الکاتب المسرحي سليمان الحزامي ونتاجاته الأدبية
«تتمیز مسرحیات الحزامی بأنها تستند إلی خلفیة ثقافیة واسعة. وکل مسرحیة تُکلِّفه سنوات عدیدة من البحث والتحضیر. تنتمی مسرحياته إلی مسرح العبث واللامعقول، والبعض الآخر ينتمی إلی الشكل التاريخی، مع الإسقاط علی الحاضر.
قرأ الحزامي المسرح، وفی الأدب العربی والتاريخ، والسياسة، والشعر. كتب المقالة النقدية فی المسرح والاجتماع، كما كتب القصة القصيرة، ونشر معظم إنتاجه فی الصحف المحلية والمجلات النقدية.» [1]
مؤلفاته المسرحیة:
- مدینة بلاعقول: صدرت عام 1971م عن دارالعودة، بیروت.
- القادم، صدرت عام 1978م، عن دار ذات السلاسل.
- امرأة لا ترید أن تموت- صدرت فی کتاب عام 1978م عن دار ذات السلاسل.
- یوم الطین، صدرت فی کتاب عام 1982م، عن دار ذات السلاسل.
- المسألة، صدرت عام 1982م، عن دار السلاسل.
- بدایة البدایة، صدرت عام 1989م عن دار الشراع العربی.
- الليلة الثانية بعد الألف، صدرت عام 1998م.
- بداية النهاية، صدرت عام 2001م.
- بورشيا، صدرت عام 2006م.
وقدعرضت بعض مسرحیاته علی مسارح الکویت مثل مسرحیة:
– مدينة بلاعقول- إخراجَ دخیل الدخیل- عرضت فی مارس 1990م، ضمن فعالیات مهرجان الدوحة- فی دولة قطر. وأخذ شهادات تقديرية عندما عرض مسرحية " مدينة بلاعقول" شهادة تقديرية من قطر.
– القادم - إخراج عثمان عبدالمعطي- عرضت فی الکویت عام 1990 م، قبل الغزو الآثم.
– امرأة لاترید أن تموت- إخراج منقذ السریع- عَرضت فی الکویت مسرح الخلیج الفارسی عام 1994 م.
– عودة الجبرتی ( بداية النهاية )- عرضت علی مسرح الشباب فی الکویت، و هی من إخراج (محمد الحداد) عام 1995 م. و تعتبر شهادة من التاریخ لما حدث للکویت." [2]
" وله بعض القصص القصیرة:
" الأصابع تنمومن جدید- نشرها في جریدة "، "الوطن المحطة"، " رجل لایرید أن یکون بطلاً"،" دقائق"، "الرجل الذي لایقول لا".
وقد نشر هذه القصص الأربع فی مجلة (البیان) التي تصدر عن رابطة الأدباء بالکویت." [3] ونكتفي في هذه المجالة بذكر بعض مسرحياته والتعريف بها بإيجاز شديد.
« مدينة بلاعقول »
" في عام 1969م ذهب الحزامی إلی أروبا بالسيارة طبعاً قبلها فی 1968م أيضاً ذهب عبر البحر وكان في بداية الصيف 1969م وكان معه زميله هو عمرخليفة وحصل النزول علی القمر. وهناك مكثا فترة وتم في تلك الفترة في شهر 8/1969م نزل آرسترونغ قد نزل علی القمر وكان نقطة تحول في التفكير وخلاله بدأ بالتعرف علی مسرح العبث أو اللامعقول، عندما نزل الإنسان علی القمر خطره باله خاطر، هل من الممكن أن الآلة تتحكم بالإنسان؟ الآلة كانت وسيلة لخدمة الإنسان، أما الآن باتت تتحكم فيه. ذلك الوقت سأل نفسه هل من الممكن يأتي وقت أن تستخدم الآلة الإنسان وكتب (مدينة بلا عقول)، بدأ كتابتها في لندن وأنهی كتابتها في الكويت. وفي 1970م أعطی المسرحية للبعض ليقرؤوها وكانوا يجتمعون ويتبادلون الخبرة هناك من عشاق الكتاب والشعر والقصص. كانوا يقولون له عليه أن يطبع هذه الرسالة. وعندما ذهب إلی بريطانيا أوكل المهمة للأخ اسماعيل فهد اسماعيل ليطبعها في بيروت دار العودة ووصله نسختين في 1971م وفرح فرحة كبيرة حينما وجد اسمه عليها. وطبعت أكثر من مرة داخل وخارج الكويت وكُتب عنها الكثير.
لأنها كانت مسرحية عبثية تقوم علی اللامعقول وكثير من الدارسين قالوا إنها نقطة تحول في المسرح الكويتي لأنها لاتقوم علی أمور داخلية ولاتقوم علی الكلام العادي. وفيها تجديد في النص العربي أو الكويتي." [4]
"الحزامي بدأ مشاركته «الأدبية» في المسرح بصدور مسرحية «مدينة بلاعقول» في كتاب عام 1971م، وقد انتظرت هذه المسرحية نحو عشرين عاماً لتجد من يستطيع إخراجها للمسرح، أو الظرف الذي يسيغها للجمهور". [5]
" مسرحية « مدينة بلاعقول » طبعت في لبنان تتكون من الشخصيات « عبدالآلات الأكبر...عبدآلة الموت، عبدآلة النار، عبدة الكروم، الرجل الثري، الصبي، أربعة مواطنين آليين، الفتی الأول والثاني، الفتاة الأولی والثانية، الفتاة، الشباب، ومع شخصيات إضافيه أخری...» وهی في ثلاثة فصول." تصطنع الرموز لتعبر عن مأساة العصر، تحكم الآلة في الانسان الذي اخترعها، ويفترض أنه اخترعها لتخدمه وتسعده، ولكنه يسقط في براثن الآلة، التي تأخذ شكل سيطرة العلم علی الحركةالحرة للإنسان والطبيعة. هكذا سيتعبد الإنسان بمخترعاته، غير أن قانون الوجود هو الأقوی، وهذه لمسة تفاؤل احتفظ بها الكاتب إلي نهاية المسرحية، فقد استطاعت منظمة التحرير من الآلة أن تقضي علی خطة العبد الأكبر، لأنها أقامت صراعها الإنساني منسجماً مع قوانين الوجود البشري أصلا". [6]
الحزامی في عمله الأول (مدينة بلاعقول) يلامس انطلاقات مسرح ما بعد الواقعية، المسرح اللامعقول يقدم مجافأة الواقع للعقل وضياع الإِنسان بين حلمه وواقعه.
كانت هذه المسرحية تمثل المشاركة الكويتية في المهرجان المسرحي الثالث لدول الخليج الفارسي. (أبوظبي- أبريل1993م)
"يقف عبدالآلات الأكبر علی رأس من يروج لعبودية الإنسان للآلة. ويقدم مسوغات العبودية هذه علی أنها «تريح الإنسان من تعب الحياة» وتجعله ثرياً، يعيش حياة سعيدة. وإلی جانب هذا العبد الأكبر عبد آلة الموت. وهو أداة القمع والترهيب لمن يرفض أن يتحول إلی عبد للآلة: «عليك أن تقنع هؤلاء الرعاع من البشر بأننا نبغی مصلحتهم وإلا لما رضينا أن نكون عبيداً للآلات. يجب أن تقول لهم إن عبدالآلة لن يعصی له أمر بعد اليوم...» [7] ويری العبد الأكبر أن مدينته، التي يدعو إلی تكوينها، ستحكم العالم كله. أي أن الآلة لن تقدم الثروة فقط، وإنما السلطة التي «ستحكم العالم» وتسيطر عليه. وإذا كان الترهيب إحدی هذه الوسائل، التي يحاول العبد الأكبر توظيفها لتحقيق مشروع، فإنه لايعدم الوسيلة الأخری المعروفة و هي الترغيب. و«عبدة الكروم» هي المؤهلة لنشر أفكاره، وهي التي تقدم المتعة واللذة والحب، والكروم دلالة علی المتعة فهي التي تعطي الخمرة والنشوة.
المدينة التي يريدها العبد الأكبر، مدينة آلية لاصوت فيها أو فعل للإنسان، الذي هو ليس أكثر من رقم، لارأي له ولاأحلام أو طموحات، لا إحساس أو أفكار،والمفارقة تكمن هنا،أن الإنسان الذي صنع الآلة و يصنعها يغدو عبداً لها. و هذا هو الاغتراب الحقيقي، هذه هي غربة الإنسان. و يربط الحزامي، في مسرحيته« مدينة بلاعقول » بين سيطرة الفرد (الأسطورة) ونظام حكمه الشمولي، وتحول الإنسان إلی آلة. فالحكم الشمولي يمسك بالسلطات كلها، و يزيح المواطن، إلی حد الإلغاء. و الرأي الوحيد والنافذ هو رأي الحاكم.وإذا يفقد المواطن إنسانيته، يصبح أداة مطوعة، عمياء في يد هذا الحاكم. وبالتالي يظل علی كرسيه. وكيف للقطيع( قطيع الآلات) أن يفكر في التمرد أو الثورة؟. وإذا صناعة الرجل الأسطورة الحاكم الأوحد للمدينة، عن طريق الخطاب الوحيد القائم علی التهويل والتكرار، و تغريب الحاكم نفسه عن «الرعاع» و إحاطته بهالة من التقديس، تتسع دائرة الحلم، حلم الحاكم في أن يكون سيد العالم ." [8]
" ومن البداهة القول إن الرجل عبدالآلة ( المغيب عقله) لن يفكر كفرد منتمٍ إلی القطيع الآلي، في أن يحكم العالم، بل لعل الكاتب يقصد الحاكم الذي هو مصدر السلطات كلها. والإغتراب في المسرحية، لايتوسل دلالات بصرية، فالمسرحية ذاتها هي من ذلك النوع الذي يسعی صاحبه إلی الفكرة فحسب، من دون الاكتراث بالفرجة، فتكون أقرب إلی مسرحيات القراءة، أو إلی النص الأدبي.
والإغتراب في مدينة الحزامي، تنميط للعقول.إلغاء لكل ما يمايز شخصية عن أخری، إنتهاك لحق الإنسان، في أن يكون مختلفاً عن الإنسان الآخر. في أن تكون له ذاته الخارجة علی اللون الواحد.
بَيْدَ أنْ إغتراب الإنسان، لايمكن أن يستمر طويلاً، ولابد من أن يظهر من يحتج و يتمرد، و يطالب بعودة الحرية، أي بالتحرر من الآلة ( منظمة التحرير من الآلة)." [9]
وهذا يحمل نظام الآلة هذا، إنه يفنی من الداخل:
" الفتی الأول: هناك ثغرة صغيرة في النظام. استطعنا من خلالها أن نصل إلی ما نريد.
العبد الأكبر: ثُغْرَة... من أوجدها؟الفتی الأول: أنت يا سيدي.العبد الأكبر: كيف؟
الفتی الأول: حاولت أن تقتل الحرية...وأن تغير النفوس ففتحت ثغرة يا سيدي" [10]
وينتهي الكاتب مسرحيته بالإرشاد المسرحي التالي:
" تهدأ الصرخات و تعود الإضاءة إلی المنظر التالي:
سماء صافية و صوت طيور تغرد.وشجرة في الطرف الأيمن من المنصة يقف تحتها شاب و فتاة متعانقان." [11]
مسرحية « القادم »
" هذه المسرحية نشرت عام 1978م، ذات الفصول الثلاثة تطرح أموراً تعالج واقع إنسان القرن العشرين، الإنسان الضائع و الباحث عن نهاية مستقرة لهذا الضياع.
مسرحية القادم من النوع الحديث الذي يدعو إلی التفكير و الاستنتاج، فهو من العمل الذي يطلق عليها مسرح اللامعقول ...أو العبث.
كتب مسرحية القادم و هي بنفس النمط و تأثرت بمسرحية ( نمود و قادم ) . و" « القادم » استدعت إلی الأذهان بقوة مسرحیة بیکیت " في انتظار جودو" قد یکون المعنی المنتظر فیهما: الأمل، أو المستقبل، أو اللاشيء."
الشخصيات الرئسية في هذه المسرحية: « الشاعر، كعب، ثعلبة، حجر، الطريد، الغلام.»
" سنجد في مسرحیة " القادم" عقدة الانتظار والترقب السائدة في مسرح العبث والتمرد، وهي عقدة مفتوحة عادة لحراک الرؤیة الذهنیة و الفلسفیة و لتقنیات تصاحب القاری ء أو المتفرج في رحلة بحثیة معقدة، کما هي حال شخصیات هذه المسرحیة. إنهم ینظرون قادماً لا اسم له، لا ملامح و لا هویة ... لکنه قادم برتبط بکل ما یکفرون فیه و ما یحملون به، و ما یختصمون من أجله. بل إنه قد لا یرتبط بذلک في حالات التناقض العبثي التی تنعطف معها حواراتهم في أحیان کثیرة ... و السؤال الذي أطرحه: أین ممکن نسقیة التراث في هذه الأجواء ...؟
إنه فی تقدیري، یقع فی الفضاء الدلالی للمکان، وأسماء الشخصیات ... فاللغة ذهنیة، و ربما ذهانیة، تتحدث عن انتظار، قادم سیأتی، لکن المکان یختزله الکاتب فی الوصف التالی: " [12] "صحراء قاحلة، من بعيد تبدو ظلال جمیلة من الأشجار توحي بوجود الظل في الحیاة. فی الجانب الأیمن من المنصة نبات صحراوی ذو أشواک... في الجانب الأیسر من المنصة فرع لشجرة مزهرة تحط علیها مجموعة من الفراشات ... الأفق یبدو من بعید ذا لون هادئ جمیل یمیل إلی الاخضرار. یوجد مدخل واحد فقط من الیمین. الوقت قبیل الغروب... الإضاءة تجمع بین الألوان الأبیض والأصفر والأحمرکقرص الشمس ..." [13]
" إن الدلالة المکتظة فی مفردة الصحراء القاحلة، نسقیة، لأنها تفرض هیمنة اللامتناهي و الأبدیة، و الحتمیة وهي المعاني المرادفة عادة لما یفرضه الواقع من استبداد یحطم أحلام الانتظار و البحث و الترقب. و لا تکاد مفردة الصحراء القاحلة تستبق الإحساس بعدم وجود قادم بشکل نهائی... حتی نلاحظ أن الکاتب قد أشاع مفردات ها مشیة تحیی، أو تبرد فکرة القادم الآتی منها: الظلال، الخمیلة، الظل فی الحیاة، فرع شجرة مزهرة، مجموعة من الفراشات، لون هادی ء جمیل یمیل إلی الاخضرار، قبیل الغروب، الاضاءة الملونة کقرص الشمس ... کل هذه أجواء تقع وسط أجواء لن یراوح الصراع بینهما احتمال یذکر لمجيء قادم و خاصة عندما یقذف الکاتب بشخصیاته و حواراتها ... فالشخصیات مجرد أسماء حوارها لایدل علیها: الشاعر الیائس من الانتظار، و حجر، و کعب و الطرید، و ثعلبة، و هي شخصیات متناسلة من فضاء الصحراء ... لا یشبع دلالاتها أن تلهج بحوار ذهني أوجمل شعریة ... لأن حوارها یمکن أن یستبدل فیما دون أن یغیر ذلک سَمت الدلالة ... فالغایة هي إشباع فضاء الدلالة باللاجدوی و الحتمیة و التناقض و الفراغ ... مادامت الحقیقة هي أن الملوک یشبهون بعضم ... و أن السیدات والسادة منسیون في أقبیة التاریخ، یحملون في بحرمن الکسل و التراخی و الانتظار. و سأجتزیء جانباً من النص أری أنه یشیر بقوة إلی الدلالة النسقیة، المصاحبة المفردات المتحدرة من التراث:" [14]
" و یجلسون ینتظرونوجه القادم السعيدو يسألون .. من هوكل الملوك يشبهون بعضهمهم يعرفونلكن القادم المرتقبمن يكون...هم يسألوننحن أبناء هذا اليوملم نره ، لأننا ... لأنناسيداتي... ساداتيهل تعرفون الخيال...هل تعرفون، أن القادم إنسانو إنه...وإنهجل شأنهيكره الملوك و الأحلامو قوم الانتظار .. مازالوا ينتظرونالمسافر القادم كالأقدارو السوال نفس السؤالمتی يصل القادم ؟ "
[15]
وفي نصوص أخری یذهب الحزامي إلی التاریخ من منظور یعید صیاغة تقالید کتابة التاریخ، وتأسیس المنظور في مثل هذه الحالة لا یمکن تبرئته من محاولة إشباع الأنساق المکرسة، و الحفر بما یعمّق كونها سبیکة في طریقة تفکیرنا و تفسیرنا للحیاة التی نحیاها الیوم، أو نجتریء من خلالها علی مغامرة تحریک التاریخ ... " [16]
امرأة لا تريد أن تموت
طبعت عام 1978م، كتب الحزامي (إمرأة لا تريد أن أن تموت) مسرحية من فصل واحد. إمرأة تُقتل ثلاث مرات والكاتب هنا يقصد بالمرأة الحقيقية. فهي لا يمكن أن تقضي عليه.
و" يذكر عندما كتب (إمرأة لا تريد أن تموت)، أخذ النص لأحد كبار النقد المسرحي و هو الدكتور – علي الراعي – رحمه الله و كان أستاذاً في جامعة الكويت فذهب إلی سكنه وكان لديه ظاهرة الجرأة في تقديم نفسي، استقبله استقبالاً جيداً و طلب منه أن يترك المسرحية وبعد ذلك قال يا سليمان عليك أن تطبع المسرحية لأنها جميلة لأن فيها جميع أدوات الكتابة المسرحية." [17]
وتتألف هي من أربعة أشخاص (هاشم، أسعد، وفا، جميل ) بمعنی أن المؤلف حقق النظرية القائلة: إنّ من سمات المسرحية الناجحة قلة عدد شخوصها.
« يخلط فيها عنصر الدراما المسرحية، و أقصد بذلك أنها تجمع بين الحدث الكوميدي الساخر و الحدث التراجيدي الجاد، يترك المؤلف للقارئ فرصة اكتشاف ذلك من خلال قراءته لهذا العمل الذي آمل أن يحظي باهتمامك...خاصة أننا في منطقة الخليج الفارسي و في الوطن العربي الكبير ككل نعاني من نقص في كتاب المسرحية، و في كتاب النص التمثيلي...و لاشك في أن الحركة المسرحية في المنطقة بحاجة إلی مختلف أنواع الكتابة المسرحية الحديث منها و القديم.
وهذه محاولة للمشاركة في سد هذا النقص. آمل لها النجاح...كما آمل ان تحظی بالدراسة من قبل المختصين و العارفين بأمورالمسرح و المسرحية.» [18]
تعد الأزياء أو الملابس أحد أهم أركان الفنية المسرحية، فالملبس مظهر الشخصية الدلالة علی هيئتها طوال العرض، و هو يعكس نمط الشخصية، بل تاريخها جميعاً فالمؤلف في هذه المسرحية يذكر بدقة كل ملابس الشخصيات المسرحية و يصف الديكور و الملابس الشخصيات جيداً. كمايقول:
" قاعدة كبيرة، في المنتصف مكتب كبير عليه مجموعة من التلفونات و معلق خلفه مباشرة لوحة خالية من كل تعبير مكتوب عليها خريطة العالم فقط..."
أو: " تفتح الستارة علی المنظر السابق...بعد ثوانٍ يدخل أسعد من اليمين يرتدي بنطلونا فقط و حذاء جديداً". [19]
وأما الزمان في هذه السرحية فيكون في الحاضر، و فتح نوافذه بحوادث المختلفة.
في هذه المسرحية تكون " الوفاء" إمرأة لا تريد أن تموت، لكن الرجال ( هاشم، أسعد، جميل ) في بداية المسرحية يناقشون حول موضوعات مختلفة عن النهاية، البحرو أيضاً أن كيف ماتت أم أسعدٍ ...و أسعد يؤكد أن موت أمه كان حادثة، لكن هاشم يصر علی خلافه.حتی يصل القضية إلی الوفاء و هي تدعی أنها تريد أن تقول لهم إنها مازالت حية. وتشير إلی وجود الأخرين بأنها ميتة.وإنه إعتقدت أن البحر يثور.أثناء مناقشاتهم مرات عديدةٍ قطع التيار وعمَّ الظلام المسرح. وفي كل مرّةٍ يتصوّر الرجال بأن المرأة قدماتت. وفي كل مرةٍ يجري الحوار بينهم بأن من يكون قاتل المرأة.لكن بعد لحظات يرون الجثة غيرموجودة و أنها حية.و هذا الموضوع يتكرر مرات و يشير إلی قضية صورتها خيالية في المسرحية.
يوم الطين
هذه المسرحية طبعت عام 1982م، وهي تتكون من الشخصيات الأصيلة :« الملك المعتمد بن عباد، إعتماد الرميكية، الأذفونج، يسری القبطية،...» والشخصيات الثانوية «الوزير الشاعرابن عمار، الوزيرماجد القربطي، سلمی، المهرج، إسحق الماقي، الوزيرنزارالدمشقي و...» وباإضافة إلی جانب عدد من الحراس و الحجّاب.
" كتب ( يوم الطين) استوحيها من رواية تاريخية ( يوم الطيب) عندما تزوج المعتمد بن عباد جاريته وطلب منها أن تخوض في الطين لكنه فَرشَ لها المسك والعنبر. وجعلت اسقاطات علی الواقع العربي و خيانة المرأة.
يوم الطين تدور حول ملك غرناطة و عندما كتبها لم يقرأها و لم يستطع تقدير و تقديم المسرحية سوی الأستاذ ( شاكر مصطفی) فذهب إليه و كانت ردة فعله جميلة جداً، و أعطاه ملاحظات و الحزامي أهداه المسرحية." [20]
« يوم الطين فازت بجائزة وزارة الإعلام للتأليف المسرحي عام 1981م. و هي تحكي عن فترة حكم المعتمد بن عباد...الأمير الأندلسي و بطل الزلاقة، تلك المعركة التي أمدت في عمرالعرب في الأندلس.» [21]
« هذه المسرحية تحكي وقائع قصصية حول انهيار دولة المعتمد بن عباد، ولا تذهب في حكايتها نحو استبار النوازع البشرية و الأنماط الإنسانية كما ذكر الكاتب، وإنما تخضع للنسقية المتحدرة حول المرأة . دورها الكيدي، الذي يعتمد الحيلة و الدسيسة و الغيرة. ويستغل الدوافع الأيروسية، و كأن سقوط الدولة لم يرتهن بأي عوامل سوی ما صنعته« اعتماد » بخيانتها و دسيستها للمعتمد، ومافعلته« يسری » القبطية المتواطئة مع الحكم الاسباني. كلتاهما دبرتا الاستحواذ الأيروسي بالمعتمد بن عباد حتی أضعفه ذلك وقاده للسقوط.
و ليس في النص ما يثير دلالة درامية ذات معنی خاص...فالوقائع مرتبة وفق بناء قصصي عادي. وأعمق ما فيه هو نهاية المعتمد بن عباد في المشاهد الأخيرة. هذه النهاية ترسخ عمق الصورة الرمزية / النسقية للمرأة ممثلة في " اعتماد " التي تركت زوجها وانضمت للمنتصر الجديد، متنكرة لذكريات حب ابن عباد، وما صنعه من أجلها. و خاصة ذكری " يوم الطين " الذي رأت فيه العمال يغوصون بأقدامهم في الطين فتمنت أن تخوض بقدميها في الطين مثلهم، فما كان من المعتمد إلا أن جهّز لها طيناً من نوع آخر...هو التبن المخلوط بالمسك و الدهن و الزعفران.. فكان هذا يوم الطيب لا يوم الطين.. أما نهاية ابن عباد أمام خيانة زوجته، و تنكرها فقد كان " يوم الطين " فعلاً .. ولعل اختيار الكاتب هذه العبارة اسماً للمسرحية يعود إلی مستوی الدلالة فيها، ولذة قراءة الكاتب لها، وعلی نحو شحذ فيها أمضی المعاني النسقية المستجمعة في قصص و حكايات دسائس النساء.» [22]
المسألة
« كتب ( قطر الندی ) واستوحيها من التاريخ حول الإسراف و الترف و.. إنه يمكن أن يكون سبباً و هذا ما حصل لابنه طولون قطر الندی لأن التاريخ لم يعرف زواجاً مثله وكان صفقة سياسية بين مصر و الدولة العباسية.
" بعد أن كتبها بحث علی من يقرأها و يعطيها علامة نشر فذهب إلی الدكتور – محمد رجب النجار- و قرأ عنها و كانت تتحدث عن زواج قطر الندی و كان متخصصا في الأدب الشعبي . فقال له هو عالج زواج قطرالندی و أسقط علی الواقع. فأهداه المسرحية." [23]
هذه المسرحية، صدرت عام 1982م، عن دارالسلاسل. تتألف مسرحية « المسألة » من الشخصيات الأصلية « المكتفی باللّه ( ابن الخليفه )، الخليفة المعتضد باللّه العباسي، السلطان خمارويه أحمد بن طولون، قطرالندی بنت خمارويه بن طولون ) والشخصيات الثانوية « الحسين بن الجصاص، الوزيرعصام الدين المصری، آسيا، العباسية بنت أحمد بن طولون و...»
هذه المسرحية تتشكل من الفصلين و لهما المشاهد.
الأحداث التی تجری في هذه المسرحية في مكانين : قصرالخليفة المعتضد باللّه العباسی أو قصر السلطان خمارويه بن أحمد بن طولون.
« هي مسرحية تحكي عن البذخ و عن ما يمكن أن يؤدي إليه من ضعف و ضياع، حيث إن من أهم أسباب سقوط حُكم ابن طولون في مصر كان زواج قطرالندی الباذخ، الذي ساعد في إخواء الخزائن المصرية، و بالتالي في سقوط الحكم الطولوني و انتهاء الدولة الطولونية. »
تبدأ الأحداث فی المسرحية من لقاء جصاص مع مكتفی ابن خليفة العباسی. يصف الجصاصُ القطراالندی لِمكتفی. لكن المكتفی يخاف أن أباهُ الخليفة المعتضد لايوافق علی هذا الزواج. بعد إبلاغ هذا الخبر إلی جانب الخليفة، أراد من الجصاص لِيَخطبَه عريسأ لِقطرالندی ابنة سلطان خماريه.
و فی الموقف الآخرأي القصرخماريه، يواجه الجصاص مع سلطان و يبلغ خبره بأنَّ خليفة المعتضد يريد قطرالندی زوجة له لا لولده. و السلطان خماروية ما خالف و قال : " صحيحُ أنه اكبر منها سنأ... ولكنه أكبرعقلأ من ابنه.... المرأة تريد الرجل العاقل... و إنْ تقدم به السن..." [24]
لكن رفضت قطرالندی زواجها من رجل بعمرأبيها، و سبب رفضها أنها تحب صلاح الدين ابن حسن القزازتاجرالحرير والديباح. « و الحزامی فی هذه المسرحية يشير إلی أن زواج قطرالندی من الخليفة أی استعراض ما يملك خمارويه أمام خليفة في بغداد. وهو يريد أن يقول للخليفة إني أملك اكثر مما تملكون، و لهذا وضع كل ما يملك في تجهيز ابنته ست الحسن.
و أوضح الخليفة لولی عهده سبب زواجه من قطرالندی وهو قد اقتنع برأي أبيه.» [25]
و المؤلف يشير إلی وجود أشخاص كجصاص الذی هو جاسوس مزاوج للطرفين و ينتشر بذور الفتنة.
و هذه « الأحوالات في مصر ليست علی ما يرام، و يوجد النزاع الخفي بين جيش بن خمارويه و أخيه هارون علی السلطة، فكل منها يريد أن يحظی بكرسي الحكم، و لكل منها شعبية و فرقته الخاصة التي تهمل في الخفاء.» [26]
و زواج خليفة مع قطرالندي يكون مصلحة الدولة. و وافقَ خمارويه علی هذا الزواج لِحماية خليفة عن مصر. لكن الإنفاق و الترف علی هذا الزواج أدَّی إلی إفلاس خزائن مصر. و قطر الندي ستعيش مَنبُوذه في قصر الخليفة العباسي بعد وقت ليس بطويل.
الخمارويه من زوجَ ابنته ليكسب الصيت و يخسر كل شيء مقابل ذلك. لكن في النهاية هو يخسِرُ.
" بداية البداية "
مسرحية " بداية البداية " صدرت عام 1989م، عن دارالشراع العربي. و هي سيرة للمتنبي الشاعر العربي وأنه ما كان يرتزق من الشعرإنما كان يريد أن يصل للحكم و كان الحزامي يحب المتنبي وأباه أيضاً.
هذه المسرحية تتكون من الشخصيات الأصيلة : « أبوطيب المتنبی، سيف الدوله، أبوفراس، الأميرة خولة »، و الشخصيات الثانويه « أبوالعشائر، ابن خالويه، الفارابي، المرأة ، عضد الدولة، الرفاء ، أبودلف السجان ». و شخصيات أخری...
و هی فی ثلاثة فصول، تتشكل المشاهد من أماكن مختلفة مثل : المكان في زنزانة السجن و يشير فيه كآبتهُ الواضح. أو قصرالأميرسيف و الزمان فيها يجری فی الحاضر.
هذه المسرحية تشيرإلی المسألة التاريخية و خاصة التاريخ العربی، يقول الحزامي في مقدمته:
« وقد أخذت من التاريخ شخصية ذات أبعاد و أحداث كثيرة و كبيرة، تلك هي شخصية أبی الطيب المتنبی، الشاعر العربی و الفارس، الذي شغل الدنيا و مازال، و قد نظرت إلی خارطة الوطن العربي في عصر المتنبی فوجدتُ تشابهاً واضحاً بين العصرين؛ عصرالمتنبی و عصرنا الحالي... . حيث العدد الكبير بين الدول العربية و التی كانت تتمتع بحكم ذاتي مستقل... اِلاّ أن الوحدة العربية كانت كما أری هاجسأ ملحأ و هدفأ مرتقبأ. و وجدت في شخص أبی طيب و إلحاحه علی أن يحصل علی مكانه في خارطة الحكم، ممرأ لتحقيق هذه الوحدة .... فأبوالطيب لم يكن يرغب فی الحكم لمجرد الحكم.... و إنما كان يريد أن يحقق الوحدة العربية خلال ما كان يهدف إليه. » [27]
« فی هذه المسرحية يذهب الحزامی إلی التاريخ من منظور صياغة تقاليد كتابة التاريخ، فهو لايعدو أن يكون قراءة نسقية لتراجيديا الشاعرأبی الطيب المتنبی، بل قراءة النسقية تلك التی تكرس عنف الشاعر « الرمز » ، و تجعل من رمزيتة في الثقافة العربية امتدادأ ميثولوجياً حاضراً في جميع العصور، و قراءة الحزامی للمتنبی بوصفه شاعراً موحدأ للأمة العربية و مناضلاً من أجل المحافظة علی الروح العربية. وإعادة الخلافة للعرب وحدهم، وإبعاد الأعاجم الذين شوّهوا الحكم في الولايات العربية .... » [28]
مسرحية « الليلة الثانية بعد الألف »
" مسرحية " الليلة الثانية بعد الألف " صدرت عام 1998 م و في هذه مسرحية حاول الكاتب أن يتحدث بشكل مختلف عن الكتاب المعروف ألف ليلة و ليلة، و تتحدث الشخصيات رغم بعدها التاريخي بلغة اليوم . «إنها محاولة يكشف حال الإنسان اليوم و التطلع إلی إنسان المستقبل في الغد ... إنها محاولة لرصد واقع الإنسان الباحث عن الحرية و الحب و السلام بعيداً عن الصراع الذي يبدو للكاتب أنه يحيط بالإنسان من الجهات الأربع". [29]
تكون مسرحية "الليلة الثانية بعد الألف" من تأليف سليمان الحزامي وإخراج منصورالمنصورالتي قدمت قصة شهرزاد وشهريار بصورة معكوسة تماماً حيث شهرزاد هي المتسلطة والظالمة، بينما شهريار هو الذي يقص عليها الحكايات ويشير فيها أن الحب والإنسانية في النهاية يصنع المعجزات.
" يظل حضور الحكام و الملوك في مسرحيات سليمان الحزامي محتشداً بنسقية استبدادية متحدرة من التراث، ومتقاطعة مع العصر أحياناً، و لعله في مسرحية " اللية الثانية بعد الألف " يقترب أكثر من حكايات ألف ليلة و ليلة ، و ما تتشبع به من مفاهيم نسقية ، خاصة في الحكم و السلطة و الصراع بين هَيْمَنَة الرجل و هيمنة المرأة ( نسق الذكورة ، نسق الأنوثة ).
و إذا كانت المخيلة لدی شهرزاد في الأسطورة أداة و حكمة ( معرفة ) استطاعت أن تقوّض بواسطتها نسق الذ كورة ( شهريار ) و تعيد الصواب إلی حياة بنات جنسها من النساء .
فإن المخيلة لدی شهريار في مسرحية سليمان الحزامی قد صنعت أسطورة موازية لشهريار جديد ، يضعه الؤلف في موضع شهرزاد في الأسطورة القديمة ... إنه ذلك الصعلوك صاحب الحكمة ( المعرفة ) و وارث الحياة ، و خدين الحب والحلم ... أما شهرزاد فتكون الوارثة لموقع شهريار في الأسطورة القديمة، إنها تلك المريضة بالانتقام و الرغبة في التحرّرمن الحب و الحلم ... ترث الحكم من البعيد ، كما يرث الملوك حكمهم ...
يجعلها الكاتب تمثل سلالة من النساء : الملكة التي تواجهها الحكمة فتكشف علة مرضها و تسقطها و تنجيها.
و غزلان التي تواجهها الحكمة ذاتها فتسقطها و تنجيها . و أخيراً شهرزاد التي تتكرر لها ظهور شهريار صاحب الحكمة فينجيها ، و يدلها علي سرّ الحب ، و يعيد لها أحلامها و قدرتها علی النوم ... وإذن فإن الملكة هي في المستويات الثلاثة التي وزع عليها الكاتب قصة الصراع بين الذكورة والأنوثة... كما أن شهريارهوه... وإن ظهربتسميات مختلفة ( الحكيم )( جلال) (شهريار) و بالترتيب النسقي نفسه ( علي صعيد الأنوثة) ( الملكة- غزلان شهرزاد ) لكن علی رغم ذلك يبقی العنصر المشترك، بين الأسطورة القديمة و الصيغة المقلوبة المقترحة فی مسرحية سليمان الحزامي، هو كيفية هدم نسق و بناء نسق فوق أنقاضه... . فإذا كانت شهرزاد المنتقمة قد قوّضت نسق الذكورة و رمزها بالحكايات و الخيال... فإن شهريار المنتقم يقوِّض هو الآخر عرش الأنوثة المستبدة و رمزها بالمخيلة". [30] ولنتأمل ما يقول في المقطع التالي:
" ناجی : لا يا مولاتي...أنا لستُ حكيماً...ولم أدرسْ التطبيب، لكني خائف عليك من المؤامرات و من وجود أكثر من خيبر بين حاشيتك... فحكيت لك ما كان يدور في بلدك ...
شهرزاد: ماذا تعني؟
ناجی: إنه الخيال ... نعم الخيال يا مولاتي ... إنه خيال ولكنه قد يحدث في أي مكان ...و في أي زمان.
شهرزاد: و هل لي أن أوقف ذلك؟
ناجی : نعم يا مولاتي ... بالحب ... بالمعرفه... بالعطاء أكثر من الأخذ..." [31]
و"الحق نحن لانری في الصيغة النسقية المهيمنة من الذكورة إلی الأنوثة ما يؤسس معرفة أو حدساً بمعرفة علی الأقل، وإنما نری فيه رياضة ذهنية تنتمي إلی هوس الكتابة علی هامش حضور التراث ، بكافة المعادلات و الاحتمالات الممكنة، بصرف النظر عما إذا كانت دالة و ناضحة بالدراما المتقاطعة مع الحياة. و قد سبق الحزامي كتاب كثيرون أغوتهم لوثة تقليب أسطورة شهرزاد، و افتراض فراغات يمكن أن تخترقها هذه الأسطورة... و تعيد إمكانات الكتابة المتجددة في المساحات الفارغة التی فجرتها تلك الأسطورة... و كلما اكتشف الكتاب تلك الفراغات أُسسِّ المزيد عن التراكم لنمو الدلالة النسقية في أسطورة شهرزاد." [32]
" كما يقول الحزامي :" أنها تقوم علی الرواية الخالدة ( ألف ليلة و ليلة ) و تتحدث عن ملك اسمه شهريار يصاب بمرض أو أرق و يأتوا له بجارية كل ليلة و تقص عليه القصص فإذا نام تبقی حية و إذا بقي صاحياً يقتلها. و الحزامي عكس القصة ماذا لو أصيب شهرزاد بالأرق و المرض. يأتي هذا الشخص و يشخص مرض الملكة شهرزاد و يقول سبب المرض هو أنها لاتعرف ماذا يحصل في هذه الدولة من مشاكل و سرقات، فيأتي ناجي و يحاول أن ينقل لها الصورة و هذا كما قال البعض فيها مسرح داخل المسرح لأنه فيها ممثلين يمثلون داخل المسرح.
الليلة الثانية بعد الألف ناقش موضوع السرقات الأدبية لأنه هناك من يكتب لها كتباً في علم الفلك و كتب أخری و هي لا تفقه شيئاً.كما في البلاد العربية و المتخلفة من يكتب رسائل دكتورا و غيرها مقابل المال.
اعتبر هذه المسرحية فيها تغيير من حيث الشكل و المضمون لأنه كتبها علی لوحات و ليس فصول و قدم عام 1999م في مهرجان المسرحي و كان لها حضور عال جداً و كتب عنها الصحف العربية كصحيفة الحياة و صحف الخليج و أخرج المسرحية الأستاذ منصور منصور. و للأسف فقد الشريط و لم يشاهدها أبداً.
هذه المسرحية هي نقطة تحول في طريقة الكتابة لأنه خرج عن كلاسيكيات النص و أدخل شخصيات و أحداث داخل الأحداث." [33]
« بورشيا »
"هذه المسرحية صدرت عام 2006م، وهي المسرحية عاشت فكرتها في ذهنه مدة طويلة جداً. وهي تقليد للمعارضات الشعرية فوصل إلی المعنی مسرحياً. أخذ الجملة التي قالها قيصر روما التي وردت في مسرحية شكسبير ( حتی أنت يا بروتوس) فلماذا قال قيصر و خاصة بروتوس مع أن الذي تأمروا علی قتله كثُر. هذا الإحساس دفعه ليقرأ و يبحث فوجد أن السبب الذي أهمله شكسبير هو أن بروتوس هو ابن قيصر و هذا يعني أن الجملة تصبح( حتی أنت يا بُني).
و شكسبير حاول قدر الإمكان أن يوجه الشخصية الديكتاتورية. ففي حكومة اليزابت كانت هناك شدة و غلظة في الحكم. فحاول شكسبير أن يقدم صورة عن الحكم الديكتاتوري. فالتاريخ يقول أن أول من طبق الإصلاح الزراعي ( يوليوس قيصر) في روما و هي نظرة اشتراكية ولكنه إصلاح زراعي يأخذ من الملاك الأراضي و يوزعها علی الفقراء.
المسرحية تتحدث عن علاقة يوليوس قيصر بفلاحة فقيرة أيام الشباب ( بورشيا ) يسفر عن حمل. لكن هذا القيصر لايتزوج هذه الفلاحة. هذه الفلاحة عندما تلد تأخذه إلی أحد النبلاء و تربيه هناك و يأخذ اسمه. و عندما يكبر تأخذ الفلاحة ابنه لعنده. و يكبر بروتوس و هو لا يعرف أباه بينما الأب لا يعرف أنه ابنه و تنتهي المسرحية بصرخة الأم و هي تقول يا ( بروتوس ) لقد قتلتَ أبيك.وهو يصف أن الحقيقة لا يمكن أن تختفي يوماً. ظلت هذه المسرحية منذ كتبها شكسبير تظهر هذه الواقعة دون الحديث عن حقيقة الأمر.مع أن الحقيقة التاريخية كانت في الكتب و لم يتطرق إليها أحد." [34]
تتألف مسرحية « بورشيا » من ثلاثة أشخاص أصليين « يوليوس قيصر، بورشيا، بروتوس » و الشخصيات الثانوية « كاسيوس، مارك أنطونيوس، كاليفورنيا، كاسكا، ...»، كما يستفيد من شخصيات كثيرة أخری.
هذه المسرحية تتشكل من ثلاثة عشرمشهدا وكل هذه المشاهد في مكان خاص أي بصورة أخر تتشكل من مشهدين: الماضي و الحاضر.
تدور حوادث هذه المسرحية، حول موضوع شائع في المسرحية و قصة في الادب العربي الحديث، هو موضوع الحب الذي يُنسی و لا يدوم.
كما يشير الكاتب في المسرحية إلی بيئته « الروم ». و تقع حوادثها بين الماضي و الحاضر. والحقيقة أن البيئة الزمانية و المكانية في المسرحية غامضة مبهمة، مما طمس معالمها، و جعل ألوانها الاجتماعية و الفنية تبدو باهتة ماثلة.
موضوع المسرحية يجري إلی المستقرالذي يريده لها المولف، دون تمهيد أو ارتباط. والمشاهد تتوالي بسرعة، و حدث القصة ليس في المكان أو الزمان الثابت بل دائماً يجري بين الماضي و الحاضر.
هذه المسسرحية « بورشيا » حكايت رويت عن جارية كانت في قصر يوليوس، و كان موضع حبه و رعايته .. في المشهد الأول يتحدث يوليوس مع بورشيا عن حبه لهذه المرأة. كما يقول:
" يوليوس: بورشيا لقد أحببتك. هل تعلمين ذلك؟
بورشيا: أعلم ذلك يا سيدي لكن...
يوليوس: ( مقاطعا ) الحب لا يعرف الفوارق يا بورشيا.
بورشيا: أنت قائد روماني و أنا..." [35]
و بعد مدةٍ تزوج يوليوس مع بورشيا خفياً، فهو يعلن أمامها أنه أحبها إلي آخر لحظة حياتها، و لكن حبه طار و تبخر فجأة . و حسبنا هذه الإجابة لندرك أن الحب الذي يتحدث عنه بطل المسرحية ليس في واقع الأمر إلا تعليقاً شهوانياً خالياً من أي تواصل إنسانی عميق. و هو يدافع أن مكانه عند زوجه كاليفورنيا و فتوحاته و انتصاراته.
و لقد سافر يوليوس لحرب دون أن يعلن زواجه مع بورشيا. و قالت بورشيا أن يكون صبياً في بطنها. بعد أن عاد إلي بلاده مع الظفر. ما قالت بورشيا به عن ابنه واسمه.و ابنه يكون قائدا في جيشه و اسمه بروتوس. بعد مدةٍ عزم يوليوس باختيار علی تغيير روم لان كان يدرك ما هو موجود في روما سيیء. و أراد من أصدقائه أن يشاركونه في خطوات تنفيذ عملية التغيير. لكن أصدقائه يظنون هو قد ألبس ثوبا من الغرور: كما يقول:
" كاشيوس: إننی أعرف يوليوس منذ طويلة، فقد اشتركنا في معارك كثيرة، لكن يبدو أن انتصاراته الأخيرة قد ألبسته ثوباً من الغرور.
بروتوس: و أنا أشعر بعكس ما تشعر به سيدي كاشيوس.
سنا: ( مقاطعاً ) تدافع عنه كما لو كان أباك."
كل من هولاء .... الأربعة أبرياء عانی من تكبر يوليوس و تمنی أن يقتله. في بداية الأمر الخوف أعجزهم و الجبن شل يداهم، فلما سمعوا عن مراسم التتويج تقدموا بتحقيق هدفهم التي عجزو عن تحقيقهم.
بعد مدةٍ قبل أن يضع التاج و الإكليل علی رأسه، قالت له بورشيا عن ابنه:
" يوليوس: ( نافد الصبر) أخبرينی أيتها المرأة...من هو؟
بورشيا: لقد خرج من هنا قبل قليل.
يوليوس: يا إلهی... أتعنين بروتوس؟!
بورشيا: نعم إنه بروتوس أيها القيصر العظيم...ولدك بروتوس." [36]
و قالت بورشيا ليوليوس: و هو ابنك قد يكون واحد من هؤلاء المتآمرين لأنه يجهل أنك أبوه.
" يوليوس: حتی لو كان يجهل أنني أبوه فإنه لايمكن أن يشترك معهم... هكذا أشعر بصدق" [37]
و أما في يوم مراسم التتويج فتحلقوا حوله محيطين؛ في دائرة...و كانوا يضربون بطعنات من جانبهم و ضرب طعنه أخيرة بروتوس. كذلك مات القيصر الذي أراد أن تكون أرض لكل مواطن رومانی...و أراد أن يمحی الفساد عن الأرض...
و المسرحية تحتوی علی حبكات كثيرة، منها ما يختص بأصدقاء يوليوس الذين يخدعون عليه و منها ما يدورحول حب السابق بين يوليوس و بورشيا، و الطمع .....
تغلب علی المسرحية الصبغة الرومانتيكية، و حبكتها أشبه بحبكات قصص الغرام رغم أن هذه المسرحية يمكن أن نقول نوع من المسرحيات السياسية و التاريخية.
و كما قلنا تعيش حوادث هذه المسرحية في جو رومانتيكي صاخب، مفعم بانفاس الحب العفيف عن جانب بورشيا التي تكون بمثابة المحرك الدائم لحوادث المسرحية.
زهرة بندپی: خريجة جامعة آزاد الإسلامية في کرج
مشاركة منتدى
1 شباط (فبراير) 2016, 20:43, بقلم محمد المعيوف
نسأل الله ان يرحم الفقيد وان يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وان يلهم أهله وذويه الصبر و السلوان وانا لله وانا اليه راجعون