الأحد ٢٠ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٠
من قصص كورنا
بقلم سليمة مليزي

كورونا.. والعَّرافُ....

المساء بارد تأبط معطفه وهم بالخروج، يصافح نسيم بارد وجهه وهو يتجه إلى مقهى الحي، اليوم أشعر بالحزن قلبي يخبرني أن شيئا ما سيحدث، كل الوجوه بائسة عابسة من هذه الحياة، روتين قاتل، بين البيت ومقهى الحي، كل يوم اجد ذاك العراف اللعين الذي لا يبطل من كلامه المتشائم عن مستقبل هذه الأرض: فليقل ما يشاء من خرافتاته اللعينة، كل يوم يقول أن الأرض ستغضب من الانسان وأنه يرى الموت يملأ المستشفيات..؟ اللعنة عليه، مجنون، لست أدري لماذا صاحب القهوة يتركه يدخل ويجلس بين الناس؟ هههههه مسكين يؤمن بهؤلاء المشعوذين، عفانا الله منهم... اليوم الأخبار مفزعة حقا: يقلون أن وباء مميت عم الشعب الاصفر، وقتل الآلاف..؟ وأنا ما دخل لي (بالشناوا) شعب وسخ ياكل الجيفة والثعابين.. والخفافيش..والقطط.. وكل ما يدب على الأرض؟ وما الذي يأتي به الينا؟ يكفين شر حكامنا؟ وما قضيناه من ظلم وقهر نحن اكيد سيشفق علينا هذا الوباء؟ لا..؟ وربما لا يلتفت الينا، يقولون العلماء أن هذا الفيروس كورنا كوفيد 19. له تاج الملوك؟ فليذهب إلى ملوك العالم الذين طغوا في الأرض!!؟ لم أنتبه وأنا داخل المقهى ارتطمت بذاك التعيس المشعوذ الذي أتشاءم منه كل صباح: (يا و واش بيك متشوفش) اعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (تفكر الذيب شاف شيلوا) هكذا يقول المثل...

هذا أنت أيها اللعين على صباح ربي.. خبط في رأسه العراب وهو يبكي: ويقول انظروا إلى السماء كيف هي غاضبة عليكم يا معشر البشر؟ لن تفلتوا من عقاب الرب؟ انه سيرسل عليكم وباء لعين قلت لهم جميعا؟ لم يصدقني احدا؟؟ آآآهِ... اللطف من عنك يا الله...

_اذهب من أمامي أيها التعيس؟ موت وحدك...

اخذت مكان منعزلا في ركن المقهى: (قهواجي جيب قهوة وكأس ما) صباح الخير سي السعيد واش راك اليوم..؟ أراك غاضباً من هذا المشعوذ؟ (ما ديرش عليه) مسكين رفع عنه القلم.. ربي يهدي ما خلق... شعل التلفاز نسمعوا شوي أخبار يا وليدي روح....

الاخبار كلها تتحدث عن وباء خطير ملعون.. العالم في حالة رعب الوباء وصل إلى أوروبا وفتك بالألف: فلتمت أوروبا وأمريكا، (تخطي رأسنا كما قال جحا)..

الكل عيونه إلى نشرة الأخبار بدأت الأقاويل أن الوباء وصل إلى الجزائر، هناك من قدموا من فرنسا وزرعوه بين الأهل؟ الوباء خبيث لا يرى ولا نسمعه ولا حتى نشموا رائحته اللعينة؟ قال أحد جالسٌ أمامي: قلت له وهل سيكون أكثر من وباء العصابة التي نهشت لحمنا واكلت خيرات الوطن؟؟ لا يا سي السعيد أنت قاري وفاهم؟ انه وباء خطير ويطير في الهوى ويسكن في الأسطح بشكل رهيب، وينتقل عن طريق التنفس واللمس بالبيد؟؟ والضعفاء جسديا هم المعرضين للموت؟

لا حول ولا قوة الا بالله؟ يا رجل (بركً ما تخرط على صباح ربي)؟

شربتُ قهوتي بسرعة وغادرت المقهى؟ إلى أين اتجه الان البيت أصبح لا يطاق، في هذه العطلة أصبح مكتظ بالأبناء والإحفاد؟

رحتُ أمشي في شوارع العاصمة العتيقة وأتذكر حلم الصبا، وأشم رائحة الوطن وكأنني اليوم فقط شعرتُ بحرية الاستقلال، لا أحد يأخذ مني هذا الفضاء الرحب أنه لي وحدي ووحدي أشعر بحرية التنفس العميق لهذا الوطن الغالي....
كم تعبنا حتى تحصلنا على استقلالنا؟ فرنسا بدبابتها وبطشها لم تقهرنا؟ فكيف لجرثومة صغيرة ان تخيفنا...

مر اسبوعين على انتشار الوباء في ناحية البليدة، فتك بعائلات، وخير الأطباء.. الشارع كله ليس له إلا الكلام والخوف من هذا التنين الاحمر القادم من الصين، (هؤلاء الشناوة فالحين في كل شئ حتى في انتشار الفيروس اللعنة عليهم)؟؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى