الخميس ١٢ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٤
بقلم حاتم جوعية

أنا أرضُ الأغاني

لقد أعجبني هذان البيتان من قصيدة للشاعر المخضرم حسان بن ثابت الأنصاري.

(وأحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني
وأجملُ منكَ لم تلدِ النساءُ
خٌلقتَ مٌبَرَّأ من كلِّ عيبٍ
كانكَ قد خُلِقتَ كما تشاءُ )

فنظمت هذه القصيدة ارتجالا ومعارضة لقصيدة حسان:

فتاتي أنتِ عُمري والرَّجاءُ
وأنتِ الفجرُ يسطعُ والضّياءُ
وإنَّكِ مُنيتي وَمنارُ روحي
وَفيكِ الطهرُ يسمُو والوَفاءُ
وَلم أرَ مثلَ حُسنِكِ يا حياتي
ومثلكِ أنتِ لم تلدِ النّسَاءُ
وَإنِّي شاعرُ الأوطانِ أبقى
مع الأمجادِ والشّمسِ التقاءُ
أنا أرضُ الأغاني وَهْيَ تزهُو
وَمن زنديَّ يَنْبَعِث الشّذاءُ
أحبُّكِ كم أحبُّكِ يا فتاتي
بدونِكِ كلُّ أيامي شقاءُ
سأبقى مع لهيبِ الشَّوقِ فُلًّا
وَمُنتظرًا متى يأتي اللقاءُ
بقربكِ تنتشي أزهارُ عُمري
وَبُعدُكِ للمُحِبِّ هُوَ الفَناءُ
إلى عينيكِ فانطلقتْ قلوعي
وحيث أكونُ يزدادُ الرّخاءُ
وفي عينيكِ تاريخي وَفنِّي
ومن عينيكِ كم يحلو النداءُ
أنا صرحُ الفنونِ بلا مراءٍ
وللمكلومِ.. في شعري العزاءُ
أنا ربُّ المثالثِ والمثاني
وتجري لي الأمورُ كما أشاءُ
أعَدَّ اللهُ للشعراءِ منِّي
صواعقَ، والجميعُ لها انحناءُ
وسيفي دائما أبدًا صقيلٌ
وللحَمقى يكونُ بهِ الشفاءُ
وشعري الدرُّ والذهبُ المُصَفّى
وتمطرُهُ المدائحُ والثناءُ
وَ ∀حسَّانٌ ∀ وأفذاذ عظامٌ
فلو بُعِثوا لأشعاري اقتداءُ
جريرٌ والفرزدقُ مع أبي الطيْبِ
صيتُهُمُ سيحدُوهُ الخفاءُ
أنا ملكُ القريضِ وَفُقتُ عصري
وَقولي الصّدقُ ما فيهِ مِراءُ
أنا ربُّ القريضِ وكلِّ فنٍّ
وَفيَّ المُنتهَى والابتداءُ
لكلِّ مَنارةٍ وَلكلِّ عِلمٍ
على طولِ المدى ألفٌ وَياءُ
إلهُ الشِّعرِ في زمنٍ عصيبٍ
وَفيهِ الخيرُ وَلّى والسَّخاءُ
وِشعري ساحرٌ كعقودِ دُرٍّ
وَيحلو الشّدوُ فيهِ والغناءُ
يُجَسِّدُ كلَّ أحلامي وَحُبِّي
وَغيري نظمُهُ دومًا هُراءُ
وَفي التجديدِ نبراسُ الأماني
بإبداعي سيرتفعُ اللواءُ
∀ شكسبيرُ∀ و∀ نيرودا ∀ و∀ لوركا ∀
وَ∀خيَّامٌ ∀ لهُمْ نعمَ العطاءُ
مشيتُ على خطاهِمْ فُقتُ عصرًا
تهاوَى الفنُّ فيهِ لا رجاءُ
وهذا عصرُ لكعٍ وابنِ لُكعٍ
وفيهِ العُهْرُ يطغى والوباءُ
وإنِّي للسلامِ أتيتُ أدعُو
وَللظلّامِ في سيفي الجزاءُ
تَحدَّيْتُ الرزايا والمنايا
وَلم أحفلْ إذا جاءِ القضاءُ
∀على عَجَلٍ كأنَّ الريحَ تحتي ∀
كأنَّ الشّمسَ من نوري تُضاءُ
هي الأمجادُ قد خُلِقتْ لمثلي
لأجلِ مبادِئِي زادَ البلاءُ
وإنَّ المرءَ بالأخلاقِ يسمُو
تُحلّيهِ الكرامة والإباءُ
وَمن باعَ المبادىءَ خانَ أهلا
فلا حِسٌّ لديهِ ولا حياءُ
غدًا لمزابلِ التاريخ يهوي
عذابُ جُهنَّمٍ فيهِ اكتفاءُ
وَإنِّي في المَعامِع مُشْمَخِرٌّ
عنِ الأوغادِ قد ينضُو الطلاءُ
شعاريرٌ لأشعاري سجودٌ
وَنُقّادٌ وَحجمُهُمُ الحذاءُ
وأجوائي المحبّة لا سُمُومٌ
ولا لؤمٌ ولا شيىءٌ مُسَاءُ
يُعَمِّدُنِي الضياءُ وكلُّ طهرٍ
وَغيري قد يُضَمِّخُهَ الخراءُ
وحيثُ أسيرُ يأتي السعدُ دومًا
طيورُ الحُبِّ ترتعُ والظباءُ
وكم غيداءَ قد هامتْ بحُبِّي
عذارى الشعرِ من دوني إماءُ
أنا ربُّ المثالثِ والمثاني
بجوِّ الفنِّ كم يُلقى الهناءُ
ربيعُ العمرِ أيامٌ وتمضي
زمانُ الرَّغدِ ليسَ لهُ بقاءُ
هيَ الأقدارُ تسلبنا الأماني
ونمضي للأمامِ فلا وراءُ
لبسنا كلَّ مكرمةٍ وَفخر
وهذا دأبُنا نعمَ الرِّداءُ
على أطلالِ تاريخ عريق
سكبنا الدمعِ كم طالَ الثّواءُ
وكم من دِمنةٍ تبكي بصمتٍ
وتلتحفُ السَّماءَ فلا غطاءُ
ديارٌ لم يَعُدْ فيها مُقيمٌ
ولا يُلفَى لأهليهَا فناءُ
وغابَ الحقُّ وانطفأَتْ شُموسٌ
وهلْ يُجدي نداءٌ أو دعاءُ
وطالَ الليلُ وانتكسَتْ نجومٌ
وَغابَ الأكرمونَ الأتقياءُ
مشينا في صحاري التِّيهِ دَهرًا
وزادَ الهَولُ ماتَ الأنبياءُ
وشعري للنضالِ.. لكلِّ حُرٍّ
لأوطانٍ تُعمِّدُهَا الدِّماءُ
وَللحُرِّيَّةِ الحمراءِ بابٌ
يُخَضِّبُهُ الرجالُ الأوفياءُ
إلى عرقِ الثَّرى وَشَجَتْ عُروقي
وَروحي إنَّ موطنهَا السَّماءُ
لنا لغتانِ من وردٍ وَقمحٍ
وتبقى الروحُ يغمُرُهَا النقاءُ
لنا جسدانِ من نورٍ وطهرٍ
لاجلِ الحقِّ أنفسُنا الفداءُ
لنا الآلاءُ لا تُحْصَى وإنَّا
لأمجادٍ سُمُوٌّ وارتِقاءُ
ولا تثني مطامحَنا صعابٌ
وَمسلكُنا وَمنهجُنا العلاءُ
تظلُّ قصيدتي نبراسَ شعبي
وَيُترعُهَا التألُّقُ والبهاءُ
مُعَلّقتي سَتمْحُو كلَّ قولٍ
لأحرارِ الدُّنى فيها ارتواءُ
لكلِّ مُتيَّمٍ صَبٍّ عليلٍ
لكلِّ مُلوَّع فيها الدواءُ
مُخلَّدةٌ حروفي كلَّ عصرٍ
ومن جيلٍ لجيلٍ لا انقضاءُ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى