتم لصورة مقنعة"، أبرز فيها كيف ساهم الرحالون المغاربة والفرنسيون في احتواء الاصطدامات الصاخبة مع الآخر والتخفيف من حدتها والتقريب بين الأنا والآخر.
الجلسة العلمية الثانية ترأسها الأستاذ عبد الرحيم مودن، وأول ورقة قدمت فيها كانت للأستاذ واسيطي بوسيف (كلية الآداب تطوان) عنونها بـ "صورة المغرب في مخيال الرحلة الفرنسية وصورة فرنسا في وعي المغاربة"، أبرز في بدايتها التحولات التي عرفها النص الرحلي على مستوى الجنس الأدبي. وأكد ان هذه الرحلات وخصوصا الفرنسية تقدم صورا نمطية مكرورة في جلها، صورا ذات طابع ميتولوجي استشراقي موجه بخلفية إيديولوجية، كما أن النصوص الرحلي، سواء العربية أو الفرنسية، تشترك في عدة نقاط، كما حددها الانواريون والأيدلوجيون.
الورقة الثانية كانت للأستاذ بوشعيب الساوري (باحث من الدار البيضاء) وقد جاءت موسومة بـ "صورة الوضع الصحي للمغرب في رحلة إميل كيرن"، أبرز فيها صورة مغرب بداية القرن، على المستوى الصحي(بتفشي الأمراض والأوبئة) والاجتماعي(الفقر، والأوضاع السيئة للسكن)، والاقتصادي(هشاشة البنية التحتية)، والسياسي(الطغيان). أما عن صورة المغرب، بشكل عام، فهي إيجابية نظرا لتوفره على مؤهلات طبيعية وبشرية مهمة، لكنه في حاجة إلى مساعدة فرنسا، وكأنه يحاول إيجاد مبرر لتدخلها بالمغرب.
الورقة الثالثة كانت للأستاذ محمد دخيسي(المدرسة العليا للأستذة مكناس) كانت موسومة بـ "صورة المغرب في الخطاب الرحلي الفرنسي الرسمي والديني من خلال رحلتي يبدو دي سانت أولون ودومينيك بوسنو نموذجا"، رصد فيها صورة المغربي في متنين رحليين كتبا في القرن السابع عشر، أحدهما خطاب رسمي سفاري والآخر خطاب ديني محض. كيف تم بناء صورة الآخر في متخيل القارئة الفرنسية وما هي العوامل التي ساهمت في ترسيخ تلك الصورة؟
الورقة الأخيرة كانت للأستاذة نجاة زروقي(الكلية المتعددة الاختصاصات الناضور) وجاءت بمعنونة بـ "صورة المغرب في محكيات الرحالة الفرنسيين" من خلال نموذج رحلة إلياس كانيتي، اكدت فيها على أن هؤلاء الرحالة يقدمون صورة عن المغرب المنغلق الذي يرزح تحت نير الظلم والطغيان الذي يبقى مجهولا من منظور استشراقي تغريبي.
الجلسة الثالثة الأستاذ تراسها الأستاذ واسطي بوسيف، وقد كان أول متدخل فيها هو الأستاذ عبد الرحيم مؤدن(كلية الآداب القنيطرة) بورقة موسومة بـ "صورة المغرب في الملصق الإشهاري الفرنسي من خلال تحليل مجموعة من الملصقات محاولا تفكيك بنياتها ومكوناتها وخلفياتها من خلال مجموعة من الثنائيات من أهمها ثنائية، العراقة والحداثة، الجميل والنافع، الصخب والصمت، الجمالي والوثائقي..مؤكدا أن هذه الملصقات موجهة بخلفية استشراقية تجعل المغرب يدخل في نطاق الشرق على مستوى المفهوم.
المتدخل الثاني كان هو الأستاذ عبد المنعم بونو(كلية الآداب فاس) بورقة موسومة بـ "صورة فاس في الرحلات الفرنسية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين"، مبينا الاهتمام الذي حظيت به المدينة من قبل الرحالة الفرنسيين، سواء المكتشفين أو الدبلوماسيين. الذين اهتموا بالحياة اليومية والجانب الديني وهندسة المدينة والتركيز على الجانب العجائبي فيها، ووضع المرأة فيها. مؤكدا أن هذه الرحلات تساهم في تشكيل مجموعة من المعارف عن المدينة.
المتدخلة الأخيرة كانت هي الأستاذة بشرى بنبلا وجاءت ورقتها معنونة بـ "مغرب إزالة الوهم لغابرييل شارم سنة "،1887 مبرزة أن رحلته تشكل استثناء في الرحلات الفرنسية للمغرب نظرا لكونها تقدم صورة قاتمة عن المغرب وتؤكد خيبة أمل الرحالة، ليجد نفسه أمام مغرب آخر، ليس كما تمثله أو كما قدمه الرحالة السابقون.