الثلاثاء ٣٠ حزيران (يونيو) ٢٠٠٩
بقلم أحمد الخميسي

نتنياهو المهزلة والدراما

في خطابه في 14 يونيوالحالي طرح بنيامين نتنياهورئيس الوزراء الإسرائيلي تصوره لوقف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولشروط السلام. واعتبر بنص كلماته أن " الشرط الرئيسي لإنهاء النزاع " ولقيام دولة فلسطينية هو: " الاعتراف بأن دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي " ، أي بيهودية إسرائيل ، أي الاعتراف بطابع إسرائيل الديني والعنصري ، في الوقت الذي رفض فيه نتنياهو– في الخطاب نفسه - وجود أي كيان ديني آخر مثل " حماستان " على حد قوله. ذلك أن الدولة الدينية حكر على إسرائيل وحدها مثلما أن القنبلة النووية حكر عليها وحرام على إيران وغيرها. وقد ذكرتنا الأستاذة تهاني الجبالي بأنه حينما أعلن قيام دولة إسرائيل في منتصف القرن الماضي في إطار مخططات بريطانيا الاستعمارية ، سخر الفنان العالمي شارلي شابلن من مبدأ تلك الدولة الديني ، وطابعها اليهودي ، وكتب في يناير 1947 بمقال نشره في جريدة " فيران تيرو" السويسرية يقول: " أن تكون يهوديا أومسلما أومسيحيا يعني بالنسبة لي أن تكون طويل القامة أوقصيرها ، أما إنشاء دولة لليهود بالقوة المسلحة فإنه يعني أن سم العنصرية النازي قد تسلل من جسد الجلاد إلي الضحية ، فصارت الضحية بدورها جلادا تبحث عن ضحية ستصبح هي الشعب الفلسطيني ، وفكرة جمع اليهود في دولة كهذه تشبه أن يفكر أحد في جمع الكاثوليك في الفاتيكان ".

وفي حينه رفض شابلن قبول الدعوة الموجهة إليه بأن يحمل جواز السفر رقم 1 في إسرائيل ، وحدد موقفه بوضوح من قيام إسرائيل لأنه فنان عالمي حقا ذوضمير إنساني وليس مجرد أفاق مثل الموسيقى " بارينبويم " الذي دافع عنه بعض المثقفين بحكم أوبحجم رواتبهم. لكن ما كان شابلن يسخر منه قد تحول على يدي نتنياهوإلي واقع كئيب ! وقد كان مطلب إسرائيل في البداية أن يعترف العرب بدولة إسرائيل ، وبحقها في الوجود ، واعتبرت إسرائيل أن عدم الاعتراف هوالعقبة الوحيدة في وجه السلام ، فاعترف العرب والفلسطينيون بذلك عبر اتفاقيات للسلام مضى عليها أكثر من ثلاثين عاما وأكدوا اعترافهم عبر مبادرات سياسية أخرى لاحقة، فإذا بإسرائيل تبرز في خطاب نتنياهومطلبا جديدا هوالاعتراف بيهودية الدولة معتبرة أن ذلك هوالعقبة الوحيدة في وجه السلام ! وحينما يعترف العرب والفلسطينيون بيهودية الدولة ستجد إسرائيل مطلبا آخر كأن يعترف العرب بأن الهواء والماء يهوديان ، وستكرر حديثها عن العقبة الوحيدة وعن تعنت العرب. ذلك أن الكيان الصهيوني العنصري لا يريد سلاما وقد منحه العرب فرصة ثلاثين عاما كاملة من السلام رسخ خلالها نهج التوسع والاستيطان والحروب.

\وقد صار حتى الحجر ، والخشب ، والحديد ، يعي أن إسرائيل لا تبحث عن أي نوع من السلام ، حتى مع المعتدلين جدا مثل " منظمة فتح " التي لامها نتنياهولأنها غير مستعدة للاعتراف بيهودية إسرائيل. وقد نسف الخطاب أولا فكرة الدولة الفلسطينية وسيادتها بالحديث عن دولة منزوعة السلاح ، بلا جيش ، لا سيطرة لها على أجوائها ، ولا حق لها في عقد تحالفات عسكرية ، وخاضعة لمراقبة دولية وإسرائيلية.

ثم نسف مبدأ أن تصبح القدس العربية عاصمة الدولة الفلسطينية مؤكدا أن القدس ستظل " عاصمة إسرائيل الموحدة " ثم نسف حق عودة اللاجئين الفلسطينيين ( 3 مليون ) بتأكيده أن تلك المشكلة ينبغي حلها " خارج دولة إسرائيل " ، الأخطر من ذلك أن رسخ لإسرائيل حق مواصلة الاستيطان بقوله إن المستوطنين هم: " أشقاؤنا وشقيقاتنا وهم جمهور طليعي يحمل معتقدات صهيونية ويتميز بقيمه الرفيعة " !.

لقد جاء خطاب نتنياهوفي جوهره أقرب إلي إعلان حربي يؤكد علاقة إسرائيل العدوانية بالمنطقة مستقبلا وأنه لا سلام ولا حتى هدوء مع إسرائيل،هذا ما أدركته حتى" قلوع المراكب".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى