الثلاثاء ٥ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٠
بقلم محمد عبد العزيز السقا

إنهم مستمرون

دهشة عجيبة تملكتني عندما فوجئت أنهم مستمرون!!كنت ظننت أنهم قد توقفوا عند هذا الحد الذي وصلوا إليه عندما كنت شريكا لهم (بالمشاهدة) في أسوأ تجارة على الإطلاق.. لم أكن أعلم أنهم لازالوا يمارسون نفس العمل، بل وبإتقان، لقد ظنت أنه لم يعد بإمكانهم أكثر مما كان، كان ذلك عندما تاب الله علي وسلكت طريق الهدى... -وطريق الهدى يبدأ من حيث ينتهي طريق الضلال، وطريق الحق ينتهي بك عندما تفتح لنفسك طريق ضلال جديد. فماذا بعد الحق إلا الضلال؟! لذا فسالك طريق الحق لابد له من يقظة عند كل خطوة يخطوها فقد يفتح له باب فرعي لضلال، أو يفتح له طريق للعودة إلى الضلال-.

أعود للحديث عن الدهشة التي دفعتني للتساؤل عن هذه الاستمرارية العجيبة في هذا الانحطاط والتردي والرذيلة، وهذه الهمة التي لازالوا يعملون بها ... وبلا مقابل.. دهشتي كانت من تجار الرذيلة ومشيعي الفاحشة وناشري العهر والزنا وبائعي اللحم الرخيص، فأولئك الذين يسهرون على إعداد ونشر المقاطع الإباحية على شبكة الإنترنت لا يتقاضون رواتب، إنهم يبعثون شياطينهم في كل مساء إلى مواقع الانترنت والبريد الإلكتروني وبلوتوث الهواتف النقالة، ينهشون في إيمان من ءامن، وفي توبة من أناب، ويجهزون على ضحاياهم من أهل الغفلة والانخداع، يفعلون ذلك في كل يوم، بلا ملل، لم أسمع أحدا منهم يقول (ليس في الإمكان أكثر مما كان)، تلك الكلمة التي ربما سمعتها من حملة مشاعل النور والإصلاح، وربما سمعتها من جند محسوبون على معسكر الحق.

الحق أقول لكم .. لقد سمعتها من نفسي مرات عديدة، إلا أني أعترف أن تلك الاستمرارية العجيبة من أهل الباطل في باطلهم وتلك القوة التي يعملون بها - فهم لم يضعوا السلاح بعد، ولم يفتروا عن العمل بل يزيدون رصيد الفحش والرذيلة في كل مساء- ذلك كله جعلني أسأل نفسي هل أنا أزيد في جدار الحق والإصلاح؟ ماذا أضفت أنا في مواجهة هذا التردي والانحلال والدمار الأخلاقي؟ أم أني في طريقي لأن أصبح مجرد قالب أعوج في جدار معتدل سليم؟
هنا يتجسد أمامي قول الرفيع "مصطفى صادق الرافعي": (إذا لم تزد على الحياة شيئاً كنت أنت زائدا عليها).

أفقت من دهشتي على صوت المؤذن يعلن أذان فجر جديد فتناولت القلم بدأت يومي بكتابة هذه الكلمات ..أبدأ بها حياة جديدة ..أعلن فيها أنني مستمر أنا أيضا في دفاعي عن الخير والحق والصلاح أزيد في جدار الحق أزود عن ما تبقى من حمى الأخلاق، أموت كالشجر واقفاً، أو كالمؤمن .. يموت وسيفه يقطر دماً.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى