في يوم المرأة العالمي
تم الاحتفال بيوم المرأة العالمي للمرة الاولى في 19 اذار/مارس 1911 في النمسا والدنمارك والمانيا وسويسرا. وثمة تفسيران يتقابلان لتبرير اختيار هذا التاريخ اولهما يشير الى اضراب لعاملات قطاع النسيج في نيويورك عام 1857 والثاني يعيد هذا التاريخ الى تظاهرة قامت بها عاملات في بتروغراد (سان بطرسبورغ) عام 1917. وقد اختارت الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1977 تاريخ الثامن من اذار/مارس للاحتفال ب"اليوم العالمي لحقوق المرأة والسلام".
كيف أحييت المرأة يومها العالمي في العام الماضي؟
في العام الماضي 2004 استطاعت النساء في كافة انحاء العالم احياء يوم المرأة العالمي بينما احتفلت النساء في بعض البلدان بالانجازات التي حققنها ونظمت اخريات المسيرات للمطالبة بحقوقهن في العديد من المجالات. ففي المغرب تعتبر الحملة الجارية لاصلاح حقوق المرأة استثناء نادرا في العالم الاسلامي الذي تمر فيه اية محاولة للاصلاح بطريق صعب من تأييد المطالبين بالتحديث ومعارضة المحافظين المسلمين المتشددين. ففي شباط/فبراير 2004 اقرت الحكومة المغربية قانونا للاحوال الشخصية يقدم للمرأة العديد من الحقوق. فقد فرض القانون الجديد قيودا صارمة على تعدد الزوجات ووضع الاسرة المغربية "تحت المسؤولية المشتركة للزوجين" ملغيا بالتالي مبدأ "طاعة الزوجة لزوجها". كما رفع القانون سن الزواج للمرأة من 15 الى 18 عاما. وفي الجزائر صادق مجلس الوزراء الجزائري على سلسلة من التعديلات من المفترض ان تطبق على قانون الاسرة الذي لا تحظى فيه المرأة بالمساواة مع الرجل، لكنه ابقى على ضرورة اشراف ولي على زواج المرأة على ما افاد مصدر رسمي امس. وينص القانون الحالي للاسرة الذي اعتمد في 1984 في عهد الحزب الواحد (جبهة التحرير الوطني) على انه لا يمكن للنساء ان يتزوجن او يقمن ببعض نشاطات الحياة اليومية بدون اشراف ولي من عائلتهن مثل الاب او الاخ او العم او الخال او الابن حتى وان كان اصغر سنا منهن. وجاء في النص المعدل ضرورة اشراف ولي على زواج المرأة حتى وان كانت راشدة. لكنه ينص ايضا على اخضاع تعدد الزوجات لموافقة الزوجة الاولى او الزوجات الاخرى ولترخيص رئيس المحكمة التي سيتعين عليها التحقق من هذه الموافقة ومن قدرة الرجل على المساواة بين زوجاته وايجاد الشروط الضرورية للحياة الزوجية. ويقر القانون الحالي تعدد الزوجات والتطليق، فبإمكان الرجل ان يتزوج اربع نساء وان يطلقهن وان يستعيدهن على هواه.
اما في ايطاليا فقد حققت النساء نصرا طفيفا ولكن هاما في كفاحهن من اجل حقهن في الحصول على التخدير لتخفيف الام الوضع الفظيعة. الا ان معركتهن لا تزال في بدايتها. فقد وافق البرلمان الايطالي بالاجماع على مشروع قرار يهدف الى توفير التخدير النصفي للسيدات اثناء الوضع في بلد يعتبر فيه التخدير اثناء الولادة امرا نادرا. ولا تتعدى نسبة النساء اللواتي يمنحن الخيار بين تلقي التخدير او الولادة بشكل طبيعي 4 بالمئة. ويرجع ذلك الى ان معظم المستشفيات العامة تفتقر الى المختصين المؤهلين للقيام بذلك.
اما في البرتغال فقد نظمت النساء لاحياء يوم المرأة العالمي مسيرات احتجاج في الشارع ضد القيود الصارمة التي تفرضها الدولة على الاجهاض. وجاءت تلك الاحتجاجات بعد اقل من اسبوع على استخدام حكومة اليمين الوسط اغلبيتها الضئيلة في البرلمان للتصويت ضد مشاريع قوانين طرحتها الاحزاب اليسارية تسمح بالاجهاض حتى الاسبوع ال12 من الحمل عند الطلب وحتى الاسبوع ال24 في الظروف الاستثنائية.كما رفض الائتلاف الحاكم مقترحا لاجراء استفتاء حول قانون الاجهاض في البلاد التي لا يسمح بالاجهاض فيها الا حتى الاسبوع ال12 في حالات الاغتصاب او في حالة الكشف عن ان الجنين مشوه او اذا كانت المرأة تتعرض لمخاطر صحية كبيرة. وتعتبر هذه القوانين الاكثر صرامة في اوروبا باستثناء بولندا وايرلندا اللتين يدين معظم سكانهما بالمسيحية الكاثوليكية مثل البرتغال.
وفي بولندا نظمت النساء احتجاجات ضد عدم المساواة لمواجهة ما تبين انه عجز الحكومة عن مواجهة الكنيسة الكاثوليكية المتشددة وادخال اصلاحات حقيقية. ورغم ان المساواة بين الجنسين موجودة على الورق في بولندا الا ان هناك هوة بين ما هو على الورق وما هو على ارض الواقع. وحينها أظهر استطلاع اجري مؤخرا ان 67 بالمئة من البولنديين يعتقدون ان عدم خروج النساء الى العمل ورعاية الاسرة هو "من طبيعة المرأة". كما يعتقد ثلاثة من اربعة بولنديين ان الرجل هو الذي يجب ان يوفر حاجات الاسرة. وتقول احدى مدرسات الجامعة من الناشطات في مجال حوق المرأة ان نتائج الاستطلاع جاءت على ذلك النحو "بسبب التقاليد الكاثوليكية والدور الذي تلعبه الكنيسة في الحياة السياسية والعامة والاجتماعية في البلاد". وقانون الاجهاض في بولندا هو من بين اكثر القوانين صرامة في اوروبا بسبب ضغط الكنيسة.
وفي العاصمة الفرنسية تظاهرت الاف النساء وسط انقسام عميق حول ارتداء الحجاب الاسلامي. فقد خرجت الى شوارع باريس مجموعة من النساء المحجبات. وقالت الشرطة ان حوالي 7000 شخص شاركوا في التظاهرة التي نظمت بمناسبة يوم المرأة العالمي. وهيمنت مسألة حظر الحجاب في المدارس العامة على هذا الحدث في ظل صدور قانون بهذا الصدد دخل حيز التنفيذ بعد ستة اشهر. وهذا القانون يعيد تأكيد العلمانية في النظام التربوي الفرنسي غير انه يثير مواقف متضاربة داخل الحركة النسائية كما قسم الرأي العام هذا البلد الذي يحوي اكبر مجموعة اسلامية في اوروبا يتراوح عدد افرادها بين اربعة وخمسة ملايين نسمة. وفي باريس سارت النساء السبت تحت شعارات مختلفة كشفت عن اولويات مختلفة تتصدرها الشؤون الاجتماعية بنظر البعض ومسألة العلمانية بنظر البعض الاخر.
وفي بلدان اخرى حتى تلك التي تعتبر متقدمة منها لا تزال النساء يسعين الى الحصول على ابسط حقوقهن ودرء الظلم عن انفسهن. ففي فنلندا البلد المتقدم تكنولوجيا الذي يتمتع بسجل قوي للمساواة بين الجنسين بلغت نسبة النساء اللواتي يتعرضن للعنف المنزلي اعلى نسبة في اوروبا طبقا لما اظهرته احدى الدراسات. وكشفت الدراسة عن ان حوالي 22 بالمئة من كافة النساء المتزوجات او اللواتي يعشن مع شريك يتعرضن للعنف وسوء المعاملة على يد ازواجهن او شركائهن. وقد تعرضت ما نسبته 9 بالمئة من النساء للعنف في الاشهر ال12 المنصرمة وحدها. وربما يعود ذلك الى الحروب الكثيرة التي خاضتها البلاد وتاخرها في ان تصبح دولة صناعية والتحرر السريع للمرأة الفنلندية اضافة الى ارتفاع معلادت البطالة وتناول الكحول لدرجة السكر.
وفي المانيا بينما يوجد عدد كبير من النساء في مجال السياسة الا انه لا توجد امرأة واحدة في اي مجلس ادارة في الشركات الثلاثين الكبرى في البلاد. ولا تتعدى نسبة النساء اللواتي يتولين مناصب ادارية في الشركات 19 بالمئة طبقا لدراسة اجريت حديثا وهذه من ادنى النسب في اوروبا. الا انه وفي مجال السياسة فالصورة تختلف تماما اذ ان ثلث اعضاء البرلمان من النساء كما ان ستا من بين الوزراء ال14 في الحكومة الالمانية من النساء.
حقوق المرأة عند استخدام العنف ضدها:
وأطلقت منظمة العفو الدولية حملة "أوقفوا العنف ضد المرأة" في مارس/آذار 2004. وتهدف الحملة إلى ضمان اعتماد قوانين وسياسات وممارسات تضع حداً للتمييز والعنف ضد المرأة. النساء في جميع انحاء العالم يتعرضن للعنف بشكل قاس جدا . ففي حين "يقتلن باسم الشرف" في الشرق الاوسط واسيا ويخضعن للختان في افريقيا تتعرض النساء ايضا للعنف في الدول الغنية كالدول الاوروبية حيث يمثل العنف المنزلي سبب الوفاة والاعاقة الرئيسي بين النساء اللواتي تتراوح اعمارهن بين 16 و44 سنة. تلجأ 45 ألف امرأة سنوياً في ألمانيا إلى بيوت النساء الخاصة بحمايتهن من عنف الأزواج وتتعرض 25% من النساء إلى عنف مصحوب بتحرش جنسي خلال فترة نضوجهن وهو ما يترك آثاراً جسدية ونفسية عميقة عليهن مدى الحياة. وجاء في التقرير الذي نشرته وزارة الصحة الألمانية بمناسبة يوم المرأة العالمي: إن الآثار التي يتركها العنف على النساء تتلخص بـ : الخوف، الارتجاف، ضيق التنفس، الصداع، الإسهال وآلام في أسفل البطن. ويؤدي العنف المستمر ضد النساء إلى فقدانهن الشعور بأهميتهن، وتخدير أنفسهن جسدياً ونفسياً بالكحول، إدمانهن على المهدئات، وتطور الرغبة لديهن في إيذاء النفس. وحسب دراسة كندية نشرت عام 1995 تلجأ ثلث النساء المغتصبات والمتعرضات للتحرش الجنسي إلى الطبيب أكثر من مرة. عدا ذلك فإن العنف المصحوب بالتحرش الجنسي ضد النساء يكلف الحكومات الأوربية الكثير من المال. وتدفع سويسرا سنوياً مبلغ 270 مليون يورو هي كلفة المحاكم وبرامج التأهيل والعلاج الخاصة بهذه الحالات.
حقوق المراة ضد العنف المسلح:
أطلقت منظمة العفو الدولية وأوكسفام وشبكة التحرك الدولية بشأن الأسلحة الصغيرة حملة الحد من الأسلحة (إيانسا) في أكتوبر/تشرين الأول 2003. وتهدف الحملة إلى تخفيض انتشار الأسلحة وإساءة استخدامها وإقناع الحكومات بوضع معاهدة ملزمة لتجارة الأسلحة. اذ تدفع النساء ثمناً باهظاً بشكل متزايد لتجارة الأسلحة الصغيرة غير المنظمة إلى حد خطير والتي تبلغ قيمتها بلايين الدولارات، بحسب ما جاء في تقرير جديد صدر اليوم عشية اليوم العالمي للمرأة. ووفقاً للتقديرات هناك قرابة 650 مليون قطعة سلاح صغير في العالم اليوم، معظمها بأيدي الرجال، و60 بالمائة منها تقريباً بأيدي أفراد يقتنونها بصفة شخصية. وتعاني النساء والأطفال بصورة مباشرة وغير مباشرة من العنف المسلح :
يزيد احتمال الوفاة في هجوم بالسلاح باثني عشر ضعفاً على احتمال الوفاة في هجوم بأي سلاح آخر؛ في جنوب أفريقيا، تُردى امرأة واحدة بالرصاص من جانب شريكها الحالي أو السابق كل 18 ساعة؛ في الولايات المتحدة الأمريكية، يزيد وجود سلاح في المنـزل من خطر مقتل أحد أفراد العائلة بنسبة 41%؛ لكنه يزيد الخطر على النساء بنسبة 272%؛ في فرنسا وجنوب أفريقيا، كل امرأة تُقتل من أصل ثلاث على يد زوجها تُردى بالرصاص؛ وترتفع هذه النسبة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى امرأتين من أصل ثلاث؛ عمليات القتل العائلية هي الفئة الوحيدة من جرائم القتل التي يزيد فيها عدد النساء على عدد الرجال كضحايا، يكون الشريك أو القريب الذكر هو القاتل الأكثر احتمالاً.
وقالت دنيس سيرل، المديرة العليا للاتصالات والحملات في منظمة العفو الدولية إن "النساء يتعرضن بشكل خاص لبعض أنواع الجرائم بسبب جنسهن - جرائم مثل العنف العائلي والاغتصاب. ونظراً لأن النساء يكدن لا يشترين أبداً الأسلحة الصغيرة أو يملكنها أو يستعملنها، فإنهن يتعرضن أيضاً للعنف المسلح بشكل غير متناسب على الإطلاق. وغالباً ما يُزعم أن السلاح ضروري لحماية النساء وعائلاتهن، لكن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً. والنساء يردن إخراج الأسلحة من حياتهن". وعرض مندوبون من حملتي الحد من الأسلحة وأوقفوا العنف ضد المرأة النتائج الرئيسية التي يتضمنها تقريرهم في مؤتمر صحفي عقدوه اليوم في جوهانزبرغ. ويحدد تقرير "تأثير الأسلحة على حياة النساء" الظروف السائدة في المنـزل والمجتمع وخلال النـزاعات وبعدها والتي تكون فيها النساء أكثر عرضة لخطر العنف المسلح. كما يتناول التقرير مجموعة واسعة من تدابير الحد من الأسلحة التي اعتمدتها الدول حول العالم عادة نتيجة حملات مناهضة العنف المسلح التي تقف في طليعتها النساء.
بين عام 1995 و2003 جعلت كندا قوانين الأسلحة المعمول بها لديها أكثر صرامة، انخفض معدل قتل النساء بالأسلحة بنسبة 40%؛ وبعد مضي خمس سنوات على إدخال تعديلات شاملة على قوانين الأسلحة في أستراليا العام 1996، تراجع معدل قتل الضحايا الإناث بالأسلحة إلى النصف؛ منعت البرازيل مؤخراً حيازة الأسلحة قبل سن الخامسة والعشرين لأن الشبان والفتيان هم الذين يتحملون بصورة رئيسية الارتفاع الهائل في العنف المسلح. وقالت آنا ماكدونالد مديرة الحملات والاتصالات في أوكسفام بريطانيا العظمى أن "الاغتصاب بات سلاحاً في الحرب. والواقع الذي تواجهه النساء والفتيات هو أنهن يُستهدفن في منازلهن وحقولهن ومدارسهن بسبب جنسهن. وبدون مشاركة نسائية نشطة في أية عملية لإحلال السلام وإعادة البناء، لا يمكن أن يستتب الأمن وتسود العدالة والسلام".
وبناء على أمثلة حول الممارسات الفضلى، يقدم التقرير سلسلة من التوصيات تتضمن :
إصدار تراخيص سلاح وطنية إلزامية لكل من يريد اقتناء سلاح وفقاً لمعايير صارمة تستبعد جميع أولئك الذين لديهم ماضٍ في العنف العائلي؛ حظر العنف ضد المرأة في القانون الوطني باعتباره جرماً جنائياً مع الإنفاذ الكامل للقوانين وتوقيع عقوبات فعالة على الجناة وتقديم سبل انتصاف إلى الناجيات؛ توفير تدريب محدد إلى الهيئات المكلفة بإنفاذ القوانين لضمان احترامها للحقوق الإنسانية للمرأة وتقديم من لا يحترمون هذه الحقوق إلى العدالة؛ المشاركة المتكافئة للنساء في جميع عمليات السلام فضلاً عن برامج التسريح وإعادة الانخراط ونزع الأسلحة لضمان الجمع والتدمير الفعالين للأسلحة الفائضة وغير القانونية؛ وضع معاهدة لتجارة الأسلحة تحظر صادرات السلاح إلى الجهات التي يحتمل أن تستخدمها لممارسة العنف ضد المرأة وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان؛ منع الأفراد من امتلاك الأسلحة الهجومية ذات المواصفات العسكرية، إلا في الظروف الأكثر استثنائية التي تتماشى مع احترام حقوق الإنسان. وقالت جودي بازينغثويت، مديرة منظمة إزالة الأسلحة من جنوب أفريقيا والتي تمثل شبكة التحرك الدولية بشأن الأسلحة الصغيرة (إيانسا) إن "هناك حاجة واضحة لخلق موارد رزق مستدامة لا تستند إلى ثقافة العنف. وهذا يعني الحاجة إلى نماذج بديلة يحتذى بها لا تساوي بين الرجولة والعنف المسلح وبين الأنوثة والرضوخ".
حقوق المرأة في العمل :
وافاد مكتب العمل الدولي ان المرأة تبقى معرضة اكثر من الرجل للبطالة وشروط العمل غير الثابتة والفقر والتفاوت في الاجور. من جهته افاد مكتب العمل الدولي في تقرير نشر بمناسبة اليوم العالمي للمرأة انه ان كان عدد النساء العاملات سجل رقما قياسيا الا ان المرأة تبقى معرضة اكثر من الرجل للبطالة وشروط العمل غير الثابتة والفقر والتفاوت في الاجور. وذكر التقرير الصادر بعنوان "التوجهات العالمية لعمل المرأة" ان النساء اصبحن يشكلن اكثر من 40% من اليد العاملة العالمية. وجاء فيه "النساء لم يعرفن من قبل هذا النشاط الاقتصادي (..) غير ان التفاوت بين الرجل والمرأة لا ينذر بالتراجع في اي منطقة من العالم" مشيرا الى ان "المساواة الحقيقية في ميدان العمل تبقى بعيدة المنال". وتبقى النساء عرضة للبطالة اكثر من الرجال (6,4% مقابل 6,1% على التوالي) باستثناء دول الشرق الاقصى وافريقيا جنوب الصحراء. وتطاول البطالة بصورة خاصة الشابات منهن. وثمة حوالى 35,8 مليون امرأة في العالم تتراوح اعمارهن بين 15 و24 عاما يبحثن عن وظيفة ما يقارب نصف مجموع النساء العاطلات عن العمل (77,8 مليونا). ولخص مكتب العمل الدولي الوضع قائلا "ان النساء الشابات قد يتعرضن لتمييز مزدوج" موضحا ان "النساء الشابات يواجهن المزيد من الصعوبات في دخول سوق العمل والحفاظ على وظيفتهن في فترة تباطؤ النشاط الاقتصادي". كما ان الوظائف التي تعين فيها نساء تكون اقل ثباتا. وكشف التقرير انه "في حين يحظى الرجال بفرص اكبر للعمل في نشاطات منتظمة وافضل اجرا يتم توظيف عدد متزايد من النساء في اعمال ثانوية غير ثابتة ومنخفضة الاجر مثل الاعمال المنزلية والوظائف الموقتة. وتتميز هذه الوظائف باجور منخفضة جدا وغير ثابتة وضمانات ضئيلة او منعدمة في البقاء في الوظيفة او تقاضي الاجر وعدم تأمين حماية اجتماعية". والنتيجة ان النساء يمثلن 60% (330 مليونا) من "العمال الفقراء" الذين يتقاضون اقل من دولار في اليوم. كما ان ذلك يجعل النساء "يتقاضين في كل انحاء العالم اجرا اكثر انخفاضا من الرجال" حيث تصل اجورهن في افضل الظروف الى 90% من اجور زملائهن من الرجال. ولفت التقرير الى ان هذا التفاوت في الاجور يبقى كبيرا حتى في مجال الوظائف "النسائية بامتياز" واوردت في هذا السياق مثل سنغافورة حيث يتقاضى المدرس 6% اكثر من المدرسة والممرض 21% اكثر من الممرضة مشيرا الى ان هذا الوضع لا يسجل اي تحسن.
ويظهر توزيع الوظائف بحسب القطاعات ان عدد النساء يتجاوز عدد الرجال في القطاع الزراعي في الدول النامية غير انهن اقل عددا في القطاع الصناعي. اما في مجال الخدمات فيبقى نشاطهن محصورا في القطاعات الاجتماعية فيما يهيمن الرجال على القطاعات الافضل مردودية مثل القطاعين المالي والعقاري.
حقوق المرأة في التمثيل البرلماني:
افادت الاحصاءات التى نشرها الاتحاد البرلماني لمناسبة اليوم العالمي للمرأة ان تمثيل النساء في البرلمانات الوطنية بلغ معدلا قياسيا وصل الى 15,2% من عدد مقاعد البرلمانات في العالم. وتحتل الدول العربية ادنى المراتب في هذه الاحصاءات مع معدل وسطي بلغ 6,2% من النساء في برلماناتها. وكانت نسبة النساء بلغت 14,8% في بداية 2003 و14,3% في 2002. وهناك امرأة واحدة على الاقل في 94% من المجالس التشريعية الموجودة في 181 دولة هي موضع دراسة من الاتحاد البرلماني سنويا. الا ان مجالس ثلاثين دولة فقط وصلت الى نسبة 30% من النساء بين اعضائها وهو السقف الذي يعتبر الاتحاد ان الوصول اليه يجعل النساء قادرات على التأثير فعليا في عمل البرلمان. وتحتل النساء 10% او اقل من عدد المقاعد البرلمانية في 65 دولة.
وسجلت رواندا رقما قياسيا اثر انتخابات جرت في 2003 واحتلت خلالها النساء نسبة 48,8% من المقاعد مستفيدات من مادة دستورية تخصص لهن 24 من اصل 80 مقعدا في احد مجلسي البرلمان و30% من المقاعد في المجلس الثاني. وكانت السويد تحتل في السابق المرتبة الاولى في هذا المجال.
في المقابل سجلت نسبة التراجع الاكبر في ايسلندا وبلغت خمس نقاط ووصلت الى نسبة 30,2% للنساء في البرلمان. الا ان دول شمال اوروبا لا تزال تتقدم بشكل واضح على المناطق الاخرى اذ تضم اكثر من 30% من البرلمانيات. وتأتي السويد في الطليعة بنسبة 45,3% وهي المرتبة الثانية عالميا ثم الدنمارك (38% الثالثة عالميا) ثم فنلندا (37,5% الرابعة) تليها النروج (36,4% السادسة) وايسلندا (30,2% المرتبة الثالثة عشرة).
وتحتل بعض الدول الخارجة من نزاعات مراتب متقدمة بين الدول الثلاثين الاولى ومنها موزمبيق (30% الرابعة عشرة عالميا) وجنوب افريقيا (29,8% الخامسة عشرة) وناميبيا (26,4% العشرون) وتيمور الشرقية (26,1% الثانية والعشرون) واوغندا (24,7% السادسة والعشرون) واريتريا (22% الثلاثون).
وحققت دول افريقيا جنوب الصحراء التقدم الاكبر بمعدل وسطي بلغ 15,3% من النساء في برلماناتها مقابل 11,3% في 2000. فيما لا يزال محظرا على النساء في ميكرونيزيا ونورو في المحيط الهادىء وفي الكويت الدخول الى البرلمان والمعركة في البرلمان الكويتي لا تزال قائمة وفي السعودية كذلك حيث حرمت النساء من كافة الحقوق في الترشيح والتصويت. واتخذت 19 دولة من اصل 38 نظمت انتخابات في 2003 اجراءات طوعية لتحسين مشاركة النساء في الحياة البرلمانية بينها تحديد حصص مما ادى الى ارتفاع حصة النساء في معظم هذه الدول بحسب ما افاد الاتحاد البرلماني.
الا ان النساء يجدن صعوبة في الوصول الى مراكز مسؤولية بعد انتخابهن. اذ يستمر عدد النساء اللواتي يرئسن مجالس تشريعية في التراجع منذ العام 2000 (21 مقابل 25 في 2000). وبلغ عدد رئيسات البرلمانات المؤلفة من مجلس واحد في الاول من آذار/مارس 2003 سبعا (6,2%) وذلك في الدومينيكان واستونيا وجورجيا والمجر وليتونيا ومولدافيا وسان ماران. بينما بلغ عدد الرئيسات في البرلمانات المؤلفة من مجلسين 14 (10,3%) بينهن ست على رأس مجلس النواب وثمان على رأس مجلس الشيوخ او ما يوازيه وذلك في الدول الآتية: جنوب افريقيا وانتيغا وباهاماس وبيليز وتشيلي واسبانيا وغرانادا والهند وجامايكا وليسوتو وهولندا وترينيتي-توباغو.
وفي العام الماضي كذلك قدمت نزيلات أحد سجون العاصمة الكينية نيروبي عروض الازياء الشهيرة في باريس وميلانو احتفالا بيوم المرأة العالمي. وارتدت النزيلات ملابس تقليدية وأخرى مسايرة للموضة وسرن عبر ردهات سجن لانجاتا للنساء على أنغام موسيقى الروك .
في اليابان تصر النساء على عدم الاستجابة لرغبة الازواج بالانجاب المبكر وذلك لتفانيها في عملها وعدم توفر الوقت المناسب لتربية الاطفال مما يدفع علماء المجتمع هناك للتاكيد على ان عدد سكان اليابان سوف يتناقص بنسبة عالية في عام 2025 مما يهدد بتشكيل خطر قومي على البلاد ، وفي تايلاند تحاول المرأة التايلندية الحصول على حقوق اخرى بالسماح لزوجها الاجنبي بنيل الجنسية التايلندية ، اسوة بما معمول في الولايات المتحدة.
في العراق دفعت المراة العراقية ثمنا اجتماعيا باهظا خلال العهد الملكي وكان البعض كلما ارادوا ذكرها قالوا: زوجتي (تكرم) أي السامع، وكنت مع إمراتي (محشوم السامع) في السوق ، الي غيرها من ألفاظ الاعتذار التي يطلقها الرجل حين يتحدث في مجلس عام عن إمراته وكأنه يتبرأ منها، بل جعلها البعض بمنزلة المادة النجسة التي لابد من التطهر منها حين الوقوع فيها.
وشاع الزواج التعسفي مثل زواج ( الكصة بالكصة ) او نهوة ابناء العمومة اذا ارادت عائلتها تزوجيها من خارج العشيرة .
حتى نالت بعض الحقوق في العهد الجمهوري وشغلت منصب وزيرة للمرة الاولى في منطقة الشرق الاوسط لكنها دفعت ثمنا ماديا ومعنويا مكلفا وغاليا نتيجة الحروب الداخلية والخارجية التى خاضتها مختلف الانظمة السياسية المتعاقبة ففقدت حقوق امنها واستقرارها وسعادتها بذريتها التى قدمتها ولم تكن تتوقع ان تلك الذرية ستكون حطبا لحروب لا مبرر لها ابدا. أضافة الى التهجير القسري والموت الجماعي في السجون المظلمة . وكل تلك الانظمة لم تقدم لها اكثر مما اخذت منها بل لقد اخذت الكثير منها ولم تعطها الا القليل .
بعض الواهمين لا يزال يبحث عن شظايا من وهمه ليلقيه هنا وهناك محاولاً تعطيل حركة الوجود وأثر التغيير وهو مستمر في سعيه لتحييد المرأة ودفعها عن مكانها الذي هو حق لها لاهبة وهبها أياها أحد مهما تطاول شأنه، فتجد البعض يرفض أن يستجيب لنداء العقل والضمير ويأبي ان يكون (محضر خير) ويشارك في تقديم العون او النصح في شأن بناء ومد الجسور الموصلة الي حالة التوافق بين الادوار، وكأنه يخشي ان يجد هذه المرأة التي طالما حيدها ومنعها عن دورها، تأخذ مساحتها الكاملة وتشترك في صناعة مستقبلها لانه لايملك القدرة لان يراها تقف الي جانبه بل يستمتع في وجودها خلفه مباشرة تسمع له وتطيع أوامره.
وحتى بعد انهيار النظام السياسي في العراق بعد دخول قوات التحالف واحتلال اراضيه فان بعض القوى المتزمتة حاولت اصدار القرار 137 من خلال مجلس الحكم المنحل لتعطيل طاقة المرأة العراقية وابقاءها اسيرة الجدران الاربعة. والذين عجزوا عن ركنها في احدى زوايا الدار عادوا للقبول مضطرين كما يبدو في مشاركتها في المجلس البلدي للمحافظات ولكنهم قيدوها بالعباءة والحجاب والكفوف السوداء لتبدو كما لو كانت شبحا اسودا يجلس الى الطاولة مقابل صف من الرجال .
أما المراة الفلسطينية فقد واجهت أطول محنة تاريخية لكنها استطاعت الوقوف بكل ثبات وشجاعة نادرة ، في سبيل الحصول على حقوقها المستلبة من قبل عدو بربري لايعرف الرحمة ابدا.
وتحتفل المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة في مختلف أنحاء العالم بيوم المرأة العالمي يوم الثامن من مارس لإلقاء الضوء على نضالهن في الدفاع عن حقوق المرأة في المجتمع.