السبت ٦ حزيران (يونيو) ٢٠٢٠
بقلم علي بدوان

اليرموك وسميح القاسم في الذكرى 81 لولادته

يوم الثلاثاء الواقع في التاسع عشر من آب/أغسطس 2014، وقبل هزيعه الأخير توقف قلب سميح القاسم عن الخفقان، فترجل هذا الفارس الفلسطيني ملتحقاً بمن سبقه، تاركاً خلفه تراثاً يُعتَدَ به، أدبياً، وطنياً، وقيمياً، وأسرياً.

ترجّل سميح القاسم، إبن بلدة الزيتون وأشجار الزيتون المعمرة، بلدة (الرامة) الفلسطينية المحتلة عام 1948، والتابعة لقضاء مدينة عكا في لواء الجليل الفلسطيني. عكا التي هزمت على أسوارها نابليون، وكسرت وحطمت جيشه الغازي لبلاد الشام. عكا ظاهر العمر، وهدير بحرها الذي لايتوقف.

من (الرامة) وعكا، كان سميح القاسم الشاهد والشهيد، الشاعر، الموهوب، الحادي، العالي، مُرتفع القامة، أول مشوار الكلمة الحرة من قلب الوطن المحتل في الثورة الفلسطينية المعاصرة، وأول كلمات الصمود التي إمتلأت على جدران مخيم اليرموك، وملصقات الثورة الفلسطينية منذ العام 1968: ياعدو الشمس لن أساوم .... والى أخر نبض في عروقي ساقاوم.

سميح القاسم، المناضل الفلسطيني العنيد، صاحب الكلمة، التي غدت سيفه البتار، وفارس القصيدة التي أدّت مفعولها الكبير وسط الناس، وفي عالمنا العربي، فكان الى جانب الراحل توفيق زيّاد، والراحل محمود درويش، والراحل راشد حسين، علامات مضيئة في عالم الكلمة والآدب والشعر، والموقف الوطني.

من تلك الأرض المعذبة، أرض فلسطين، ومن قلب المعاناة من أرض تحت الإحتلال، ومن بقايا شعباً بقي لاجئاً فوق أرضه عام 1948، صَعَدَ عمالقة الشعر العربي المعاصر، فكانوا صناع الآدب العربي، الشعر والنثر، والموقف، والسياسة، وقد وصلوا للعالمية، فزهت بهم أمة العرب وأحرار العالم.

إن بأس الكفاح الفلسطيني ومسيرته، أنها مسيرة لم تكن لفعل البندقية فقط، فلو كانت لفعل البندقية فقط لكانت قاطعة طريق، ولكنها "كانت ومازالت نُظُم شاعر, وريشة فنان, وقلمُ كاتب, ومِبضع جراح" وإِبرة لفتاة وزوجة تخيط لزوجها وأولادها ثياباً من قماشة خام كيس طحين الأونروا في وقت كان أسوداً على الفلسطينيين، غابراً حائراً مأساوياً في دنيا اللجوء وحتى داخل فلسطين".

مخيم اليرموك إستقبل سميح القاسم صيف العام 1996 إستقبالاً إستثنائياً، ومن معه من وفد فلسطيني كبير ترأسه في حينها رئيس بلدية (شفاعمرو) المرحوم إبراهيم نمر حسين، وقد كنت عضواً في اللجنة التي عملت على ترتيب لقاءات وفعاليات الوفد، فأستقبلهم أبناء شعبهم في مخيم اليرموك إستقبالاً إستثنائياً قل نظيره. وأحتفلوا بهم على إمتداد اليرموك من مقبرة الشهداء التي زاروها ووضعوا أكاليل الورود على نصبها (نصب الفدائي المجهول) الى أخر فعالية أقيمت لهم على أرض اليرموك والشام.
سميح القاسم، إرتبط أسمه بشعر الثورة والمقاومة، من داخل الوطن المحتل عام 1948، مؤسس صحيفة كل العرب ورئيس تحريرها الفخري. سيبقى ذكراه حية ونابضة في الوجدان الوطني الفلسطيني، وفي الذاكرة الفلسطينية، وذاكرة الإبداع.

أرفق صورة جمعتنا مع سميح القاسم وبعض أعضاء الوفد، ومنهم عبد الوهاب الدراوشة ومحمد كنعان من قيادات الشعب الفلسطيني في الداخل، وفي الصورة يظهر المرحوم (أبو حسين مطر عبد الرحيم) ملح مخيم اليرموك، ومن قامات بلدة (نحف) قضاء عكا، صاحب وصية (إدفنوني هناك).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى