الأحد ١٨ شباط (فبراير) ٢٠٠٧
بقلم زياد الجيوسي

قراءة في "رســـــــــــــالة" لشريفة العلوي

نص إمتاز برومانسية فائقة، اعتمد السرد والمفاجأة ووضع صورا جذابة تشد القارئ وتجعله ينتظر النهاية..حالة من الإنتظار وضعتنا فيها الشاعرة وهي تصور لنا إنتظار الرسالة حتى أن ذاكرتها ترنحت بين التوهم والسؤال، ووصلت لمرحلة من الغياب بين غياب القمر وغياب نجم الشاعرة، هذه الصور صورت لنا لحظات كأنها شهور أو سنين، وفي لحظة صورتها بتشتتها لأجزاء كقصاصة مهترئة تعبث بها العواصف والرياح تأتي الرسالة...

من أجلها ظللت أرصد البريد
ترنحت ذاكرتي توهما.. تساؤلا
غاب الهلال أم غاب نجمي في الفضاء
في زمن يمتد للشهور والسنين
في لحظة مرت كأنها قرون
تشتت أجزائي كالقصاصة المهترئة
تعبث بها عواصف الرياح

تنتقل فينا الشاعرة مباشرة بعد وصول القارئ لتشوق كبير وشديد إلى الرسالة المرتقبة والمنتظرة، فهي رسالة ترتقبها الشاعرة بشوق وشغف وجعلت القارئ ينتظر معها ولربما بشوق وشغف أكبر، فتبدأ الشاعرة بوصف الرسالة مستخدمة مجموعة كبيرة من لوحات تثير التشوق والجمال \ تحسم الأمر\ تعلن القدر\ بلسم حياة\ هدية من السماء\ زهرة قرنفل\ ستارة ربيع\ مروج خضراء..

رسالة جاءت تبلغ الخبر
لتحسم الأمر وتعلن القدر
مدادها في ثغري بلسم الحياة
كأنها هدية جاءت من السماء
تزينت بلمسة الطيف المضيء
كلماتها من زهرة القرنفل
بل اكتست ستارة الربيع
وفي مروج خضرة القلوب

كل هذه الأوصاف نجدها بوتقة من الإبداع والجمال تجمعت وانتظمت لتعطي لإنتظار القارئ دفعة جديدة من الشوق والتشوق والرغبة في الوصول إلى ما تحمله هذه الرسالة، فنجد هنا الوصف لما في داخل هذه الرسالة من صياغة إبداع وجمال وبيان ساحر \ صياغة الإبداع \ سحابة شموع\ لآلئ الندى\ براعة الجمال\ أسرار\ ترنيمة \ شلال شجن\ وغير ذلك من وصف يشد ويكتم أنفاس القارئ للوصول إلى النهاية ومحتوى الرسالة..

تنسقت، إنتظمت و تدرجت
صياغة الإبداع في المعاني والدلال
في عمقها سحابة الشموع
تذرف الرذاذ من لآليء الندى
تردد الصدى براعة الجمال
سرد يبوح أسرار المقال
وقع البيان ساحرا على مسامعي
حروفها ترنيمة مختومة
من ماء السماء
تفوح عنبرا يثير غيرة الانوف
يزيد رغبة العيون في نهم بلا حدود
ويستحيل أن يقابل السدود
و وجبة تغري تدر لوعة العيون
ينساب منها شلال يواصل الشجون
يغيب في حضورها السراب
تنذر لتفشي ما كتمته على الملأ

وفي قمة الإنتظار والشوق وكتم النفاس وسرحان الخيال، تفاجئنا الشاعرة بأمر لم يكن في الحسبان ولم يكن متوقعا أبدا بعد كل هذه اللوحات المثيرة ما بين إنتظار ورغبة..

في أوج لحظة الولع
قررت
دفنها في عمق أسفل التراب

فتدفنها في أسفل التراب!! نهاية غير متوقعة أبدا وتثير السؤال، هل قررت الشاعرة دفن هذا الحلم المنتظر والإعلان عن موته؟؟ فالدفن لا يكون لرسالة أبدا بمقدار ما هو تعبير عن دفن حلم ورغبة بلا عودة، فلو كانت مسألة رسالة لخبأتها في مكان ما بين أوراق أو كتب، أو في خزانة أو ملف أوراق، لكن الشاعرة تمكنت أن تضعنا في جو من التوتر النفسي القائم على الإنتظار والتشوق للنهاية..لتفاجئنا بنهاية غير متوقعة أبدا تجعل القارئ يفاجأ ويعود للبدء في محاولة إكتشاف السر..
*****


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى