لا تستسلم وحقق أهدافك!
هل رأيت أسطولًا ضخمًا من السيارات لشركة شهيرة؟ قد تنبهر لحظة مشاهدتك لهذه الأساطيل اللامتناهية، وقد تتساءل: كيف حققت كل هذا النجاح؟. نقول لك: ثق تمامًا أنّ هذه الشركة العملاقة واجهتها تحديات عديدة وعقبات كثيرة، بعض تلك الشركات واجهت الفشل والإفلاس والإحباط الفظيع في بعض منعطفاتها، إلا أنّ ثقافة الإصرار والصمود هي التي جعلت قلب هذه الشركة ينبض بالحياة، وينضح بالدم والنّجاح.
الإخفاق لا يعني النهاية، فكم من طائرة خرجت عن مسارها ووصلت إلى الهدف في الموعد المحدد!. إنّ لكل مؤسسة حكاية، وإذا راجعنا سجلات الشركات فسنجد أن نواة تكونها صغيرة خجولة، غير أنّ الواقع الآن أضحى مختلفًا.. فإلى كل أصحاب المشاريع الصغيرة، لا تخجل من ضآلة مشروعك، فما خطواتك هذه إلا نواة وقداحة، إنّ خطواتك الفتية المحدودة اليوم ستتعملق ذات يوم، ألا تعلم أنّ طبيعة البذور النماء؟ فرب شتلة صغيرة ستغدو شجرة عظيمة متفرعة الأغصان عما قريب. وإليك التجربة لتتأكد.
ضع لك دفترًا وسجل فيه بدايات الشركات العظيمة، ستجدها أقل من كلمة متواضعة، فلماذا لا تطلق مشروعك الآن؟ توقف لحظة، ليس المهم الحجم في البداية، المهم وضع الأسس، ثم باستخدام توائم الذكاء الاصطناعي تستطيع استنساخ العنابر وإنشاء الكبائن المكرورة، لعل كشكًا صغيرًا الآن يتحول إلى غوريلا عملاقة في السوق الاقتصادي بعد سنوات قليلة.. لهذا نقول: انتخب بذرة مشروعك بعناية، فبذرة الليمون الحامض لا تنتج العنب السكري، وكما قيل في الأمثال العربية: "إنك لا تجني من الشوك العنب".
لماذا نرتدي ثياب اليأس، ونتذرع بالتشاؤم؟. كلنا يحفظ الحكمة الصائبة: "من جد وجد، ومن سار على الدرب وصل"، فكم من تلميذ محدود القدرات نال شرف الدكتوراه، حين غير الصفحة وقرر الانطلاق!. وأنت لست بدعًا، فبإمكانك الرقي والارتقاء وبلوغ المراقي الجسام، فلماذا لا تحرك مكعبات نردك، لترى مقدار الحصيلة التي ستجنيها إذا ألقيت أحجار العزم والإصرار؟ كم من مقالات وحكايا قُرئت عن الإصرار!. ولن يكون هذا الأخير، لهذا اعتبر هذه السطور بمثابة تأكيدات ذاتية تعزز الدافعية، وحتمًا سيكون لها صدى في واقعك.
فإذا كنت تنشد الحل لمشكلة أو معضلة أو مرض أو ورطة، فلن يكون الحل في صندوق الكسل؛ فالتقاعس ليس حلًا، لهذا ننصحك بطرق جميع الأبواب المحتملة، فالاستسلام يعني الهزيمة، فلماذا ترفع رايتك البيضاء في بداية الطريق؟ قد تكون أنت القدوة للآخرين، فلماذا الانهزام بسهولة؟ واجه خصومك بسلاحك، فلكل مخلوق سلاح، فالحرباء سلاحها التمويه والاختباء، والذبابة سلاحها الطيران، والنحلة لديها إبرة لاسعة، والبعوضة لها إبرة مختلفة، حتى الظرِبان له سلاح فتّاك يحميه، فما هو السلاح الذي تمتلكه؟
إذا كنت تنشد المال، فاعلم أنّ الفقر يقف خلف باب الكسل، فتجنب طرق هذا الباب تحديدًا وإياك ودخوله، وإذا طلبت الغنى والثروة فاطرق باب الجِد والعمل، كن كالحاج محسن الذي بلغ المائة ولا يزال يخرج من داره كل صباح ليرعى مزرعته، سنوات طويلة ولم يستسلم، ورغم الوهن والضعف والشيب، لا يزال يعمل، فلماذا نتكاسل؟
يروى أنّ ابن أحد العظماء أراد مساعدة رجل حمّال ينفق على أمه وأخته، غير أنّ هذا الرجل رفض أخذ المعونة، وأحدث حديثه نقلة في قلب هذا الشاب، ما جعله يفتش عن السعادة في العمل عند حداد، وافق الحداد على طلبه حين جاءه متنكرًا، فلما حانت وفاته: "أخبر أبي أني عشت سعيدًا"، فسأله الحداد: "ومن هو أبوك؟"، قال له الفتى: "أنا ابن فلان الثري السيد ".. السعادة ليست دائمًا في الوجاهة والثراء، فرب عامل بسيط أسعد من ملوك الأرض!
فلماذا الكسل والفشل وضياع الهمة والعزيمة؟ البعض يضع أمامه ثلاث دروع ليهرب من المسؤولية، وهي: (لا أعرف، لا أستطيع، مستحيل). وكل هذه الدروع تتهاوى أمام رغبة الإصرار، فالظلام مهما حاول فلن يتمكن من إطفاء شمعة صغيرة، فلماذا لا تكون أنت الشمعة المتوقدة؟ وإليك السؤال: ماذا تصنع إذا أعاقت طريق تقدمك سلسلة جبال الأنديز؟ الحل أن تزيلها أو تتسلقها أو تتفاداها، فإذا لم تستطع فاخترقها لتصنع لك نفقًا تفترش فيه سكة قطارك.
الحياة رغم صعوبتها ووعورتها تقدم لك نفحات وهبات وعطايا، فإذا كنت رجلًا قَزَمًا فقد تكون ساحرًا، وإذا كنت بطلًا ضائعًا فقد تعثر على الخاتم الأوحد، كما في ملحمة سيد الخواتم للروائي البريطاني جون رونالد تولكين. قد يقول البعض: وماذا يصنع الخيال أمام الواقع؟ نقول: الواقع أغرب من الخيال في كثير من الأحيان إن لم تكن تعلم، وهناك كنوز أثمن من الخاتم الأوحد، فهل بلغتك قصة أرماند؟
كان أرماند طفلًا صغيرًا يقله والده كل يوم إلى مدرسته، وكان والده يقول له: "يا أرماند، سأكون بجانبك على الدوام مهما حدث"، وذات مرة حدث زلزال مدمر في أرمينيا، المنطقة التي يقطنون بها.. ذهب الوالد مسرعًا إلى مدرسة ابنه ليراها مجرد حطام، هنا أخذ الأب يبكي من هول الصدمة، وفجأة مسح الدموع، وأخذ يتفكر.. أين يقع فصل ابنه في وسط الحطام؟ استدار خلف الحطام، وتحديدًا في المنطقة اليمنى عند موقع فصل ابنه تمامًا، وأخذ يحفر في صمت كالمجنون.
حاول بعضهم ثنيه عن الحفر، إلا أنه لم تخرج منه إلا عبارة واحدة هي: "إما أن تساعدني، أو تدعني وشأني"!. استمر هذا الوالد المصدوم في الحفر لمدة يوم كامل، ولم يستسلم رغم نزف يديه، وبعد مرور ثلاث عشرة ساعة من اليوم التالي انتزع صخرة كبيرة، وأخذ يصرخ في التجويف: "أرماند، أرماند، هل تسمعني؟".. هطلت دموعه وأجهش بالبكاء حين سمع صوت ابنه، يقول: "أنا هنا يا أبي، لقد قلت لزملائي لا تخافوا، فأبي سيأتي لينقذني وينقذكم معي".. وهكذا استمر في الحفر، حتى استطاع هذا الرجل المكافح إنقاذ 33 طفلًا من تحت الأنقاض، مقابل 14 طفلًا سحقوا تحت الحطام.
هذه القصة الواقعية، التي وقعت في عام 1989 في أرمينيا، تحثنا على بذل قصارى الجهد، فماذا لو سمع هذا الرجل حديث المثبطين؟. أنت كذلك لك خياران، إما أن تستجيب لدوائر الإحباط التي يبثها الكسالى لك كل يوم، أو أن تسمع لصوت الإصرار الذي يصطرخ بداخلك لتحقّق أهدافك.