

تَجَلِّيات الحُزْنِ الجَميلْ
مُهداة إلى الشاعر الجميل يوسُف رزوقْ وحَبَّة قلبه وقلوبنا جميعاً رَشأ
مِنْ فَضَائِلِ حُزْنِكَ أنَّكَ تُشْغَلُ بالحُزْنِ عَمَّا سِوَاهُ
فَلاَ تُبْصِرُ الجُرْحَ في القَلْبِ يَنْزِفُ..
يَنْزِفُ،
لاَ يَتَوَقَّفْ..،
لاَ يَكُفُّ عَنِ النَّزْفِ حَتَّى يُصَفَّى دَمُكْ
حِينَ يُفْجِؤُكَ الحُزْنُ يَأتِي حَثِيثاً
ـ كَسِرْبِ مُشَاةٍ ـ
يَحُثُّ الخُطَى فِي وُثُوقٍ وَعَزْمٍ
يُصَوِّبُ حَرْبَتَه قَاصِداً حَبَّةَ القَلْبِ تَوَّاً
فَلاَ يَنْثَنِي قَيْدَ أَنْمُلَةٍ
وَالِغَاً فِي دَمِكْ
بَالِغَاً مُنْتَهَاهْ
حِينَ يَدْهَمُكَ الحُزْنُ يَأْتِي قَوِيَّاً، عَفِيَّاً
كَفَحْلِ القَطِيعِ عَصِيَّ المِرَاسِ
فَتَشْعُرُ أنَّكَ مُسْتَلَبُ الرُّوحِ
مُنْتَهَكُ العِرْضِ
مُغْتَصَبٌ لاَ مَنَاصْ
حِينَ يَنْتَابُكَ الحُزْنُ يَأتِي سَخِيَّاً
كَشَلاَّل مَاءٍ
يَفِيضُ حَوَالَيْكَ مِنْ كُلِّ حَدْبٍ وَصَوْبٍ
يُغَلِّقُ دُونَكَ كُلَّ المَنَافِذِ
حَتَّى مَسَامَّ الجَسَدْ
فَيَكُفُّ عَنِ النَّبْضِ قَلْبُكَ
تُشْرِقُ بِالدَّمْعِ رُوحُكَ
دُونَ بُكَاءْ
حِينَمَا يَسْتَبِدُّ بِكَ الحُزْنُ يَهْبِطُ مِنْ حَالِقٍ
ـ مِثْلَ طَيْرِ عُقَابٍ ـ عَلَى حِينِ غِرَّهْ
فَينْشبُ مِخْلَبَهُ فِي حَشَاكَ
يُقَطِّعُهُ إرَبَاً .. إرَبَاً .. إرَبَا
وَيُجَمِّعُ أشْلاَءَهُ فِيكَ
شِلْوَاً .. فَشِلْوَاً .. فَشِلْوَا
لاَ يُفَرِّطُ فِي ذَرَّةٍ مِنْكَ أوْ بَعْضِ ذَرَّة
رَائِعٌ أنْتَ يَا أيُّهَا الحُْزْنُ
مَا أرْوَعَــكْ !!
نَاعِمٌ أنْتَ كالسَّيْسَبَانِ
رَهِيفٌ كَشَفْرَةِ مُوسِي
رَقِيقُ الحَوَاشِي كآنِيَةٍ من خَزَفْ
بَارِدٌ كالجَمَادْ
مُرْهَفُ الحِسِّ كالدَّيْدَبَانِِ
وَطَوْع البَنَانِ كَمَا السَّيْفُ في يَدِ طَاغِيَةٍ
صَدِئٌ، مُعْتِمُ الرُّوحِ مِثْلَ البَغِيّ
لَزِجٌ مِثْلَ مَاءِ الجِنابَةِ
صَلْدٌ قَوِيُّ الشَّكِيمَةِ مِثْلَ البُرَاقْ
مُوحِشٌ مِثْلَ لَيْلِ الفِرَاقْ
رَائِعٌ أنْتَ يَا أيُّهَا الحُزْنُ
أرْوَعُ ما فِيكَ أنَّكَ سَيِّدُ هَذا الجَسَدْ
تَتَلَبَّسُهُ وَهْوَ جَمْرَةُ نَارٍ
وَتَتْرُكُهُ حِفْنَةً مِنْ رَمَـادْ
مُوجِعٌ أنْتَ يَا أيُّهَا الحُزْنُ
مَا أوْجََعَــكْ !!
وَجَعٌ دُونَهُ وَجَعٌ ، دُونَهُ وَجَعٌ ... ،
لَيْسَ يَنْقَطِـعُ
لَيْسَ يُحْتَمَـلُ
أو يُطَــاقْ..!!