

تجوال في خواطرَ لم تُكتَب بعد
الآن، أتجوّل في خواطرَ لم تُكتَب بعد،
مُثقَلةٍ بالذّكرياتِ الضّائعة.
أقتربُ حرفًا،
فحرفًا،
من المعاني المفقودة،
وحين أصل،
لا أجدُ إلّا رمقًا مجازيًّا
لأهرب من فَظاعةِ العوالم القاسية.
ورائي، أزقّةُ طفولة شقيّة،
تلتفّ كالدّخانِ الخانق،
في سماءِ مدينةٍ تحتضر على مهل.
رائحةُ كُسْكُسيِّ جدّتي،
لا تزالُ تسكنُ الهواء،
كطيفِها الذّي يأبى أن يندثر في مُدنِ النّسيان.
في الغربةِ، للصّمتِ لَكنةٌ غريبة،
وللرّيحِ لمسةٌ قاسية،
وللخواطرِ حدّةٌ تُربكُ المعنى،
والألمُ، جرحٌ لا يلتئمُ رغم وفرة الدّواء.
بين هنا وهناك،
تأسرك الذّكرى،
ولا يعتقك النّسيان،
لا أكتبُ لأقول، بل لأعود.
كلُّ بيتٍ، طَرقٌ خافتٌ
بيتِ الجدّةِ المهجور.
هذه الخواطرُ المُستفزّة،
بحِبرِها القاتمِ الذي لا يجفّ،
تُبعثرك على الأوراق المتناثرة،
في خُرُف الخرائط البعيدة.
وها أنا أُقاومُ الذّبول،
أزحفُ على معاقلِ النسيان،
أستنشقُ عبقَ طفولةٍ لن تعود،
وأُراقبُ طيفَ جدّةٍ تسكنُ الغياب،
وأبكي من ذكرى وطنٍ،
تركتهُ تهوُّرًا في عِزِّ الشّباب.