بان قيس كبة.... حنين الهجرة إلى الواقع
هكذا بدا الرسام الفنان (ماهود أحمد) وهو يتطلع إلى لوحات الرسامة، ليعلن أن نتاجاتها هو كشفا وتفوقا لصالح التجربة الفنية الذاتية لها وتمنح أعمالها قوة، وجمال حقيقية.
إنها مواليد بغداد 1971
خريجة جامعة بغداد كلية الهندسة
شاركت في عدة معارض لفن الرسم
معرض الطفولة
معرض جامعة بغداد
معرض الألفية والإنسانية
معرض يوم الفن
كثيرا مايشغل بالي في الكتابة عن الفنانين الشباب، وخصوصا في فن الرسم العراقي المعاصر أساليب البيان التي أدونها وكذلك عوامل الانحياز التي أعاني منها، ومجيئها يكون مؤاتي للانفعال في أكثر الأحيان، ولكن لابد من تثبيت هاجس في أعماقي هو تقويم، مايقوم به الفنان سواء كان في الرسم او النحت او الخزف عندما يتعامل مع منجزه الفني، أن الفن التشكيلي المعاصر في العراق يتجدد مع الزمن بالرغم من كل الانطلاقات الغير اعتيادية التي تضع بيئته في تماس وتفاعل مع وحدات العنف والإثارة، وقد صاحبني هذا الهاجس عندما رأيت إعادة الحياة إلى قاعات العرض الفني سواء في حوار أو اثر أو القاعات الفنية التي تنفست الصعداء في شارع أبي نؤاس.
وهنا وأثناء رؤيتي لفنانة قد ابتعدت عن الجو الفني الأكاديمي الصرف في التعامل الدراسي تنطلق الرسامة(بان كبة) في تمرد واضح ادعت فيه أن الرسم ليس حكرا على تخصص معين وإنما هناك أصوات تغرد خارج السرب، تؤكد جمال الصوت واللحن معا وبما إنها انطوت في دائرة عدم الانتفاع من الدراسة الأكاديمية ذات التخصص الدقيق في الفنون، أحسست بها عونا أن تتكئ على دراسة علمية أعدتها لتكون نقطة انطلاق يرفد الفن التشكيلي العراقي المعاصر بحيوية الشباب وفضاء يتسع مداه، كلما حدق المتلقون أكثر فأكثر في نتاجاتها الفنية، وبما أنني أريد أن انطلق من ذلك تكونت لدي الرغبة والقناعة في أن أعطي إعدادا بيانيا في إيصال الفكرة وكيفية ولادة أنواع وأسس التي تقررها الرسامة عند تكوين النتاج، ويتم هذا من خلال الانفعال الآني الذي يتضافر في نسج الفكرة مع العامل التقني وصولا إلى الصورة المطلوبة التي مثلت طاقة واضحة من خلال استخدام اللون الذي حرك فاعلية الأفكار بصورة دقيقة، لقد توقف ظهور تلك الفاعلية على مهارة الرسامة لتغادر من قوقعة النظرة التعليمية إلى اعتقاد ها في أن يحل الجانب المهاري محل الجانب العلمي وصولا إلى الإبداع.
ويرى الكاتب أن (كبة) تتلبث عند الظواهر الأسلوبية في الرسم لتأخذ الجانب الشعبي أكثر من غيره لتعتمد على الحياة اليومية للعائلة البغدادية التي نجحت في أن تلقي بشباكها، في أفكار قد تبدو مطروقة ولكنها استطاعت صيد نظرة الاحتواء لمفردات الأفكار بالكامل وبصورتها الواقعية، تاركة العجلة تدور في لوحات أخرى لتعطي مفردات الجلوس في الطرقات للنساء ومفردة البيت البغدادي والشناشيل انطلاق آتي للطيران في الحياة البغدادية التي اندثرت الكثير من أفكارها الآن، ولكن جعلتني أن لا اجعل من الأفكار الحديثة في جوانب الأسلوب والجمال مقطوعة الصلة ولكن حركات المفردة في التكوين والتقليد السائد للحياة البغدادية كانت ترسم من خلال رواد الفن العراقي المعاصر وهذا جعل التقسيم ينشر الإضاءة بالتساوي على مجمل أفكار الفنانين الشباب، ولم لا نقول حالات تأثر بالرغم من أن المساحة واسعة لعوامل التأثر والتأثير، وأنا أرى انها عامل مهم في في الانطلاق نحو الخصوصية وهذا مايرى به الولوج كل فنان وبمختلف المستويات والاتجاهات.
(بان كبة) لم تأخذ نصيبها الوافي من الرسم او من معارض معده وإنما كان هناك معرض شخصي وأتمنى أن لاتخونني الذاكرة بالرغم من المعارض المشاركة بها ولكن معرض شخصي واحد في نوفمبر 2001 لايشفي الغليل، ولو انا في راي لم يكن هذا القياس ولكن مجال التطبيق في الفن مطلوب في أن يؤشر بوصلة المشاركات نحو عوامل الإبداع، لقد رأيت في مجمل لوحاتها، أن تجعل من أفكارها مرحلة نضج وهي تعيد واقع الحياة البغدادية المتروك لتكن نواتجه الإنسانية مطلوبة في الوقت الراهن، وبما أن الأفكار ومحيطها المادي يعمل بسياج المعتقدات والعادات والتقاليد المشبعة التي تشد المتلقي بان يرى الحياة البسيطة، المريحة الذي يتراصف فيها الفكر الجميل الهادئ وان تشترك بسطح واحد لكل البيوت البغدادية القديمة، ناهيك عن العلاقات الاجتماعية الرائعة الذي بدأنا نفقد الكثير منها بسبب المحيط البيئي المشبع بأفكار العنف والإثارة، وهنا تأتي (كبة) لتعلن برسالة فنية قوامها أن التقاليد هكذا كانت وهي تغوص في مشاعر دقيقة حتى في التعامل مع الملابس وألوانها لتعطي صورة حملت في أنسجتها، بالرغم من مرور الحياة الصعبة البائسة لكنها كانت بمستوى كشف جمالي عال من الأخلاق، هذه الشفافية المخلوطة بروح الصمت قدمت مشاهد أحزان داخلية، ربما كانت حالات البؤس او التخلف هي احد أفكار الحياة المادية، ولكن عندما تنقل بالتشكيل تكشف الرسامة سر التفوق يسجل لصالح التجربة الفنية التي تخوضها، لتمنح نتاجاتها جمال الحقيقة بالرغم من الأفكار المؤسفة.
وبهذا جعلني من خلال مروري بلوحاتها وأنا استذكر المعرض في (قاعة الإناء) إنني أتذكر جيدا إنني أقف مبتسما لها كوني أرى تجربة فنية بها صفة الجديد بالتعامل مع المفردة، واللون معا ناهيك عن حركات الوقوف والجلوس التي قدرت بها منظور المستوى الإنساني بالكامل، هذا الأسلوب المبسط بالرسم والذي اتبعته (كبة) يعتقد النقاد أن مثل هكذا أفكار تكون تشخيصية ولكن أرى أن المبالغة في الفكرة في اللون وخصوصا هي سمة من سمات الرسم الواقعي، ولكن عرفت الرسامة السر، ولم تعطي لنفسها ولا الآخرين من كشف ماهو متبع في اللوحات الأخرى، لتنسج معاني أخرى كانت مكملة مع البيت مع الزقاق مع الباب مع الشناشيل مع جلوس النساء ووقوف الأطفال، كلها كانت عوامل مكملة ولم تكن عوامل فصل بين الأجزاء والعناصر، ومن ثم اعادة البناء والتركيب لم يكن متوفرا مما جعل نتاجها خاضع الى، مناخ عام غير مشوه، بالإضافة إلى مناحات الألوان في الجانب التقني هو الذي ناغم مساحات اللوحة وحررها من كل قيود الرسم الدخيلة على الفن التشكيلي العراقي المعاصر.