ضد الإرهاب و التطرف
نقول مباشرة و بلغة جريحة: نحن ضد الإرهاب,سواء تسربل بعباءات التخلف الشديد, و أمتطى صهوة المقدس من تقاليد و أفكار و سنن الإسلام, زورا و إغتصابا و إستغلالا.. و أدخلَ الدين الحنيف في زوايا التجيير العمياء, و الإستخدامات المضللة,فيتسبب بإلحاق أفدح الخسائر و التكاليف و الأعباء و النتائج الباهظة بالشعوب العربية والإسلامية, حاضرا ومستقبلا.
أو ذاك الإرهاب الإسرائيلي الصهيوني المنظم ضد الشعب الفلسطيني و العربي,الذي تشيب من هوله و فظاعته ووحشيته و عدم إنسانيته الولدان.. مضافا إليها نواصي الجبال السوداء و ليالي القصف و المجازر و التدمير الهمجي,دون أن ننسى نهارات المكابدات و العلقم التي يعيشها الفلسطيني الصابر على أيدي المحتلين و عصابات المستوطنين الإرهابية.
لقد ولدَ الإرهاب و بإمتياز- مع إنشاء إسرائيل وكيانها العبري,كم من دير ياسين إرتكبت ضد الشعب الفلسطيني , الذي طرد من أرضه, لتثبيت أركان هذا الوجود الدخيل العابر قياسا بمفكرة التاريخ وساعاته الواعدة. أما عن أمريكا, فهي التي إتسعت و إكتسحت أراض و مساحات جغرافية لم تكن لها, لتصبح ولايات متحدة, بعد أن تمكنت من تسليط سيف الإبادة شبه الكاملة للسكان الأصليين من الهنود الحمر..
إذن, لا إرهاب يأتي وحيدا من صحراء للتطرف, لا بد من عناوين أجنبية! و ما كان الإنسان العربي و المسلم, بفطرته و تكوينه و سماحته, متعصباً و إلغائيا..و إن ظهرت بعض الحالات و الأمثلة الحزينة, فقد كان الأبنية و التشكيلات الفوقية , من خليفة و حاشية ووزراء و مماليك و أبناء جواري و شعوبيين مسؤوله عنها, منتجة لها, مستفيدة منها, فترسلها إلى الاسواق الشعبية, فيستغلها الرعاع, لنشر الفتن و الإنقسامات. أما الثورات و التمردات التي إنطلقت من صفوف الشعب فقد كانت تعبيرا عن نقمة من تجبر وظلم الحاكمين أحيانا, و في ظروف و حالات أخرى جاءت تعبيراً عن مشاكل إقتصادية و عن منافسات فكرية وطموحات حكم و أراء إعتقدت أنها أحق بالخلافة من غيرها من بطون و أفخاذ و قبائل العرب..كانت الخصومات واضحة الأسباب,بينة, تستند إلى مقولات و منطلقات يمكن لمعتنقها الدفاع عنها و المحاججه فيها بيسر و طلاقة..كان الخصم معروفا, فلا يتم مهاجمة جيرانه الذين قد يعتنقون منهج المهاجم فكرا و إعتقادا..
و إنطلاقاً من حادثة الرياض الدموية, كيف يمكن لأصحابها الدفاع عنها, حتى لو إستخدموا المنطق الشكلاني,المستند إلى تبريرات إنتقائية لن يفلحوا في إقناعنا, أن قتل مواطنين آمنين من لبنان و الأردن و فلسطين و السعودية و غيرها من دول عربية وإسلامية, مسألة جهادية تساهم في تحرير فلسطين و إستعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة و طرد الإحتلال الأمريكي-البريطاني من العراق..فليس هكذا تورد الإبل يا أيمن!
الآن,من يستطيع أن يدلنا على ينابيع الوضوح الكامل حتى نوردها, فتظهر الحقائق كاملة, دون نقص و حذف ولصق و قص و تحوير و تخويف؟ ما هي التطورات و الملابسات التي حدثت على توجهات القاعدة و إين لادن, حتى إنتقلوا و إنقلبوا, بمثل هذه السرعة, من موقع الحليف مع أمريكا بأفغانستان, أثناء وجود السوفييت و بعد خروجهم و إلى أن وصلت إلى السلطة طالبان بمباركة أمريكية صريحة, إلى موقع العدو لها؟ إلى أين يقودنا هذا الفكر المتعصب, الذي لا يميز بين خصومه و الأجساد المتناثرة في الدارالبيضاء لمواطنين عرب مغاربة أبرياء؟ هل عجلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في التعجيل بإحتلال مصبات و منابع النفط و في إحتلال العراق و التحكم برقبة الإقتصاد العالمي التي تضغط عليها و بشدة , دون رحمة, مخالب وأنياب العولمة وشركات" وكارتلات" الإحتكارات الدولية؟ إلم تحدث الكثير من المذابح والمجازر و الإعتداءات الإسرائيلية الوحشية ضد الفلسطينيين, بينما كان العالم و مكينته الإعلامية, التي لا تناصر العرب و قضاياهم, منشغلة بتغطية الإعتداءات على مبنى التجارة العالمي, في نيويورك, وصولاً إلى غزو أفغانستان و أخيرا إحتلال العراق و تخويف العرب وإرغامهم على رفع علم إسرائيل فوق كل العواصم العربية, في سلسلة من "كامبديفيدات" التطبيع و التطويع؟
من يريد أن يحارب الإحتلال و الإرهاب فليذهب إلى غزة, إلى الضفة, أو إلى العراق,إذ أن المقاومة المسلحة ضد جنود الإحتلال,مشروعة, ولا يمكن رغم كل أبواق الدعاية الإمبريالية والصهيونية, أن تشوبها صبغة الإرهاب..فنحن لا نتبنى و لا نخضع لتعريفات وتحريفات أعدائنا حول مفهوم الإرهاب.
إن نظرة سريعة لبارومتر الأحداث و التحولات و التغيرات الدولية والإقليمية, بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر غير المبررة وما تلاها من أحداث, تبين بجلاء, المحنى التصاعدي في كميات و حجوم الضرر و التراجعات و الإساءة و الضغوط التي لحقت بالشعوب العربية و الإسلامية. فالولايات المتحدة و معها إسرائيل العنصرية, أصبح لديها معين من الذرائع و المبررات الواهية والغير واهية, تغرف منها, فتبتز العرب أنظمة وشعوبا, تنهب ثرواتهم, تمارس عليهم الإملاءات و تصدر للحاكمين الأوامر المذلة, ويا و يله من رفض و تمسك لو بمسحة من مبادىء و قيم! إذا لم تكن الإعتداءات في الرياض و في الدار البيضاء من طبيعة إرهابية عمياء فاقعة, ماذا يمكن أن تسمى؟ في وقت لا يستفيد منها ولا تخدم إلاّ أعداء الشعوب العربية والإسلامية, و تعمل على إبقاء كوابيس التخلف والتعصب البغيض و القمع و الإستبداد و الإحتلالات و الغزوات الدخيلة جاثمة و رازحة, فوق صدر الإنسان و المصير و المستقبل العربي, حيث ينبغي بذل الكثير من الجهود و الأعمال الصحيحة و الطاقات الفاعلة الموحدة, لوأد الفتن في مهدها المشبوه, من أجل تحقيق الأمن و السيادة و التقدم للإنسان العربي و المسلم الذي يتوق إلى حياة حرة كريمة, دونما إرهاب, من أي مصدر و نوع كان, يتسلط على الناس و يذلهم و يستغل حاجاتهم و فقرهم , فيصادر عقولهم و يكبل إراداتهم.
سليمان نزال