مأساة المطابع ودور النشر العراقية
تستمر فعاليات معرض بغداد الدولي للكتاب بدورته الخامسة والعشرين، إلى يوم ٢٢ أيلول ومن الساعة الـ١٠ صباحًا إلى الـ١٠ مساءً، على أرض معرض بغداد الدولي - قاعة بغداد - المنصور.
كلنا يعرف مدى فائدة القراءة، فهي تمنح المرء القدرة على التنقل بين الماضي والحاضر وحتى التنبؤ بالمستقبل، وتجعل الفرد يمتلك ثقافة ومعرفة واسعة في كافة المجالات، وهو بذلك يتطلع نحو مستقبل تتحقق فيه جميع تطلعاته وآماله، كما تمكن القارئ من العيش في مختلف العصور والامصار، من خلال قراءته لقصة أو رواية ما، كما وتمنح القراءة المرء المعرفة حول أحوال الأمم السابقة والحالية، كما تمنحه القدرة على التفريق بين طرق الخير وطرق الشر غير ذلك من الأشياء مثل المتعة.
التقيت مع أحد أصحاب دور النشر العراقية، المشاركة في معرض بغداد في دورته الحالية، وسألته عن العائد المادي والفائدة من مشاركة داره في هذا المعرض، فكانت الإجابة صادمة جداً تلخصت في عدة نقاط:
أغلب الحضور يأتي للفرجة والتقاط الصور ولا علاقة له بالكتاب.
قامت وزارة الشباب والرياضة بدعم الشباب، بإعطائهم بطاقات مجانية قيمتها (10000 دينار) عشرة الاف دينار عراقي (في الأعوام السابقة كانت 25 ألف)، ليقتنوا بها كتباً، فذهبوا للشراء من الدور العربية وتركوا الدور العراقية! وكان الاجدر بهم ان يخصصوها لدور النشر العراقية دعما منهم لهذه الدور.
يتم شراء نفس الكتب (لا سيما الدينية منها) من الدور العربية دون العراقية! بالرغم من وجود دور رصينة، وذات طبعات جيدة جداً، تضاهي الطبعات العربية من حيث الشكل والمضمون. لماذا؟
ايجار أرضية المعرض كبير جداً، مقارنة بالمردود المادي من بيع الكتب، ولا يوجد دعم للدور العراقية من قبل الجهة المنظمة ولو بخصم بسيط.
زيارة المسؤولين العراقيين لدور النشر العربية، وتكاد تكون زيارتهم لدور النشر العراقية معدومة! (يعني حتى دعم معنوي ماكو (لا يوجد)).
والسؤال هنا: أين الخلل؟ هل في أصحاب دور النشر أم بوعي الجمهور أم بعدم الدعم من قبل المسؤول؟
الجواب: أعتقد أن الخلل في الثلاث، لماذا؟
أصحاب دور النشر تفكيرهم مادي صرف، ولم يستطيعوا تطوير أنفسهم ودورهم، كما فعلت الدور الأخرى، منها: عدم اختيار الكتب المناسبة لطباعتها، وعدم الترويج لهذه الكتب، فالكاتب يتحمل كل شيء والارباح تذهب لدور النشر. مما اضطر كثير من الكتَّاب الذهاب الى دور نشر عربية.
الجمهور كما يقال (يطرب ع الغريب)، فهو يقتني الكتب لحسن طباعتها او لشهرتها، هو لا يقرأها على الاغلب إنما يجعلها كديكور أو تذكار، هو يتأثر بمواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت مصدر معلوماته، ويأخذها كأنها مسلمات لا لبس فيها، فصارت تقوده الى حيث لا يدري، كذلك ملاحظة تخص الكتَّاب: إن موضوع حفل توقيع كتاب وتوزيعه مجاناً (وان كان في مجال ضيق) رَّخص من قيمة الكتاب.
المسؤول (وما أدراك ماذا فعل المسؤول!)، فاذا كان الكتاب لهُ فهو يترفع عن الطباعة في بلده علوا واستكباراً، أما إذا كانت الكتب لدائرته فـ (عيد وجابه العباس النا)، فلا بُدَّ لهُ من الاستفادة القصوى من العملية (والمطابع العراقية الى جهنم، قابل هو مخلفهم وناسيهم) والكلام طويل...
بقي شيء...
المثل العراقي يقول (القوم التعاونت ما ذلت)، يجب التعاون من الجميع، والتكاتف لإيصال ثقافتنا الى أولادنا، والنهوض بالواقع الثقافي العراقي، ومنه الكتَّاب ودور النشر.