الأربعاء ١٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم إبراهيم سعد الدين

أيُّ سَلامٍ مع هؤلاء القَتَلة

عَنْ أيِّ سَلامٍ يتَحَدَّثون..؟! أيُّ سَلامٍ يُمكن أن يَنعقدَ مع هؤلاء القَتَلةِ الجُبناء الذين يُمارسون القَتْلَ والتدمير والذَّبح الجماعي لزهراتِ شَبابنا ونسائنا وأطفالنا وشيوخنا الأجِلاّء بدمٍ باردٍ وبدونِ وازعٍ من خُلقٍ أو ضميرْ..؟! أيُّ سَلامٍ مع أولئك الذين يَلِغون في دَمِنا ويُيَتِّمون أطفالنا ويُهَدِّمون بيوتنا ويَحْرقون دور العبادة ويُشَرِّدون أهلنا ويُرَوِّعونَ الآمنين ويَنشرون الخَرابَ في كُلِّ موطئ قَدَمٍ ثُمَّ يُقيمون أعراس الدَّمِ في تَلِّ أبيبْ..؟! أولئك الذين يُصَفّونَ حسابهم مع التاريخ على حسابِ أرضنا وأرواحِ الأبرياءِ من أهلنا وشَعبنا..؟!

لا أدري أيّ شَرَفٍ هذا وأيّ فَخارٍ وأيَّة بطولة في آلَةٍ عَسْكَريَّةٍ جُهَنَّميّة تمتلكُ كُلَّ أسلحةِ القَتْلِ والتَّدمير من طائراتٍ وصواريخ ومدفَعيّةٍ ثقيلة ووسائل مُراقبةٍ ورَصْدٍ وتَجسُّس تُهاجِمُ قطاعاً مُحاصَراً ومُجَوَّعاً ومحروماً من كلّ وسائل الدفاعِ عن النفس سوى إرادة الصمود والعِزّ والكبرياءْ..؟! تَماماً كما لا أعرفُ بأيِّ وجْهٍ ومَنْطَقٍ وجَرْأةٍ يتحدَّثُ أولئكَ المُتشَدِّقونَ على شاشاتِ التلفازِ وفي وسائل الإعلام المشبوهة والمأجورة عن التَّهدئة والسَّلامِ المَزْعومِ مع هؤلاء القَتلة. لقد قالَ الرَّأي العام في الكيان الصّهيوني كلمته دامغةً لاطمةً لوجوهِ أولئك المُرَدِّدين لدعاوى السَّلام في صَفاقةٍ ودون حياءْ. قال أكثر من ثُلْثي الإسرائيليين: نعمْ لمجزرة غزَّة. فقد كشف أحدث استطلاعٍ للرأي نشرته صحيفة (هاآرتس) أن 71% من الإسرائيليين يؤيّدون مواصلة الهجوم الجوي على قطاع غَزَّة، وأكّد 20% منهم تأييدهم لتوسيع رقعة الهجوم من خلال القيام بعملياتٍ بَرِّيَّة. وأظهر الاستطلاع ـ حسب الصحيفة ـ تزايد شعبية حِزب العمال بقيادة وزير الدفاع إيهود باراك بعد شَنّ الهجوم على غَزة مع اقتراب الانتخابات التشريعية المرتقبة في العاشر من فبراير/شباط القادم. أي أنّ الدَّم الفلسطيني أصبح ورقة انتخابية بأيدي مُجرمي الحرب الصَّهاينة..!!

أمَّا وزيرة الخارجية ليفني فقد رفضت رفضاً قاطعاً في باريس أية (هدنة إنسانية) لإيصال المؤن للقطاع وصَرَّحت بالحرف الواحد: هذه هي اللغة التي يفهمها العربْ.

أيُّ مُستقبلٍ لسلامٍ مع هؤلاء الوحوش المُعبَّأة قلوبهم وعقولهم ـ كقنابل موقوتة ـ بالحقد والكراهية للعرب، المَشحونين حتى النُّخاع بالعنف والدَّمويّة والإجرامْ، المُلَطَّخة أياديهم بدماءِ أهلنا وذوينا..؟!
أيُّ سلامٍ يُمكن أن يُبْرَمَ مع هؤلاء إلاّ أن يكون اسْتِجْداءً رخيصاً للفِتاتِ واستسلاماً غير مشروطٍ وتفريطاً غير محدودٍ في الحقوق المشروعة؛ حقوق الأرض والسيادة..؟!

أيُّ سلامٍ مع هؤلاء السَّفَّاحين الذين يضربون عَرض الحائط بكل المواثيق والأعراف الدولية ويُسقطون من حسابهم كل القيم الإنسانية..؟!

وهل يُصَدّقُ أحدٌ حَقّاً أنَّ بضعةَ صواريخ تنطلقُ من غَزَّة هي التي أشعلت فتيل هذه المجزرة الهمجيّة..؟! أمْ أنه مُخَطّطٌ صهيونيٌّ مَنْهجيٌّ ومدروس للإبادة والتدمير وتصفية آخر معاقل المقاومة على الأرض الفلسطينية.. وتَرتيب الأوضاعِ لسَلامٍ على الطريقة الإسرائيلية: طريقة الفَرْض والإمْلاء وتكسير العظام..؟!

هل حالت التهدئة ومباحثات السلام طوال سنوات.. وسَنوات دون عربدة الآلة العسكرية الصهيونية واغتيال رموز المقاومة واعتقال وتشريد الآلاف ومصادرة أراضيهم وتهديم بيوتهم..؟!

أولئك المراهنون على انكسار شَوكة المقاومة واهمون، ولينظروا إلى مظاهرات الضّفّة الغربية ليَرَوا إرادة الصمود ويسمعوا صوت التَّحَدي، إعلاناً صَريحاً لخيار المقاومة ووحدة الدَّم والمصير الفلسطيني. لينظروا إلى المظاهرات المندلعة في كل عاصمةٍ ومدينة عربية للتضامن مع فصائل المقاومة والإدانة لكل مخططات التطويع والتيئيس والتَّرويع التي يُمارسها سماسرة السلام وعَرَّابوه. لينظروا إلى مظاهرات ومسيرات الاحتجاج والاعتصام أمام سفارات الكيان الصهيوني في كل ولاية من الولايات الأمريكية وفي كل أنحاء العالم شمالاُ وجنوباً وشرقاً وغرباً للتنديد بالعدوان الصهيوني الوحشي والمطالبة بإيقاف المجازر التي تُرتكب بحقّ الشعب الفلسطيني في غَزة.

وأولئك الرَّاجفة قلوبهم الذين لا يجدون شجاعتهم إلاّ على شاشات التلفاز وفي وسائل الإعلام المأجورة ليْتَهم يكْفونَنَا شَرَّهم ويكفُّون عن تنظيراتهم مقبوضة الثمن عن التهدئة والسَّلام والوئام، فالواقع الحَيّ يكشف زيفَهم ويُبْطلُ دعاواهم، والتاريخ يُثبتُ كُلّ يومٍ أنَّ ما أُخِذ بالقِوَّة لا يُسْتَرَدُّ بغير القِوَّة.

المَجْدُ كُلُّ المَجْد لشهدائنا الأبرار الذين صَدقوا ما عاهدوا الله عليه، وقَدَّموا أرواحهم فداءً للوطن ودفاعاً عن شَرفِ الأمة والعروبة.
المَجْدُ كُلُّ المَجْد لجَرْحانا الذين افتدوا الأهل والوطن بدمائهم الطاهرة، ولأولئك الصَّامدين في بسالةٍ وإصرارٍ وعِزٍّ وكرامة في وجه هذه الهجمة البَرْبَريّة المسعورة.

والخُزْيُ كُلُّ الخِزْي لسماسرة السَّلامِ المزعوم الذين يَسترون ضَعفهم وتخاذلهم وتفريطهم بدعاوى فاسدة لا تنطلي على أحد ولا تحظى باحترامِ أحدْ.

والعارُ كُلّ العار لهؤلاء السَّفاحين القتلة، ولعنة التاريخ والإنسانية جمعاء عليهم، والهزيمة والاندحار لفلولهم المسعورة المُتعَطّشة للدّم العربي.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى