الأحد ٢٠ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم إيمان أحمد

انطفاء

يقول إبراهيم الكوني:" الخيانة: هي ما لاتغفره المرأة للرجل؛ والإهانة: هي ما لا يغفره الرجل للرجل"*

وأقول: الخيانة تُطفئ الإنسان.
الخيانة هي ما لا تغفره المرأة للمرأة، والخيانة هي ما لا يغفره الرجل للمرأة.

تأثير الخيانة أشبه بإلقاء المرء في تجربة لا نهائية للعبة السفينة التي كنّا نلعبها في الملاهي ونحن صغار، شعوره يكون أشبه بما نشعر به في أثناء هبوط السفينة أو صعودها، قلوبنا تسقط في أمعائنا عندما تهبط، وأرواحنا يتم انتشالها أثناء الصعود، في الأحوال العادية تكون اللعبة ممتعة، شعور الغثيان مؤقت، ونعرف أنّ ذلك الشعور سيختفي بمجرّد استمرار اللعبة في الحركة ومن ثمّ توقّفها أخيرًا لنتحدث عن ذلك بحماس للرّفاق!

في الخيانة يصبح الشّعور أكثر غورًا، شعور الغثيان أكثر قُرْبًا ووضوحًا، دوّار الحقيقة أشدّ إيلامًا ومع الوقت يصبح أكثر التصاقًا، تظنّ أنّك في أسوأ الأحوال ستتقيّأ لتعود أجهزتك إلى عملها الطبيعي، تتمنى وقتها لو وجدت العامِل الذي تقول له أن يُوقِفَ اللعب، تصيح في طيفه الذي لا يسمعك: "يكفي، لا أريد اللعب، سئمتُ مزاحك السخيف" لتتأكد لك الحقيقة/الخيانة أكثر، وتعرف في عقلك البعيد، أنّ آخر زيارة لك لمدينة الملاهي كانت منذ عقود، تحاول التذكّر هل كانت مع إخوتك الصغار كانت أم مع أبناء أخيك الذي طلب منك برجاء أن تأخذ أطفاله لكي يستطيع الخروج مع زوجته في ذكرى زواجهما؟ تتوقف لحظات لتتذكر ملابسات الرحلة، تمضي الكثير من الوقت في محاولة تذكّر تفاصيل لا تعنيك في شيء لعلّك تخفف عن نفسك هول ما تحْمِل، ثمّ ترحل عنك الذاكرة لتجد أنّك كما أنت، عفوًا، لتجد أنّك كما أصبحت، لا تعود تعرف شكلك ولا شكله قبل الخيانة، كيف كانت علاقتكما؟ كيف كنتما سعداء؟ هل حقًا كانت هناك لحظات حلوة؟ وتستفزّك الذاكرة أكثر لكي ترمي بوجهك بعْضَ الجَمَال الذي يقضي قُبْحَ توقيته على البقيّة الباقية من عقلك.

لتسقط أخيرًا فريسة للأدوية المضادة للاكتئاب.

* كتاب "الناموس".

* * هذا لا يعني نفي وجود جُمْلة من الأشياء تسبب الانطفاء لكليهما أيضًا، لكنني أقوم بالاستطراد على جملة الكوني.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى