نحو تدخل دولي عاجل لاطلاق سراح الأسرى المرضى وتأمين العلاج لهم
سياسة الاهمال الطبي التي تمارسها سلطات الاحتلال وادارات السجون بحق الأسرى المرضى، أصبحت سياسة رسمية، وتشكل خطرا حقيقيا على صحة الأسرى المرضى، وتنذر بتحولها من اهمال طبي الى سياسة اعدام وقتل متعمد، وهذا ما حدث لعدد كبير من الأسرى المرضي، الذين قتلوا واستشهدوا في سجون الاحتلال بسبب سياسة الاهمال الطبي وكان من آخرهم ناصر أبو حميد (50 عاما) الذي استشهد في العاشر من ديسمبر/كانون الأول 2022 نتيجة الإهمال الطبي بعد إصابته بسرطان الرئة، وفشلت كل المساعي للإفراج عنه، وهو من مخيم الأمعري قرب رام الله، واعتقل عام 2002. والأسير أحمد بدر أبو علي (48 عاما) الذي نُقل بتاريخ العاشر من فبراير/شباط 2023 من سجن النقب إلى مستشفى سوروكا واستشهد هناك بعد ساعات قليلة نتيجة الإهمال الطبي لفترة طويلة، وهو من مدينة يطا جنوبي الخليل، واعتقل عام 2012.
واليوم تخشى أسرة الأسير عاصف الرفاعي المصاب بمرض السرطان، أن يلقى نفس المصير فالأسير الفلسطيني عاصف عبد المعطي الرفاعي (21 عاماً)، من قرية كفر عين شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، المصاب بمرض السرطان، تخشى أسرته من فقدانه في أي لحظة، وذلك في ضوء تفاقم حالته الصحية بعد اكتشاف تطورات جديدة للورم داخل جسده. القلق يتصاعد أكثر بسبب الإهمال الطبي الذي يعانيه عاصف منذ اعتقاله في سجون الاحتلال الإسرائيلي قبل عام تقريباً.
والجدير بالذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل في سجونها أكثر من 700 أسير مريض، منهم حوالي 200 أسير يعانون من أمراض مزمنة، بما في ذلك 24 أسيراً يكافحون مع مرض السرطان والأورام بدرجات متفاوتة، ومن بين هؤلاء، يُعتبر وضع الأسير عاصف الرفاعي من بين الأصعب والأشد.
كما أن الأسير وليد دقة (61 عاما) الذي اعتقل عام 1986، يواجه وضعا صحيا خطيرا، وكان محتجزا في قسم العناية الفائقة بمستشفى "برزيلاي" في مدينة عسقلان، وتم نقله الاحتلال إلى عيادة سجن الرملة ، وخضع لعملية جراحية جرى خلالها استئصال جزء من رئته اليمنى.تعرض دقة -وهو من بلدة باقة الغربية في الداخل- لانتكاسات متتالية في صحته منذ 20 مارس/آذار 2023 نتيجة الإهمال الطبي رغم معاناته من سرطان نادر يصيب نخاع العظم.
وفي تطور جديد عن حالة الأسرى المرضى كشفت هيئة الأسرى والمحررين، في تقرير، صدر يوم أمس الاثنين، بعد زيارة محاميها فادي عبيدات عن مجموعة من الحالات المرضية، لعدد من الأسرى الفلسطينيين القابعين في معتقل "النقب"، من بينها: حالة الأسير منذر ذيب ( 23عاماً)، من بلدة سلواد/ رام الله، والذي يعاني من الم بالجهة اليمنى من الظهر والبطن منذ شهر ونصف ولا يعرف السبب، وقد تم ابلاغه من قبل طبيب المعتقل بأنه بحاجة الى اجراء فحوصات في المستشفى، الا ان ادارة المعتقل تكتفي بإعطائه المسكنات فقط.
فيما يعاني الأسير ثائر حسنية (48 عاماً)، من مدينة جنين، من التهابات اللثة وتسوس بالاسنان والطواحين منذ عام 2005، أدى ذلك إلى تساقط اغلب طواحينه واسنانه لعدم تقديم العلاج اللازم له، وهو بحاجة الى علاج، ومازال ينتظر حتى الان، حيث تتعمد ادارة المعتقل اهمال وضعه الصحي، ويشتكي أيضاً من التهابات بالأذن الوسطى ولا يعطى سوى القطرة، وهو بحاجة الى إجراء صور أشعة وعرضه على دكتور اذن وحنجرة، الا ان ادارة السجن ما زالت تمارس سياسة إبقاء الوضع على ماهو عليه، الأمر يزيد من معاناة الاسرى وخاصة ذوي الأحكام العالية.
أما الأسير ابراهيم عباس (23عاماً)، من مدينة جنين، والمتواجد حالياً في معتقل "النقب"، يعاني من مشاكل صحية حيث يتعرض لحالات إغماء متكررة بشكل يومي، وبدون أي سبب وتم نقله الى مستشفى "سوروكا"، ومكث فيه لمدة أربعة أيام وأجريت له العديد من الفحوصات الطبية، وتخطيط الدماغ، وصور الاشعة، بالاضافة الى فحوصات الدم، حيث أظهرت نتائج الفحوصات بأنها مستقرة علماً بأنه تعرض لحالات اغماء بالمستشفى، ويشتكي من آلام وأوجاع حادة بالرأس مما يفقده القدرة بعدها على الرؤية ويفقده الوعي، إلا أن ادارة المعتقل تكتفي باعطائه المسكنات وتتعمد إهماله طبياً.
بينما يعاني الأسير محمد هنية (21) عاماً، من مدينة طولكرم، من ارتفاع حاد بنسبة السكر في الدم، ومنذ اسبوعين وصل الى مستويات قياسية ولا يهبط عن 400( ملغم) وادى هذا الارتفاع المفاجئ الى هبوط حاد بالوزن، وخلال اسبوع فقط الأسير هنية (20 كيلو) من وزنه ، كما ويتقيأ الأسير كل شيء يتناوله ويشتكي من آلام بالبطن وتم نقله الى عيادة السجن و إعطائه ابر أنسولين بالوريد لتخفيض نسبة السكر ولكن بدون أية فائدة، وتم اعادته الى القسم ونتيجة لعدم استقرار وضعه الصحي اعيد الى المستشفى، وأجريت له العديد من الفحوصات الطبية، وأبلغه الأطباء بأن عمل البنكرياس توقف لديه، إلى جانب مشاكل بالغدة الدرقية وضعف بدقات القلب، وتراجع بالنظر وبقي الأسير هنية بالمستشفى لمدة ثلاثة ايام ليتم ارجاعه الى المعتقل.
أصبحت حالة الأسرى المرضى خطيرة جدا، وتنذر بمزيد من الشهداء الجدد في صفوف الأسرى المرضى، فسياسة الاهمال الطبي لدى حكومة الاحتلال تحولت الى سياسة القتل العمد، ان لم يتم الضغط على حكومة الاحتلال لوقفها، وهذا ما تنبه له التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين الذي عقد مؤتمره الثامن في مدريدة العاصمة الاسبانية يومي 30 /9 و 1/10/2023 الماضيين تحت شعار "الوقف الفوري للاهمال الطبي المتعمد واسترداد جثامين الشهداء"، حيث دعا المؤتمر في بيانه الختامي إلى ضرورة اطلاق حملة دولية تشارك فيها كافة المؤسسات الحقوقية، وحركات التضامن الدولية، للضغط على حكومة الاحتلال لوقف سياسة الاهمال الطبي التي تهدد حياة الأسرى المرضى بالخطر، حتى يتم الافراج الفوري عنهم، ولتوفير العلاج الطبي اللازم والمناسب لهم.