الجمعة ١٤ حزيران (يونيو) ٢٠٢٤
في حوار مع الشاعرة المغربية صباح القصير:

تكريم ديوان العرب وسام تشريف على صدري

هبة السيد

المشهد الشعري في المغرب يتطور بشكل لافت وهناك غزارة في الإنتاج والنشر

تكريم ديوان العرب وسام تشريف على صدري وعلامة فارقة في حياتي الفكرية

كتابتي لشعر الهايكو تجربة فريدة جعلتني أدمن الكتابة في هذا النوع الشعري

مشروعي الأدبي لازال حبيسا بين الأوراق بسبب العمل ومسئوليات الحياة

شاعرة وباحثة في الثقافة والأدب العربي سحرتها لغة القرآن الكريم وأبهرتها كلماته المعجزة، فغاصت في بحر اللغة وجمالياتها، هي الشاعرة المغربية صباح القصير.

لها اسهامات شعرية كثيرة، وخاضت مساحة شعرية تعد جديدة علي ثقافتنا العربية وهو شعر الهايكو لتثبت نفسها رغم قولها بأنها مازالت تتعلم.

كرمت ديوان العرب الشاعرة صباح القصير، كرمز من رموز الثقافة العربية، ضمن احتفاليتها بتوزيع جوائز المسابقة الأدبية العاشرة فى الشعر العربي. وعن تكريمها ومشروعها الأدبي كان لنا هذا الحوار:

كيف تري تكريمك من قبل ديوان العرب؟

صدقا، لم أنتظر تكريما يُذكر من طرف ديوان العرب، كان هدفي الإبحار بزورق كتاباتي في مكنونات اللغة، وجعل حروفها لسان العالم وصوته وضميره.

كانت لحظة إخباري بهذا التكريم من طرف ديوان العرب لحظة انحسار فكري أخذ وقتا حتى عاد لرشده من نشوة التكليف التي قيدني بها هذا التكريم المفاجئ.

سألت رئيس تحرير ديوان العرب عادل سالم مشكورا عن سبب تكريمي فأجابني إجابة مهما طرزت لها من كلمات برونقها الساحر البديع ستبقى باهتة عقيمة لا تنتصر لجمال الفعل فيه.

وهذا التكريم أصبح وسام تشريف على صدري وعلامة فارقة في حياتي الفكرية حتى تظل لرسالتي الأدبية مصداقيتها لتختزل كل معاني الإمتنان والشكر لكل من فتح آفاقا واعدة وتشجيعا مستمرا لمن يخط من نول الكتابة نسيج الإبهار أو الحلم أو الارتواء من روحانية اللغة وبريقها. وأخص بالذكر هنا ديوان العرب وكل من يدعم المبدعين الجدد.

فكل الشكر والامتنان لكل كوادر ديوان العرب والقائمين عليه فردا فردا، لما يبذلونه من مجهودات جبارة للدفع بصرح الأدب نحو مصاف الرقي والتميز.الشكر لهم على رقيهم اللامتناهي ونبلهم الكريم. وكل من ساهم من قريب أو بعيد في هذا التكريم.

كيف تصفين المشهد الشعري في المغرب؟

يعرف المشهد الشعري في المغرب تطورا وديناميكية وحركة لافتة في غزارة الإنتاج والنشر، هذا المشهد الذي أثرت فيه حضارته وثقافاته المتعددة الألوان ومحيطه المنفتح على المشاهد الثقافية الأخرى الأوروبية والمشرقية وغيرها من الثقافات التي ساهمت في تلوين مسار حركته الفكرية بضخ دم جديد زاد من غزارة الإنتاج رغم غياب نقد جاد موضوعي يواكب مرامي الحركة الشعرية بالمغرب، إضافة إلى انحسار فئة قليلة من القراء المهتمين بهذا اللون الأدبي. لذلك فالوضع الراهن للشعر المغربي يتطلب تمازجا جديدا ينتج تفاعل متماسكا بين الشعراء أنفسهم والنقاد وجمهور الشعر.

من اللافت في سيرتك الأدبية كتابتك لثلاث كتب في شعر الهايكو حدثينا عن هذه التجربة؟

بالنسبة لقصائدي في شعر الهايكو كانت قصائد خجولة شيئا ما في أول الأمر، لعدم معرفتي بالهايكو، هذا الشعر "الجديد" على ثقافتنا العربية، والذي يمكن أن يختزل رواية بأكملها في ثلاث أشطر شديدة الإيجاز والتكثيف، وجدت صعوبة في مواكبته بادئ الأمر. وكانت القصائد المنشورة لشعراء في هذا الميدان والتي أقرأها مرارا وتكرارا كأنها معادلات رياضية بالنسبة لي يلزمها شيفرة لفك رموزها وتركيز لحل كل ألغازها من أجل التقاط مشهد ولحظة بسرعة كبيرة ثم حصرها في لقطة مصغرة كأنها لقطة كاميرا لمشهد ربما يراه كل شاعر بعين ولقطة مختلفة. هذا المشهد المرئي عليك أن تعرف كيف تبرزه للقارئ حتى يتمكن من فهم كنهه وينبهر بقصر أشطره وكثافة مضمونه.

كانت تجربة فريدة جعلتني أدمن الكتابة فيه ربما لم أصل لأكون هاكي أو هايكيست لكنني في طور بذل جهد أكبر من أجل صقل موهبتي وجعل نصوص هذا الشعر تصدح بالجمال في أوردة الكلمات والأشطر القليلة للهايكو.

ومن هنا أنوه بدور الأستاذ محمود الرجبي، الذي جعل قصائدي البسيطة في بداياتي الأولى منذ سنوات في هذا الشعر ترى النور على جدار ناديه الإلكتروني نادي الهايكو العربي مشجعا دائما ومحفزا وداعما ومصمما لكتابين لي هما: "غبار الذكريات"، و"مكتظة بالفراغ". كما أشكر الأستاذ رضا ديداني عن هايكو المغرب الكبير على دعمه ونشره قصائدي بين دفتي كتاب: "عصارة الكرز".

هل تري أن شعر الهايكو مناسب لثقافتنا العربية ويجد مكانه فيها؟

بالنسبة لشعر الهايكو فإنه طوفان البساطة المختزل للوجود بشذرات تقتنص الزمان والمكان دفعة واحدة، متحررا من أقفاص أشكال الأجناس الأدبية الأخرى. ولهذا فقد لاقى استحسانا وتهافتا عليه من قبل بعض الشعراء العرب الذين يهمهم التكثيف والإيجاز والاختلاف، فجمال الهايكو لاقى شعبية فقط في أوساط الأدباء والكتاب المهتمين بهذا النوع من الأدب. وإذا بحثنا في الشعر العربي سنجد أن الشذرة أو الومضة كانت في قصائد شعراءنا ولم تكن دخيلة عليهم بل سبقوا غيرهم بها، والاختلاف فقط في جوهر فلسفة الهايكو الياباني، والتي هي فلسفة الزن أو التصوف والتي تختلف عن فلسفة التصوف العربية ومنظورها.

بالنسبة لرأيي المتواضع أجد أن شعر الهايكو مناسب لثقافتنا العربية في الوقت الراهن نظرا للوتيرة السريعة التي تعرفها الحياة اليومية والأدبية وعدم تحمل بعض القراء للقصائد الطويلة. ولهذا فلقد صنع الهايكو لنفسه مكانة في ثقافتنا العربية ويزداد مده وانتشاره بفعل وسائل التواصل الاجتماعي التي قلصت المسافات وأصبح العالم بسببها قرية صغيرة.

كيف أفادتك دراستك وأبحاثك الأدبية في مشوارك الشعري؟

سحرتني لغة القرآن الكريم وأبهرتني كلماته المعجزة، فكلما غُصت فيه، ازداد شغفي وثارت براكينُ مُتَّقِدة داخلي تريد المعرفة، وخط الكلمات على نول الأدب.

فتأججت غواية الكتابة لَدَّي، والتي ارتشفتها من أمي رحمة الله عليها، بوشم الحب الذي ارتسم في كينونتي فزرعتها فسيلة صغيرة في أرض براءتي، تسقيها كل حين بقلبها الملكي الذي علمني أن أكون ومِزبري شامخة كنخل عصي على الانكسار، وحَصّنها كقسورة بسَمّاد الاحتواء وَالِدِي الأغَرّ رحمة الله عليه، وعلمني بها عنفوان القلم.

وحينما ولجت مرحلة الإعدادي، فجر وشاية الماء داخلي، أستاذ لغتي العربية الذي لازلت أعترف له بهذا الجميل. وبعدها، أدمنت شرب الحروف وسكبها على أعمدة بعض الجرائد المحلية في المرحلة الجامعية.

لم أكن أعرف ما هو شعر الهايكو، تعرفت عليه وحملت سيفَ قلمي وولجت غماره، ومن أول نص لي: (كف السماء سقط سهوا أيتها الريح)، وُشّحت بميدالية الإعجاب والتميز، تشجيعا لي من قبل الأستاذ الفاضل محمود الرجبي، الذي أوجه له كل الشكر والتقدير على دعمه. ولهذا النوع الأدبي الجديد، أَعلنَ حرفي فرط العشق له برقصته الصوفية المتماهية فيه، كانعتاق الأرواح من قيد الطين والماء، سابحة مع الأكوان لا يضرها ما ستتحول إليه. ولازلت في محراب الدرس والتعلم، أنهل منه كل لحظ قيد اشتهاء التنفس روحا للجلال والجمال، لا يثنيني عنه سوى سيف الوقت.

هكذا كانت رحلتي ولازالت مع وهج ضوء الكتابة وجاذبيتها، رحلة عشق ممتدة برسائل الماء لظلال العابرين.

مشروعك الأدبي كيف تصفيه وما أبرز السمات التي تحرصي عليها عند إضافة أي جديد لهذا المشروع؟

مشروعي الأدبي لازال حبيسا بين الأوراق وبعض الرفوف حبسني العمل ومسئوليات الحياة عن إخراج حروفه إلى وهج النور ليتنفس الحياة، هو مشروع بريء لم تكتمل معالم سحره كل يوم أزين تقاسيمه بنجوم لعلها تزهر كونا لي وللقارئ، من كل جنس أدبي حاولت أن يولد مشروعي مكتمل الأركان رغم أن كل كماله نقصان. حاولت طبعه مرارا لكن يثنيني عن ذلك أن يكون معراجا للسالكين لدربي صدقا وتخيلا ورسالة.

فيم تفكرين عندما تبدئين مشروع قصيدة جديدة؟

عند أي عمل جديد أرسم أرض العمل بمصداقية الإحساس وصدق الرسالة وهمٌ الأمة وجرح الآخرين ولملمة الجراح وسكب الأمل في فجاج الروح وإيجاد البدائل والحلول.. وأحاول أن أكون صوتا ولسانا لمن غابوا أو حضروا.

هبة السيد

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى