

قراءة في "رســـــــــــــالة" لشريفة العلوي
نص إمتاز برومانسية فائقة، اعتمد السرد والمفاجأة ووضع صورا جذابة تشد القارئ وتجعله ينتظر النهاية..حالة من الإنتظار وضعتنا فيها الشاعرة وهي تصور لنا إنتظار الرسالة حتى أن ذاكرتها ترنحت بين التوهم والسؤال، ووصلت لمرحلة من الغياب بين غياب القمر وغياب نجم الشاعرة، هذه الصور صورت لنا لحظات كأنها شهور أو سنين، وفي لحظة صورتها بتشتتها لأجزاء كقصاصة مهترئة تعبث بها العواصف والرياح تأتي الرسالة...
من أجلها ظللت أرصد البريدترنحت ذاكرتي توهما.. تساؤلاغاب الهلال أم غاب نجمي في الفضاءفي زمن يمتد للشهور والسنينفي لحظة مرت كأنها قرونتشتت أجزائي كالقصاصة المهترئةتعبث بها عواصف الرياح
تنتقل فينا الشاعرة مباشرة بعد وصول القارئ لتشوق كبير وشديد إلى الرسالة المرتقبة والمنتظرة، فهي رسالة ترتقبها الشاعرة بشوق وشغف وجعلت القارئ ينتظر معها ولربما بشوق وشغف أكبر، فتبدأ الشاعرة بوصف الرسالة مستخدمة مجموعة كبيرة من لوحات تثير التشوق والجمال \ تحسم الأمر\ تعلن القدر\ بلسم حياة\ هدية من السماء\ زهرة قرنفل\ ستارة ربيع\ مروج خضراء..
رسالة جاءت تبلغ الخبرلتحسم الأمر وتعلن القدرمدادها في ثغري بلسم الحياةكأنها هدية جاءت من السماءتزينت بلمسة الطيف المضيءكلماتها من زهرة القرنفلبل اكتست ستارة الربيعوفي مروج خضرة القلوب
كل هذه الأوصاف نجدها بوتقة من الإبداع والجمال تجمعت وانتظمت لتعطي لإنتظار القارئ دفعة جديدة من الشوق والتشوق والرغبة في الوصول إلى ما تحمله هذه الرسالة، فنجد هنا الوصف لما في داخل هذه الرسالة من صياغة إبداع وجمال وبيان ساحر \ صياغة الإبداع \ سحابة شموع\ لآلئ الندى\ براعة الجمال\ أسرار\ ترنيمة \ شلال شجن\ وغير ذلك من وصف يشد ويكتم أنفاس القارئ للوصول إلى النهاية ومحتوى الرسالة..
تنسقت، إنتظمت و تدرجتصياغة الإبداع في المعاني والدلالفي عمقها سحابة الشموعتذرف الرذاذ من لآليء الندىتردد الصدى براعة الجمالسرد يبوح أسرار المقالوقع البيان ساحرا على مسامعيحروفها ترنيمة مختومةمن ماء السماءتفوح عنبرا يثير غيرة الانوفيزيد رغبة العيون في نهم بلا حدودويستحيل أن يقابل السدودو وجبة تغري تدر لوعة العيونينساب منها شلال يواصل الشجونيغيب في حضورها السرابتنذر لتفشي ما كتمته على الملأ
وفي قمة الإنتظار والشوق وكتم النفاس وسرحان الخيال، تفاجئنا الشاعرة بأمر لم يكن في الحسبان ولم يكن متوقعا أبدا بعد كل هذه اللوحات المثيرة ما بين إنتظار ورغبة..
في أوج لحظة الولعقررتدفنها في عمق أسفل التراب
فتدفنها في أسفل التراب!! نهاية غير متوقعة أبدا وتثير السؤال، هل قررت الشاعرة دفن هذا الحلم المنتظر والإعلان عن موته؟؟ فالدفن لا يكون لرسالة أبدا بمقدار ما هو تعبير عن دفن حلم ورغبة بلا عودة، فلو كانت مسألة رسالة لخبأتها في مكان ما بين أوراق أو كتب، أو في خزانة أو ملف أوراق، لكن الشاعرة تمكنت أن تضعنا في جو من التوتر النفسي القائم على الإنتظار والتشوق للنهاية..لتفاجئنا بنهاية غير متوقعة أبدا تجعل القارئ يفاجأ ويعود للبدء في محاولة إكتشاف السر..
*****