الترجمة وحماية الملكية الفكرية
تعتبر حاجة الأمم للترجمة ضرورة ماسة وبخاصة في هذا العصر حيث اتسع نطاق الاتصالات وأخذت المعلوماتية طريقها في كل المجالات ، وتبع هذا اتساع في نطاق الترجمة من لغة إلى أخرى حتى يكون التواصل مستمرّاً بين الحضارات وذا منفعة جمة تنقل كنوز المعرفة من حضارة لأخرى.
وتطورت الترجمة بشكل كبير فبعد أن كانت تتم عبر الانسان عندما كان يقوم بالترجمة الحرفية ، أخذت التطورات على عاتقها تنوع وتسارع الترجمة التي يقوم بها الإنسان وحدث تطور في مفردة الترجمة لتصبح شاملة أيضا لعمل قد تقوم به الالة التي أصبحت بدورها مترجمة مما أوجد نوعين من الترجمة هما الترجمة البشرية والترجمة الآلية.
ولعل هذين النوعين يشيران أيضا إلى حالة المترجم الذي يستعين بالآلة لتسهيل عمله وكذلك عندما يقوم الكمبيوتر بعملية الترجمة بعد تغذيته بالقواميس والبرامج التحليلية التي تحول الكلمات إلى نصوص رقمية يستطيع الكمبيوتر قراءتها وترجمتها بلغة واضحة من لغة إلى أخرى.
من هنا يظهر أثر المعلوماتية في اتساع وتطور حركة الترجمة ، حيث نقلت من طور الترجمة التي يقوم بها الإنسان إلى الترجمة الالكترونية عبر أجهزة الكمبيوتر.
ولما كانت الترجمة في مضمونها تحوي نقل ما في جعبة كتاب أو مصنف من لغة إلى أخرى فان ذلك يملي علينا البحث في العلاقة بين الترجمة وحماية حقوق الملكية الفكرية التي يتمتع بها صاحب المصنف الأصلي.
مطلب أول: حقوق الملكية الفكرية وأهميتها:
لطالما كانت عقود التجارة الدولية ترتكز أساساً على الأموال المادية، ولكن مع نمو التجارة الدولية وتطورها بدأت المفاهيم تتغير، و الحياة تتبدل، والعولمة تلقي بظلالها على معاملاتنا.
في هذا الخضم الهائل من تعقد المعاملات التجارية برزت إلى السطح مواضيع حماية الملكية الفكرية وإن لم تكن حديثة العهد.
فالملكية الفكرية تعتبر أحد صور الملكية بمفهومها الواسع والتي حمتها كافة التشريعات الداخلية والمعاهدات الدولية باعتبارها أحد الاركان الرئيسة التي يقوم عليها النظام الاقتصادي واستقرار المعاملات في المجتمعات والدول.
والملكية الفكرية تدخل في نطاق الملكية العنوية على اعتبار أنها تقع دائما على نتاج الذهن والعقل والإبداع، ولا خلاف على ضرورة حماية ما ينتجه العقل البشري من صور الإبداع الفكري في شتى المجالات العلمية والفنية والأدبية والتكنولوجية.
وقد أدى قيام الثورة المعلوماتية دورا كبيرا في هذا المجال مماجعل لزاما على أهل التشريع تحديد الأطر التي تحمي هذه الحقوق .
و لعل ما يدخل في مجال حقوق المؤلف والحقوق المجاورة هو كيفية حماية هذه الحقوق إذا ما تم ذلك من خلال ترجمة المؤلفات والمصنفات ، ، فكان لابد من إيجاد إطار دولي قانوني للحماية، ومن هنا جاءت اتفاقية (برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية ) وكذلك القوانين الداخلية كقانون 1999 لحماية الملكية الأدبية والفنية في لبنان.
وإذا ما طبقنا تلك الأطر على ترجمة المصنفات الادبية والفنية المكتوبة والمسموعة نجد أنها محمية بهذه الاتفاقيات والقوانين.
مطلب ثان: الترجمة وحق المؤلف
عرفت المادة 5 من القانون الخاص بحماية الملكية الادبية والفنية البناني لسنة 1999 حق المؤلف بالنظر إلى شخص المؤلف واعتبرته بأنه الشخص الذي يبتكر عملا أدبيا أو فنيا ومنحته بمجرد ابتكاره حق الملكية المطلقة على هذا العمل ودونما حاجة لذكره.
وقد تعرضت المادة 6 من ذات القانون إلى تعريف المؤلف في حالة العمل المشترك ورأت بأنه في حالة الاعمال المشتركة التي يستحيل فيها فصل نصيب أي من المشتركين في ابتكار العمل عن نصيب الآخرين يعتبر الجميع مؤلفين بالاشتراك وأصحابا لحقوق المؤلف في العمل بالتساوي، أما إذا كان بالإمكان فصل نصيب كل من المؤلفين المشتركين عن نصيب الآخرين فيعتبر كل من المؤلفين المشتركين مؤلفا مستقلا للجزء العائد له. في حالة الأعمال المشتركة، لا يمكن لأحد المؤلفين أن يمارس بمفرده حقوق المؤلف بدون رضى شركائه، ما لم يكن هناك اتفاق خطي مخالف.
أما في حالة الاعمال السمعية والبصرية، يعتبر المنتج صاحب حق المؤلف ما لم يكن هناك اتفاق خطي مخالف حسب ما نصت عليه المادة التاسعة.
وإذا ما طبقنا هذه القواعد على أصول الترجمة نجد أنه يجب على المترجم أن يراعي قواعد حماية حق المؤلف عن طريق نسبة العمل لصاحبه ونسبة الترجمة لمن قام بها.
مطلب ثالث: العلاقة بين الحقوق التي يتمتع بها صاحب حق المؤلف وحقوق المترجم
ثمة مجموعة من الحقوق التي يتمتع بها صاحب حق المؤلف نصت عليها التشريعات العربية فيما يتعلق بحماية حق المؤلف وهي تتمثل بحقوق مادية وحقوق معنوية.
أ- الحقوق المادية:
أجمعت التشريعات الخاصة بحماية حق المؤلف على أنه يكون لصاحب حق المؤلف وحده الحق في استغلال العمل ماديا، وله في سبيل ذلك الحق الحصري في إجازة أو منع ما يأتي:
– نسخ وطبع وتسجيل وتصوير العمل بجميع الوسائل المتوافرة بما فيها التصوير الفوتوغرافي أو السينمائي أو على أشرطة واسطوانات الفيديو أو الاشرطة والاسطوانات والأقراص مهما كان نوعها، أو بأية طريقة أخرى.
– ترجمة العمل الى لغة أخرى أو اقتباسه أو تعديله أو تحويره او تلخيصه أو تكييفه أو إعادة توزيع العمل الموسيقي، وهنا نجد أن ترجمة أي عمل تخضع لإجازة أو منع صاحب حق التأليف الأصلي فإن منع المترجم من ذلك امتنع عليه القيام بعملية الترجمة.
– بيع وتوزيع وتأجير العمل.
– استيراد نسخ من العمل مصنوعة في الخارج.
– أداء العمل.
– نقل العمل إلى الجمهور سواء كان ذلك سلكيا أو لاسلكيا وسواء كان ذلك عن طريق الموجات الهرتزية أو ما شابهها أو عن طريق الاقمار الصناعية المرمزة وغير المرمزة، ويشمل ذلك التقاط البث التلفزيوني والإذاعي العادي أو الآتي عن طريق القمر الصناعي وإعادة إرساله إلى الجمهور بأية وسيلة تتيح نقل الصوت والصورة.
وقد اعتبرت الحقوق المادية للمؤلف حقا منقولا يمكن التفرغ عنه كليا أو جزئيا.
في ذات الإطار اشترطت القوانين المقارنة في عقود استغلال الحقوق المادية أو التصرف بها أيا كان موضوعها أن تنظم خطيا تحت طائلة البطلان بين المتعاقدين، وأن تذكر بالتفصيل الحقوق موضوع العقد، وأن تكون محددة في الزمان والمكان وأن تنص إلزاميا علي مشاركة المؤلف بنسبة مئوية من الايرادات عن عمليات الاستغلال والبيع، إذا لم تتضمن تلك العقود مهلة محددة تعتبر حكما أنها معقودة لفترة عشر سنوات فقط اعتبارا من تاريخ توقيع العقد.
ب- الحقوق المعنوية
نصت التشريعات المتصلة بحق المؤلف على أنه يكون للمؤلف بالاضافة إلى الحقوق المنصوص عليها في المادة السابقة وحتى بعد التصرف بها الحقوق المعنوية الآتية:
– حق إشهار العمل وتحديد طريقة إشهاره ووسيلتها.
– حق المطالبة بأن ينسب العمل إليه كمؤلف وبأن يذكر اسمه على كل نسخة من نسخ العمل في كل مرة يستعمل فيها العمل استعمالا علنيا.
– الحق بأن يستعمل اسما مستعارا أو أن يبقى اسمه مغفلا.
– منع أي تحوير أو تطوير أو تعديل أو تغيير في العمل قد يسيء إلى شرفه أو سمعته أو شهرته او مكانته الفنية الادبية والعلمية.
– التراجع عن عقود التنازل أو التصرف بالحقوق المادية حتى بعد نشرها إذا كان ذلك التراجع ضروريا للمحافظة على شخصيته وسمعته لتغيير في معتقداته أو ظروفه شرط تعويض الغير عن الضرر الناتج عن هذا التراجع.
بيد أنه لا يجوز التصرف بحقوق المؤلف المعنوية ولا يجوز إلقاء الحجز عليها إنما يجوز انتقال تلك الحقوق إلى الغير عن طريق الوصية أو قوانين الإرث.
ورقة عمل مقدمة ضمن اعمال الملتقى الدولي الثاني للترجمة الذي تنظمه مؤسسة الفكر العربي في الفترة من 18-20 سبتمبر 2006/ بيروت- لبنان
مشاركة منتدى
18 شباط (فبراير) 2019, 07:47, بقلم محمد سعد
هل ترجمة مقالات من مواقع انترنت اجنبية الى العربية واعادة نشرها على موقعى فيها مخالفة لحقوق النشر
27 حزيران (يونيو) 2020, 16:54, بقلم إبراهيم
السلام عليكم
ارغب في التقدم لمسابقة في الترجمة وقد اخترت كتاب معين ولهذا الكتاب حقوق نشر.
فقد أريد ان اتقدم للمسابقة ولا اريد ان اطبع أو انشر هذا الكتاب.
فما هي الخطوات التي يجب ان اقوم بها لكي لا أتعرض للمساءلة القانونية
ولكم جزيل الشكر