الجمعة ٢٦ شباط (فبراير) ٢٠١٠
الشاعر شادي حلاق
بقلم فادية الخشن

العاشق الذي أشجار قلبه ناطحات للنجوم

على عكس تفاحة نيوتن تلك التي سقطت من الأعلى على رأس نيوتن تمضي تفاحة الشاعر شادي حلاق عكس الجاذبية الأرضية، إنه التمرد بطاقاته القصوى إنه الماضي عكس التيار.

تجربة شعرية تسترعي انتباه الباحث المتتبع للأصوات الشعرية الحديثة على أكثر من مستوى،
ولو اردت أن اسجل بعض الملامح الخاصة بقصيدته «الطواف حول فصول الأزمان» إذن لسلطت الضوء الكاشف على ذاك التماهي الجلي الذي يمزج ما بين أحاسيس الحب وفصوله المتقلبة مع دورة الطبيعة وتقلبات فصولها.

فالعاشق الذي يمتزج وحبيبته غيمة تمطر، هو ذاته العاشق الذي يقطف من دمه قمرا يدور بلا هدى، وهو الذي يتماوج ترابه مع تراب النفس والذاكرة والارض. إذن هو العاشق نفسه الذي يواجه قدره العشقي عبر فصوله العديدة عبرانبعاثاتها وانثيالاتها فهو في فصول حبه أشبه ما يكون بالطبيعة الوحيدة تحت العراء يمضي مثلها دون مشيئة والى مصير مجهول متنقلا من حرارة ففتور فانطفاء كما الفصول الاربعة.

ان هذا التماهي المرتسم ما بين الذات العاشقة والطبيعة يجرد الحسي ويجسد المجرد بل يؤنس الشيء ويشيء الانسان انها محاولة ناجحة لتحقيق المعادلة التي تجعل من الطبيعة صنوا له في عشق الحبيبة تلك التي يقول عنها

شرشت ما بين أعصابي

وأعصاب الزمان

ليزيل الفارق ما بين تأثيرحبهاعليه من جهة وعلى الزمان وهو بذلك يرفع من شان الحبيبة التي يجعل لحبها امتدادا زمنيا يضمن له السيرورة والدوام وعدم الانتهاء.

كما يرفع من شأ نه هو كعاشق حين يقرن حبه بالزمن هذه القوة الضاربة التي لا يقوى على ردها أحد.
اذن «العاشق الذي أشجار قلبه ناطحات للنجوم» والذي يتمنى في لحظة من اللحظات لو ان يرتحل الى بدء العصور ليسيل من رحم الأزل ويصب في يوم النشور يتبادل الانخاب مع الزمان صنوه في الحب ليبدو الزمان عاشقا شانه شان الحبيب فهو تارة يقطف من الدم قمرا وتارة اخرى يسبح بالدموع كما العاشق المعذب المتنقل من فصل إلى فصل، وهنا تسوقفنا عبارته تلك التي بدت كما اللازمة تتكرر مع بعض التغيير الطفيف لتجسد المجرد وتجرد الحسي

فاستعدي يا جهاتي للهيام

أنه بأمر جهاته مشتقا منها انسانا يامره ان التماهي ما بين الذات العاشقة وفصول تقلبها هو الذي ينقلنا كقراء من حالة الى حالة ومن طقس الى آخر

ومن فصل الى فصل حتى ليخيل لنا بانهما اديم واحد بل نسيج عشق واحد

لم يسافر الشاعر شادي في الواقع سفرا ايروتيكيا في قصيدته بل سفرا عذريا وضعناعلى حقيقة عذاباته

فكأن العاشق في قصيدته منتدبا من الحياة لاقامة وشائج خاصة تلك التي تسوي ما بين فصول حبه وفصول الطبيعة كل ذلك ولم تحل عبارة الشاعر شادي من خصائص الريف / شعرك الممتد من ثمرة الحروف الى بذور الحرف /فهو دائم التحرك ضمن دورة متقلبة الغيم يتحول الى مطر والبذرة تتحول الى ثمرة الخخ بحيث لا يمكن أن يفلت القاريء من سطوة صوره تلك التي يرسمها بفنية عالية طبعا لم تخل قصيدته من فلسفة الشاعر الخاصة تلك التي ذكرتني بفلسفة الشاعر تيودور رتيلكة حيث يقول في احدى قصائده

أكان ضوء ؟؟

أكان ضوء في الداخل ؟

أكان ضوء ضمن ضوء ؟ الخخ

لقد وسع الشاعر دائرة تمازجه مع الكون ببعده الزماني والمكاني هذا وقد كان يهرب لنا بعض الرموز الدينية التي تم استعمالها من قبل الشاعربتصرف لم يألفه القاريء مثل الاسراء والمعراج والبشور اما / المكان في القصيدة فهو القاريء لخرائط الأجسام / لقد انجر الشاعر قصيدته بلغة بليغة وانتهت بعبارات لا تخلو من التأسي على الذات العاشقة التي رحل عنها حبها الذات التي لم تجد فكاكا من عذاباتها والتي انتهت الى الفراغ انها قصيدة الرجولة التي اشتغلت على ان تنجومما قد يحعل منها صنوا للخسارات بل للخراب الانساني ففشلت ليتحول الحب من كون كامل وحياة الى طائر يضرب بجناحيه الفراغ وعلى فراغ.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى