الأحد ٢٤ آب (أغسطس) ٢٠٠٨
إلى محمود درويش

لا قلبَ إلاّ لكْ

بقلم: طارق الكرمي
لأنَّ قلبَكَ استعارَهُ الأُخطبوطُ (ذاتَ بحرٍ..)
لأنَّ قلبَكَ استقرضتهُ الفتاةُ التي توهّمتْ موعِدَها تحتَ حريقِ المطرِ
لأنَّ قلبَكَ نجمُ البحّارةِ حينَ يشتعِلُ الماءُ
لانَّ قلبَكَ ساعةُ منبِّهِ الطّيرِ في لا صباحٍ
لأنَّ قلبَكَ الدّيكُ المُنبِّهُ للصّباحِ
لأنَّ قلبَكَ قنينةُ عطرِ الأميرةِ
لأنَّ قلبَكَ ما يشخُرُ بهِ العامِلُ فِ القيلولَةِ
لأنَّ قلبَكَ الصّندوقُ الأسودُ لأيِّ طائرَةٍ
لأنَّ قلبَكَ يَعلُكُ الرّصاصاتِ السِّريّةِ مُغتَبِطاً بالرّصاصاتِ
لأنَّ قلبَكَ القلبُ
لأنّهُ القلبُ الذي لا يُحصى
(ولي قلبُ القحبةِ)
(لا تعذرني لأنَّ لي قلبَ القحبةِ)
لنْ أقولَ : هذا قلبُكَ المُنهَكُ الذي قَضَمتهُ امرأةٌ
هلْ أقولُ : المُتعبُ قلبُكَ إلاّ منْ قضماتِ امرأةٍ
وهوَ الفقاعةُ الماءُ و
هوَ حبّةُ الفقعِ تحتَ الظّلالِ
هوَ بينَ يديْ الطِّفلِ بلّونةُ العيدِ
حينَ تأتيكَ " جبينَةُ " في ليالي " الجليلِ " لتقطِفهُ عن شجرَةِ التّفّاحِ
مَقضوماً حتّى آخرِ التّفاحِ

أيّةُ سماءٍ كانتِ السّماءُ تَسْتلقي تحتَ السِّنديانِ..أيّةُ سماءٍ ظلّتْ السّماءُ تَسْتلقي تحتَ السِّنديانِ..هلْ كانَ لَحمُكَ خشبَ السّنديانِ..وهلْ سيظلُّ الخشبُ السِّنديانُ لحمَكَ..الغابةُ تدخلُ في ظلِّها..السِّنديانُ سيبقى الواقفَُ الأبدُ..وأنتَ ستبقى ما يتناهى السّنديانُ..ستبقى ما يمشيهِ فِ الملكوتِ خُطى السِّنديانُ..

هلْ إلى السّمواتِ عَرَجتْ تثأبُ عصافيرُ "الجليلِ"ِ متلمِّسةً السّمواتِ التي ما عادتْ..من سَيَفردُ الجناحَ في مهبِّ الجحيمِ.. كيفَ أصبَحَتِ السّمواتُ غربَةَ العصافيرِ..(الصّبحَ هذا تشيِّعكَ العصافيرُُ..فأيُّ لبنٍ تُصفّى في حناجرِ العصافيرِ)أنتَ تسألُ هل ْ نحنُ نهاجرُ معَ الطّيرِ أمْ هلْ سنعودُ إلى أينَ بأجنحةِ الطّيرِ.. لا سماءَ فِ السّمواتِ ولا أرضَ فِ الأرضِ.. أينَ نهبطُ.. أو أينَ سَتَرتَفِعُ بنا أجنحةُ الملائكِ بينَ أهدابِ اللهِ.. سننامُ الآنَ في سدرَةِ التّرابِ و فِ السِّدرَةِ التّرابِ..حسبُنا الحُلمُ الذي سنظلُّ نحلمُ بهِ...حَسبُنا الحلمُ الذي لا يَحلُمُ بنا طويلاً..لكِنّنا غًَصْباً ننامُ ولكِنّنا نموتُ نوماً كي نصعدَ الحُلمَ.. فهلْ سنهبِطُ الفردوسَ كَذِباً أمْ سيهبِطُ بنا الفردوسُ الكَذِبُ ذاتَ ظهيرةٍ تحتَ نجمِ الظّهيرةِ.. كلُّ ما كَتَبنا يعني أننا لمْ نكتُبِ البتّةَ..ولأنّنا نكتُبُ يعني أننا لا نكتُبُ.. البلادُ ما نُخربِشُهُ عَ الورقِ.. البلادُ الخرابيشُ و الورَقُ.. والبلادُ لا خرابيشَ ولا ورَقَ..البلادُ أبعدُ (أقربُ) منْ أنْ نظنّها البلادَ..إذاً فَلْتعترِفْ أنّكَ منْ هُنا.. مِنْ لا بلادٍ هنا.. أو أنّكَ من البلادِ التي ليستْ لتكونَ هنا.. و أنّكَ من البلادِ التي لنْ تسمّى البلادَ..(أحياناً نموتُ مِنْ شدّةِ ما نَحلُمُ..أحياناً نحلمُ منْ شدّةِ ما نموتُ..)

(" ريتّا " رصاصَةٌ بطعمِ اللّوزِ بينَ عينيكَ و " ريتّا " الرّصاصةُ النّبضُ فِ القلبِ)

أفقْ حينَ تنامُ
كأنّكَ المُغمِضُ عينيهِ لِيَسْتريحَ
كأنّكَ فِ القيلولَةِ القصوى

أنتَ الآنَ مغمِضٌ هُدبيكَ كي تتسَلّلَ "ريتّا" نعاساً..كي تتسَلّلَ " ريتّا " إبرَةً منْ نعاسٍ..لِتسَلّلَ " ريتّا " ماءَ النّعاسِ..كي تأتيكَ " ريتّا " الملاكَ مُسْتسْلِماً لها..ها يأتيكَ الملاكُ ع هيئةِ " ريتّا " ليأخذكَ معَهُ.............

فلا تَفِقْ.ْ
أعِرني قلبَكَ المُتوَرِّمَ ثمرَةَ الصّبّارِ أقصى الصّيفِ
هلْ لكَ الحَجرُ الرّخوُ فِ الضّلعِ
هلْ لكَ الحَجرُ الشِّهابُ فِ الضّلعِ
منْ ذا صباحاً يلتقِطُ الحجرَ قلبَكَ عنِ الطّريقِ
يلتقِطُ قلبَكَ المُسمّى حجراً فِ الطّريقِ
حيثُ مَعشَرُ النّحلِ دارَ يدورُ حولَ القلبِ القُطبِيِّ
مرحى للرّصاصةِ الأولى فِ القلبِ
مرحى لآخرِ رصاصةٍ فِ القلبِ
أيُّ حجرٍ ينبِضُ...قُلْ أيُّ حجرٍ سوفَ ينبِضُ فِ الضّحى كي أسمّيهِ قلبَكَ

أنتَ وجهُ الفتاةِ تخجلُ ملدوغةً بالقُبلَةِ..أنتَ المُلصقاتُ..أنتَ شايُ الفقراءِ عِشاءً..أنتَ الشوارِعُ مُسفلتَةً بالسّماءِ..أنتَ ما يلغوهُ النّملُ..أنتَ أغنيةٌ خلَعَتْ أصابِعها عَ النّاياتِ..أنتَ ما يترُكهُ المِلحُ عَ حائطِ المقهى البحريِّ..عصا الأعمى أنتَ..القطُّ يتحفّزُ أمامَ الحريرِ أنتَ..ما يُهلْوِسُهُ الهواءُ بينَ القصبِ..منْ يغتابُ نفسَهُ حينَ يحضرُ..قيامَةُ الزّعترِ أنتَ..الشّقَقُ التي تهوي واقفةً تحتَ عصفِ الطيرانِ..جدائلُ البرقِ أنتَ..قميصُ عاملٍ في مصنعِ الصّلبِ..الجدارُ الذي من ماءٍ..الجدارُ الذي من هواءٍ..الجدارُ الذي منْ لحمِ الطّفولةِ..الجرائدُ الأولى مصفرّةً أنتَ..مَنْ كَذّبَ علينا حينَ ماتَ..جماهيريّةُ البلابِلِ.. أنتَ طوابِعُ البريدِ حيثُ لا تصلُ الرّسائلُ..أنتَ لنْ تكونَ سوى أنتَ..

فقلْ منْ أنتْ
كأنَكَ كنتَ تدّعي الحياةَ..
إذاً كنتَ تحلُمُ
كأنّكَ كنتَ تحلُمُ

الآنَ أعني اللّحظةَ لِأعني السّاعةَ فهلْ أعني اليومَ لأنّي أعني الأمسَ كيْ أعني ما يكونُ غداً فِ الغدِ الخديعةِ.. هلْ خجِلتَ تخجلُ منْ أنْ تدمعَ أمّكَ حنفيّةً من زيتِ القنديلِ..هلْ مِتَّ خجلاً بينَ أنْ تدمَعَ أمُّكَ و بينَ أنْ تدمَعَ أمُّكَ..هي منْ أمُّكَ..

الأرضُ تدورُ فِ الضّلعِ.. الأرضُ تأخذُ دَوْرَتَها فِ الضّلعِ.. الأرضُ في راحتيكَ قلبُ فتىً يدورُ معَ الأرضِ..

أيُّ قذىً كانَ يتمدّدُ الصّبحُ في عينيكَ
(والصّبحُ قهوَةٌ و امراةٌ تخرُجُ مُبَلّلةً منَ الحَمّامِ و دائخةً من ليلةِ النّبيذِ)
لأنَّ الصّبحَ مَغسولاً برائحةِ العشبِ
لأنَّ قلبَكَ يدوخُ أرضاً
لأنَّ قلبَكَ داخَ منْ شِدّةِ الأرضِ
سأقولُ : إنّكَ الدّودةُ التي تأكلُ قلبَها مَضضاً
سأقولُ : إنّكَ الدّودةُ فِ القلبِ
ولا بُدّ منْ دودةٍ فِ القلبِ
أعطني قلبَكَ منْ انفلوانزا البابونجِ و اليانسونِ و زَنَخةِ ما يترُكهُ السّمَكُ فِ المساءِ الرّخوِ

في مشفى " ميموريال هيرمان " حتى اللهِ أنتَ تغفو طفلاً مُتعباً في " تكساسَ " مِمّا اعترَكَ الهنديُّ الأحمرُ معَ الرّجلِ الأبيضِ.. وأنتَ هنديّ "ُالجليلِ" أحمرُ.. أنتَ فلسطينُ هنودٍ حمرٍ (أو سُمرِ) فِ الغابةِ..راعٍ للماعزِ يصعدُ عندَ أعتابَ الجبلِ..

في مشفى "ميموريالَ هيرمانَ" أنتَ في السّريرِ (هلْ في سريرِ الغريبةِ كنتَ) هلْ أنتَ الغريبةُ في السّريرِ أمْ أنّكَ الغريبةُ والسّريرُ في آنٍ..كمْ كنتَ لتكونَ لاعبَ الحظِّ في "طروادةَ".. الحصانُ حِصانُكَ..والآنَ وحيداً بلا حصانٍ الآنَ أنتَ وحيدُ الحصانِ وأنتَ الحصانُ الذي تَرَكَ يترُكُ حصانَهُ وحيداً أحداً بلا سمواتِ الحصانِ..أنتَ حصانُ نفسِكَ الأحدِ أنتَ لنفسِكَ تُرِكتَ الحِصانَ الوحيدَ..(فلماذا تُرِكتَ لِنفسِكَ الحِصانَ الوحيدَ)..كنتَ الصّديقَ اللّدودَ للهِ..الآنَ أنتَ الصّديقُ الأحدُ للهِ..تترجّلانِ فِ السّمواتِ..أنتَ واللهَ تترجّلانِ بينَ كثبانِ الغيم..القرآنُ ديوانُ شعرِ اللهِ (أقرأتَ قصيدةَ النّملِ..قصيدةَ مريمَ..قصيدةَ فاطِرَ..إلخ..)..لكنَّ ديوانَكَ القرآنَ لمْ يكتمِلْ بعدُ..إذاً فلتذهبا نُزهةً فِ السّمواتِ ولَكَمُا أنْ تحتَسِيا القِرفَةَ أوِ البيرةَ.. والفستقَ فِ السّمواتِ المفتوحةِ مقهىً للعاطلينَ عنِ الحياةِ..

هلْ قلبَكَ ما تعلّقهُ فِ كوخِ القصبِ قنديلاً حيثُ الفراشةُ تدوخُ حولَ قلبِكَ
حيثُ الفراشةُ تتحرّقُ وسنىً عندَ قلبِكَ
حينَ الفراشةُ تهدي قلبَكَ أجنحةَ الفراشةِ كيْ يذهبَ إثرَها
وحدَهُ قلبُكَ الدّليلُ خلفَ أثرِ الفراشةِ
هل وحدَهُ إلاّ الدّليلُ سيظلُّ يتشَمّمُ أثرَ الفراشةِ
لكَ هذا القلبُ الذي قبضةٌ من حساسينَ
قبضةٌ من كوزِ الصّنوبرِ
قبضةٌ من لهاثِ النّحلِ
قبضةٌ من جوعِ العصافيرِ
أيُّ صمّامٍ هوَ الأبهرُ
أيُّ صمّامٍ غدا شريانُكَ الأورطّيُّ
لِتَسْحَبهُ مِسْمارَ صمّامٍ حيثُ قلبُكَ الموقوتُ
أيُّ صَمّامٍ نَزَعْتَهُ أورطياً (أبهراً) لهذا القلبِ
كيْ ينفَجر َ القلبْ..
بقلم: طارق الكرمي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى