ظاهرة تضارب البيانات... من المسؤول عنها ؟؟؟؟
الإحصاء : هو علم جمع ووصف وعرض البيانات في نماذج سهلة الوصول من حيث الدقة والجودة والأهمية والنزاهة والتي تكون في خدمة المجتمع بحكومته ومواطنيه بما تقدمه من خدمة ديموغرافيه واجتماعية واقتصادية وبيئية للبلد وبهذا يشكل مركز الإحصاء الدور المحوري في النظام الرسمي من حيث معالجة ونشر معظم الإحصاءات الرسمية.
الغاية من أي إحصاء رسمي لأي بلد هو معرفة الحكومة الأوضاع الاقتصادية والظروف المعيشية للمواطن من اجل وضع سياستها في المجالات المختلفة بصفة دقيقة وتفصيلية من اجل مواكبة توقعات التمويل والموازنة السنوي والتي تقدمه بدورها إلى المؤسسة التشريعية ( البرلمان ) من اجل التصديق عليه.
أما بالنسبة للمواطنين فتقدم لهم نتائج الإحصاء عن طريق وسائل الإعلام أو المؤتمرات الصحفية أو عبر الانترنيت بعدما تتم عملية تلخيصها. لأن المواطن ليس له الحق في اكتشاف ومعرفة جل التفاصيل و كافة جزئيات الإحصاء والتي غالبا ما تحاط بالسرية التامة وإنما يبقى له الحق في الجزء المقتضب الذي يعنيه.
لكن ما هو مثير للجدل هي ظاهرة التضارب في البيانات التي تعلنها العديد من الأجهزة والجهات بنفس الدولة حتى أصبحت تلك الظاهرة سمة العصر في مجتمعنا العربي. غير أنها تكاد أن تصبح محورا أساسيا بالنسبة للعلاقات بين الدولة والمواطن رغم أن هذا التضارب والتلاعب في البيانات له تاريخ طويل إلا أن تطور وساءل الاتصال و سرعة الإعلام جعله يطفو بقوة إلى السطح.
لذلك أصبح الفرد يواجه كما هائلا من الأرقام حول أوضاع واتجاهات عديدة تختلف بطبيعة العلاقة التي تربطها بالحكومات والمواطن والباحث والمنظمات الدولية ومسئولي النقابات والمنظمات المراقبة لحقوق الإنسان وهؤلاء قد يعتمدون إحصاءات من سجلاتهم أو ممسوحاتهم حسب الحالة الخاص بالموضوع، إذا نجد أرقام مأساوية وأخرى تجميلية منحازة تخدم بعض المصالح حتى أصبح الجميع يهيم في واد والأرقام و البيانات الصحيحة تهيم في واد آخر.
فمراكز الإحصاء عموما تسهر على إصدار بيانات عن المؤشرات الاقتصادية للبلد استنادا على مصادر أساسية مبنية على نظام إحصائي معين وهو المصدر الرسمي الوحيد الكفيل بصلاحيات جمع ونشر البيانات والمعلومات الإحصائية الرسمية، إلا أن عدم قدرته على احتواء جميع الممسوحات التي تصدر عن المرجعيات الإحصائية المختلفة والتي قد تستند على فرضيات ويتبناها الآخرون في أعمالهم بحسن نية قد تنعكس سلبا عليهم، كذلك يكون لها اثر في توجيه استثمار البلد على النحو الخاطئ الذي يؤذي مباشرة تنميته الاقتصادية. فمثلا التضارب في بيانات القوى العاملة والبطالة لها أهميتها في التخطيط الشامل بالنسبة للشق الاقتصادي والاجتماعي وذلك من خلال قياس حجم تلك القوى والعمل في المجتمع بهذا تعد ضمن الإحصاء الحيوي الذي يعتبر احد الأركان الرئيسية، فكل تضارب في البيانات يجعل ثقة المتلقي في مصداقية أجهزة الإحصاء تتضاءل وربما تنعدم .
هنا يطرح السؤال :
من هو المسؤول عن هذا الخلل الذي يتجلى في ظاهرة تضارب البيانات ؟
هل هي مسؤولية وسائل الإعلام التي تنشر تصريحات جميع المسؤولين وبياناتهم المختلفة، ام هي مسؤولية مراكز الإحصاء الرسمية التي لم تستطع احتواء كل ما سبق ذكره في رزمة واحدة متناسقة وصحيحة ويتم آنذاك نشرها ؟ أم هي مسؤولية المتلقي الذي لا حول ولا قوة له، اللهم تلك البيانات موجود بين يديه ؟؟؟؟؟ يصدق مـــــن ..... ويطالب مـــــــن ؟؟؟؟
1. إن ازدواجية المعلومات وتضاربها وغياب إستراتجية خاصة لاحتواء المصادر ونشر المعلومات الصحيحة مطلب عام لا يمكن السكوت عنه أو تجاوزه في الوقت الراهن.
2. يجب توحيد البيانات والمفاهيم الإحصائية من خلال وضع أسس جادة وفعالة ثم طرحها أمام الرأي العام
3. يجب السهر على نزاهة ومصداقية البيانات لأن هناك من أصحاب القرار في جل البلدان العربية يتمسكون في تقديم رقم يخدم مناهج سياستهم المعتمدة فقط، وآخرون يرغبون تبني بيانات مضخمة من اجل رسم كذلك سياستهم واستراتيجيتهم ضاربين عرض الحائط الارباكات التي تحصل حول تطور الوضع التنموي والاقتصادي والاجتماعي والأثر السلبي الذي يعصف بمصالح البلاد والمتلقي الذي يمثل الرأي العام بشكل مباشر كذلك تلك الأرقام المزيفة تكون بعيدة كل البعد عن تشخيص واقع البلد ومكوناته ومتطلباته التنموية.
4. يجب إرساء دعامة أساسية لمراكز الإحصاء الرسمية العربية من اجل رسم سياسية مستقبلية تمتاز بالجودة والنزاهة والدورية والشمول، من خلال توحيد مصدر البيانات الإحصائية، التي باستطاعتها معالجة أي تضارب في الأرقام التي لها أهميتها الخاصة لدى المنظمات الإقليمية والدولية والباحثين والجماهير.
5. يجب المساهمة الجماعية وتضافر الجهود بشكل فعال من اجل بناء قواعد البيانات التي تمثل مدخلا أساسيا لكل الجهود الاستراتيجية والتنموية بشكل متكامل ومنظم والذي يغطي مختلف أنواع الإحصاء والدوريات من خلال مسوحات وفق برامج وطنية صحيحة وقوية لأن تشتت المجهود وغياب التنسيق والقصور في القوانين وآليات النشر تخلف بلبلة قوية تأثر على الجميع.