الاثنين ٨ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٧
بقلم تيسير الناشف

مفهوم النظام الإنساني العالمي الجديد لم يحقق

ثمة أمام البشرية تحديات كبيرة وكثيرة. وتكثر العقبات التي تعترض طريق النمو والتنمية البشريين والاقتصاديين المستدامين في البلدان النامية. ومن أسباب نشوء هذه العقبات الافتقار إلى الإرادة السياسية من جانب بلدان متقدمة النمو على الوفاء بالالتزامات بتوفير التمويل الإنمائي للبلدان النامية، وعلى تخفيف عبء الديون الواقعة عل كاهل هذه البلدان، والممارسات الحمائية التي يمارسها عدد من البلدان المتقدمة النمو، وهي الممارسات التي تعترض طريق التصدير من البلدان النامية، وتطبيق ما يدعى حقوق الملكية الفردية التي هي أشبه بحواجز غير جمركية، وعدم توفير قدر كبير من المعرفة والتكنولوجيا. وتسهم هذه العوامل وغيرها في عدم تحقيق القدر الكافي من النمو والتنمية البشريين والاقتصاديين، وبالتالي في تقوية الحلقة المفرغة، حلقة استمرار الفقر وتناميه.

شكلت هذه الحالة الباعثة على الجزع أحد المقومات الرئيسية للخلفية التي نشأ في ظلها مفهوم النظام الإنساني العالمي الجديد الذي له منظور إنمائي يدور حول البشر. يسعى هذا المفهوم إلى بناء توافق مستدام في الآراء على الساحة العالمية وإقامة شراكة عالمية عريضة القاعدة مستنيرة وقوية بروح التضامن الحقيقي والمسؤولية المشتركة ابتغاء تحقيق التنمية لكل البشر والشعوب وابتغاء جعل البشر في العالم كله محورا للتنمية، ولجعل التنمية التي محورها الإنسان الدعامة المركزية لجهود التنمية التي تبذلها الأمم المتحدة في القرن الحادي والعشرين. والانطلاق من مركزية التنمية البشرية من شأنه أن يكوم معناه التركيز على البعد الإنمائي والوفاء باحتياجات البلدان النامية وتحقيق النمو على الساحة العالمية وإقامة شراكة عالمية عريضة القاعدة مستنيرة وقوية بروح التضامن الحقيقي والمسؤولية المشتركة ابتغاء تحقيق التنمية لكل البشر والشعوب وابتغاء جعل البشر في العالم كله محورا للتنمية. ومن شأن الانطلاق من مركزية التنمية البشرية أن يكون معناه التركيز على البعد الإنمائي والوفاء باحتياجات البلدان النامية وتحقيق النمو مع الإنصاف والتنمية الاقتصادية مع العدالة الاجتماعية.

وكلمة "إنسان" سواء استخدمت اسما أو وصفا تسود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فالكلمتان الافتتاحيتان لميثاق الأمم المتحدة هما "نحن الشعوب". للإنسان يجب أن تكون المركزية في التنمية
الاجتماعية والاقتصادية المستدامة.

والتنمية البشرية أكثر شمولا بكثير من التنمية الاقتصادية. لا تؤدي التنمية الاقتصادية بطريقة تلقائية إلى التنمية البشرية. تعكس التنمية الاقتصادية اهتماما بالمسائل والحقائق الكمية بشأن مؤشرات الإنتاج الوطني. وتتجاوز التنمية البشرية مجرد التكديس للسلع والنقود، وهي تتجاوز الاستهلاك المادي. للتنمية البشرية علاقة بالأمور النوعية مثل الحرية والأمن والرفاهة وحقوق الإنسان والصحة والبيئة. ويتمثل جوهر التنمية البشرية في إقامة العدالة الاجتماعية واستئصال الفقر الذي تعاني منه الأغلبية الساحقة من البشر، وفي التأكيد على تمكين الفئات الضعيفة من قبيل النساء والأطفال والمسنين من الاستفادة من عملية التنمية، والتأكيد على حصول أصحاب المشاريع التجارية الصغيرة على الائتمان بأسعار مناسبة.
وينبغي أن يستخدم العلم والتكنولوجيا، بما في ذلك تكنولوجيات المعلومات الجديدة، في بناء القدرات لأغراض التدريب والتثقيف والبحوث والتنمية.

ولتحقيق غرض التنمية البشرية من اللازم أن تتوفر رؤية واضحة للحالة البشرية المتسمة بالعيوب والاختلالات وأن يتوفر التزام بتنفيذ تلك الرؤية عن طريق حوار مكثف وتفاعل بروح الشراكة والتعاون.

وعلى الرغم من الوجاهة الاقتصادية والإنسانية والانمائية لمفهوم النظام الإنساني العالمي الجديد
فإنه لم يحقق. وعدم التحقيق هذا يعود إلى أسباب أهمها عدم وفاء معظم البلدان المتقدمة النمو بالالتزامات التي يرتبها عليها القبول بهذا المفهوم. ومن هذه الالتزامات تقديم المساعدة المالية بنسبة معينة من الناتج الوطني الإجمالي إلى البلدان الفقيرة وقيام البلدان المتقدمة النمو بإزالة الحواجز الجمركية أمام صادرات البلدان النامية وتقليل تكلفة خدمة الديون المقدمة من مؤسسات مالية أجنبية، وخصوصا مؤسسات غربية، إلى البلدان النامية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى