

ليس رحيلاً أبدا هذا الغيابْ
– " لماذا تركْتَ الحصان وحيدا "
مازال صوتُك يغفو في أذني، يتلو رقصَ الاستعارة، يلتحِفُ عنفوان المجاز، يعانقُ كِبْرَ الشِين وتَمَنُّعَ العين وانزلاق الرَّاء إلى تشظِّي الدلالة وفَرادة الانزياح...
* " شيءٌ عن الوطن "
التحَفْتَنِي رغم الغياب فتسَرْبَلتُ بالسفر وتركْتَنِي وحيدا ألمسُ أطرافك الوهمَ بيديْن من شِعْرٍ وياسمين، أنتَ يا من رويْتَ للمطارات نكبتي وأهديتني بيتا مُتوشِّحا بالقوافي والبكاء وحَبل الغسيل ....
بحثْتُ عنكَ يا وطني في عشيَّات عمري المالح فانسحبْتَ ككل صباحٍ من أحلامي ومضْيتَ تتصفَّحُ يُتْمَ عينيَّ وعراء النبيذ بين أصابعي ...
* أنسى....أنسى كل عمري إلاَّكَ ...:* رائحة الخشب المبتل في يافا..* صوت الكبرياء في أشجار الخليل ..* طعم الزعتر في ثنايا الكلمة..* رائحة " الهيل " في قهوة صباحية* رقص " المِرَمِيَّة" الحزين بين شفتيَّ..
آه يا وطني لم يبق منك سوى طعمٍ معتَّقٍ ورائحة خجول وبضعة مفاتيح ...
وآه يا وطني ها أنا أتجمَّدُ صورةً في معرضٍ " للذينَ تُحبُّهمْ " .. سلامًا يا " حنظلة العليّ " كم يبدو لقاؤك مريرا أجردَ !!
وآهٍ يا حنظلة لو كنتَ معي ....
ما أطول الطريق الكاذب وما أقصر الموت الجميل..!
* " أرى ما أريد "
"بينَ ِرتَّا وعيوني" .....صوتُ أمي الراعش وخيط المجاز يطلُّ من سطح الجليل ..
خبزُ أمي يبحثُ " الظل العالي " في ثنايا الذاكرة ويلتحف الرؤيا العتيقة..
إنه الموت يا أبي ..
سوداءُ هي الرؤيا بطعم الليل المتلحِّف بعبق القدس .. " وتردّد إبريل"..
الرؤيا تدخل ذاكرتي بـِـ " كامل مشمشها " والإله ينضو عنه العيون العسلية و يتمطَّى، يمسح عن مائدته ظلالاً " تحت الشمس" ... وحكايا منسية رسمها " وليد مسعود " في سِفْر " العودة والتكوين "
– " حصار لمدائح البحر "
– على جواد الريح يبكي المتنبي قلقك المزمن والخيول ..
– يُسرجُ لك ابن رشيق جياد القيروان يدعوها إلى شُرْب ماء العودة وأكل عيون اللاجئين الملتحفة بجمر الانتظار الأبدي ...
– يُعدُّ ابنُ عبادٍ لك سريرا من العاصفة والأندلس والغد الموعود ...
– آهٍ يا ابن كلثوم سيفك مازال شاهدا على الخديعة فالخواء نملأه الآن سفينا ...
– في حديقة ابن رشد وجفنَيْ ولادة الربانية ورائحة المغرب المزمنة غفا بيتُك في حقيبة .....
– هناك في عالمك الأثيري تنتظرك " سفينة جبرا " عبثًا تتقاذفها شعاب الماضي ورياح نجدٍ الصاخبة ...لكن الميناء ...الميناء مازال " كزهْرِ اللوز أو أبعدْ.."
– " عاشقا من فلسطين "...تبقى..
ستغسله مياه عكا..
يُهدْهِدهُ ما بقي من ورد تونس ..
يُلَمْلِمه سحر رماد بغداد..
فينام بين زهور السوسنِ............ينام..
حتى يفك عن مدائح البحر الحصار ....