ناجي العلي مخزون متفجر وثورة مستمرة
خمسة وعشرون عاما، وسنظل نحاكي لوحات ناجي العلي رغم استشهاده، لنؤكد على قوله " ربما يعيش حنظلة بعدي" ولنثبت لقاتليه أن عمره سيتجاوز أعمارهم ومشاريعهم.
الرسم والرسم بالكلمات
في هذا الملف حاورنا الفنان وليد ايوب حول بعض الخصائص الفنية لفن ناجي العلي، وكان حديثنا حول استخدام التعليق في رسوماته والذي قد يضعف اللوحة - المتعارف عنها أنها في الاغلب صامتة وتعطي معناها للمتلقي دون كلمات- يقول الفنان وليد ايوب الكلمات هي من ضمن اسلوب ناجي العلي وتلعب دورا تكامليا مع اللوحة، في حالة ناجي العلي وفي الحالة الفلسطينية كان لا بد من انفجار ما، جسده ناجي في لوحاته وهو قادر على رسم لوحات صامتة وهذا مثبت بالتجربة وليس تنبوء بوجود العديد من لوحاته بلا كلمات وكانت سهلة الفهم على المتلقي، و تعكس لوحاته روح شخص يمتلك ابداعا متعددا في الرسم وفي الكتابة خاصة الساخرة، وفي الحاجة الى انفجار ما كما ذكرنا جاءت روح ناجي العلي استجابة طبيعية لهذه الحاجة الفلسطينية والعربية، روح متفجرة، تسعى لفكرتها عبر الابداع المتعدد والمتنوع، واعتقد أن ناجي العلي هو الفنان الوحيد الذي جعل توقيعه على اللوحة بصورة فنية وهي حنظلة، الذي ما زال ينظر الى فلسطين والمضطهدين ورافضا النظر الى اي مكان اخر.
الوحشية والفن
استمد ناجي العلي افكاره من الناس من معاناتهم وقضاياهم، اضافة الى تجربته الاولى في اللجوء من فلسطين الى لبنان والمعاناة التي كان شاهدا عليها لتكتمل اللوحة الملحمية لديه ويكون شاهدا على وحشية اللجوء والصراع الفلسطيني الاسرائيلي من أجل العودة والحفاظ على الهوية والكيانية الفلسطينية، واقع وحشي انتج فنا وحشيا حادا لشخص حاد الطباع لا يقبل أنصاف الحلول.
وفي هذا يضيف الفنان وليد أيوب " تعتبر مهارة العلي في استغلال الاشكال الحزينة وذات الشجن والمعبر عنها بالخطين الابيض والاسود والذي يعكس شخصية ناجي الذي تشعر من رسوماته أنه حاد الطباع الحياة لديه ابيض واسود لا يعترف بالألوان الأخرى، وتشعر دائما أن خطوطه وحشية خاصة اللون الاسود منها - وهو لون وحشي فنيا بطبيعة الحال - لتقرأ في كل لوحة وفي تعدد الخطوط انفعالاته وتأثره بالأحداث وثورته، فكان في لوحاته عبارة عن قنبلة لأعدائه وخصومه".
وعن اعادة انتاج رسومات العلي بطريقة ملونة يرى ايوب أنها ستفقد معناها اذا ما لونت، حتى لو عملت كفلم كرتوني وهي ستكون فكرة جديدة لكن ستظل هناك مشكلة تحريك حنظلة واذا اراد احد ان يعمل على مثل هذه الفكرة عليه ان يكون محترفا أو يستوحي من رسومات ناجي العلي.
الموازنة بين الشعار السياسي واللوحة:
يعتقد ايوب ان الوقت لم يسعف ناجي العلي وكان لديه مخزون التأثر بالفعل أكبر مما نشر، لذلبك لم تساعده اللوحة وحدها فقد كان يريد ان يكون رساما وكاتبا وشاعرا فطاقته المتفجرة لم تتسع لها الورقة البيضاء، وكان فيما يشبه حالة حرب مع الورق محاولا رسم كل ما يريد فيها لذلك كان يرسم في اليوم الواحد أكثر من كاريكاتير، مواكبا الأحداث وسريعا بردة فعله كسرعة الاحداث وتطورها وتغيرها، وهنا نعود الى الموضوع الاول الرسم والكلمات عند ناجي العلي فالضعف باللوحة كان يعوض عنه بالكلمات حتى يتمكن من مجاراة الأحداث وتغطيتها.
ولو افترضنا ان ناجي العلي انتهى من القضية الفلسطينية بانتهاء هذه القضية مثلا بتحرير فلسطين كاملة فإنه سيجد حنظلة آخر ويستمر بمشروعه الثوري أو الجيفاروي،
الرموز وخوف الطغاة
لدينا رموز ومبدعين عالميين أو كان يجب أن يكونوا عالميين، ولكن نسبة للظرف الفلسطيني والصراع مع الاحتلال الذي لاحق العديد من مبدعينا واغتال عددا منهم، خوفا من وصولهم الى العالمية والرمزية في العالم كله، وأستطيع أن أقول أننا خرجنا وبالصدفة بمحمود درويش كاسم عالمي، والجهود الابداعية الفلسطينية هي جهود فردية ومعظمها لم يعش طويلا كغسان كنفاني الذي اغتالته المخابرات الاسرائيلية، فناجي لو اتيحت أمامه الفرصة والوقت لأصبح من أهم الفنانين الكاريكاتيريين في العالم.