الاثنين ٣ حزيران (يونيو) ٢٠٢٤
بقلم ماجد عاطف

أدب الاختراق

اتخيل:

منذ ما يقارب عقدين، كان يقدّم نفسه محررا وناشرا، ولأنه كان على علاقة بالثورة الفلسطينية التي كفر بشخوصها وسياستها الاجرائية، في الوقت الذي يدرك أهمّيتها في العالم -واوروبا تحديدا- للتأثير على العرب والمسلمين، بالذات في مجال الثقافة والأدب، عرف أصول اللعبة ومن أين تؤكل الكتف.

لا شك تشرّد لسنين طوّعت شخصيته، وتعرّف لمئات العرب والفلسطينيين في الغربة، وارتبط بمنظومات (اعلامية) سمحت له بالتنقّل بين العواصم، وفي حياته الشخصية ارتبط بامرأة تكبره -بعد عشرات العلاقات الجنسية مع مختلف الجنسيات، ارتبط بأوروبية تكبره- وتحقق له فائدة قصوى )شخصها أهم من شخصه بكثير وأخطر، لكني لا استطيع التطرق لها)
ولأنه غير مؤهل علميا، غير مؤهل أدبيا، غير مؤهل صحافيا، ودوره السياسي مشبوه، انتبهت له مبّكرا. علاقاته الواسعة جدا جدا خاصة مع مشايخ في أنظمة الخليج لم اتمكّن من فهمها، ووضعت تصوراً ما.

كان يتعامل مع كتاباتي التي ينشرها بشيء من التجاهل والابراز في آن، بشكل فضائحي، في حين "غطرشت" أنا من ناحيتي، لأسباب تخصّني.

من بين عشرات النصوص وعدة كتب، اختار للترجمة نصاً يتحدّث عن صفقة مسدس، بين جريح مناضل سابق، وآخر يحاول أن يفعل شيئا، على عاتقه الشخصي. كان النص جزءاً من نصوص ذات رؤية متجمّعه تنتقد المنظمة، بينما انتزعه هو من سياقه.

عشرات الأشياء بدرت منه، منها أنه ارسل لي بريدا الكترونيا يتحدّث عن نشاط أدبي، مسابقة من نوع ما لا افهم حيثياتها، ومن شروطها ارسال كتابين ورقيين. كان من المستحيل عليّ ارسال كتابين بالبريد العادي لأي مكان ناهيك عن دولة عربية أو أوروبية، ولكني بعد فترة فوجئت بأنني ضمن المشاركين.

في البداية فكّرت وقلت ربما هناك توجه ما لا يستدعي مني ارسال الكتابين، ثم بعد أن فكّرت جيداً واستعدت تفاصيل شخصه، فهمت ما سيحدث وارسلت رسالة له، ارفقت معها عنوانين بريدين لكاتبين من بلده، وطلبت ازالة اسمي من قائمة المشاركين، فإذا بالنتائج تصدر في اليوم التالي!

بعدها، ربما بأسابيع، كتب أحد الكتّاب "الفائزين" عن نشاطه وقال إنه ضحك على اللحى! وجد نفسه يدفع تكلفة التذكرة والفندق والسفر لشيء وهمي، لا لشيء إلا لأنه فلسطيني يحمل جواز سفر اسرائيليا مقبولا جدا لدى العالم المتحضر!
كان قد ارسل لي كتابه بالبريد العادي، فكان عليّ داخلياً أن أكتب عنه ردّا لتكلفة البريد. هل لديه اسلوبية؟ نعم لديه. هل هو نص ينتمي لأي جنس أدبي؟ قطعا لا. إنه كتاب أسوأ بكثير من بعض تفاصيل كتابات هنري ميللر المرتكزة على الاثارة الجنسية والعبث الحضاري. ولمّحت في المقالة التي امتدت على 16 صفحة، وحملت عنوان (الونس.. أو ما لم يقل)، إلى اشارات أمنية تجاهه (بعد شهور اختفت المقالة عن موقعها(. نشرت المقالة بشكل فردي ودون التنسيق مع أحد. أظن الموقع كان مغربيا.

موقعه اختفى عن الانترنت، حتى الارشيف، الذي كان يمكن منه معرفة علاقات النشر، مع أنها يفترض أنها علنية؛ لأنها ستوضّح حركته المستقبلية بين مؤسسات في الخليج، أصحاب رأس المال والسلطة الاعلامية، وأخرى غربية وأوروبية، وفي المنتصف جسر التعايش والتطبيع إلى (الشرق الأوسط الجديد)..

يوما ما، على الأقل عندما تخرج أراشيف المخابرات الأوروبية عن صمتها الزمني، ستتكشّف حقيقة كتّاب مشهورين جداً وردوا في كتابه باسماء مستعارة، وهذه قيمة كتابه الفعلية، لكن لا يمكنني أنا مناقشتها، إذ تحتاج لمحترفين أصحاب اطلاع وامكانات ضخمة والقدرة على الوصول لمختلف البيانات، خاصة التنقل والاقامة والاتصالات، لفهم كواليس دوره الفعلي.

إنه أدب الجاسوسية الملغّم، وهو يختلف عن النوع الأدبي المسلّي المعروف.. إنه أقرب إلى أدب الاختراق.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى