الأغنية التي أسقطت أخطر تشكيل عصابي

عام 1926 كان بإمكانك امتلاك محطة إذاعية تبث من خلالها ما تشاء وقتما شئت في حدود 4 ساعات من البث .. هكذا كانت بداية الإذاعات الأهلية في مصر وكل ما كان مطلوبًا منك تخصيص مكتب أو غرفة في شقتك وتضع لافتة باسم محطتك وأن تسدد للحكومة مبلغ 144 جنيهًا كرسم بث وكان المشترك في خدمة الراديو يدفع ريالًا أي20 قرشًا شهريًا ولم تكن التغطية تتجاوز عدة شوارع أو حتى الحي الذي يقع في نطاق البث وكانت أشهر الإذاعات الأهلية في ذلك الوقت فاروق وفوزية والتي اشتق مؤسسوها الأسماء من أفراد الأسرة المالكة كنوعٍ من الترويج وكانت هناك إذاعة شهيرة أيضًا اسمها راديو حبشي أطلقها مواطن يدعى حبشي جرجس من منطقة وكالة البلح في وسط القاهرة.

دار التنافس بين الإذاعات الأهلية التي كانت تعتمد كليًا وجزئيًا على الإعلانات لكن حدث أن خرج الأمر عن حدود اللياقة إذ ساد التراشق والتلاسن سياسة هذه المحطات ومن المفارقات المضحكة في هذا الشأن أن إذاعة راديو حبشي تلقت اشتراكًا شهريًا قيمته 50 جنيهًا وكان المبلغ كبيرًا وقتها وقد دفعته إحدى السيدات مقابل طلب غريب وهو أن يقطع حبشي البث في أي وقت تريده تلك المشتركة لإذاعة أغنية الجو رايق لأحمد عبد القادر أو في الجو غيم لمحمد عبد الوهاب وكانت السيدة تتصل هاتفيًا في الوقت الذي تريده فيتم قطع البث وإذاعة أيٍ من الأغنيتين بناءً على رغبتِها حتى فوجيء حبشي بقواتٍ أمنية تقتحم شقته وتصادر أجهزة البث وليتضح بعدها أن الجو غيّم والجو رايق لم تكن سوى إشارة اتفقت عليها السيدة المشترِكة مع أفراد عصابة تديرها لتنفيذ عمليات سطو على منازل المنطقة أو القيام بعمليات تهريب المخدرات وكانت الجو رايق تعني أن الظروف مهيأة للتنفيذ أما في الجو غيم فكانت جرس إنذار من أن الظروف غير ملائمة لتنفيذ العملية المتفق عليها ومن كلمات أغنية الجو رايق نذكر:

الجو رايق وطار البحر بسم الله
والبدر سمى جمال الليل وتم صفاه
بُعد الحبايب شغل قلبى العليل وشجاه
وخلّا جسمى ضنا والغربة طالت عليّ يازمان.

ومن كلمات أغنية في الجو غيم نذكر:

في الجو غيم حجب القمر وحرمنى من حُسن جماله
يا هل ترى عازل ظهر ولا عذول حب وصاله
ليه البعاد عني حلي لك اكمنى يعنى بميل
وعذولي متهني بميلك وأنا اللي وحدي عليل
كنا سوا لما يلوعني الهوى يصعب عليه
نوحي وميلي واغير عليك من النسيم لو طال.