الأربعاء ١١ أيار (مايو) ٢٠٢٢

«هؤلاء أسعدوا القراء» ميمون حرش

محمد مختاري

الكاتب: ميمون حرش
الناشر: مكتبة الورياشي،
الطبعة الأولى- يناير 2022،
لوحة الغلاف: الفنان المغربي ابراهيم مشطاط،
التقديم: الأديب الخضر التهامي الورياشي،
المراجعة والتنضيد: الباحث محمد مختاري،
الطباعة: mesnana creation imprimerie – Tanger،
الإيداع القانوني: MO48952021،
ردمك:978-9920-34-577-4

يطلّ علينا، الكاتب ميمون حرش، مرّةً أخرى، بإنتاجٍ كتابي جديد. فبعدما عوّدنا على قصّه القصير، وقصه القصير جداً، ومقالاته الأخّاذة، أبى إلاّ أن نلمحه في حلة جديدة، حلة ترسخُ اللقاءَ مع الآخر الذي ليس إلا"أنا"ثانية وقد اعتلتْ عرش الإبداع. ولم يجد، إذ ذاك، مع هذه الحلة الطريفة، للتعبير عن هذا اللّقاء، سوى الاستفادةِ من الإمكانيات التي يتيحها الحوار..

"العرينُ"، أو"هؤلاء أسعدوا القراء"سلسلةُ حواراتٍ أقامها ميمون حِرش مع كُتّابٍ مغاربة ومشارقة يتقصّدُ من ورائها البحث عن الفراشةِ التي تلهمُهم الإبداعَ، والبحث عن"إشراقات"تنبجسُ لتضيء مجاهلَ قد يطؤها القارئُ وهو يقرأ لهؤلاء. وهم، كما كتبت جمانة حدّاد، لصوص نارٍ، سرقوا - مثلما فعل بروميثيوس- النّار من أجل القراء، لكي يستدفئوا بجمالياتها وإيحاءاتها، وكي تحميهم من برد الواقع القارس. وميمون حرش، إذ يجمعهم، يقوم بعمل أصعب، لأنه لا يكتفي بسرقة النار هو الآخر، بل يقيم لقاءات مع أناس بروميثيوسيين كثيرين، فهل سيحظى، بعد فعلته هذه، بعقاب الآلهة!

وهكذا، فالحوارُ، هنا، حرّيةٌ: لأنه يفسح المجال"للآخر"(المبدع) من أجل الإفصاح عن خوالجه، والتعبير عمّا هو بأمسّ الحاجة لإيصاله إلى المتلقي. فينفلتُ حِرش، إذ ذاك، من كلّ نبرةٍ سلطوية أو أحاديةٍ في الكتابة، ويكون أقربَ إلى إنصاف الآخر وعدم سلبه حقَّهُ في تبليغ مقالِهِ عن حياته وعن نظرته إلى الأدب وعن أمور أخرى...

يجمع حرش في كتابه"هؤلاء أسعدوا القراء"بين مبدعين من مناطق متباعدة، (نجاة قيشو، والخضر التهامي الورياشي، ويونس بوتكمانتي، وسمية البوغافرية (يرحمها الله)،وجميل حمداوي، ورامية نجيمة، ومحمد يويو، ومولاي الحسن بن سيدي علي،وعبد الرحيم فوزي، وحسن قرى، وبوجمعة لكريك، ومحمد العتروس، وفاطمة وهيدي، وزلفى أشهبون، وماجدة البارودي، وجمعة شنب، وجمال الدين الخضيري، وحسين دراز، والمصطفى الكليتي، ومحمد مختاري، ورضوان بن شيكار) ويقيمُ لهم موعداً تحتَ سقف الأدب والإبداع، فلا كاتب يصبح نائياً عن كاتب، في الحوار، مهما بدت المسافات الجغرافية واسعة وشاسعة بينهما؛ إنه اللقاء والقرابة للأدب ومن أجل الأدب، ففيه يُشيّدُ المُحاوِرُ والمحاوَرُ صرحَ حوارٍ أدبيّ مفعم بالفائدة، درجةً درجة لبنةً لبنةً، إلى أن ينتهي الحديثُ لفظاً، ولا ينتهي معنىً؛ لأنه يفتحُ المجال أمام القارئ لتصوّر كلّ ما تمّ التوصل إليه عبر رحلة شائقة، ملأى بقصديات ترمي إلى التكامل والانسجام مهما بدت الآراءُ مختلفةُ.

الكتاب، أيضاً، سفرٌ عبر مُبدَعاتِ المُبدعين، وقراءتها، وإعادة قراءتها من أجل المسك بتصور أكثر رحابة عن المبدِع المُحاوَر، وهو قراءةٌ للنصوص ولما وراء النصوص، قراءة لحياة المبدعين نفسها، قراءةً فاحصة تُجلي بمرآة إنعام النظر، ما قد يَغيبُ عن المبدع نفسه؛ إنها لحظات تُعدّ تكثيفاً للسؤال الواحد، ولذلك تجد هذا السؤال موضوعاً على طبق من مرمر وهو مقدّم إلى المُحاوَر؛ لأنه حصيلة مراكمة لتجارب قرائية عديدة في إنتاجات ضيوف العرين، ولأنهم"أسعدوا القراء"، فقد اجتمعوا في حوارات العرين.

يقول الكاتب الخضر الورياشي عن"هؤلاء أسعدوا القراء":"استطاع (حرش) أن يؤلف بين كتاب متعددين وأصدقاء مختلفين، وأن يجمعهم في (حوارات العرين)، ويلقي عليهم أسئلة نابضة بالثقافة، ويجيبونه بأجوبة خافقة بالمعرفة والإبداع(...)منهم قصاصون، ومنهم شعراء، ومنهم نقاد، ومنهم دارِسون للأدب وفنونه، ومنهم باحثون لكن غايتهم،فيما نرجح، أن يسعدوا القراء، ولعل لعذا السبب استقر اختيار جامع هذه الحوارات على عنوان"هؤلاء أسعدوا القراء".

محمد مختاري

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى