2010 عام اللغة العربية
طالبت ثمانية أحزاب موريتانية قومية وإسلامية بإعادة اللغة العربية إلى واجهة التعامل، وجعل عام 2010 عام اللغة العربية في بلد يدين كل سكانه بالإسلام، وينص دستوره على أن العربية هي لغته الرسمية الوحيدة.
ودعا رؤساء الأحزاب في مؤتمر صحفي عقد السبت بنواكشوط إلى الإسراع بتشكيل فريق برلماني للسهر على رفع التعطيل الجاثم على المادة السادسة من الدستور التي تؤكد أن العربية هي اللغة الرسمية لموريتانيا، وللقيام بنشاط برلماني وتشريعي يفرض تطبيق الدستور والقوانين المتعلقة به في هذا المجال.
كما دعوا أيضا أطياف الشعب الموريتاني كافة إلى القيام بحملة دعم ومناصرة شاملة للغة العربية بوصفها الحاضنة لهوية البلاد، ولقيمها الحضارية والثقافية، ولأن الاستمرار في تهميشها وتعطيلها لن يؤدي إلا إلى مزيد من التقهقر والتخاذل والضعف والاستلاب.
وكانت موريتانيا قد نظمت في الأيام الماضية أسبوعا لدعم اللغة العربية، وأكد رئيس الوزراء مولاي ولد محمد الأغظف أن موريتانيا ستبقى منقوصة الهوية والسيادة ما لم تتبوأ اللغة العربية مكانتها وتصبح لغة عمل وتعامل، ودعا إلى تفعيلها في الإدارة والعمل اليومي.
ويأتي تحرك الأحزاب القومية الموريتانية في وقت يشتد فيه الجدل والخصام بين دعاة التعريب، وبين الناشطين في سبيل إبقاء اللغة الفرنسية لغة مسيطرة على الإدارة وسوق العمل، وأكثر من ذلك على المناهج الدراسية والتعليمية.
غياب الإرادة
وتعليقا على هذا الجدل قال المؤرخ والأستاذ الجامعي حماه الله ولد السالم للجزيرة نت إن قضية التعريب قضية محسومة ليس فقط بالدستور والقانون الذي ينص عليها ويفرضها، وإنما أيضا بحكم التاريخ والتركيبة الاجتماعية للبلد.
ونوه إلى أن العرب يمثلون أغلبية الشعب الموريتاني، ويجب أن تحترم الأقلية رغبة الأغلبية، تماما كما هو الحال في كل بلدان العالم، هذا فضلا عن أن أغلبية الأقلية تتحدث العربية وتنصفها وتتعلق بها، لأن اللغة تمثل الوجه الآخر للدين.
وبشأن العوائق التي تقف أمام التعريب رأي ولد السالم أن أهمها يتمثل في غياب إرادة سياسية حقيقية، رغم تأكيده على أهمية التصريحات التي أطلقها رئيس الوزراء الموريتاني أخيرا، لكنه أبدى خشيته من أن تكون ذات طابع يتعلق بمناسبة آنية ولا تعبر عن نية للتغيير.
وحمل بشدة على من يصفه بالتيار الفرانكفوني التغريبي، قائلا إنه يمثل أقلية علمانية لا تمثل العرب ولا الزنوج وإنما تستغل كل السلطات المتعاقبة لإبقاء الفرنسية مسيطرة على البلاد والعباد.
طريقة خاطئة
بدوره يؤكد الباحث والمثقف اكناته ولد النقرة في تصريح للجزيرة نت أن المنحنى الهابط للغة العربية في موريتانيا بدأ منذ الاستقلال، حيث تم حشرها منذ ذلك الوقت في الزاوية، ولم تعط حظها في الإدارة والتعليم.
ويضيف ولد النقرة أن مما زاد في عزلة اللغة العربية بموريتانيا الطريقة التي قدمها بها التيار العروبي في العقود الأخيرة، حيث تم تقديمها باعتبارها لغة قوم، لا لغة أمة، مما أدى لنفور الزنوج منها، هذا بالإضافة إلى دور البعد الخارجي الذي لا يخفى، حسب قوله.
وشدد على أن الذي يجب أن يفهمه الزنوج هو أن تبوؤ العربية لمكانتها لا يعني إلحاقا ثقافيا لهم، فلا فرض ولا إلغاء في هذا المجال، وإنما هو تمكين للغة القرآن، وهي لغة الأغلبية التي من حقها أن تسود في ظل احترام خصوصيات الأقليات.