السبت ١ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٢
بقلم تركي بني خالد

المطلوب من التعليم العالي؟

غدا واضحا للجميع أن التعليم العالي في بلاد العرب صار قاصرا وعاجزا رغم كل ما انفق عليه من أموال، ورغم جميع محاولات التطوير التي تنادي بإصلاحه. فالتعليم العالي العربي لم يتمكن من إدراك أهدافه المرجوة التي ما زالت على شكل أحلام بعيدة المنال.

لم يتمكن التعليم العالي على كثرة مؤسساته من المساهمة في نهوض المجتمعات العربية بشكل حضاري، ولم نشهد أي فروق جوهرية ذات دلالة في مجال تنمية المجتمعات العربية سياسيا أو اقتصاديا، أو فكريا أو اجتماعيا.

بل على عكس المتوقع، نرى أن مشكلات الشعوب العربية تزايدت، وأمراضها الاجتماعية تعددت. وما المشهد العربي الحالي إلا دليل على تردي الحال، فلا نحن واجدون وحدة عربية إلا في أبيات الشعر الرومانسية وأناشيد المدارس التي حاولت إقناعنا بمقولة: "بلاد العرب أوطاني...!!".

ما نراه في المشهد واقع مأساوي من الشرذمة وأنواع التخلف. فلا نرى ثقافة عربية نفاخر بها غير انجازات الأجداد التي نتسابق في تمثيل مشاهدها من خلال بطولات درامية نتسلى بها في ليالي رمضان. ونرى التطرف بكل أشكاله، حتى صار الكل عدو للكل. وقد تحول الجميع إلى محتكرين للحقيقة، وأدعياء للون واحد من الفهم، فالكل يغني على هواه.

لا نرى للأسف حضورا للتعليم العالي في قضايا المجتمع، فقد لاذ أساتذة الجامعات بالفرار، وتقهقروا إلى مكاتبهم مكتفين بالثرثرة التي لا تتجاوز حدود الهمس، كما اختبئوا في بطون الكتب المقررة ينقلونها على علاتها لطلبتهم.

غابت العدالة وتلاشى مبدأ تكافؤ الفرص، وحرم العديد من مريدي التعليم فرصا حقيقية للتعلم والنهوض بعد أن صار التعليم سلعة تجارية تباع على شكل كبسولات تسمى ساعات معتمدة إضافة إلى العديد من الرسوم المعلنة والمخفية.

لا أظن أن التعليم العالي يلبي حاجات المجتمع كما ينبغي له. فلا نشهد دورا فاعلا للجامعات في الحد من العنف المجتمعي، رغم تواجد المئات ممن اعتقدنا أنهم علماء الأمة. بل على العكس، حتى الحرم الجامعي لم يسلم من العنف والتطرف ودعوات الجهالة‘ فصارت ميزانيات الجامعات تذهب إلى عطاءات الكاميرات وغيرها من وسائل الحد من العنف والتطرف.

لم تعمل جامعاتنا على توكيد وحدة العرب، ولا عملت على الحفاظ على هوية الأمة أو ساهمت في تعميم لغتها القومية التي نتبجح في جمالياتها. ولن تقف جامعاتنا أمام التحديات التي تعصف بمستقبل الأجيال، وذلك لأنها لا تملك من أمرها شيئا. وما مقولة أن الجامعات مستقلة إلا أكذوبة جميلة.

باختصار، وقعت جامعاتنا في فخ البيروقراطية، وصارت أسيرة لوزارات ومؤسسات وهيئات وأهواء قيدتها وشدت من وثاقها. وبدل أن تكون الجامعات عقل الأمة وأدواتها للنهوض، صارت فاقدة البصر تنتظر من يأخذ بيدها ويرشدها إلى طريق الخلاص!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى