الأربعاء ١٤ حزيران (يونيو) ٢٠٢٣
بقلم آدم عربي

علم إجتماع وفلسفة

فسادُ الكتابة!

ما أكثرَ الكتاب حينَ تَعُدُّهم ولكنهم في الكتابة قليل، على كثرتهم وتكاثرهم لَمْ يأتوا إلَّا بما يُقم الدليل على أنَّ لا فرقَ بينَ الكتابة والبقالة، تَصَفحُكَ لفضاءات الرأي تجد مرضا مزمنا وهو الإسهال الفكري المصاحب للإمساك عن القراءة لدى جمهور القرَّاء، فالقاريء متعطش للمقال الجيد فهو كمن يشرب من البحر الذي يكتشف أنَّه زاده عطشا، فأصبحت الكتابة كالسلعة زاد معروضها وقلَّ الطلب عليها، ولعل أسباب عدم تلبية عالم الرأي لحاجة القاريء مِنَ الكثرة بمكان مما يجعل حصرها في موضوع واحد أمرا مملا، لكن من أهم هذه الأسباب أنَّ مقالات فضاء الرأي تُنتَج وتُكتَب لتلبية حاجات الأقوياء في عالم السلطة والمال، بعيداً عن تلبية حاجات المواطنين والقرَّاء . لكنْ!، حتى كتابة هذه السطور فهذا الأمر لا يُحيرني لأنَّ العلاقة بين الحاكم والمحكوم تتطلب هكذا صحافة، إنَّه اتجاه فكري تجمعتْ على أهميته وضرورته لَدَى النافذون في السلطة وعالم المال، لكنْ!، ما يُحيرني أيضاً هو رداءة الكاتب المُعَد لهذه المهمة، فالمفروض أنْ يكون إعداد الكاتب كما إعداد البيارق العسكرية، لكننا نرى العكس والمتمثل بالحرص على رداءة الكاتب كما أنَّ من الضرورة والمصلحة في إظهار رداءة الكاتب ورداءة كتاباته.

هؤلاء الكُتاب لا يتدرجون في الكتابة ولا يكتسبون خبرة الكتابة، إنَّهم كمثل طالب ابتدائية انتقل الى درجة الدكتوراة، إنَّها محاولة لاستنبات أجنحة للحمير حتى تطير.

إنَّه الكاتب الذي مكَّنوا له كل ما على الأرض من كتابة وجعلوا له سلطانا عليها، وحقنوه بمصل القوة معللين النفس أنَّ الحقن بمصل القوة تجعل من الحمار حصانا، إنَّه سخيف الكلام، ضعيف الملكة مُتطفل على مُقدمات الكتاب، وفي الجانب الآخر الكاتب الحر والذي يكتب بدمه ويتخذ من الكلمة سكينا ومن قطرات دمه مدادا، يعيش من أجل أنْ يكتب ولا يكتب من أجل أنْ يعيش، ولا ينطق إلَّا بما يراه حقا وحقيقة، فإذا ما حاصرته قوى الظلام والترهيب حذا حذو "فولتير"، "قد يُرغمني الأقوياء على أن أمنع نفسي من قول كل ما أنا مؤمن به لكن ما من قوة في مقدورها أنْ تُرغمني على قول ما أنا لستُ مؤمناً به"!.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى