الأربعاء ٢٤ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤
بقلم يوسف حسين الشوفي

ظلالُ لوحة

منذ رحيل الوجوه ...
لم أرتدِ صوري
الضوء ... سيّد الغبار
هلّا أنهيتِ خلافكِ مع النجوم
على مواقعها
ورتبّتِ روائح القرى الليلية
لاستقبال أسيادها
... في روائح الموج
ستقرؤنا البحار للمسافرين
حكايةً قبل النوم ... وقبل الرحيل
في روائح الصور
يمكن تظليل لوحتنا
نزجر الحمام على باب المدينة
وفي الطوفان ...
كلّ الجهات تنظر إلى الله
هل كان الطوفان أعلى من ذاكرة الجليل؟
والنجوم تسلم أعناقها للشمال
ما أكبر قلوبنا على شمس الأيام
ما أصغرنا في تفاصيل الموج
هذه الطريق أسيرةٌ
وها نحن سُجّانٌ من جديد ...
أرمي سيفي الذي أثقلته صلاة الشعوب
في الوقت التائه عن كلامه
وأقدّم نفسي لمدنٍ ثكلى
هلّا راقصتني في عرسٍ لم يُدعَ إليه الكلام؟
هلّا راقصتني ...
جوازاتِ سفرٍ نعبر بها زمناً
أُهديَ إلينا ... وأخذوا هدايانا
في العرس الجديد ...
نستحضر المحطات التي صلّت معنا
في امتداد ظلال السماء على أجسادنا
في امتداد ظلال الله في كلامنا
في العرس الجديد ...
نلغي الوصايا
ونستعدُّ لفرحٍ لا يُورَّث
يا غزّة ... تعالي
نلتقي في سماواتٍ تقاسمت صيحة الطير
تغمّسين كلامي
إذا التقينا ... في ذاكرة العطر
بتاريخٍ أنثويّ
... في جدارٍ ملأ ظلاله الغرباء
كم أنا بعيدٌ عنكِ
وكم كان الكلام قريب ...
أقدّم نفسي لمدنٍ ثكلى
... نصف ذاكرة لم يتّسع لها مركب نوح
... روحٌ يسكنها سعال الصباح
... خجل الظلام المفضوح
على خديعة ابتسام العتبات
أنا الذي ... (بكى بعضي على بعضي معي..)
تقلقني ألف ذكرى ... نصف نائمة
تُقلقني ألف حقيقةٍ ... لا تملك ثدياً
هلّا راقصتِ نصف حقيقةٍ
ونقطع حبل سرّتنا بالكلام
منذ رحيل الوجوه ... لم أرتدِ صوري
امتدّي بي ...
امتدّي بي ...
إلى كلّ مَن تعرّت له دروبنا ...
ليجتازها
إلى كلّ مَن لمح يدَه
تظلل سماء عيوننا ...
وكلّ مَن نقرت طيور انتظارنا في عينيه
أرزّ عرسنا ...
امتدّي بي
إلى كل عابرٍ يرمي بأرقام ساعته
على ظهري
ويذوّب قمره في نبيذي ...
كأنما الأرض لم تختنق يوماً
بين حلمين يقتتلان ... على أرض الكلام
وأرجوحتي ... لا تهدأ في إحدى الضفتين
لا شيء يسبقني إلى منامي
إلى مدينةٍ أنثى ...
تملأ بأطباق القش في صوتها
جدران ذاكرتي
تحلم في حلمي ...
غرناطة ... طيّرت حمامها في حلمي مرّتين
مرّةً كنت أنا حلمي
ومرّةً ... يحاول الحلم أن يكونني
قبل تحوّل الكلام عن طريق أهلي
الغرباء يسألونها عن القبيلة
فترشدهم بعينين صحراويتين
إلى طريق نخلٍ ... يضيق في عينيَّ
لا أحد... يسبقني إلى الخروج من نفسي
لكنَّ أهلي يسبقونني إلى أوراقي
والزهراء تسبقني بالخروج من مضيقٍ
بين حلمين ...
امتدّي بي
... ذئاباً تبحث عن الخوف في عوائها
...عن متسولٍ ما عاد يحويه ظله
امتدّي بي
لأكوَّن بأيّ شكلٍ من ذاكرتي
أنا اللون ... ترسمني المدن، شفة امرأة شرقيّة
أنا ... كلّ أسماء مَن عاد في فسحة الحلم
أنا صور الشيء ... بين ذاته والشيء
أخاف ارتفاعي عن ناظر طفلٍ
أخاف إن الشمس صارت... كطائرةٍ ورقيّة
أترك يديّ لتكتبوا عليها أسماءَ للغد
وأمدُّ صوتي ... حتى تعبروني
يا غزّة ... امتدّي بي
حتى يضيّعني ظلي ...
منذ رحيل الوجوه ... لم أرتدِ صوري
أسألك ...
أسأل إنساناً، لا يزال يسجنه عريّه
مَن يسبقني إلى نفسي
في شاطئ رحيلي الأول؟
يوماً... نسيت ياسمين وجهي
في خاصرة المدينة
تلفني شوارعها
مثل رائحة امرأة كنعانية
وتغنّي لسفرٍ يعبرها ...
يرشفها البحر في صباحٍ جنائزيّ
ويتأمل البحر خدره ...
حتى العالم الجديد ...
تُسمّي سماءها باسمي
وتنساني
إذ يعبرها السفر ...
أحمل حقيبة الفرح ولا أفتحها
أرى طفلاً ... تطول على الطريق ظلاله
أرى ملكاً ...
يخرج بالبلاد ... ويرمي اسمها
في جسد أنثى... يغتصبها النهر
يتساقط وجهي في مرآة طفلي
له ... حصّةٌ من السماء
ما تزال تعود بحجم العطر ...
كلما وسع التاريخ عليه
كلما رمته مدنٌ بنظرة برقٍ
شطرت حلمه إلى ثديين مخنوقين
لن يعتّق العنب
والطغاة يخرجون من الصهيل
ولا ... يخرجون من الجهات
حسبه ... عاشقٌ يفتح أبواب التاريخ
ويغلق الحبّ على الصحراء...
عصفوران حطّا فجأة
على سطرٍ لم أكتبه بعد
عصفوران حلّقا فجأة
وغصن اللوز يبعثر أوراقه
باحثاً عن صيفٍ ما ... كان في غزّة
عصفوران ينتظران انتهائي من القصيدة
ليسكنا حلماً يصنعه الكلام
والمدن تنتظر شبحاً
يخرج من القصيدة
ليراقصها ...
غير أني بعيدٌ عنك
ابتعادي عن الكلام ...
منذ رحيل الوجوه ...
لم أرتدِ صوري.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى