الخميس ١٨ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

أصل الحكاية

هناك الكثير من الأمور في حياتنا ذات جذور ضاربة في أعماق التاريخ ففي نهاية القرن الثامن عشر الميلادي وحتى بداية الخمسينيات لم يكن هناك من وسائل أنتقال للبشر والبضائع في المدن المصرية وخاصة القاهرة سوى الحنطور والعربات الكارو وكان يقود العربة رجل في رث الثياب وأشعث وكان يطلق عليه عربجي وهذه الكلمة تركية الأصل وتتكون من مقطعين الأول عرب ويعني العربة والثاني جي وتعني صاحب مهنة أو صنعة ولأن مهنة العربجي كانت منبوذة أجتماعيا لا يمارسها غير الطبقات الفقيرة جدا كان يستعملها المصريون في السباب لمن يريدون التحقير منه وكان علي عوض واحدا من هؤلاء العربجية وأستطاع أن يكون أسطولا من العربات الكارو وصار شيخا لهذه الصنعة في ثلاثينيات القرن الماضي وكان لابد لأي عربجي أن يتتلمذ على يديه ليعلمه فنون العمل قبل أن يعطيه عربة وحمار ليعمل عليه مقابل أجر زهيد والشي والحا والهس كلمات فرعونية وشي بمعني إمشي والحا بمعني حمار وهس بمعنى قف وكان علي عوض مشهور بشخصيته القوية وعدوانيته الشديدة في التعامل مع العربجية المنتسبين لمدرسته طلبا لعلمه من أجل العمل لديه لذا لم يكن الأمر يخلو من الضرب والإهانة للعربجي المتدرب ومن هنا كانت بداية تسمية علي عوض للعربجي من باب الشماته وتذكيره بالإهانة على أيدي شيخ الصنعة وأستبدل المصريون كلمة عربجي بعبارة علي عوض في سبابهم وتلاسنهم علي العربجية وإلي بداية سبعينيات القرن الميلادي الماضي كان الحنطور وعربات الكارو مشهدا مألوفا في شوارع مصر وكان الصبية يتجمعون ليطاردو العربجي بهتافاتهم (علي عوض ... علي عوض) ليشتاط العربجي غصبا ويترك عربته في نهر الطريق ليمسك ثوبه المهلهل في يد واليد الآخرى يمسك بها الكرباج أو العصي التي يقود بها حماره ويعدو خلفهم لعله يمسك بأحدهم ليفرغ فيه غضبه لكنه في الغالب كان يفشل لأن الصبية يختفون بسرعة داخل الحواري والأزقة وغاب العربجي بعربته الكارو وغاب حماره عن الشوارع منذ نصف قرن تقريبا وبقيت جملة (علي عوض) من الذكريات.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى