الجمعة ٢٤ آب (أغسطس) ٢٠٠٧

فكرة الفينومينولوجيا

صدر حديثاً عن المنظمة العربية للترجمة كتاب: "فكرة الفينومينولوجيا" تأليف إدموند هوسرل، ترجمة د. فتحي إنقزو.

في الدروس الخمسة لعام 1907 يوسع هوسرل مفهوم الردّ الفينومينولوجي، أي التحديد المنهجي للمعرفة الفلسفية بحسب وقائع الوعي، الظاهرة. في الرجوع إلى الموقف "الطبيعي" من موضوع المعرفة، الذي يتجاوز دائرة الوعي والعودة إلى انعطاء النفس في الوعي، يرى هوسرل الأساس الجديد للفلسفة بوصفه علماً صرفاً.

يقع الكتاب في 142 صفحة.

وثمنه 5 دولارات أو ما يعادلها.

توزيع مركز دراسات الوحدة العربية.


مشاركة منتدى

  • لاشك ان المنهج الظهراتي ، يعتبر من اصعب واعقد المناهج الفلسفية، بحيث يشترط تقنيات واليات ضرورية لابد من الاعتماد عليها. فهو منهج يهدف الى دراسة الوعي وظواهره. والوقوف على الأسس او الثوابت وهدا لا يتسنى الا من خلال التجربة. فالتجربة ضرورية ولازمة للتمييز بين الثابت والمتحول. وبهذا التمييز يمكن التعرف على الأشياء كما هي و لا كما نريد نحن حسب اهوائنا و التي نسقط عليها مشاعرنا وافكارنا.
    بماذا تتميز الظهراتية؟ وما الجديد في فلسفة هوسرل؟
    ان الفيمينولوجيا أولا وقبل كل شيء موقف من الوجود ،ومحاولة لتفسيره من منظور فيمينولوجي، يعتمد أدوات منهجية واجراءات تقنية لفهم الوجود الموجود من انسان وكائنات أخرى. و تتميز فيمينولوجيا هوسرل كونها تختلف عن سابقاتها ، التي ظهرت في عصر الانوار وكما وظفها كانط وهيغل ، استعملت في سياقات مختلفة، تختلف عن السياق الذي ظهر فيه المنهج الظهراتي الهوسورلي مع حلول القرن العشرين. فالثورة الفكرية التي أحدثها هوسرل ،لقيت انتشار واسع ونجاح كبير طيلة القرن العشرين، بل يمكن القول كل فلسفة القرن العشرين ،اختزلت في اتجاهين امافيمينولوجي واما تحليلي،وبلغ صداها عن طريق المدارس المتفرعة منها الى وطننا العربي، و اثر بشكل كبير في اغلب المفكرين العرب، للنصف الثاني من القرن العشرين.
    كانت العلوم الفيزيائية والطبيعية تدرس الموجودات الطبيعية من حيث المشاهدة والوصف والتصنيف ،أي دراسة الموضوع من حيث الخارج. بينما العلم الفيمينولوجي، يهتم بدراسة هده الأشياء من الداخل و عن طريقي الوعي. فالظواهر الطبيعة لكي تصبح فيمينولوجيا، يجب فحصها من منظور فيمينولوجي. وهدا يعني ان الموجودات الموجود ة بالعالم ،اصبح ينظر اليها من موقف فيمينولوجي ،و تكون هده الموضوعات فيمينولوجية حقيقية ،واما ان تبقى طبيعية حقيقية مستقلة بداتها.
    يقتصر المنهج الظهريات، على دراسة الظواهر وكما تتشكل في وعينا. ويقر هوسرل ان الانسان لا يمكنه معرفة الأشياء الا من منظور فيمينولوجي. يميز بين الأشياء الحقيقية والاشياء الفيمينولوجيا. ويعتبر ان الأشياء الحقيقية مستقلة ومنفصلة عنا. اما الأشياء الفييمنولوجيا مرتبطة بنا وتتعلق بنا. فارتباط الذات او الوعي بالموضوع عن طريق الاختزال ام ما يسميه بالتقويس هو السبيل الوحيد لمعرفتها. لكن الموقف الفيمينولوجي قد يستلزم وسائل وتقنيات وإجراءات قد تكون موجودة او غير موجودة. فبوجود تلك الاليات تتحقق المعرفة الفيمينولوجيا وبغيابها نجهل الأشياء الحقيقية. ويسمى هدا الموقف الفيمينولوجي بالفيمينولوجيا المتعالية.
    ولنسق مثال ،يميز بين الأشياء الحقيقية و الموضوعات الفيمينولوجيا. فالكواكب التي اكتشفها غاليليو كانت موجودة مند ان خلق الله الأرض ومن عليها. فوجودهما كان وجودا طبيعيا حقيقيا. لكن لم يتم اكتشافهما الا على يد غاليليو في القرن السابع عشر. فلو لم يكتشفهما غاليليو هل يعني هدا ان الكواكب المكتشفة لم توجد من قبله؟. وبمعنى اخر هل وجدت الأقمار مع وجود غاليلو ؟ بالطبع لا. بل ان الكواكب كانت موجودة من قبل غاليليو. لكن لم يتم اكتشافهما الا مع غاليليو. وهكذا يمكن القول ان الأشياء الحقيقية هي الكواكب الموجودة ،لكن غاليلو هو اول من اكتشفهما. فوجود الأشياء قبل معرفتها فهي أشياء حقيقية ،اما معرفتهما باليات تقنية هو المعرفة الفينومينولوجيا. وهدا هو ما يسمى بالانتقال من الموقف الطبيعي الى الموقف الفيمينولوجي . وهدا هو أيضا هو المعنى الدي يقصده حين يقول ،لا يمكننا ان نعرف الأشياء الا من المنظور الفيمينولوجي. واضح ان مثل هدا الموقف موقف علمي ،لا يمت بصلة لا بإيمان او الحاد.
    لكن هوسرل يميز بين الفيمينولوجيا المتعالية وهي التي تستلزم أجهزة و معدات واليات كتلك التي استخدمها غاليليو كالتليسكوب ،لاكتشاف الكواكب وبين الموقف الفيمينولوجي واالموضوع الفيمينولوجي. اذن هناك تمييز الفينومينولوجيا المتعالية والموضوع الفيمينولوجي. فالانا الفيمينولوجي الخالص المتعالي ،لا يكون بينه وبين الموضوع حاجز((اجهزة))، فالموضوع هو الماثل امام الدات او الوعي لا يشترط معدات إجراءات تقنية .

    هل يهتم المنهج الفيمينولوجي فقط بالموضوعات الفيمينولوجيا الطبيعية؟
    كلا. ان موضوعات الوعي، لا تهتم فقط بالأشياء الطبيعة ،بل تعنى بكل موضوعات الفكر، قد تكون الموجودات، طبيعية او أفكار او خيال او حلم او ذكريات الخ. فهي منهج لدراسة الوعي والتجليات التي تحدث بداخله. و الهدف من البحث والدراسة هو ايجاد معنى لكل من الموضوعات المدروسة. وبعبارة أخرى تهتم الفيمينولوجيا بكل ما يتعلق بالحياة والتجربة اليومية. ولما كانت الفيمينولوجيا تهتم بتجربة الوجود بصفة عامة بما فيه الانسان، كان لابد من إعادة النظر في الأداة التي من خلالها تتشكل المعرفة .فقبل ان نتعرف على العالم يجب التعرف على الاداة التي نتعرف بواسطتها على العالم.
    وهنا يطرح هوسرل السؤال التالي. كيف نفهم العالم ونحن لم نتعرف بعد على الاداة التي يتشكل بواسطتها العالم في وعينا؟. و البحث عن جواب لهذا السؤال ،هو ما قاد هوسرل الى الوقوف على الوعي ،بهدف الدراسة والفحص والتمحيص. ومن تم البحث عن طبيعة الوعي وخصائصه ومميزاته ، وابراز الثوابت والمتغيرات.
    فالمثال الذي يعطيه هوسرل فيما يتعلق بالموضوع الفيمينولوجي، هو مثال الشجرة. فأي صورة من الصور ،ترتسم في الذهن حينما نتذكر مثلا شجرة؟. ذالك ان تصورنا لشجرة يمكن ان يتشكل في وعينا انطلاقا من زوايا مختلفة. قد يرى البعض فيها مرتع لزقزفة للعصافير ،او ظل يقي الانسان من حر الشمس او كشجرة مثمرة ،تنتج الثمار او جمال طبيعي الخ . هناك عدة صورة مختلفة قد تلحق الوعي.
    فهذه الصور المختلفة هي التي يحاول المنهج الفيمينولوجي الخوض فيها. أي البحث عن الثابت في كل هده الصور المتولدة عن الشجرة. ما هو الثابت وما هو المتحول؟. وبعبارة أخرى ما الدي يجعل من الشجرة شجرة ، و ما هي الخصائص اللازمة التي يمكن بواسطتها تحديد الشجرة. وماهي المحددات اذا توفرت والتي بواسطتها ، يمكن القول انها شجرة ولئن انعدمت نقول انها ليست شجرة. فالعوارض كالثمار او الظل او مأوى العصافير او غيرها من الصور التي تلحق الذهن ليست من الخصائص الأساسية للشجرة بل عوارض زائلة. فمثلا في فصل الشتاء تذهب كل هذه العوارض ، هل يعني ان الشحرة التي فقدت كل هده الصفات ليست بشجرة. قد يتشبث الدهن بصورة عارضة ليست من المميزات الأساسية للشجرة ، ويعتبرها هي المحدد الأساسي للشجرة وهدا النوع من التصور هو الدي يشوش على المعرفة. وهدا هو ما نلاحظه مثلا من خلال وسائل الاعلام المغرضة التي تصورمثلا الإسلام كدين إرهاب. بحيث أصبحت الصورة العالقة بدهن الانسان الغربي ان الإرهابي هو دالك الانسان الأسمر ، الملتحي والمرتدي بزي تقليدي.
    فمثال الشجرة يصدق على جميع موضوعات الفكر. فالمنهج يهدف من خلال الوقوف على جميع الصور الملتقطة والمرتسمة في الذهن. ويدرسها بهدف إزالة العوارض والحفاظ على الجوهر الثابت ،ومن تم تطهير الوعي من الاشابات . والاشابات التي تتعلق بالوعي هي التمثلات المغلوطة من تأملات ميتافزيقية. وبما ان هوسرل كان يحاول مقاومة الميتافيزيقا ، فالثوابث هي المعرفة التي تقبل البرهان والدليل. اما المتغيرات هي التمثلات الماورائية ان كانت دينية او غير ذينية، يستنكرها ويستعديها. وهكدا فالمنهج الظهراتي هو محاولة القضاء على كل ما يلحق العقل من ظواهرمزيفة، ويعتبر كل المتغيرات الناجمة عن المخيلة وعي زائف او وعي مشوه.

    ففي الخطوة الاولى يعتمد الموقف الفيمينولوجي على الوصف ، ينظر الى الموضوع من جميع الجوانب، و بدون ادراج أي حكم او اسقاط قيمة، فبعد الوصف يأتي الاختزال. فالانتقال من الموفق الطبيعي الى الموقف الفيمينولوجي، من الوعي الانفعالي الى الوعي الذاتي، بعيدا عن كل المرجعيات الفكرية ،هو ما يمكن من وصف التجربة على حالها. ففي هده المرحلة نعتمد على المشاهدة والملاحظة فيما يتعلق بالموضوع المدروس. بحيث يجب النظر الى الموضوع من جميع الجوانب والاحاطة به بشكل شامل ، ولا يجب ترك جهة من جهات الموضوع المدروس. ولما كان كل جانب يحمل اسم او صفة او نعت، كان لابد من استدراجه ونكون بدالك قد مددنا مجال الادراك، من احساس ومخيلة وفكر.
    وهنا نطرح السؤال الثاني. ما هي مميزات او خاصيات الموضوع والدي هو قيد الدراسة. ما الدي يجعل من القط قط او من الحلم حلم. فهده اللحظة جد مهمة بالنسبة للدارس. لحظة الحدس بحيث عن طريق الحدس ،يمكن للدارس ان يدرك طبيعة الفكرة الأساسية ،التي يبحث عنها. يدرك المفهوم المشترك او الفكرة الأساس لجميع الظواهر كالحلم او القط. فهدا الاختزال هو الذي يبرز من خلال الحدس ماهو الثابث (( الأساس)) لمضوع من الموضوعات. وهدا المنهج يسمى بمتغيرات المتخيلة. فمنهج متغيرات المتخيلة يستلزم النظر في جميع الاوصاف بهدف التمييز بين الثابث والمتحول. وهدا ضروري ومهم. بهدف الإحاطة بالموضوع من جميع الجوانب. فمثلا قذ يكون القط كبير او ضغير قد ياخد لون من الألوان احمر ابيض رمادي الخ. لكن من خلال الإحاطة بجميع الجوانب ومعرفة الاوصاف المتعلفة به. يطرح الدارس السؤال ما هي الخاصية الحقيقية والاساسية التي يمكن بواسطتها تحديد القط فقط وليس العوارض. ثم التساؤل ماهي العوارض ادا أضيفت الى القط لم يعد القط كقط. وبعبارة أخرى الى أي حد يمكن اعتبار القط كقط هل هو صورة او لوحة.
    فالمتغيرات التي تحتويها المخيلة تبدو كالصور او الرسمات التي يعرضها الفيلم الكارتوني (( الرسوم المتحركة)). لكن هده المرحلة من الإنتاج التي تضم رسومات واصوات تسبقها مراحل ،منها مرحلة الاختيار. بحيث ان المخرج يعتمد نوع من الصور لصناعة الفيديو، وبالتالي قبل عرض سلسلة من الصور المتحركة يختار نوع من الصور او الرسومات قبل التركيب والعرص. يفحص الصور او الرسومات التي تتلائم مع المشهد فهو عمل موجه وقصذي يعتمد على الأفكار والاهداف. يختار الرسومات اللازمة تم تحريكها.
    بالمثل بعد عملية الوصف وجرد الاوصاف المتعلقة الموضوع، تاتي مرحلة الاقصاء او الاختزال. ومن هنا نمر الى المرحلة الثانية من الاختزال الثاني. للتمييز بين الثابث والمتحول. الخصائص المميزة للموضوع. بالحدس ندرك الثابت. وبما ان المخيلة تحتوي على صور متغيرة ومتنوعة. فالحدس هو الذي يستطيع الوقوف على الثابث، وعزل المتحول.فالحدس لحظة مهمة،للتمييز بين الجوهر والعارض. وهدا يؤدي الى نتيجة. وهي التعرف على الطبيعة القصدية للوعي.

  • ان الفكرة الأساسية هو ان هدا النوع من البحث والدراسة ، يمكن الباحث في لحظة من اللحظات عن طريف الحدس ،ادراك الطبيعة الأساسية للموضوع. وقد عبر هوسرل عنها . العودة الى الأشياء كما هي ، أي العودة الى الأشياء كما نعيشها نحن، لا الأفكار التي نسقطها على الموضوعات. بحيث لا نرى الأشياء كما هي بل كما نريد. او كما نفكر فيها. فالفيمينولوجيا الخالصة (( المتعالية)) هي التي تطهر الوعي.
    ففي الوجود الفيمينولوجي، تصبح الدات فاعلة ونشيطة تتفاعل مع موضوعاتها عن طريق التجربة. فهدا هو الوجود الحقيقي عند هوسرل، دالك ان التجربة هي التي تمكننا من ادراكها. فالظواهر لا توجد الا من خلال علاقتنا وارتباطنا بها. ومن هنا العلاقة الوثيقة بين الوجود الظاهرة وفعل الوعي او الذات.
    نستنتج مما سبق، ان الانتباه والتركيز على الموضوع، مثلا موضوع موجود، في مكان ما او صوت في وقت ما ، يختلف من حالة الى أخرى. فالانتباه يجعل من الموضوعات المستقلة عنا موضوعات فيمينولوجيا. يدخل الانا الذي يوظف الحاسة التي تتلاءم مع الموضوع، لكي يصبح الموضوع موضوعا فيمينولوجيا. ولم تعد الموضوعات مستقلة في ذاتها طبيعية ،بل تصبح فيمينةلوجيا لأنها توظف الانا وتصبح الدات فاعلة ونشيطة. وهدا هو ما يسمى بالابيوخية عند هوسرل.
    يعتمد منهج هوسرل على الايبوخية ،التي تضع العالم والفكر قاب قوسين (( مبدا تعليق الحكم)). فاالايبوخية تستلزم التجرد من الانا المنغمس في لافكار المسبقة، ليصبح انا خالص محض، ليتحاور مع الموضوع ومن تم الوصول الى المعرفية الحقيقية. ولما كانت المخيلة وعاء يحتوي اشياء ثابثة وأخرى متغيرة، ، يمكن التمييز بين ما يعيق التفكير من الاشابات التي تغمر المخيلة وعزلها والحفاظ فقط على الثوابت، ومن تم الادراك الحقيقي. فادراك الأشياء على حقيقتها يمكن من معرفة ما هويتها . فالبحث عن الجوهر يعني البحث في الأشياء الثابتة في الموجودات ومن تثبيتها في الادراك فهي ميتافزيقية ضيقة اوفلسفة أولية. وهكذا فالموضوع الفيمينولوجي لا يوجد الا من خلال التصور الفيمينولوجي، ولا يمكن معرفته في ذاته. بل نكشف وجوده من خلال الموضوع القيمينةلوجي. ومن الموضوع الفيمينولوجي نصل الى الظاهرة الخالصة. فالظاهرة الخالصة هو ما يسميه هوسرل بالاختزال الفينيمينولوجي.(( الايبوخية)).
    فبواسطة الايبوخية(( الاختزال الظهراتي ))تنكشف موضوعات ظهراتية ، و من خلال هدا التحول الجذري تحدث مفاجئات. فمثلا الوقت في الموقف الطبيعي ،ستون دقيقة هي ستون دقيقة، فهي مدة زمنية حقيقية طبيعية مستقلة في ذاتها ،لكن في الموقف الظهراتي ، قد تصبح نفس المدة الزمنية سريعة او بطيئة. فأثناء الانتظار في محطة القطار . قد ينشغل المرء بقراءة كتاب ممتع و يمر الوقت بسرعة، وتكون مدة ستين دقيقة جد سريعة ،لكن قد يكون الكتاب ممل ، وتصبح نفس المدة الزمنية بطيئة.وهدا يعنى ان مفهوم الوقت يتغير جدريا من منظور الموقف الفيمينولوجيا او المنظور الطبيعي. وهذا يصدق على جميع موضوعات الحياة. والمعنى يتغير من منظور لأخر بل يتغير ذاخل المنظور الظهراتي نفسه. يسمي هوسرل الاختزال الظهراتي بالانا الخالص او الانا المتعالي.
    فالتمييز بين الوعي الانفعالي والانا الخالص كالتمييز بين الموضوع الفيمينةلوجي و الموضوع الحقيقي. ننتمي الى العالم ،نتجول مثلا في حديقة ، ثم نلتقي بالصدفة مع صديق او صديقة. ندخل معه في حوار ونتجادب اطراف الحديث، وهدا النشاط يستلزم الانا الخالص ،بحيث يجب التركيز والاستماع لما يقول او التركيز على ما نقول. فالتركيز هو الذي يجعل الانا متعالي، بحيث تشارك الحواس في هدا النشاط الذاتي الفاعل. وهدا يعني التجرد من العالم المحيط، بحيث نرى ،نسمع ،نحس، نتخيل، ندرك.. انا متعالي لانه يتعالى عن الموضوعات الملموسة ، لكن في نفس الوقت يحتويها ،لان الظواهر هي موضوعاته. فالانا الخالص ليس مادة ، بل هي الوعي والتركيز ،هي فعل الوعي مع الموضوع ، يصبح الوعي الخالي من كل المسبقات. اد يمارس نشاط و بالتالي وعي خالص.
    فالفرق بين الوعي الطبيعي والوعي الفيمينولوجي، هو ان الاول منشغل وغير مرتبط بالعالم ، اما الوعي النشيط الفاعل ،تنكشف من خلاله التجربة، فهو اصيل وليس خاصية بل اصيل لكل الظواهر. وهكذا فالظهراتية تقترح العودة الى ما هو اصيل وبديهي. وهدا لا يعني السقوط في الذاتية الخالصة واعتبار ان العالم غير موجود. وهدا الراي بعيد عن كل البعد عن ما يرمي اليه هوسرل. ذالك ان الانتقال من الموقف الطبيعي الى الفيمينولوجي ،فالثاني لا ينفي الوجود من الموضوعات فهو فقط تغيير المنظار الدي ننظره ،بهدف فهم الأشياء ،بحيث لا تصبح الأشياء حقيقية الا من التصور الظهراتي، فانفتاح العين يستلزم ان لا نرى ما نريده، بل رؤية ما هو ماثل امام اعيننا، فالفيمينولوجيا هي علم الأشياء والطريقة التي تظهر بها الأشياء وهد يستلزم تقويس الواقع المحيط والعالم والتاريخ أي وضع كل المكتسبات بين قوسين.
    ما النتيجة؟
    ان النتيجة الاولى المستخلصة من البحث هي الطبيعة القصذية للوعي ، كل وعي وعي بشيءهدا يؤذي بنا الى قاعدتين اساسيتبن .الالقاعدة الأول . كل وعي وعي بشيء، اما الثانية هو ان الوعي مربتط دائما بشيء .فمضمون القصدية عند هوسرل ، يختلف عن كل المعانى المتعار ف عليها. ففي قاموس الفيمينولوجيا فكل وعي وعي بشيء وهذا يستلزم شيءين متلازمين. أولا الوعي فعل ، بحيث ينشط من خلال الحس الخيال الادراك الإرادة هدا من جهة ،اما من جهة ثانيى الوعي مرتبط ذائما بشيء . فمثلا أرى شخص واحس بشيء واتدكرشيء ثاني وافكر في شيء اخر. فالفكرتين الاساسيتين واللتان لايجب ان لاتغيب عن ادهاننا. هو ان الوعي ليس مادة بل مسلسل . ثم ان الوعي يتجلى في علاقة مع العالم ، أي مرتبط ذائما بشيء . وبعبارة أخرى فالوعي فعل يتمظهر من خلال ملكات العقل ومرتبط ذائما بالموضوع. فالحزن حزن بشيء والشعور شعور بشيء والوجود وجود بشيء.
    لنتقرب شيئا ما من فكرة القصدية، ناخد مثلا الحلم. فالحلم كنشاط يعيشه المرء في المنام ،فهو فعل الوعي أي الكيفية التي يعيش بها الوعي الحلم. ثم هناك الحلم الخاص الدي اعيشه، مادة الحلم. وبعبارة أخرى أعيش تجربة الحلم والطريقة التي تتم بها التجربة. فالوعي ليس علبة تحتوي على ادراكات بل مسلسل يتجلى فيها نشاط متربط ب شيء ومتواصل.
    فالوعي الفيمينولوجي غير مستقل بداته بل يوجد في علاقة مع العالم. وعلاقته بالموضوع تكون علاقة واعية لا تشوبها مشاعر او احاسيس غير مرتبطة بالموضوع . فالوعي غير مستقل عن العالم ولا يوجد بذاته. فهو في مرتبط وفي علاقة متواصلة مع العالم. فمثلا الوعي بهد النص الذي تقرأه .. يستلزم انتقال من االموقف الطبيعي الى الموقف الفيمينولوجي. والاعتماد على الانا الخالص.وهدا يعنى انك اثنا ءالقراءة، يجب ان لا تبدا التحليل والتعقيب قبل القراءة. فالعقل القصدي وعلاقته مع موضوع النص ،يفرض أولا وفبل كل شيء ان تفهم الفكرة او الافكار التي اريد ايصالها ،لا الحكم على ما أقول ،بما ينبادر الى الذهن. ان دل هدا على شيء انما يدل على ان القراءة الواعية تستلزم، فصل الدات عن الموضوع والدي هو النص. وفصل الدات يعني التخلىي عن المشاعر واحكام قيمة قبل فراءة النص. وهكذا فدراسة اية ظاهرة تجريبية . تستلزم التمييز بين نمط التجربة وموضوعها,. بحيث تضع الواقع بين قوسين بهدف الوصول الى الواقع الحقيقي الغير الملتبس او التاويلي.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى