الثلاثاء ٢٦ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
بقلم سيف محاسنة

لماذا

كالذي صبَّ الحقيقةَ من فمِ الموتى
وزَّعَ سيرَةَ الأَحياءِ في المدنِ القديمَةِ
كالمَساءْ
إذا تسامَرَتِ النَّهاراتُ الخفيَّةُ في نهايَتِهِ
وأَفرَغَ ما حَوى
كالذي كُناهُ
وانكَسَرَتْ مَسافَتُهُ القصيَّةُ تحتَ أرجُلِنا
لِماذا
كالكَما كنا
تأَكسَدَ صَوتُنا الحَجريُ
وانبَعثَ الكَلامُ المرُ في أَحشائنا صمتاً
تطايَرَتِ الفراشاتُ السعيدةُ باكياتٍ في مَعابِدِنا
وأمتَعنا العيون بما رأى سيافنا
كنا كما أنتَ المكوَّنُ من ضمائرنا
وكانَ النهر منبَثقا من الأَوجِ
النيازكُ
جمرَةُ المعنى
وجنيُ الصراط المستقيم
حافلَةُ الصراعاتِ الطويلةِ
والغِناء
السِّرُ
رائِحةُ الحياة
وغابةُ البارودِ
زهرتُك الحييَّةُ
مدَّعي إياكَ أَني أنتَ
أو إياكَ أن تغفو بلا قلبٍ
وَتنسى ظلَّكَ المخفورَ بالخَطَر ِ الكَبير
في كأسٍ تلامسهُ اليَد ال ...
أنتَ الذي شيَّأتَ قلبَكَ
واتسمتَ بصفرِكَ الممحيِّ
كالَّذي شَرِبَ الحياةَ بلا حياءٍ
قارَعَ الموتى
ودوَّخَ قبَّةَ الكونِ
ادَّعى سهماً
وأسَرجَ غيمَةً
ومضى يسابق خيلَ (هولاكو) إلينا
كالذي مِنا وما نَدري لِماذا
كالكَما نحن
انطَلَقنا من ترائب ذلكَ الشَرق الكثير
وما أردنا أن ندوِّنَ اسمَ (فينيق) الرَّماد الحي فينا
أو إلى كنا
وكانَ البحر مجنونا يفاجي سلَّمَ الغيب
احترَقنا فوقَ قارعةِ التمرد
سرَقنا رايةَ السِّحرِالأخيرةِ وانتَصرنا
شاهِقٌ أحيا العَناصر
واستوى نجماً على عرشِ الفضاء
ولابدا فينا
ولا أمسى
رأى منا سوايَ وما رأى غيري
رأيت بأنني وحشُ العواصم
وجهُ ميدوزا
وأني خادم الألَم الرهيب
انفعال الوردة ال...
إني رأيتُ بأنني طفلٌ تناستهُ الرؤى
صبارةٌ في الحلق
نافذةٌ لأنشرَ شعريَ المبتلِّ بالفرحِ الأليف
وكائناتٌ تنتقي من بينيَ المنهوب أسماءً
وتأخذها معي مني إلى قاع المحبَّة
كالذي ماذا
وما أفرغتُ أسئلتي على صخرِ العَناء
لا رأيتُ الموت إهليجاً
ولا قشَّرت قنبلتي
سرقتُ البحرَ من مرآته
ومشيتُ منذهلاً على طَرفِ الخديعة
وابتعدتُ عن الأنا.
 
خرجَ المساءُ من المسافةِ
عابقاً بجذورِ رغبَتِنا
تناسَل من مآقينا
تسَرَّى حلمُنا
ومَضى يدوِّخُه الوَميض ويختفيه
تكَسَّرَ الظلُ العتيقُ على عباءته
وأسرى باللغاتِ
وساعةَ الحَدس
ارتدى طيفاً من الأنباء
واختزلَ الصيامَ عن التعِّري
فوقَ غابتنا ؛ بكينا
وانتظرنا عورةَ الضوءِ
اكتشفنا ضعفنَا تحتَ المصابيح
اخترعنا الروح
فاجأنا الفجيعة
واتحدنا
كالذي كناهُ
فارغنا الذي أخفى مناديل الولاء
لماذا كانَ كوكبنا الوجودي استقالَ من الفَضاء بلادمٍ
ورغيف رغبتنا تكسَّر في الحديقة مثلَ مرآةٍ
تكاثَرَت الكيانات الغريبة في خبيئتها
مطرٌ تساقطَ من طهارة هذه الغيمات
واستلقى على الأرض الشهية كي يطهِّرها من الألمِ الكثيفِ
حمامةُ تأتي إلينا من سديمٍ
نكبَة أخرى
طيورٌ تختفي فينا
إله مطلَقٌ
وجيوش روما تقتفي أثرَ التثاؤب في ملامحنا
قمَرٌ تخلَّقَ منذ أن كنا
وكان البحر بينَ تخومنا وشقائقُ النهْرِ الغزير بلا تخومٍ
كالذي ماذا
وكالكبريتِ مشتعلاً بما ننسى
لماذا كانَ منا
كالذي دَخَلَ المدينةَ واختفى فينا
وأوصَدَ بابنا المشقوقَ للمطر الخفيف
اغترابٌ مؤسفٌ
ودمٌ يسافر كلَّ ثانيةٍ
وموتٌ مستحيلٌ
صرخةٌ أوْلَى
تركتُ النهرَ يسمِعني وجودي
صرخةٌ أخرى
سرقتُ البحرَ من مرآتِهِ
وعدوتُ في لغتي
تنفَّستُ الأناشيد الكئيبة
والتلال
رهبة الموتِ اللَّذيذ
إلى متى
قطفوا من الأزهارِ شهوتَها
وصبوا نصفها في جرَّة الخوف
استعادوا نصفها الحيويَّ
وامتدوا الى نبعٍ تسرَّبَ من مآذننا
تعوَّدنا
لماذا
كالذي أغفو على يسراهُ
شاهدُ رغبتي
أو وحيُ آلهتي
كما مني تكوَّنَ سادنُ القفص الكبير
كالذئبِ مبتسماً على أغصاننا
دخلَ الظلامَ
وفاجأ الذكرى
وأرخى ظل بابلنا العظيمة
كالذي نفخ النبيذَ
وأغفلَ التاريخَ عنا
آلمَ الأفقَ النحاسي
وأحرق شارعاً في إرضنا السمراء
صبَّ النار في جرحِ الحقيقةِ
قدَّدَ المطرَ القليل
وأفرغَ الرؤيا
لماذا
كالذي حيناً تطاوَلَ في المدى
أغوى الزمانَ
ومن رأى في يأسنا وطناً
ومن ترَكَ القلائِد حولنا كثرُ
نداعبها
وحينا نُجلِسُ الغيبَ الضرير
ننظر للفضاءِ لعلَّه يحنو إلينا
هل يَقومُ بما يخاف
وهل تمالكَنا
وصَفَّقَ للإياب بما توارى من سواعدنا
وهل أقصى جموعَ الأصدقاء إلى منازلنا
وبيّضَ خنجر الجهلِ ال...
تمنى أن يخفِّفَ وطأةَ العُمْر الثقيل
يورقُ رحمةً
ويذودُ عن ايامنا شجَرُ التسلق للخضوع
وغرقد الشَّر
لماذا نستغيث
ولا نرى غير الصواريخِ الغزيرةِ
حاملات الطائرات
ورجفة الذري فوقَ رؤوسنا
هل يقومُ بما يَخافُ
ونختفي فينا
وننزلُ صرخةَ الذُّعر اللدود
نوقظ الأطيار كي ترمي حجارتها وراء النهر سجِّيلاً
لماذا كانَ منا
غادرَ القفصَ الصغيرَ
العجائبَ
مكمن السهوِ
التعاذيبَ
التشردَ والسموِّ
وما رأى شمساً ولا مطراً شفيفاً
كالذي أوحى بما نُبقي عليهِ منَ الغياب
اشتهى سيفاً
وأسرَجَ خيمة
ومضى وراءَ النهر
سابقه الوميض...
وما تطاير في المسافة من دمٍ
وطيور شائكة
وموتٌ مستطيلٌ.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى