الثلاثاء ١٣ آب (أغسطس) ٢٠١٩
بقلم كريم مرزة الأسدي

أرقّ الغزل في الشعر العربي، وما تتذوقون...!!

1 - قال المنخل اليشكري، وهو: عمر بن مسعود اليشكري،

ولد المنخل في الشعيبة غرب مكة المكرمة، عاش بين (584 - 607م)، أي قتله النعمان بن المنذر، وعمره 23 سنة، وكان من أجمل فتيان العرب، وهذه الأبيات من قصيدته (فتاة الغدر)، كتبت عنه مفصلًا في كتابي (شعراء الواحدة، وشعراء اشتهروا بواحدة):

ان كنت عاذلتي فسيري
نحو العراق ولا تحوري
لا تسألي عن جل مالي
وانظري كرمـي وخــيري
ولقد دخلت على الفتاة
الخدر في اليوم المطيرِ
الكاعب الحسنــــاء ترفلُ
في الدمقس وفي الحريرِ
فدفعتها فتــــدافعتْ
مشي القطـــــــــاة الى الغديـر
ولثمتها فتنفـّــــستْ
كتنفــــــس الظبـــــــي الغريرِ
فدنت وقالت يا منخــ
ـــل مـــــــا بجسمك من حرورِ
ما شفّ جسمي غير وجدكِ
فاهدأي عنـّــــي وسيري
واحبّــــها وتحبّـــــــني
ويحبُّ نــــــــــاقتها بعيري
ولقد شربتّ من المدامةِ
بالقليـــــــلِ وبالكثيـــــــــر
فاذا انتشــــــــيتُ فانّـني
ربّ الخورنقِ والســــــــــديرِ
واذا صحوتُ فانـّــــــني
ربُّ الشـــــــويهةِ والبعيــــرِ

2 - وقال قيس بن الملوح، والملقب بمجنون ليلى (24 هـ / 645م - 68 هـ / 688)، شاعر غزل عربي، من المتيمين، من أهل نجد.

عاش في فترة خلافة مروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان، لم يكن مجنوناً؛ وإنما لقب بذلك لهيامه في حب ليلى العامرية التي نشأ معها، يقول:

ألا يا حمامات العراق أعنني
على شجني، وابكين مثل بكائيا
يقولون ليلى بالعراق مريضةٌ
فياليتني كنت الطبيب المداويا

وله:

يقولون ليلى بالعراق مريضة ٌ
فمالك لاتضني وانت صديقُ
سقى الله مرضى بالعراق فأنني
على كلِّ مرضى بالعراق شفيقُ
فأن تك ليلى بالعراق مريضة
فأني في بحر الحتوف غريقُ
أهِيم بأقْطارِ البلادِ وعَرْضِهَا
ومالي إلى ليلى الغداة طريـقُ

3 - قال عمر بن أبي ربيعة، وهو من مخزوم، قرشي النسب،؛ بل لم يكن في قريش أشعر منه، وهو كثير الغزل؛ بسبب نشأته في أحضان أمه، التي كانت تشرغ على أملاك أبيه الواسعة، فترعرع بين النساء والجواري، ويخاطبعن دون تحرج!! يفول:

بينما يذكرنني أبصرنني
دون قيد الميل، يعدو بي الأغر
قالت الكبرى أتعرفن الفتي؟
قالت الوسطي: نعم، هذاعمرْ
قالت الصغرى وقد تيمتها
قد عرفناه وهل يخفي القمر
ذا حبيب لم يعرج دوننــــا
ســـــــــاقه الحين إلينا والقدر
ليت هنداً أنجزتنا ما تَعدْ
وشَفَتْ أنفسنا مما تَجِدْ
واستبدتْ مــرة ً واحدة ً
إنما العاجز من لا يستبدْ
زَعَموها سَــأَلَت جاراتِها
وَتَعَرَّت ذاتَ يَومٍ تَبـتَرِدْ
أَكَما يَنعَتُني تُبصِـــرنَني
عَمرَكُنَّ اللَهَ أَم لا يَقتَـصِدْ
فَتَضاحَكنَ وَقَد قُلنَ لَها
حَسَنٌ في كُلِّ عَينٍ مَن تَوَد
وَلَها عَينانِ في طَرفَيهِما
حَوَرٌ مِنها وَفي الجيدِ غَيَد
وَلَقَد أَذكُرُ إِذ قُـــلتَ لَها
وَدُموعي فَوقَ خَدّي تَطَّرِد
قُلتُ مَن أَنتِ فَقالَت أَنا مَن
شَفَّهُ الوَجدُ وَأَبلاهُ الكَمَد
نَحنُ أَهلُ الخَيفِ مِن أَهلِ مِنىً
ما لِمَقتولٍ قَتَلناهُ قَوَد
قُلــــتُ أَهلاً أَنتُـــمُ بُغيَتُنا
فَتَسَمَّينَ، فَقالَــت أَنا هِندْ
إِنَّما خُبِّــلَ قَلبي فَاِجتَوى
صَعدَةً فــي سابِرِيٍّ تَطَّرِدْ
إِنَّما أَهلُكِ جيرانٌ لَنا إِنَّما
نَحنُ وَهُـــم شَــيءٌ أَحَـــدْ
حَدَّثوني أَنَّها لـــي نَفَثَــت
عُقَداً يا حَبَّذا تِلكَ العُقَــدْ
كُلَّما قُلتُ مَتى ميعادُنا
ضَحِكَت هِندٌ، وَقالَت بَعدَ غَدْ

4 - جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي أبو حزرة، من تميم( 653 - 733 م/ 33 - 114هـ).
أشعر أهل عصره، ولد ومات في اليمامة، وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم فلم يثبت أمامه غير الفردق والأخطل.

كان عفيفاً، وهو من أغزل الناس شعراً.
عاش حوالي ثمانين سنة

اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ وفاة جرير، على أنه في الأغلب توفي سنة 733م/114هـ وذلك بعد وفاة الفرزدق بنحو أربعين يومًا، وبعد وفاة الأخطل بنحو ثلاث وعشرين سنة.

لم يكن غزل جرير فنا مستقلا في شعره، فقد مزج فيه أسلوب الغزل الجاهلي بأسلوب الغزل العذري. فيقول:

بَانَ الخَليطُ، وَلَوْ طُوِّعْتُ ما بَانَا
و قطعوا منْ حبالِ الوصلِ أقرانا
حَيِّ المَنَـــازِلَ إذْ لا نَبْتَغي بَــدَلاً
بِالدارِ داراً، وَلا الجِيــرَانِ جِيرَانَا
كصاحبِ المــوجِ إذْ مالتْ سفينتهُ
يدعو إلى اللهِ إســراراً وإعلانا
تُهدي السّلامَ لأهلِ الغَوْرِ من مَلَحٍ
هَيْهَاتَ مِنْ مَلَحٍ بالغَوْرِ مُهْدانَا
أحببْ إلى َّ بذاكَ الجزعِ منزلــة
بالطلحِ طلحاً وبالأعطانِ أعطانا
يا ليتَ ذا القلبَ لاقى منْ يعللـــهُ
أو ســاقياً فسقاهُ اليومَ سلوانا
أوْ لَيْتَهَا لــــمْ تُعَلِّقْنَا عُلاقَتَـــهَا
وَلَمْ يَكُنْ داخَــــلَ الحُبّ الذي كانا
قالَتْ: ألِمّ بِنا إنْ كنتَ مُنْطَلِقـــــاً
وَلا إخالُكَ، بَعــــدَ اليَوْمِ، تَلقانَا
يا أمَّ عمرو جـــزاكَ اللهُ مغفرة
رُدّي عَلَيّ فُؤادي كالّذي كانَـا
ألستِ أحسنَ منْ يمشي على قدمٍ
يا أملحَ الناسِ كلَّ الناسِ إنساناً
يلقى غريمكمُ منْ غيرِ عســرتكمْ
بالبَذْلِ بُخْلاً وَبالإحْسَانِ حِرْمانَا
قد خنتِ منْ لمْ يكنْ يخشى خيانتكْ
ما كنتِ أولَ موثوقٍ به خانا
لقدْ كتمتُ الهوى حتى تهيمنــــى
لا أستطيعُ لهــذا الحـــبَّ كتمانا
لا بَارَكَ الله في الدّنْيَا إذا انقَطَعَتْ
أسبابُ دنياكِ منْ أسبابِ دنيانا
إنّ العُيُونَ التي في طَرْفِها حَــــوَرٌ
قتلننا ثــمَّ لـــــمْ يحيـــينَ قتلانا
يَصرَعنَ ذا اللُّبّ حتى لا حَرَاكَ بـــهِ
و هنَّ أضعفُ خلقْ اللهِ أركانا
يا حبذا جبلُ الريــــانِ منْ جبلٍ
وَحَبّذا ســـاكِنُ الرّيّانِ مَــــنْ كَانَا
وَحَبّذا نَفَحَاتٌ مِــــــنْ يَمَانِية
تأتيكَ مــــن قبــــلَ الريــانِ أحيانا
هبتْ شمالاً فذكرى ما ذكرتكمْ
عندَ الصفـاة ِ التي شرقيَّ حورانا
أزْمانَ يَدعُونَني الشّيطانَ من غزَلي
و كنَّ يهوينني إذْ كنتُ شيطانا

5 - عروة بن أذينة، فقيه المدينة شيخ الإمام الإمام مالك بن أنس (ت 130 هـ / 748م)
يا عصرنا كيف عاشوا عصرهم؟؟!!، لو تجرأ شاعر في أيامنا هذه وقالها بالرغم من عفّة فائلها، لحكم عليه بالزنا رجماً، بحجّة أنّه اعتراف ضمني، و إقرار على النفس علني...!! إليك قصيدته الغزلية بادئاً، تمتع به، والله كريم...!!

إن التي زعمت فؤادك ملـّـها
خُلقت هواك كما خُلقت هوى لها
فبك الذي زعمتْ بها وكلاكما
أبدى لصاحبه الصبابة كلّـها
ويبيتُ بين جوانحي حبٌ لهـا
لو كان تحتُ فراشها لاقلـّـها
ولعمرها لو كان حبّــك فوقها
يومـــاً وقد ضحيت إذاً لأظلّهـا
وإِذا وَجَدْتَ لها وَساوِسَ سَلْوَة ٍ
شَفَعَ الضميرُ إلى الفؤادِ فَسَلَّها
بَيْضاءُ باكَرها النعيـمُ فَصاغَها
بلباقَــــــة ٍ فأَدَقَّــــها وأَجَلَّها
لمّـا عرضتُ -مسلماً- لي حاجةٌ ٌ
اخشى صعوبتها.. وارجو ذُلـّها
منعت تحيتها فقلت لصـاحبي:
ماكان اكثرها لنا... وأقلّـها
فدنا، وقال: لعـلها معذورةٌ
فـي بعض رقبتها... فقلت: لعلّـها

6 - أبو نؤاس هو الحسن بن هانئ بن صباح بن عبد الله بن الجراح بن وهيب ويقال الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن الصباح أبو علي الحكمي المعروف بأبي نواس الشاعر مولى الجراح بن عبد الله الحكمي.

عاش بين أواخر ( 139 هـ - 199 هـ / 757 م - 815 م)

تهافت على اقتناص اللذائذ الجنسية والجسدية قبل فواتها! فتطلع إلى الجواري، يراسلهن، ويتوسل إليهن، ناصبا الشراك لجذبهن:

أين الجواب ,وأين رد رسائلي
قالت ستنظر ردها من قابلِ
فمددت كفي ثم قلت تصدقوا
قالت نعم بحجارة وجنادلِ
ان كنت مسكينا فجاوز بابنا
وارجع فمالك عندنا من نائلِ
يا ناهر المسكين عند سؤاله
الله عاتب في انتهار الســائل

ولكن أبا نواس لم يتمتع بمؤانسة حبيبته الجارية (جنان)، ولا حتى رؤيتها إلاّ بلمحات خاطفة، ومن هذه المصادفات الصعبة، رآها تلطم بمأتم، فقال فيها هذه الأبيات الرائعة:
يا قمراً أيصرتُ في مأتمٍ
يندبُ شجواً بين أترابٍ
يبكي فيذري الدرّ من نرجسٍ
ويلطم الوردَ بعنّابِ
لا تبكِ ميتاً حلَّ في حفرةٍ
وابكِ قتيلاً لكِ بالبابِ

إليك مقاطع من قصيدته الرائية الأولى بروعة مطلعها، وحسن ختامها، وما بينهما من حسن التخلص، والتشبيه البليغ، وقبل هذا وذاك عبقرية القصيد في بحرها الطويل:

أجارة َ بَيْتَيْنَا أبوكِ غَيورُ،
وميْسُـــورُ ما يُرْجَى لديْكِ عسِيرُ
و إن كنتِ لا خِلماً ولا أنتِ زوْجة ٌ
فلا برحَتْ دوني عليكِ ستُورُ
وجاوَرْتُ قوْماً لا تزاوُرَ بينهمْ
ولا وَصْلَ إلاّ أن يكونَ نُشُورُ
فما أنا بالمشْغُوفِ شَرْبَة َ لازِبٍ
ولا كلّ ســــلطانٍ عليّ قَديرُ
وإنّي لِطَرْفِ العينِ بالعينِ زَاجِرٌ
فقد كدْتُ لا يخْفى عليّ ضميرُ
تقولُ التي عن بيتها خفّ مرْكبي:
عزيزٌ علينا أن نَرَاكَ تَسيرُ
أما دونَ مصْرٍ للغنَى مُتَطَلّبٌ؟
بلى إنّ أسْبـــاب الغِنَى لكثيرُ
فقلتُ لها: واستعجلَتْها بَوَادِرٌ
جرتْ، فجرى فــي جرْيهِنّ عبيرُ
ذريني أكَثّرْ حاسديكِ برِحْلَةٍ
إلى بـلَـدٍ فيـه الخصيـبُ أميــرُ
إذا لم تَـزُرْ أرْضَ الخصِيبِ ركابُنا
فـأيّ فتـى،بعـدَ الخصيبِ، تَزُورُ

7 - ابن زيدون و ولّادته:

ابن زيدون هو أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي القرطبي الشاعر المشهور، ولد ابن زيدون في رصافة قرطبة سنة (1003 م / 394هـ)، وتوفي (1071م/463هـ ).

والولادة بنت الخليفة المستكفي، ولدت في مدينة قرطبة، عاشت بين ( 994 م - 1091م)، وكانت بارعة الجمال، ولم تتزوج، شاعرة وأديبة.

كانت الولاّدة تكتب على طرازين وضعتهما على عاتقيها:

أنا واللهِ أصلحُ للمعــالي
وأمشي مشيتي وأتيـه تيهاً
أمكّنُ عاشقي من صحن خدي
وأمنح قبلتي من يشتهيها

وفي أول لقاء ابن زيدون بها، رماها بهذين البيتين:

ما جالَ بَعْدَكِ لحْظي في سَنا قمــرٍ
إلا ذكرتُكِ ذكرَ العَيْـن بالأَثَرِ
فهمتُ معنى الهوى من وَحْي طَرفِكِ لي
إن الحِوارَ لمفهومٌ من الحَوَرِ

ويودّعها عند الانصراف بهذه الأبيات:

ودّع الصبر محبٌ ودّعكْ
ذائع من سرّه ما استودعك
يقرع السن على أن لم يكنْ
زاد في تلك الخطا إذ شيعكْ
يا أخا البدر سناءَ وسنـــاً
حفـظ الله زمـاناً أطلعكْ
إن يطل بعدك ليلــي فلكم
بـــت أشكو قصر الليل معك

8 - البحتري (205 هجري - 284 هجري): هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي.

يقال لشعره سلاسل الذهب، وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم، المتنبي وأبو تمام والبحتري، قيل لأبي العلاء المعري: أي الثلاثة أشعر؟ فقال: المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر البحتري.

ولد في منبج إلى الشمال الشرقي من حلب في سوريا، له في الحب:

حبيبي حبيبٌ يكتم الناس أنّه
لنا حيـن تلقانا العيـون حبيبُ
يباعدني في الملتقى وفؤاده
وإن هـو أبدى لي العباد قريبُ
ويعرض عنّي والهوى منه مقبلٌ
إذا خاف عينًا أو أشار رقيب
فتنطق منا أعينٌ حيــن نلتقي
وتخرس منــا ألسنٌ وقلــوبُ

وقال:

ويا مُدرِكَ عينيه ليقتلني
إنّي أخاف عليكَ العين من عيني
ليت ما بين من أحب وبيني
مثل ما بين حاجبي وعيني

وقال في حبيبته:

سَلامُ اللهِ كُلَّ صَبَاحِ يَوْمٍ
عليكَ، وَ مَنْ يُبَلِّغ لي سَلامي؟
لقد غادَرْتَ فِي جسدي سَقَاماً
بِمَا في مُقْلَتَيْكَ مِن السَّقام
وذكَّرَنِيكَ حُسْنُ الوَرْدِ لَمّا
أَتَي وَ لَذيذُ مَشروبِ المُدام
لَئِن قَلَّ التَواصُلُ أَوْ تَمَادَي
بِنَا الهِجرانُ عاماً بَعْدَ عامِ
أَأَتَّخِذُ العِراقَ هويً وداراً
ومَن أَهواهُ في أَرضِ الشآم؟

9 - أبو الفضل العباس بن الأحنف الحنفي اليمامي النجدي (103 - 189 هـ)، شاعر عربي عباسي وُلِد في اليمامة بِنجد وعِندما مات والده انتقل من نجد إلى بغداد ونشأ بِها وعاش مُتنقلاً ما بين بغداد وخراسان.

أحب فتاة سماها فوز لأنها كانت كثيرة الفوز بالسباقات والمنافسات لكي لا يصرح باسمها الحقيقي.
خالف الشعراء في طريقتهم فلم يتكسب بالشعر، وكان أكثر شعره بالغزل (شعر) والنسيب والوصف، وهذه أبيات مختارة من قصيدته عن فوز:....

يا دارَ فوزٍ لقَد أورَثتِني دَنَفا
وزادَني بُعدُ داري عنكُمُ شغَفَا
حتى متى أنا مكروبٌ بذكرِكُمُ
أُمسِي وأُصبحُ صَبّاً هائماً دَنِفا
لا أستريحُ ولا أنساكمُ أبداً
ولا أرى كرْبَ هذا الحبِّ مُنكشِفا
ما ذُقتُ بعَدَكمُ عيشاً سُرِرْتُ به
ولا رأيتُ لكم عِدْلاً ولا خلفا
إنّي لأعجبُ مــــن قلبٍ يحبُّكُمُ
وما رأى منكُمُ بِــرّاً ولا لَطَـفا
لوْلا شَقاوَة ُ جَدّي ما عرَفتُكُمُ
إنّ الشّقيَّ الذي يشقى بمن عرفا
ما زِلتُ بَعدَكُـــمُ أهذي بذكركـمُ
كأنَّ ذكرَكمُ بالقلبِ قـــد رُصــفا
لوكانَ ينساهمُ قلبـــــي نسيتهمُ
لكنّ قَلـبي لَهُمْ والله قـــــد ألِفَا
أشكو إليكِ الذي بي يا مُعَذِّبَتي
وَما أُقاسِي وما أسطيعُ أن أصِفَا
طافَ الهَوَى بعِبـــــادِ الله كُلّهِمُ
إذا مرَّ بي مـــــن بينهم وقـــفا
إذا جحدتُ الهوى يوماً لأدفنهُ
في الصّدر نمَّ عليّ الدّمعُ معترفا

10 - بشار بن برد:

بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي (96 هـ - 168 هـ)، أبو معاذ، شاعر مطبوع. إمام الشعراء المولدين، ومن المخضرمين حيث عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية. ولد أعمى، وكان من فحولة الشعراء، له في الغزل:

يا قَومِ أَذني لِبَعضِ الحَيِّ عاشِقَةٌ
وَالأُذنُ تَعشَقُ قَبلَ العَينِ أَحيـانا
قالوا بِمَن لا تَرى تَهذي فَقُلتُ لَهُم
الأُذنُ كَالعَينِ تُؤتي القَلبَ ما كانا
هَل مِن دَواءٍ لِمَشغُوفٍ بِجارِيَـــةٍ
يَلقَى بِلُقيانِها رَوحـــاً وَرَيحـــانا

وكتب هذا البشار بن برد البصير الخبيث إلى قينة كان يهواها:

هَل تَعلَمينَ وَراءَ الحُبِّ مَنزِلَــــةً
تُدنــي إِلَيكِ فَإِنَّ الحُـــبَّ أَقصانـــي
يا رِئمُ قولي لِمِثلِ الرِئمِ قَد هَجَرَت
يَقظى فَما بالُها في النَومِ تَغشاني
لَهفي عَلَيها وَلَهفي مِن تَذَكُّرِهـــــا
يَدنــــو تَذَكُّرُها مِنّـي وَتَنـــآني
إِذ لا يَزالُ لها طَيــــفٌ يُؤَرِّقُنـــي
نَشوانَ مِن حُبِّها أَو غَيرَ نَشوانِ

فكتبت إليه، الأخبث منه، لأنها ما وجدت فيه وسامة:

نعم أقول وراء الحب منزلة
حب الدراهم يدني كـــــــل إنسانِ
من زاد في النقد زدنا في مودته
لا نبتغي الدهر إلا كل رجحانِ

11 - الشريف الرضي:

أبو الحسن، السيد محمد بن الحسين بن موسى، ويلقب بالشريف الرضي (359 هـ - 406 هـ / 969 - 1015م)، شاعر وفقيه ولد في بغداد وتوفي فيها. عمل نقيباً للطالبيين حتى وفاته، من غزله هذه المقطوعة الرائعة:

الماءُ عِندَكِ مَبذولٌ لِشارِبِهِ
وَلَيسَ يُرويكِ إِلّا مَدمَعي البـــاكي
هَبَّت لَنا مِن رِياحِ الغَورِ رائِحَةٌ
بَــــعدَ الرُقادِ عَرَفناها بِرَيّاكِ
ثُمَّ اِنثَنَينا إِذا ما هَزَّنا طَــــرَبٌ
عَلى الرِحـــــالِ تَعَلَّلنا بِذِكراكِ
مَن بالعِرَاقِ، لَقد أبعَدْتِ مَرْمَاكِ
سهم أصاب وراميه بذي سلم
وَعدٌ لعَينَيكِ عِندِي ما وَفَيتِ بِهِ
يا قُرْبَ مَا كَذَبَتْ عَينيَّ عَينَاكِ
حكَتْ لِحَاظُكِ ما في الرّيمِ من مُلَحٍ
يوم اللقاء فكان الفضل للحاكي

12 - ابن الرومي:

هو أبوالحسن علي بن العباس بن جريج،وقيل جورجيس، ولد ومات مسمومًا في بغداد، بإيعاز من الوزير القاسم بن عبيد الله، ( 221 - 283 هـ)، من عباقرة الشعر الخالدين، وهذهأبيات من قصيدته المطولة عن (وحيدة المغنية):

يا خَلِيلَيَّ تَيَّمَــتْني وَحيــــدُ
ففؤادي بـــها معنَّى عميدُ
غادة ٌ زانها من الغصن قـــدٌّ
ومن الظَّبي مُقلتان وجِيدُ
أوقد الحسْنُ نارَه من وحيـــدٍ
فوق خدٍّ ما شَانَهُ تخْدِيدُ
فَهْيَ برْدٌ بخدِّها وســــلامٌ
وهي للعاشقين جُهْدٌ جهيدُ
لم تَضِرْ قَطُّ وجهها وهْو ماءٌ
وتُذيبُ القلوبَ وهْيَ حديدُ
وغَريرٍ بحسنها قــــال صِفْها
قلـت أمْران هَيِّنٌ وشديدُ
يسهل القول إنها أحسن الأشْـياءِ
طُرّاً ويعْسرُ التحديدُ
لِيَ حيْث انصرَفتُ عنها رفيقٌ
من هواها وحيث حَلَّتْ قَعِيدُ
عن يميني وعن شمالي وقُدّا
مي وخلفي، فأين عنه أحيدُ

13 - أبو فراس الحمداني:

هو أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني التغلبي الرَّبَعي،(320 - 357 هـ / 932 - 968 م). شاعر وقائد عسكري، له في الحب والغزل:

أساء فزادته الإساءة حظوة
حبيب على ما ما كان منه حبيب
يعد علي الواشيان ذنوبه
ومن أين للوجه الجميل ذنوب

وهذه القصيدة الخالدة، تبدو قصيدة عشق ولوعة، ولكنها قصيدة فخر وحماسة، ينوّه فيها ببطولاته وشجاعته أمام سيف الدولة الحمداني، غنّتها كوكب الشرق، أم كلثوم:

أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ
أما للهوى نهيٌّ عليكَ ولا أمرُ؟
بلى أنا مشتاقٌ وعنديَ لوعـــــة ٌ
ولكنََّ مثلي لا يــــذاعُ لـهُ سرُّ
إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى
وأذللتُ دمعاً منْ خلائقهُ الكبرُ
تَكادُ تُضِيءُ النّارُ بـــينَ جَوَانِحِي
إذا هيَ أذْكَتْهَا الصّبَابَة ُ والفِكْرُ
معللتي بالوصلِ، والموتُ دونــــهُ
إذا مِــتّ ظَمْآناً فَلا نَـزَل القَطْرُ

14 -المتنبي:

أبو الطيب، أحمد بن الحسين الجعفي الكندي (303 - 354 هـ/ 915 - 965م)، الرائد الأول للشعر العربي:

لعَيْنَيْكِ مــا يَلقَـى الفُؤادُ وَمَـــا لَقــي
وللحُبّ ما لـــم يَبــقَ منّي وما بَقــي
وَما كنــــتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَـــه
وَلكِنّ مَــــن يُبصِرْ جفونَـــكِ يَعــشَقِ
وَبينَ الرّضَى وَالسُّخطِ وَالقُرْبِ وَالنَّــــوَى
مَجَــــالٌ لِدَمْــعِ المُقْلَةِ المُتَرَقرِقِ
وَأحلى الهَوَى ما شكّ في الوَصْلِ رَبُّهُ
وَفي الهجرِ فهوَ الدّهرَ يَرْجو وَيَتّقي

وله:

فإن قليل الحب بالعقل صالح
وإن كثير الحب بالجهل فاسد

وله:

وفي الأحباب مختص بوجد
وآخر يدعي معها شتراكا
إذا اشتبكت دموع في خدود
تبن من بكى ممن تباكا

وله في الأميرة خولة أخت سيف الدولة الحمداني:

ﻛﺘﻤﺖُ ﺣـﺒّﻚ ﺣﺘﻰ ﻣﻨْﻚِ ﺗﻜﺮﻣــﺔً
ﺛﻢَّ ﺍﺳﺘﻮﻯ ﻓﻴﻪِ ﺇﺳﺮﺍﺭﻱ ﻭﺇﻋﻼﻧﻲ
ﻛﺄﻧَّﻪ ﺯﺍﺩَ ﺣﺘّﻰ ﻓﺎﺽَ ﻋﻦْ ﺟﺴﺪﻱ
ﻓﺼﺎﺭَ ﺳﻘﻤﻲ ﺑﻪِ ﻓﻲ ﺟﺴﻢِ ﻛﺘﻤﺎﻧﻲ

15 - ابن الدمينة:

ابن الدمينة الخثعمي، شاعر أموي توفي سنة 747م

وهو عبد الله بن عبيد الله ابن الدمينة، وينادى تلقيبا بأمه الدمينة بنت حذيفة من بني سلول)، وكنيته (أبا السري). كان جميل الخلقة، فصيح اللسان، شديد الغيَرة، من شعراء الغزل العفيف العذري، من أشهر قصائده:

ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد
لقد زادني مسراك وجدا على وجد
إذاهتفت ورقاء في رونق الضحى
على غصن بان او غصون من الرند
بكيت كما يبكي الوليد ولم أكــــن
جليدا وأبديـــت الذي لم أكـــن أبـــدي

وله، وقيل لقيس بن ذريح الكناني (صاحب لبنى) كما في - توفي 680م:

هل الحب إلا عبرة بعد زفرة
وحر على الأحشاء ليس له برد
وفيض دموع تستهل إذا بدا
لنا علم من أرضكم لم يكن يبدو

16 - حازم القرطاجي:

وهو أبو الحسن حازم بن محمد بن حازم القرطاجني (1211 - 1284م)، كان شاعرًا وأديبًا أخذ عن أبي علي الشلوبين وعنه.، له - وتروى لزيادة بن زيد شاعر إسلامي من شعراء صدر الإسلام-:

وإذا هويت فلا تكن متهالكا
في الحب بل متماسكا كي تنتجي
فالحب مثل البحر يأمن من مشى
في شطه ويخاف كل ملجج
فاسلك سبيل توسط فيه تصب
وإلى التبسط فيه لا تستدرج

17 - زيادة بن زيد:

شاعر إسلامي من شعراء صدر الإسلام، ينتمي إلى بيت شعر فأخوه عبد الرحمن شاعر، وابنه المسور شاعر أيضاً.

كان زيادة يميل إلى شعر المطولات، قتل على يد هدبة بن خشرم سنة 54هـ. يروي ابن عساكر في تاريخه( ج 34 ص 375)، الأبيات التالية له:

إن امرأ قد جرب الدهر لم يخف
تقلب عصريه لغيـر لبيـب
فلا تيئسن الدهر من وصل كاشح
ولا تأمنن الدهر صرم حبيب
وليس بعيدا كل آت فواقعٌ
ولا ماضياً مـن مفـرحٍ بقـــريب
وكل الذي يأتي فأنت نسيبهُ
ولســـت لشيء قـد مضى بنسيب

18 - ابن الفارض:

بن الفارض، هو أبو حفص شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي، أحد أشهر الشعراء المتصوفين، وكانت أشعاره غالبها في العشق الإلهي حتى أنه لقب بـ "سلطان العاشقين". والده من حماة في سوريا، وهاجر لاحقاً إلى مصر.

ولد بمصر سنة 576 هـ الموافق 1181م، وتوفي سنة 632هـ / 1235م، له:

قلْبـــي يُحدّثُني بـــأنّكَ مُتلِــــفي
روحي فداكَ عرفتَ أمْ لــــمْ تــعرفِ
لم أقضِ حقَّ هَوَاكَ إن كُنتُ الذي
لم أقضِ فيهِ أسى، ومِثلي مَن يَفي
ما لي سِوى روحي، وباذِلُ نفسِهِ
في حبِّ مـــنْ يهواهُ ليسَ بمسرفِ
فَلَئنْ رَضيتَ بها، فــــقد أسْعَفْتَني
يا خيبـة َ المســعى إذا لـــمْ تسعفِ
يا مانِعي طيبَ المَنــــامِ، ومانحي
ثوبَ السِّـــقامِ بهِ ووجدي المتلفِ
عَطفاً على رمَقي، وما أبْقَيْتَ لي
منْ جِسميَ المُضْنى، وقلبي المُدنَفِ
وبماجرى في موقفِ التَّوديعِ منْ
ألمِ النّــــوى، شاهَدتُ هَولَ المَوقِفِ
إن لم يكُنْ وَصْلٌ لَدَيكَ، فَعِدْ بــــهِ
أملي وماطلْ إنْ وعــــدتَ ولاتفي

19 - السيد جعفر الحلي مات أواخر القرن التاسع عشر (1897 م / 1315 هـ )، وعمر 36 سنة، أي مواليد 1861م جيراننا ومن مدح أجداننا بالعديد من القصائد الرائعة ما بين مطوّلات ومقطوعات ونتف، يقول هذا في أوج عصور الطلام

يا قامة الرشأ المهفهف ميلي
بظماي منـــك لموضع التقبيـل ِ
رشأ اطل دمي وفي وجناته
وبشأنه اثـــــر الدم المطلـول
يا قاتلي باللحظ اول مـــــرةٍ
اجهــز بثانيـة على المقتول

ولأن أحاسيسها صادقة مؤثرة!!،غناها يوسف عمر وناظم الغزالي وسعدون جابر وكاظم الساهر،،لذا غناها كمقام، يوسف عمر، وناظم الغزالي، وسعدون جابر، وكاظم الساهر.

20 - بدر شاكر السياب ولد في محافظة البصرة في جنوب العراق، عاش بين (25 ديسمبر 1926 - 24 ديسمبر 1964)، شاعر عراقي يعد واحداً من الشعراء المشهورين في الوطن العربي في القرن العشرين، كما يعتبر أحد مؤسسي الشعر الحر في الأدب العربي. أبياته (عيناك غابتا نخيلٍ ساعة السحرْ) من قصيدته ( إنشودة المطر)، تُعد أجمل وصف للعيون في تاريخ الأدب العربي بجميع عصوره:

عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ
أو شُرفتان راحَ ينأى عنهما القمرْ
عيناكِ حين تبسمانِ تورقُ الكرومْ
وترقصُ الأضواءُ، كالأقمارِ في نهَرْ
يَرُجُّهُ المجذافُ وهْنًا ساعة السَّحَرْ
كأنَّما تنبضُ في غوريهما، النّجومْ
وتغرقانِ في ضبابٍ من أسىً شفيفْ
كالبحر سرَّح اليدين فوقَهُ المساءْ
دفءُ الشتاء فيه وارتعاشةُ الخريفْ
والموت، والميلادُ، والظلامُ، والضياءْ
فتستفيقُ ملءَ روحيْ، رعشةُ البُكاءْ
ونشوةٌ وحشيَّةٌ تعانقُ السَّـــــماء
كنشوة الطفل إِذا خافَ منَ القمرْ!
كأنَّ أقواسَ السَّحابِ تَشَربُ الغيومْ
وقطرةً فقطرةً تذوبُ فــــــي المطرْ

21 - براهيم ناجي:

شاعر مصري ولد في 31 ديسمبر 1898م في حي شبرا في القاهرة، وتوفي عام 1953م، عندما كان في الخامسة والخمسين من العمر.[2] كان طبيبا وكان والده مثقفاً، مما ساعده على النجاح في عالم الشعر والأدب. هذه مقاطع من قصيدته ( الأطلال) الشهيرة، التي غنّتها أم كلثوم كوكب الشرق.

يا فُؤَادِي رَحِمَ اللّهُ الهَوَى
كَانَ صَرْحاً مِنْ خَيَالٍ فَهَوَى
اِسْقِني واشْرَبْ عَلَى أَطْلاَلِهِ
وارْوِ عَنِّي طَالَمَا الدَّمْعُ رَوَى
كَيْفَ ذَاكَ الحُبُّ أَمْسَى خَبَراً
وَحَدِيْثاً مِنْ أَحَادِيْثِ الجَوَى
وَبِسَاطاً مِنْ نَدَامَى حُلُمٍ
هم تَوَارَوا أَبَداً وَهُوَ انْطَوَى

لَسْتُ أَنْسَاكِ وَقَدْ اَغْرَيْتِني
بِفَمٍ عَذْبِ المُنَادَاةِ رَقِيْقْ
وَيَدٍ تَمْتَدُّ نَحْوي كَيَدٍ
مِنْ خِلاَلِ المَوْجِ مُدَّتْ لِغَرِيْقْ
آهِ يَا قِيْلَةَ أَقْدَامي إِذَا
شَكَتِ الأَقْدَامُ أَشْوَاكَ الطَّرِيْقْ
وبريقاً يظمأ الساري له
أين في عينيك ذياك البريق؟

كُنْتِ تِمْثَالَ خَيَالي فَهَوَى
المَقَادِيْرُ أَرَادَتْ لاَ يَدِي
وَيْحَهَا لَمْ تَدْرِ مَاذا حَطَّمَتْ
حَطَّمَتْ تَاجي وَهَدَّتْ مَعْبَدِي
يَا حَيَاةَ اليَائِسِ المُنْفَرِد ِ
يَا يَبَاباً مَا بِهِ مِنْ أَحَدِ
يَا قَفَاراً لافِحَاتٍ مَا بِهَا
مِنْ نَجِيٍّ يَا سُكُونَ الأَبَدِ

أَيْنَ مِنْ عَيْني حَبِيبٌ سَاحِرٌ
فِيْهِ نُبْلٌ وَجَلاَلٌ وَحَيَاءْ
وَاثِقُ الخُطْوَةِ يَمْشي مَلِكاً
ظَالِمُ الحُسْنِ شَهِيُّ الكِبْرِيَاءْ
عَبِقُ السِّحْرِ كَأَنْفَاسِ الرُّبَى
سَاهِمُ الطَّرْفِ كَأَحْلاَمِ المَسَاءْ
مُشْرِقُ الطَّلْعَةِ في مَنْطِقِهِ
لُغَةُ النُّورِ وَتَعْبِيْرُ السَّمَاءْ

22 - نزار قباني:

ديبلوماسيّ، وشاعر، وناشر سوريّ، ولد في 21 مارس/آذار 1923 في دمشق، وتوفّي في 30 أبريل/نيسان 1998 في لندن، ودفن في دمشق، ويعدّ أحد أبرز وأشهر الشّعراء العرب، وأكثرهم جدلاً في العصر الحديث.

الحبُّ يا حبيبتي:
الحبُّ يا حبيبتي قصيدةٌ جميلةٌ مكتوبةٌ على القمرْ
الحبُّ مرسومٌ على جميع أوراق الشجرْ
الحبُّ منقوشٌ على ريش العصافير وحبات المطرْ
لكن أيّ امرأةٍ في بلدي إذا أحبتْ رجلاً تُرمى بخمسين حجر.

اختاري
إني خيرتُك فاختاري
ما بين الموت على صدري
أو فوق دفاتر أشعاري
اِختاري الحبَّ أو اللاحبَّ
فجُبنٌ ألا تختاري
لا توجدُ منطقة وسطى
ما بينَ الجنّةِ والنارِ
اِرمي أوراقكِ كاملة
وسأرضى عن أيِّ قرارِ
قولي. اِنفعلي. اِنفجري
لا تقفي مثلَ المسمارِ
لا يمكنُ أن أبقى أبدا
كالقشّةِ تحتَ الأمطارِ
غوصي في البحرِ أو ابتعدي
لا بحرٌ من غيرِ دوارِ
الحبُّ مواجهةٌ كبرى
إبحارٌ ضدَّ التيارِ
صَلبٌ.. وعذابٌ.. ودموعٌ
ورحيلٌ بينَ الأقمارِ

23 - محمد مهدي الجواهري:

هو محمد مهدي بن عبد الحسين الجواهري، شاعر عراقي يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث، ويلقب شاعر العرب الأكبر. ولد في النجف الأشرف 26 تموز 1899م، وتوفي بدمشق 27 تموز 1997م.، في أواخر عشرينات القرن المنصرم، نظم قصائد خليعة، مثل ( عريانة)، و(جربيني)، وغيرهما، وهذه أبيات من (جربيني):

جرّبيني منْ قبلِ انْ تزدَريني
وإذا ما ذممتِني فاهجرِيِني
ويَقيناً ستندمينَ علـــــى أنَّكِ
من قبلُ كنتِ لــمْ تعرفيني
لا تقيسي على ملامحِ وجهي
وتقاطيعِه جميعَ شؤوني
أنا لي في الحياةِ طبعٌ رقيقٌ
يتنافى ولونَ وجهي الحزين
قبلكِ اغترَّ معشرٌ قرأونــــي
مــن جبينٍ مكَّللٍ بالغُصونٍ
وفريقٌ من وجنتينِ شَحوبين
وقدْ فاتتِ الجميعَ عُيوني
إقرأيني منها ففيها مطاوي النفسِ
طُراً وكلُّ سرٍّ دَفين
فيهما شهوةٌ تثورُ. وعقلٌ
خاذِلي تارةً وطوراً مُعيـــني
فيهما دافعُ الغريزةِ يُغريـــــني
وعدوى وراثـــةٍ تَزويني
أنا ضدُّ الجمهور في العيشِ
والتفكيرِ طُرّاً. وضدُّه في الدِّين
التقاليدُ والمداجاةُ في الناسِ
عدوٌّ لكلِّ حُــــرٍّ فطيـــــن
وأنا ابن العشرين مَنْ مرجِعٌ لي
إنْ تقضَّتْ لذاذةَ العشرين
أخذتني الهمــــــومُ إلّا قليلاً
أدركيني ومــن يديها خذيني
وأنا في جهــــــنَّمٍ معَ أشياخٍ
غــــواةٍ بِغيَّهــمْ غمروني
ودعيني مُستعرضاً فــــي جحيمي
كلَّ وجهٍ مُذمَّمٍ ملعون
عن يساري أعمى المعرَّةِ و(الشيخُ)
الزهاويُّ مقعداً عن يميني
إنزليني إلى(الحضيضِ) إذا ما شئتِ
أو فوقَ ربوةٍ فضعيني
كلُّ مافي الوجودِ من عقباتٍ
عن وصولي إليكِ لا يَثنيني
إحمليني كالطفلِ بين ذِراعيــكِ
احتضاناً ومثلَــــــه دَّلليني
وإذا ما سُئلتِ عني فقولـــــي
ليسَ بِدعاً إغاثـــــةُ المسكين
لستُ أُمّاً لكـــنْ بأمثالِ (هذا)
شاءتِ الأُمهات أنْ تبتليني
اِلطمِيني (إذا مَجُنتُ فعمداً)
أتحرَّى المجونَ كي تَلْطمِيني
وإذا ما يدي استطالتْ فمِنْ شَعركِ
لُطفاً بخُصلةٍ قيِّديني
ما أشدَّ احتياجةِ الشاعر الحسَّاسِ
يوماً لساعةٍ مِن جنون


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى