السبت ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٥
بقلم تركي عامر

مـحـكـمـة

هيذي، يا جِلْفُ،

حسناتُكَ أَلْفُ!

حسناتِيَ ألفُ؟

هل فوقَ حريرٍ أغفُو؟

أحلامُكَ تَعْدُو.

شَمَّرْتَ وما مِن وَحْلٍ بَعْدُ؟

وحلٌ؟ ما أبعَدَني!

هوَ بُعْدٌ ما مِن بَعْدِهِ بُعْدُ.

إبْعِدْ!

سنعاينُ قائمةَ السَّوْءَاتْ.

لا ريبَ، أقلُّ من الحسناتْ.

هَلاَّ عَجَّلْتَ! فضولِيَ نارٌ تأكلُني.

فَضَلاتُكَ تقتلُني.

والأفضلُ أن تسكُتْ.

لن أسكُتْ.

أفضالِيَ تُقْتَلُ يوميًّا.

فضَلاتي تَقْتُلْ؟

فضَلاتُكَ تَقْتُلْ.

لا تقدرُ أنْ تَنْفي.

أبدًا،

"لا" تقدرُ أنْ تَنْفي.

لسْنا في ورشةِ إِعْرابٍ. دَعْنا!

لا تُطْعِمْ نفسَكَ جَوْزًا أُفْرِغَ مِن لُبِّ المعنى.

لا تقدرُ أن تنفي:

"لا" تقدرُ أن تنفي.

ونفاياتُكْ،

هل تقدرُ أن تنفي؟

في ما يتعدَّى تجربةً، "تَمُّوزْ"،

لا فُرْنَ لديَّ سِوى فرنِ الخبزِ.

إِيّاكَ وألعابَ الرَّمْزِ!

هل جِئْتَ تورِّطُني مَعْ أجهزةِ المرموزْ؟

ماذا تبغي؟

تبغي؟

في قائمةِ السَّوْءَاتْ؟

ودُخانُ مسالخِهِمْ؟

وبُخارُ مطابخِهِمْْ؟

لا تُدْرَجُ في دُرْجِ السّوءاتْ؟

ما سَوْءَاتي من هاتيكَ السّوءاتْ؟

قلْ لِي إنَّ السّوءاتِ أقلُّ!

جفَّتْ شفتايَ، بماذا الرّيقَ أبُلُّ؟

هاكَ الإبريقْ!

خُذْ، بُلَّ الرِّيقْ!

إيّاكَ ورفعَ الكأسِ، حَذارِ!

رُحْماكَ! فَحُورُ العِينِ على نارِ.

هاتِ المفتاحَ وعنوانَ الدّارِ!

صبرًا، يا ابْنَ الإنسانْ!

حَيَوانْ؟

لن تهربَ حُور العِينِ،

قَسَمًا بيقيني.

حَسَناتِيَ أكثـَرْ؟

قُلْ لِي كيلا أتعثـَّرْ.

لا يُعْقَلُ. ما هذا، يا جِلْفُ؟

سَوْءَاتُكَ، أيضًا، أَلْفُ!

لا شكَّ، عميلٌ للشّيطانْ!

أَوَكيفَ سأصدرُ حُكْمًا؟

خَرَّبْتَ الميزانْ.

حسناتيَ ألفٌ؟

سوءاتيَ ألفٌ؟

هل أفهمُ أنّي رُحْتُ بداهيةٍ؟

لا، رُحْتُ بداهيةٍ.

هيذي آخِرَتِي؟

لا لِي وطنٌ في الآخرَةِ؟

لا تخلطْ أمرَ الدّنيا بالدِّينِ!

وطنٌ، أو لا وطنٌ، لا يعنيني!

حسناتُكَ ألفٌ،

سَوْءَاتُكَ ألفٌ.

هيَ واحدةٌ

كي تختلفَ الأشياءْ.

إفعلْ شيئًا كي ترجحَ واحدةٌ!

لكنْ،

إيّاكَ وأشياءَ الإنشاءْ!

خلِّصْني!

عندِيَ غيرُكَ ملياراتُ الأرزاءْ.

إرْأفْ بي!

إرحَمْ شيبَةَ لحيتِيَ الشّعْثاءْ!

هَيّا افعَلْ!

ماذا أفعلْ؟

ساعِدْني، أسعِفْني!

هل أركعُ، أسجدُ، أتلُو الآنَ صلاةْ؟

لن تنفعَ أيُّ صلاةٍ، أيُّ صِلاتْ.

ما هذي المألوفاتْ؟

إفعلْ شيئًا ما بَعْدَ عِبَادِيٍّ،

ما بعدَ حَدَاثِيِّ،

في ما يتعدّى العاديّاتْ!

هل أمسحُ جوخَ القاضي؟

سُبَّاطَ القاضي؟

مُدَّ السّبّاطَ وهاكَ لسانًا

أطولَ من ليلِ الأحزانْ!

أوينتعلُ القاضي سبّاطًا،

يا هذا، في حَرِّ حُزَيْرانْ؟

أضروريٌّ أن تنكأَ جرحًا

يطويهِ النّسيانْ؟

إفعلْ شيئًا ترتجُّ لَهُ الدّنيا،

يرتاحُ لَهُ الميزانْ!

إِكْسِرْ مِزْرابَ العَيْنِ لتبرَأْ!

أخْرُجْ عن قاعدةِ الأشياءِ، تجرَّأْ!

صلّيْتُ، ولم تقبَلْ.

ومَسَحْتُ، ولم تقبَلْ.

ماذا أفعلْ؟

هل أطعنُ؟ ألعَنُ؟ تزدادُ السَّوْءَاتْ!

وتقلُّ، بفعلَتِيَ، الحسناتْ!

ماذا أفعلْ؟

هل ألعنُ هذي السّاعةَ؟

أطعنُ في الدَّوَران؟

هل أشتمُ هذا السّقفَ وهذي الجدرانْ؟

خلِّصْني!

إِفعَلْ، يا إنسانْ!

هل أفهمُ أنّي مطلوبٌ

أن أشتمَ هذي المحكمةَ الآنْ؟

إعملْ معروفًا! أنقِذني!

كي أصدرَ حكمًا، يا إنسانْ.

بلسانِكَ تطلبْ

أن أشتمَ هذي المحكمةَ الآنْ؟

بلسانِ العدلِ، لساني.

بلسانِ الرّفقِ بكلِّ سلالاتِ الإنسانْ.

حسنًا!

ها ألعنُ محكمةً طلبَتْ بلسانْ

أن أشتمَها.

سامِحْني، يا رَحْمن!

وشرِبْتَ المقلَبْ.

أوكّي. زادَتْ سوءاتُكَ واحدةً.

قد صارَ بوسعيَ أن أستصدرَ حُكْمًا.

شكرًا، يا إنسان!

لكِنْ، مَهْلاً!

حسناتي، أيضًا، زادَتْ واحدةً.

أولَمْ أصنعْ معروفًا قبلَ ثوانْ؟

هذا ما كانْ.

سَوْاتُكَ زادَتْ واحدةً،

حَسَناتُكَ زادَتْ واحدةً.

فلتخْتَرْ

ما بينَ الجنّةِ والنّارِ!

لكِنْ،

"لا توجدُ منطقةٌ وسطى

ما بينَ الجنّة والنّارِ"!

هل تفهمُ؟ لا تَنْسَ!

رُفِعَتْ هذي الجلسَهْ.

لا، خَلِّ! سأرفعُها،

وبإصبعِيَ الوُسْطَى!

شُكْرَا،

زادَتْ سوءاتُكَ واحدةً أخرى.

والآنَ قراري:

مثواكَ جحيمُ النّارِ!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى