«نادى السيارات» لعلاء لأسوانى
مرة أخرى استضافت العاصمة كوبنهاجن فى أغسطس 2014 الروائى د. علاء الأسوانى للتوقيع على روايته الجديدة "نادى السيارات"، تسابق على الحضور المثقفون والقراء من مختلف الاتجاهات بعد أن لاقت روايته نجاحا كبيرا وترجمت إلى عدد من اللغات الأجنبية مثلما حدث لروايته "شيكاغو" ومن قبلها "عمارة ياعقوبيان".
مرة أخرى أستطاع الأسوانى كسر حاجز الخوف ليتجرأ فى الكتابة عن الموضوعات المحرمة الخاصة، وأستطاع أن يتناول موضوع الجنس بنفس البساطة التى يتناول بها المواضيع الاجتماعية الأخرى محاولا التغلغل بحرية داخل القارئ، ومحاولا تعريته أمام نفسه وأمام المجتمع.
الشيئ الملفت هنا، أن هذه النوعية من الكتابة التى تتناول المشاهد الجنسية على حياء والتى تعتمد إلى حد كبير على التشويق الجنسى قد لاقت ترحيبا واسعا فى أوروبا الشمالية ومن بينها الدنمارك، بينما المفترض غير ذلك، لأن هذا النوع من الكتابة يعتبر بدائي وساذج بالنسبة لهذه الشعوب المنفتحة على مصراعيها فى هذا المجال.
هذا يعنى بالضرورة أن هناك قيمة أخرى سببا لهذا الأقبال. ربما الرغبة فى الأنفتاح على الثقافة العربية بصفة عامة، وربما الرغبة فى تشجيع حرية التعبير فى المجتمعات المنغلقة، ولكن الأكثر ترجيحا بجانب ذلك هو الفضول لمعرفة الخبايا الجنسية ودوافعها فى المجتمعات الشرقية خاصة الإسلامية.
وربما أسباب أخرى قد تكون بسيطة ولكنها جاذبة، على سبيل المثال هنا فى الدنمارك كون علاء الاسوانى يحاكى مؤلفهم المحبوب الراحل لايف باندورو * فى محاولته التغلغل بحرية داخل قارئيه والتسلل إلى داخلهم بدون حرج، أو كون أن بعض شخصيات الرواية تتبنى القيم والثقافة الجنسية الأوروبية، أو كون بعض المشاهد تذكر البعض بعظمة الاحتلال والأستعمار، أو كون أن أحد شخصيات الرواية اسمها "داجمار" على أسم ملكة الدنمارك فى القرن الثانى عشر، وهكذا ...
قرأت أجزاء كثيرة من الكتاب، وبالرغم من سهولة اللغة والسرد الروائى وقوة التشويق فيه إلا أن التكرار والتفاصيل الزائدة جعلتنى اتنقل سريعا بين الفقرات، ولم أستطع قراءته من "الجلدة إلى الجلدة" كم يفعل الكثير من القراء.
سلاسة لغة الرواية وتسلسلها ساهم فى ترجمة ناجحة إلى اللغة الدنماركية التى تعد لغة صعبة وليست غنية بالمفردات كاللغة العربية ورغم أختلاف الثقافات.
وعلى عكس رواية شيكاغو لم تطغى التفاصيل الإباحية والجنسية فى رواية "نادى السيارات" على الهدف الأساسى، حيث نجح الأسوانى فى توصيل رسائل وإن كانت غير مياشرة عن النظام والجمود السياسي والعنصرية والطبقية والكبت الجنسى وموت الدكتاتور فى اربعينات مصر.
المقابلة الخيالية للمؤلف فى البدابة مع بطلي الرواية "كامل وصالحة"، فكرة رائعة أعطت للمؤلف عذرا مناسبا للتنصل من تصرفاتهما عندما بخرجا عن النص أوعن طوع اامؤلف رغما عنه.
وجه التشابه بين "نادى السيارت " و "حفلة التيس" للأديب "ماريو فاراجاس" (اللاتين أمريكى من بيرو)، ليس غريبا بل منطقيا، فكلاهما روائى وناشط سياسى، وقصة الدكتاتور تكاد تكون متشابة مهما اختلف المكان والزمان. وفى رأيى عكست إسقاطات نادى السيارات الاجتماعية والسياسية واقع كان حقيقى للأحداث فى مصر فى هذه الفترة الزمنية التى عاصرها المؤلف.
*يمكن مقارنة الروائى د.علاء الأسوانى بالروائى الدنماركى د. لايف باندورو فى تناوله موضوع الجنس وفى قدرته على أن يحصل القارئ على نفس الدقة والقيمة الفنية فى متابعة شخصيات رواياته، ويتصادف أيضا أنه طبيب أسنان ولكن بعد لايف باندورو بأكثر من ثلاثين عاما(.