القصة القصيرة فـي الأردن - الجذور والتحولات
بدأ فن القصة في زمن مبكر جدا من حياة الانسان على الارض، حين كانت القصة تقدم على شكل حكاية للمستمعين البدائيين، وكانت القصص النثرية قد ظهرت قبل الملاحم الشعرية في الأدب اليوناني في القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد، مختلطة فيها الحوادث الممكنة في الواقع، مع المغامرات والسحر والأحداث الخارقة، ثم ظهرت في الأدب الروماني في أواخر القرن الأول بعد الميلاد، أما العصور الوسطى وبدايات عصر النهضة، فقد شهدت قصص المخاطرات المعتمدة على الأساطير والجنيات والخوارق والفروسية، حتى كانت قصص الايطالي «بوكاشيو» التي ظهرت في كتاب عام 1355، والتي نقلت فن القصة خطوة مهمة نحو الواقع، ثم كانت قصص الاسباني «سرفانتس» التي قلدت الفروسية تقليدا ساخرا، وفي القرنين السادس عشر والسابع عشر ظهرت في الأدب الاسباني قصص الشطار، وتأثرت القصة في القرن السابع عشر بالكلاسيكية، ثم تطور هذا الفن الحديث حتى عرفته أوروبا في القرن الثامن عشر، وحدد النقاد آنذاك طولها ما بين 1500و10000كلمة، ورأوا أنها تمثل حدثا واحدا في وقت واحد، وتتناول شخصية مفردة أو حادثة مفردة أو مجموعة من العواطف التي أثارها موقف مفرد، وأنها حوادث وأفعال، تقع في زمان ومكان، وتصدر عن أناس أو تقع لهم، ويجمعها القاص بأسلوبه الخاص، كما حددوا لها أربعة أركان هي: الحادثة، الشخصية، العقدة أو الحبكة، الأسلوب.
ولدى استقصاء الجذور التاريخية لفن القصة في الأدب العربي، لا بد من الاشارة إلى ان العرب في جاهليتهم كانوا يمتلكون حكايات يتلهون بها ويسمرون، أما القصص الأولى فقد رواها الطبري في تاريخه، وتم استبعاد القصص الغزلي المتمثل في أخبار العذريين المتفرقة، لأنها تحتاج إلى قدر كبير من التناسق والربط بين الأحداث والشخصيات، ولدى الحديث عن القصة العربية، يتم التوقف عادة عند نوعين من القصص، أحدهما مترجم، ويتمثل في «كليلة ودمنة»، و«ألف ليلة وليلة» وثانيهما عربي أصيل، ويتمثل في «المقامات»، أما القصة العربية بمعناها الحديث، فقد بدأت متأثرة بالقصص المعروفة في أدبنا القديم في أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، حيث بدأ الوعي الفني ينمي جنس القصة من موردها الناضج في الآداب الأخرى، وأخذ الوعي الفني الخلاق بالنضج، وبدأ أدباء العربية يبدعون قصصا تتصل بعصرنا وبيئتنا وتتفاعل مع مجتمعاتنا، وكان تأثر قصاصينا أولا بالكلاسيكية باعتبارها مذهبا محافظا، ثم تأثروا بالرومانسية خاصة في منهج القصص التاريخية، وفي منهج القصة التاريخية الرومانتيكية في نزعتها العاطفية القومية والوطنية، ومن ثم بدأت القصة العربية تتأثر بالاتجاهات الفلسفية والواقعية في معالجة الحقائق الكبرى أو المشكلات الاجتماعية المهمة.
وهج البدايات
وتشير الدراسات التي تؤرخ للحركة الأدبية في الأردن، والتي تدرس فن القصة من خلال أعلامه، أن خليل بيدس، قد كان رائدا لفن القصة القصيرة في فلسطين والأردن وفي الوطن العربي أيضا منذ مطلع القرن السابق، ثم تتجه الأنظار إلى محمود سيف الدين الايراني حيث بدأ يكتب القصة القصيرة منذ مطلع الثلاثينيات حتى وفاته، وإلى نجاتي صدقي وعارف العزوني وأحمد الدباغ وحنا سويدة وعبدالحميد ياسين الذي ظهرت أولى قصصه عام 1946، وإلى جانب هؤلاء، يستذكر الباحثون د. محمد صبحي أبوغنيمة الذي نشر قصصا في العشرينيات والثلاثينيات، وتجلى ابداعه في قصته الرائعة «الله محبة»، وشكري شعشاعه صاحب كتاب «ذكريات» وعبدالحليم عباس صاحب رواية «فتاة من فلسطين» التي يعتبرها الباحثون أول قصة تتعرض لنكبة فلسطين وتشرد أهلها، أما اسحق موسى الحسيني صاحب «مذكرات دجاجة» فيرى النقاد انه كتب القصة وهو ليس من أهلها، ثم يظهر الراحل محمد أديب العامري صاحب الاتجاه الاخلاقي في القصة الأردنية من خلال مجموعته «شعاع النور»، بينما يعتبر الراحل حسني فريز، صاحب «قصص ونقدات» رائدا لمذهب النقد الاجتماعي المباشر في القصة الأردنية، أما قصص الراحل عيسى الناعوري (طريق الشوك، خلي السيف يقول، بيت وراء الحدود) فقد صنفت ضمن الاتجاه الرومانسي، أما القصص التي كتبها أمين فارس ملحس في مجموعاته (من وحي الواقع، أبومصطفى وقصص اخرى، ذيول) وتحديدا ما بين أربعينيات وثمانينينات القرن الماضي، فقد صنفت ضمن القصص الشعبي، وكان محمد سعيد الجنيدي من كتاب القصة النفسية التحليلية، وخاصة في مجموعتيه (الدحنون، الله والشيطان)، أما أحمد العناني فتصنف قصصه ضمن الاتجاه الفكري الأخلاقي والمثالي، ومثله يوسف العظم الذي تبدت في قصصصه وقصائده مواقفه الأخلاقية السامية، وراوحت سميرة عزام بين الرومانسية والواقعية في مجموعاتها: (أشياء صغيرة، الظل الكبير، الساعة والانسان)، وفي مجموعة «عابرو سبيل» مثلت نجوى قعوار فرح الاتجاه الاجتماعي في القصة، أما عقلة حداد، الذي ظهرت مجموعته الأولى في منتصف الخمسينيات بعنوان «جسر تحطم» فقد مهد الطريق للاتجاه الواقعي في القصة المحلية.
ويمكن اعتبار عقد الخمسينيات من القرن الماضي، بداية لتكوين القصة القصيرة بملامحها المتميزة في الأردن، فقد شهدت هذه الفترة انقلابا كبيرا في الحياة الفكرية، ولعبت الظروف السياسية دورا خطيرا في تشكيل الملامح الثقافية، إبتداء من هجرة فلسطينيي 1948إلى أراضي دول عربية أخرى، الأمر الذي أحدث تغييرا في البنى المكانية والاقتصادية والاجتماعية في الدول التي هاجر إليها اللاجئون، فأصبح المجتمع الجديد في المملكة مرتعا للمعاناة الفكرية والأدبية، وقد استمر معظم كتاب القصة الذين ظهروا حتى نهاية الخمسينيات في عطائهم، حتى كانت بداية الستينيات التي أفرزت جيلا واكب عمليات التجريب التي شهدها الوطن العربي على صعيد فن القصة، وفي الوقت نفسه استخدم أشكالا قصصية حديثة تراوحت ما بين الرمزية والتجريدية والسريالية، وساهم في إعادة بناء القصة القصيرة كشكل فني متميز في الساحة الأردنية، ومن رواد ذلك الجيل القاصون: خليل السواحري، محمود شقير، مفيد نحلة، نمر سرحان، جمال ابوحمدان، فخري قعوار، فايز محمود، سالم النحاس، تيسير سبول، فؤاد القسوس، عصام موسى، ماجد ذيب غنما، يحيى يخلف، فاروق وادي، أحمد الخطيب، صبحي شحروري، ماجد أبوشرار، رشاد ابوشاور، ولم يكن ذلك يعني النهاية بالنسبة للأجيال القصصية السابقة التي صمت معظمها، واستمر بعضها، وخاصة: فؤاد القسوس الذي كتب أول قصة عام 1949 وواصل الكتابة في الخمسينيات وما بعدها، وتم تصنيف قصصه ضمن الواقعية المثالية، أما شقيقته ميسر القسوس الطرزي فكتبت آنذاك القصص الوطنية والاجتماعية والتربوية، اما الأدباء: محمود سيف الدين الايراني، أمين فارس ملحس، عيسى الناعوري، فقد واصلوا العطاء القصصي الذي وازى نشاط القصاصين الشباب الذين ساهمت مجلة «الأفق الجديد» المقدسية (1961-1965) في احتضان أعمالهم الابداعية المتقدمة، والتي تتخلص اتجاهاتها على النحو التالي:
1. الاتجاه الواقعي الاجتماعي الذي يميل إلى تحليل الواقع وتناقضاته وفقا لمنظورات جدلية، ومن أبرز الاسماء التي كانت تنضوي تحت إطار هذا الاتجاه: خليل السواحري، محمود شقير، فخري قعوار، يحيى يخلف، وقد طرأت فيما بعد تطورات على الاتجاه القصصي لمعظم هؤلاء.
2. الاتجاه الواقعي الملتزم بالقضية الفلسطينية، وقد عكف أصحاب هذا الاتجاه على معالجة ذيول المأساة الفلسطينية وتفرعاتها من خلال شكل قصصي شبه تقليدي مع ميل إلى الرومانسية، ومن أبرز ممثلي هذا الاتجاه: ماجد أبوشرار، محمد أبو شلباية، نمر سرحان، صبحي شحروري.
3. الاتجاه الرمزي الذي يختلف في طبيعته بين كاتب وآخر ممن يندرجون تحت إطاره، وإذا كان ثمة سمات مشتركة تجمع بين القصص التي تنضوي تحت هذا الاتجاه، فهي السرد الشعري، ومحاولة استبدال الواقع بالرمز، ومن أبرز ممثلي هذا الاتجاه: جمال أبوحمدان، وبدر عبدالحق.
4. الاتجاه الفلسفي: ويمثله بشكل أساسي كل من: فايز محمود وأمين شنار، ويمكن أن نطلق عليه مجازا اسم الاتجاه المثالي الذي يتناول الفكرة الفلسفية، ويجعل منها أساسا للعمل القصصي، وتغدو بذلك الأحداث والشخوص مجرد أدوات تدور حول هذه الفكرة.
5. الاتجاه الرومانسي:ليس بالامكان إدراج قاص بعينه في هذا الاتجاه، رغم أن هناك قصصا لأكثر من قاص تندرج تحت هذا الاطار، إلا ان مفيد نحلة يمكن أن يكون من أبرز ممثلي هذا الاتجاه.
6. أما تيسير سبول وسالم النحاس فتتميز أعمالهما الابداعية بمضامينها السياسية وتكثيفها للغة السرد والارتفاع بها إلى مستوى الشعر.
إصدارات ريادية
أما المجموعات القصصية التي صدرت في الأردن خلال السنوات 1948-1967، فهي حسب تاريخ صدورها: من وحي الواقع (أمين فارس ملحس) عبدالحميد الأنشاصي (عطف أم وقصص أخرى) شعاع النور (محمد أديب العامري) الأخوات الحزينات (نجاتي صدقي) وطنية خالدة وأزاهير الصحراء (روكس العزيزي) طريق الشوك (عيسى الناعوري) مع الناس (محمود سيف الدين الايراني) المجنون يعشق الموت (ميشيل الحاج) خلي السيف يقول (عيسى الناعوري) قصص ونقدات (حسني فريز) الدحنون (محمد سعيد الجنيدي) عشر أقاصيص مصورة (عبدالحميد ياسين) عائد إلى الميدان (عيسى الناعوري) ما أقل الثمن (الايراني) حبة البرتقال (أحمد العناني) يا ايها الانسان (يوسف العظم) الشيوعي المليونير (نجاتي صدقي) متى ينتهي الليل(الايراني) وهناك أربع مجموعات قصصية نشرت بعد عام 1967، ولكن قصصها تنتمي إلى هذه الفترة وهي: ابومصطفى (ملحس) صور مبتداها يافا (ابراهيم سكجها) ذلك المجهول (سليمان موسى) المعطف القديم (صبحي شحروري).
وتتضح من كتاب (فهرست القصة القصيرة في الأردن 1920-1967) الذي أعده د.خلف خازر الخريشة، وأصدره مركز الدراسات الأردنية في جامعة اليرموك، الأرقام التالية:
1.أن عدد القصص الأردنية القصيرة التي تم نشرها في الصحف والمجلات المحلية والعربية خلال السنوات التي يغطيها الكتاب المذكور(1481) قصة قصيرة، منها (1186) قصة معروفة المؤلف، و(96) قصة لم يكتب مؤلفوها أسماءهم الحقيقية، بل كتبوا رموزا وأسماء مستعارة بدلا منها، و(209) قصص قصيرة تمت الاشارة إلى انها لكتاب مجهولين.
2. أن الأردن قد شهد خلال السنوات المذكورة نبوغ (579) قاصا وقاصة، تمت معرفة أسماء(342) منهم، وبقي (237) قاصا وقاصة غير معروفي الأسماء.
ومع نكبة 5 حزيران 1967 تشكل عامل جديد أثر في تطور القصة القصيرة في الأردن، وكرس ضغطا في الوسط الثقافي أدى إلى هجرة بعض القصاصين من فلسطين المحتلة اختيارا، أو إبعادا كما هو الحال لدى خليل السواحري، محمود شقير، نمر سرحان، واتسعت المعاناة، وصار مجتمع المخيم واقعا اجتماعيا مفروضا لا سبيل إلى تجاهل التعبير عن معاناة أهله فنيا وبكل الوسائل المتاحة، واستمرت الأسماء الشابة في عطائها الذي بدأ يغلب عليه الطرح الواقعي التسجيلي حينا، مع محاولة طفيفة لاختراق حركة الواقع وابراز حالات الفعل فيه أحيانا.
قصص السبعينيات
ورغم مغادرة بعض القصاصين للمملكة في السبعينيات ومنهم: يحيى يخلف، رشاد أبوشاور، فاروق وادي، الا ان هذه الفترة شهدت ظهور رابطة الكتاب الأردنيين التي أسهمت في دفع فن القصة خطوات سريعة ومتقدمة إلى الأمام، عدا عن رعاية القاصين، واتاحة الفرصة أمامهم للنشر، او للقراءات القصصية وما يتلوها من تعقيبات نقدية ونقاشات بحثية مهمة، كما شهدت السبعينيات أيضا ظهور مبدعين جدد في فني القصة والرواية منهم: عدي مدانات، هاشم غرايبة، يوسف ضمرة، هند ابو الشعر، ابراهيم العبسي، جمال ناجي، سهير التل، الياس فركوح، خليل قنديل، أحمد عودة، مصطفى صالح، يوسف الغزو، محمد طمليه،، عزمي خميس، عمر عدس، عصام الموسى، عدنان علي خالد، جمعة شنب، قاسم توفيق، وليم هلسة، أنور أبو مغلي، منذر رشراش،، نمر أحمد نمر، فؤاد القسوس، سعادة أبو عراق، عطيه عبدالله، محمود الزيودي،، محمد داوديه، عبدالله الشحام، عيسى الجراجرة الضمور، ابراهيم خليل، وليد سليمان، أحمد جبر، محمد عيد، رجاء ابو غزالة، تريز حداد، زهرة عمر، محمد الجالوس، محمد عيد، عبدالغني عبدالهادي.
ومع حلول السبعينيات، بدأت القصة في الأردن تتبوأ مركزها الحقيقي، حيث تميز انتاجها القصصي بالتنوع والزخم وسمو التجربة والتطوير الفني الواضح، حيث استوعب كتاب تلك المرحلة التجربة الطويلة الصعبة السابقة، وصار لما يكتبونه هوية وخصوصية، أعطت لتجربتهم نفسا محليا لا يتوقف عند نموذج أو شكل أو حالة، وأدى هذا بالكتاب إلى الشعور بالثقة بتجاربهم الفنية، مما سمح بالتجريب من حيث الشكل للوصول إلى لغة خاصة، تتميز بالتركيز والتحلل من التفاصيل، والايجاز في الاستعمال مع ميل واضح إلى الايحاء والتداعي والتصوير الذكي، الأمر الذي أدى إلى اشراك القارئ وتفاعله، فما عاد مجرد متلق، لأن نصوص هذه المرحلة أصرت على طرح معضلات الشخصية العربية والمحلية، وورطت القارئ وجرته إلى ساحة معركته فنيا، وبشكل لم يسبق له مثيل.
أما المضامين، فقد تنوعت وانفرشت على أرضية واسعة، صحيح أن نماذج هذه المرحلة تطرح حالة الفشل والاحباط، وتفوح منها رائحة الحزن والغربة وفقدان العلاقات، وبهتان صورة الحلم، ذلك ان جيل السبعينيات عايش فترة حرجة على الصعيدين السياسي والاجتماعي، وتشرب قوة وفورة الاندفاعة القومية، لكن أحداث نكسة حزيران صدمته، وانهزم الحلم في مخيلات الكتاب بما جرته النكسة من آثار لاحقة.
وفيما يلي عناوين المجموعات القصصية التي صدرت خلال السنوات (1970-1980) كما اوردها الناقد عبدالله رضوان في كتابه «النموذج» (ص163-164): أحزان كثيرة وثلاثة غزلان(جمال ابوحمدان) أصابع في الظلام (الايراني) أقاصيص أردنية، حكايا جديدة (الناعوري) 3أصوات (خليل السواحري، فخري قعوار، بدرعبدالحق) حكايات الفارس المدحور(عصام الموسى) حين لا ينفع البكاء (أحمد عودة) حكاية الأسوار القديمة (مفيد نحلة) لماذا بكت سوزي كثيرا، ممنوع لعب الشطرنج (فخري قعوار) أبومصطفى وقصص أخرى (أمين فارس ملحس) العبور من دون جدوى (فايز محمود) مقهى الباشورة (خليل السواحري) خبز الآخرين، الولد الفلسطيني (محمود شقير) الخجول (نمر أحمد نمر) التحديق في ملامح الغربة (تريز حداد) الذاكرة والزمن (عدنان علي خالد) آن لنا أن نفرح (قاسم توفيق) المطر الرمادي (ابراهيم العبسي) العربات (يوسف ضمرة) البيت القديم (يوسف الغزو) زعتر التل (أحمد عودة) الأبله (فايزمحمود) وأنت يا مأدبا (سالم النحاس) الصفعة (الياس فركوح).
أما مجموعة القاصة سميحة علي خريس(مع الأرض) الصادرة عن دار الأيام في الخرطوم عام 1978، ومجموعتها (أوركسترا) الصادرة عام 1998 عن دار الكندي في اربد، فتمثلان تحولات الواقع والابداع معا، وتعبران عن قدرتها على استثمار مختلف منجزات السرد القصصي لتمس الحياة الانسانية بكل ما فيها من شمول وعمومية، مع الانحياز لـ «الجنوسة» أحيانا، وتصنفان ضمن الواقعية بأبعادها النقدية والسحرية.
ونشير بالايجاب هنا إلى بعض الأعمال القصصية الصادرة خارج المملكة، والتي لم يوفها النقاد حقها عند صدورها، وهي «وديع والقديسة ميلانة وآخرون» للأديب الراحل غالب هلسا التي صدرت عن دار الثقافة الجديدة في القاهرة عام 1968، وأعادت دار ازمنة إصدارها في عمان عام 1982، ومجموعات الراحل «مؤنس الرزاز»: «البحر من ورائكم» الصادرة عن وزارة الثقافة والاعلام في بغداد عام 1976، و«مد اللسان الصغير في مواجهة العالم الكبير»، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت عام 1982، و«النمرود» الصادرة عن المؤسسة نفسها عام
1980.
وفيما يلي أسماء عدد من كتاب القصة القصيرة في الأردن، الذين نشروا مجموعات قصصية في الثمانينيات، مرتبة حسب الأحرف الهجائية: (ابراهيم خليل، ابراهيم سكجها، ابراهيم العبسي، أحمد ابوعرقوب، د.أحمد الزعبي، أحمد جبر، أحمد عودة، أكرم النجار، الياس فركوح، أمين فارس ملحس، انصاف قلعجي، أنور ابومغلي، تريز حداد، جمعه شنب، د.جواد العناني، حيدر قفة، خالد محادين، خليل قنديل، خالد محمد صالح، خليل السواحري، خير الحناوي، رغدة الشرباتي، رجاء ابوغزالة، زليخة ابو ريشة، زهيرة زقطان، سامية العطعوط، سحر ملص، سعادة ابوعراق، سعود قبيلات، سليمان الموسى، سميحة علي خريس، سمير نصار، سهير التل، شحادة الناطور، صبحي فحماوي، طلعت شناعه، طه الهباهبة، عائشة الرازم، عبدالله الشحام، عبدالحميد الانشاصي، عدنان علي خالد، عدي مدانات، عصام الموسى، عقلة حداد، علي حسين خلف، علي اللوزي، علي عبيد الساعي، عيسى الجراجرة، غنام غنام، فخري قعوار، د.فواز طوقان، فوزالدين البسومي، فيصل عوكل، قاسم توفيق، ماجد غنما، محمد الجالوس، محمد خليل، محمد الصورباهري، محمد طمليه، محمد عيد، محمد كعوش، محمد مشه، محمود الريماوي، محمود شقير، مصطفى صالح، مفيد نحله، ممدوح ابودلهوم، منير الهور، منيرة شريح، منيرة قهوجي، نايف قطناني، هاشم غرايبة، هدى ابو غنيمة، هند ابو الشعر، وليد يوسف، وليم هلسة، يوسف ضمرة، يوسف الغزو، يوسف يوسف.
ومنذ عام 1990، وحتى العام الجاري 2005، واكبت الحركة الأدبية الأردنـــــية، جملة التطورات التي شهدتها الحياة الثقافية العربية والعالمية، فانعكست معطياتها على مختلف الأجناس الأدبية، وفي مقدمتها القصة القصيرة، التي ساهم في تطويرها جماليا وموضوعيا، كوكبة من كتاب القصة الذين ظهروا إبان هذه الحقبة، بالاضافة الى زملائهم الذين حملوا راية الابداع الأدبي الملتزم، ولا بد من التوقف عند أبرز سمات هذا الفن، التي ساهم في رسم ابرز معالمها جيل جديد من كتاب القصة، الذين ظهرت مجموعاتهم القصصية وعرف القراء أسماءهم لأول مرة بعد ذلك العام، دون الانتقاص من دور الأجيال السابقة في إثراء فن القصة، حيث ما زالت قصصهم تحظى باهتمام النقاد، وتساهم في إبراز الوجه المشرق للقصة العربية، مؤكدين قبل الغوص في التفاصيل، ان كتاب القصة القصيرة في الأردن قد عكسوا في قصصهم إبان هذه الحقبة، سلسلة من الأحداث الكبيرة المؤثرة، والتي يأتي في مقدمتها: الغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982، الحرب العراقية الايرانية، الانتفاضة الفلسطينية، التحول الديمقراطي، حرب الخليج، المسيرة السلمية، وممن نشروا مجموعات قصصية، او نشروا أعمالهم القصصية في الصحف والمجلات، خلال السنوات 1990-2005،(حسب الأحرف الهجائية) القاصون: ابراهيم جابر، ابراهيم زعرور، ابراهيم العجلوني، ابراهيم عقرباوي، ابراهيم عوض الله، ابراهيم غبيش، أحمد أبو حليوة، أحمد جبر، أحمد كايد، أحمد الزعبي، أحمد طمليه، أحمد عودة، أحمد النعيمي، اسعد العزوني، الياس فركوح، د.أمين يوسف عودة، أميمة الناصر، أمينة الحجوج، انتصار عباس، انصاف قلعجي، أنور أبومغلي، د.باسم الزعبي، بسمة فتحي، بسمة النسور، بسمة النمري، تريز حداد، تغريد قنديل، د.توفيق أبو الرب، تيسير ابو ارشيد، تيسير نظمي، جعفر العقيلي، د.جلال فاخوري، جمال ابو حمدان، جمال القيسي، جمال ناجي، جمعة شنب، جميلة عمايرة، جواهر رفايعة، حاتم رشيد، حزامة حبايب، حسام الرشيد، حسين الطريفي، حنان بيروتي، حنين حمودة، حيدر قفة، خالد محادين، خالد محمد صالح، خلود جرادة، خليل السواحري، خليل قنديل، رسمي أبو علي، رشاد أبو شاور، رشاد رداد، رفعت العلان، رفقة دودين، رمزي الغزوي، رمضان رواشدة،ريم قاسم، زكي الغول، زياد ابو لبن، سالم النحاس، سامي محريز، سامية العطعوط، سحر ملص، سعادة ابو عراق، سعود قبيلات، سلوى باجس، د.سليمان الأزرعي، د.سليمان الطراونة، سميحة علي خريس، سميحة المدني، سمير الشريف، سمير اليوسف، سميرة ديوان، سناء الشعلان، سهير التل، صابر المقبل، صادق عبدالحق، صالح القاسم، صباح المدني، صبحي فحماوي، صفية البكري، طلعت شناعه، طه الهباهبة، عباس أرناؤوط، عبدالله اليماني، عبدالكريم النجداوي، عدنان نصار، عبلة حمارنة، عدي مدانات، عزمي خميس، عطاف الزميلي، عقلة حداد، علا عبيد،علي طه النوباني، عماد مدانات، عمار الجنيدي، د.غسان عبدالخالق، غنام غنام، د.فايز رشيد، فايز محمود، فخري قعوار، فواز الحموري، قاسم توفيق، كوثر الجندي، كوثر عياد، ليلى الأطرش، ليلى الحمود، ماجد ذيب غنما، ماجد غنما، ماجدة العتوم، مجدولين ابو الرب، محمد جميل خضر، محمد خروب، محمد خليل، محمد السمهوري، محمد سناجلة، محمد طحيمر، محمد طاهات، محمد طمليه،محمد عيد، محمد مشه، د.محمد القواسمة، محمد الجالوس، محمد غالب المدادحة، محمد طحيمر، محمود شقير، محمود الريماوي، د.محمود عبابنه، مخلد بركات البخيت، د.مريم جبر، مريم عويس، مصطفى إخميس، مفلح العدوان، مفيد نحلة، ممدوح ابو دلهوم، منال حمدي، منذر ابو حلتم، منذر رشراش، منيرة صالح، منيرة قهوجي، مهند النابلسي، مهند ساري، نادر الرنتيسي، ناديا العالول، نازك ضمرة، نايف قطناني، نايف النوايسة، نبيل عبدالكريم، نوال عباسي، نعيم الغول، نمر سرحان، نهلة الجمزاوي، نواف ابو الهيجاء، هاشم غرايبة، هاني ابو نعيم، هاني الطيطي، هزاع البراري، د.هند ابو الشعر، وليد سليمان، وليد السيلاوي، وليم هلسة، يحيى القيسي،يحيى النمراوي، يوسف جميل ابو داهود، يوسف ضمرة، يوسف الغزو، يوسف يوسف.
وفيما يلي أبرز سمات قصص هذه الفترة، مع ذكر اسماء مبدعيها وعناوين مجموعاتهم القصصية:
الحداثــــــة
شارك كتاب القصة الأردنية القصيرة إبان هذه الفترة في إثراء الحوار الدائر حول الحداثة باعتبارها حركة ترمي الى التجديد ودراسة النفس الانسانية من الداخل معتمدة في ذلك على وسائل فنية جديدة، وطبقوا في قصصهم سماتها الايجابية وهي:
– الديمومة التي تعني ان يعيش الشعور زمن الموضوع، بحيث يتماهى زمن الموضوع على زمن الشعور في وحدة واحدة.
– التنبؤ الذي يدفع لرؤية ما لم يوجد بعد، بل يفهم كشيء ما سيوجد إن عاجلا أو آجلا، الرؤية التي تدفع بالمبدع إلى السير نحو الطرق غير المعروفة لديه.
– الخلق: وهو إنتاج شيء جديد مختلف بطريقة مطلقة عن بقية الأشياء، وهو يأتي بالمفاجئ والمباغت والمطلق واللامشروط، وهو يكون من الممكن الذي يمكن ان يصبح عينيا، فهو خروج وانكشاف الجزء من الممكن بواسطة الوعي.
– التصور: وهو حركة يتم بها الاستدلال والتحجيج والتشبيه والتفتيت والتجميع وإعادة التجميع والتأليف.
ومن ابرز الكتاب الذين انعكست السمات الايجابية للحداثة في قصصهم: سميحة خريس في مجموعتها: أوركسترا الصادرة عام 1998،وجواهر رفايعة في مجموعتيها القصصيتين: الغجر والصبية 1993 أكثر مما أحتمل 1996، وجميلة عمايرة في مجموعتيها: صرخة البياض 1993 سيدة الخريف 1999، ومحمد سناجلة في مجموعته وجوه العروس السبعة 1995، ورمضان رواشدة في مجموعتيه: انتفاضة وقصص أخرى 1989 وتلك الليلة 1995، وانصاف قلعجي في مجموعتيها: للحزن بقايا فرح 1987 ورعش المدينة 1990، ومحمد خروب في مجموعته: في زمن الفصل 1991.
وكنموذج على استيعاب كتاب القصة لبعض السمات الايجابية للحداثة في قصصهم، نقدم جزءا من مقطع من قصة (اسق العطاش) للقاصة انصاف قلعجي المنشورة في مجموعتها القصصية (رعش المدينة) والتي قسمتها الى 4 مقاطع: (الزمن يتحرك، قوى خفية تحرك الزمن، ينبثق الكون. خلايا مجهولة تتوالد «لعلها التاريخ» من تقاطع خط الزمن السائر من غير منبع الى غير مصب. وخط الكون المنبثق الى أعلى في زاوية قائمة سرعان ما تزول. الخلايا تتفشى وتترك شيئا كالجماجم على حافتي نهر الزمان. يبقى الزمن رغم كل الشوائب صافيا. يسير الزمن ويزيل عن كاهله كل الحمولات التي خلفها التاريخ القذر. خلايا مجهولة تنبض بالنشيد. قوى تحارب ولكن ليست كمرض الايدز. هم فاغرو الأشواق ضد الزمن الجائع اللائب. خلايا تهجم على القبور. موكب الحريق يقترب. يدخل من سياج الحديقة. فوق الشوك. فوق الدم. الحريق يسحبهم. لكنهم رافعو الهامات والقامات. ترى رؤوسهم كأنها السحب الداكنة السائرة مع قمم الجبال البعيدة).