الاثنين ٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠٢٤
بقلم حسن عبادي

إجتو عزيّة النفس

كان كمال يحبّ الطلعات والنزلات والفشخرة؛

وبمناسبة عيد ميلاده الخمسين حجز مطعماً فاخراً، الأغلى في البلدة البعيدة، ودعا إليه العائلة وأصدقاء مقرّبين وطاقم مكتبه.

وصل حسين جائعاً كعادته، لأنّه موعود بوجبة فاخرة، تفحّص المينيو، وحين حضرت النادلة لأخذ الطلبيّة أخبرها بالوجبة الرئيسيّة التي اختارها، فعقّبت بأنّها الأكلة التي يتميّز بها المطعم.

بعد مرور ثلث ساعة جاءت النادلة إلى الطاولة لتعتذر من حسين وتخبره بأنّها نفدت، وبإمكانه استبدالها بوجبة ثانية، وبعد تفحّص لائحة الطعام أشار إلى وجبة بديلة فعقّبت قائلة: "وااو، هذه أكلة ممتازة، وهي أكلتي المفضّلة".

مرّت عشر دقائق، فتقدّم النادل الرئيسي ليعتذر من حسين ويخبره أنّ هذه الوجبة أيضاً قد نفدت، ممّا أزعج حسين، وسأل النادل عن الوجبات الموجودة واختار، بناءً على توصيته، وجبة بديلة.

حضر النادل ليخبره بأنّ الوجبة قد نفدت، والشيف يعتذر جداً وسيحضر للطاولة ليقترح وجبة تناسبه، فأجابه حسين بأنّه يكتفي بزجاجة الكيانتي وسيتعشّى في البيت.

مرّت سنوات، وبمناسبة عيد ميلاد لينا، زوجة كمال، حجز مطعماً فخماً، المميّز في شمال فلسطين، ودعا عشرات الأصدقاء وأبناء العائلة، وبعد التمعّن بلائحة الطعام طلب حسين وجبة رئيسيّة وعقّب النادل بأنّ شيف المطعم يحضّرها أفضل ما يمكن لأنّه تعلم الطهي في فرنسا وهذه الوجبة تميّز منطقة بوردو.

بعد تناول السلطات والوجبة الأولى، من كلّ ما لذّ وطاب، حضرت الوجبات للتسعة أشخاص الذين شاركهم حسين على الطاولة، ووجبته تأخّرت ولم تصل، وبعد أن أنهى الجميع وجباتهم وقام النادل بتنظيف الطاولة وإحضار التحالي، وصلت أخيراً الوجبة التي طلبها، ولكنّه رفض تناولها مكتفياً بزجاجة شاطو بوردو لو كلارنس.

*** نُشرت القصّة في العدد الرّابع، السنة التاسعة، كانون الأوّل 2023، مجلّة شذى الكرمل، الاتّحاد العام للأدباء الفلسطينيّين – الكرمل 48)


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى